الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْإِنْكَارَ بَعْدَ دَعْوَى الْوَكَالَةِ فَلَوْ أَعَادَهُ كَانَ عَزْلًا فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْهُ.
وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: وَقَالَ: أَقَرَّ عِنْدِي مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى وَكَّلَنِي فِي مُصَالَحَتِك لَهُ فَلَا يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ فِي أَنَّ قَوْلَهُ: صَالِحْنِي عَمَّا تَدَّعِيهِ لَيْسَ إقْرَارًا وَبِقَوْلِهِ وَوَكَّلَنِي فِي مُصَالَحَتِك لَهُ مَا لَوْ تَرَكَهُ فَهُوَ شِرَاءُ فُضُولِيٍّ فَلَا يَصِحُّ كَمَا مَرَّ (فَلَوْ قَالَ أَنْكَرَ) الْخَصْمُ (وَهُوَ مُبْطِلٌ) فِي إنْكَارِهِ (فَصَالِحْنِي لَهُ بِعَبْدِي هَذَا) لِتَنْقَطِعَ الْخُصُومَةُ بَيْنَكُمَا (صَحَّ) الصُّلْحُ (عَنْ الدَّيْنِ لَا) عَنْ (الْعَيْنِ) إذْ لَا يَتَعَذَّرُ قَضَاءُ دَيْنِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِخِلَافِ تَمْلِيكِهِ الْعَيْنَ (أَوْ) فَصَالِحْنِي (لِنَفْسِي وَالْمُدَّعَى عَيْنٌ فَكَشِرَاءِ الْمَغْصُوبِ) فَيُفَرَّقُ بَيْنَ قُدْرَتِهِ عَلَى انْتِزَاعِهِ وَعَدَمِهَا لِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا فَهُوَ ابْتِيَاعُ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: وَهُوَ مُبْطِلٌ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: هُوَ مُنْكِرٌ، وَلَا أَعْلَمُ صِدْقَك، وَصَالَحَهُ لَمْ يَصِحَّ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ لَهُ أَمْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا لَوْ صَالَحَهُ الْمُدَّعِي وَهُوَ مُنْكِرٌ قَالَ: وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى وَرَثَةِ مَيِّتٍ دَارًا مِنْ تَرِكَتِهِ فَأَقَرُّوا لَهُ جَازَ لَهُمْ مُصَالَحَتُهُ فَإِنْ دَفَعُوا لِبَعْضِهِمْ ثَوْبًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ لِيُصَالِحَ عَلَيْهِ جَازَ، وَكَانَ عَاقِدًا لِنَفْسِهِ وَوَكِيلًا لِلْبَاقِينَ، وَلَوْ قَالُوا لِوَاحِدٍ: صَالِحْهُ عَنَّا بِثَوْبِك فَصَالَحَهُ عَنْهُمْ.
فَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِمْ فِي الصُّلْحِ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْهُ وَإِلَّا فَفِي إلْغَاءِ التَّسْمِيَةِ وَجْهَانِ فَإِنْ لَمْ تَلْغُ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْهُمْ وَهَلْ الثَّوْبُ هِبَةٌ لَهُمْ أَمْ قَرْضٌ عَلَيْهِمْ وَجْهَانِ، وَإِنْ أُلْغِيَتْ فَهَلْ يَصِحُّ الصُّلْحُ كُلُّهُ لِلْعَاقِدِ أَوْ يَبْطُلُ فِي نَصِيبِ الشُّرَكَاءِ، وَيَخْرُجُ نَصِيبُهُ عَلَى قَوْلِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَجْهَانِ، وَإِنْ صَالَحَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَالِهِ لَهُ دُونَ إذْنِ الْبَاقِينَ لِيَتَمَلَّكَ الْجَمِيعُ جَازَ أَوْ عَلَى أَنْ تَكُونَ الدَّارُ لَهُ وَلَهُمْ لَغَا ذِكْرُهُمْ وَعَادَ الْوَجْهَانِ فِي أَنَّ الْجَمِيعَ يَقَعُ لَهُ أَوْ يَبْطُلُ فِي نَصِيبِهِمْ وَيَخْرُجُ نَصِيبُهُ عَلَى قَوْلِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
(فَصْلٌ وَإِنْ اسْتَوْقَفَ مَالٌ إلَى التَّبَيُّنِ، أَوْ اصْطِلَاحُ الْمُتَنَازِعِينَ فِيهِ كَمَالِ وُقِفَ لِزَوْجَتَيْنِ طَلُقَتْ إحْدَاهُمَا) وَمَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْبَيَانِ، وَهِيَ بَائِنٌ (أَوْ) مَالٌ وُقِفَ (لِشَخْصَيْنِ) عِنْدَ وَدِيعٍ وَقَدْ (أُشْكِلَ عَلَى الْوَدِيعِ مُسْتَحَقُّهُ مِنْهُمَا فَاصْطَلَحَا) أَيْ الزَّوْجَتَانِ، أَوْ الشَّخْصَانِ (عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ أَحَدُهُمَا وَيُعْطِيَ الْآخَرُ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لَهُ وَشَرْطُهُ تَحَقُّقُ الْمِلْكِ فِي الْعِوَضَيْنِ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ (أَوْ عَلَى أَنْ يَتَفَاضَلَا فِيهِ جَازَ) لِلضَّرُورَةِ وَلِأَنَّهُ نُزُولٌ عَنْ بَعْضِ الْحَقِّ وَسَيَأْتِي مَا لَهُ بِهَذَا تَعَلُّقٌ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ.
[مَسَائِلُ مُتَعَلِّقَةٌ بِبَابِ الصُّلْح]
(مَسَائِلُ) مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَابِ لَوْ (صَالَحَهُ) بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلُهُ (عَنْ الدَّارِ) مَثَلًا (عَلَى) نَحْوِ (عَبْدٍ) مُعَيَّنٍ (فَرَدَّهُ بِعَيْبٍ أَوْ اسْتَحَقَّ) لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي أَوْ هَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (انْفَسَخَ الْعَقْدُ) فِي تَعْبِيرِهِ بِالِانْفِسَاخِ تَسْمَحُ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ) لِلْعَبْدِ (بِتَلَفٍ وَنَحْوِهِ) كَتَعَيُّبٍ فِي يَدِهِ (رَجَعَ فِي جُزْءٍ مِنْ الدَّارِ) بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ كَمَا لَوْ بَاعَهَا بِعَبْدٍ (وَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ) الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ (فِي الذِّمَّةِ) بِأَنْ صُولِحَ عَلَيْهِ، وَقَبَضَهُ الْمُدَّعِي، وَرَدَّهُ بِعَيْبٍ أَوْ اسْتَحَقَّ (اُسْتُبْدِلَ بِهِ) أَيْ أَخَذَ بَدَلَهُ (وَلَا فَسْخَ) وَلَا انْفِسَاخَ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْعِوَضِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ بِالدَّرَاهِمِ.
(وَإِنْ وَقَفَ أَرْضًا) مَسْجِدًا أَوْ غَيْرَهُ (وَأَقَرَّ بِهَا لِمُدَّعٍ) لَهَا (غَرِمَ لَهُ الْقِيمَةَ) أَيْ قِيمَتَهَا لِإِحَالَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِوَقْفِهِ (فَإِنْ أَنْكَرَ وَصَالَحَ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ جَازَ) الصُّلْحُ (؛ لِأَنَّهُ بَذْلُ مَالٍ فِي قُرْبَةٍ) وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ عَلَى الْوَاقِفِ لِكَوْنِهِ وُقِفَ، وَالصُّلْحُ عَمَّا فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ جَائِزٌ، وَتَعْبِيرُهُ بِوَقْفِ الْأَرْضِ أَنَصُّ فِي الْمُرَادِ وَأَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ بِبِنَائِهَا مَسْجِدًا.
(وَإِنْ صَالَحَ مُتْلِفُ الْعَيْنِ) مَالِكَهَا (بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا) مِنْ حَبْسِهَا (أَوْ بِمُؤَجَّلٍ لَمْ يَصِحَّ) الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَةُ الْمُتْلَفِ حَالَّةً فَلَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ، وَلَا عَلَى مُؤَجَّلٍ كَمَنْ غَصَبَ دِينَارًا فَصَالَحَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ عَلَى مُؤَجَّلٍ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الرِّبَا بِخِلَافِ مَا إذَا صَالَحَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا بِغَيْرِ جِنْسِهَا.
(وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِمُجْمَلٍ فَصَالَحَهُ عَنْهُ وَهُمَا يَعْرِفَانِهِ صَحَّ) الصُّلْحُ (وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ) أَحَدٌ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك الشَّيْءَ الَّذِي أَعْرِفُهُ أَنَا وَأَنْتَ (وَإِنْكَارُ حَقِّ الْغَيْرِ حَرَامٌ فَلَوْ بَذَلَ لِلْمُنْكِرِ مَالًا لِيُقِرَّ) بِالْمُدَّعِي (فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ) الصُّلْحُ لِبِنَائِهِ عَلَى فَاسِدٍ (بَلْ بَذْلُهُ) أَيْ الْمَالِ لِذَلِكَ (وَأَخْذُهُ حَرَامٌ، وَهَلْ يَكُونُ بِذَلِكَ مُقِرًّا وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا لَا، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ كَجٍّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِشَرْطٍ (فَلَوْ وَكَّلَ) الْمُنْكِرُ (فِي الصُّلْحِ عَنْهُ) أَجْنَبِيًّا (جَازَ) التَّوْكِيلُ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (كَالْوَارِثِ يَجْهَلُ أَمْرَ التَّرِكَةِ فَلَهُ التَّوْكِيلُ فِي الصُّلْحِ لِإِقَالَةِ الشُّبْهَةِ) عَنْهُ.
(الْبَابُ الثَّانِي فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
ثُمَّ إنْ كَانَ كَاذِبًا فِي دَعْوَى الْوَكَالَةِ فَهُوَ شِرَاءُ فُضُولِيٍّ (قَوْلُهُ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ قُدْرَتِهِ عَلَى انْتِزَاعِهِ وَعَدَمِهَا) وَبَيْنَ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَهُوَ فِي يَدِ الْغَيْرِ، وَمَا لَا يَجُوزُ كَالْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَيَكْفِي لِلصِّحَّةِ قَوْلُهُ: أَنَا قَادِرٌ عَلَى انْتِزَاعِهَا فِي الْأَصَحِّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْقُدْرَةِ هُنَا، وَفِي بَيْعِ الْمَغْصُوبِ حَيْثُمَا ذُكِرَ مَحْضَ تَغَلُّبٍ بَلْ الْمُرَادُ التَّغَلُّبُ أَنْ يَثْبُتَ الْغَصْبُ قَبْلُ، وَالتَّمَكُّنُ مِنْ الْإِثْبَاتِ ثُمَّ الِانْتِزَاعُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَوْ قَالَ هُوَ مُنْكِرٌ، وَلَا أَعْلَمُ صِدْقَهُ) ، مِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ: هُوَ مُحِقٌّ، أَوْ قَالَ: صَالَحَنِي فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَفِي إلْغَاءِ التَّسْمِيَةِ وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ (قَوْلُهُ وَهَلْ الثَّوْبُ هِبَةٌ لَهُمْ أَمْ قَرْضٌ عَلَيْهِمْ وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا (قَوْلُهُ فَهَلْ يَصِحُّ كُلُّهُ لِلْعَاقِدِ أَوْ يَبْطُلُ إلَخْ) أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا.
[فَصْلٌ اسْتَوْقَفَ مَالٌ إلَى التَّبَيُّنِ كَمَالٍ وُقِفَ لِزَوْجَتَيْنِ طَلُقَتْ إحْدَاهُمَا وَمَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْبَيَانِ]
(فَرْعٌ) قَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا اشْتَرَى أَرْضًا وَبَنَاهَا مَسْجِدًا فَادَّعَاهَا فَإِنْ صَدَّقَهُ لَزِمَهُ قِيمَتُهَا وَإِنْ كَذَّبَهُ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ جِيرَانِ الْمَسْجِدِ فَصَالَحَهُ صَحَّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ مَالَهُ عَلَى جِهَةِ الْبِرِّ، وَقَالَ الدَّارِمِيُّ: إذَا وَقَفَ مِلْكًا أَوْ جَعَلَهُ مَسْجِدًا أَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا فَأَقَرَّ بِهِ لَمْ يَبْطُلْ عَمَلُهُ فَإِنْ صَالَحَهُ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يُصَالِحْهُ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى الْقِيمَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْأَظْهَرُ نَعَمْ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا: لَا وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ كَجٍّ وَغَيْرُهُ إلَخْ) رَجَّحَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَقَالَ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَعْتَقِدَ فَسَادَ الصُّلْحِ فَيَصِحَّ أَوْ يَجْهَلَهُ فَلَا كَمَا فِي نَظَائِرِهِ مِنْ الْمُنْشَآتِ عَلَى الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ.
[الْبَابُ الثَّانِي فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ]