الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كُلَّ مِنْكُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ (وَكَذَا) بِتَعَدُّدِ (الْمُشْتَرِي) كَبِعْتُكُمَا هَذَا بِأَلْفٍ فَيَقْبَلَانِ مِنْهُ كَأَنْ يَقُولَا قَبِلْنَا أَوْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا اشْتَرَيْت نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ سَوَاءٌ قَالَاهُ فِي الثَّانِيَةِ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ فَيَجُوزُ فِي ذَلِكَ إفْرَادُ كُلِّ نَصِيبٍ بِرَدِّهِ بِالْعَيْبِ وَإِذَا بَانَ نَصِيبُ أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ حُرًّا مَثَلًا فَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ بَيْعِ نَصِيبِ الْآخَرِ وَلَوْ بَاعَ اثْنَانِ مِنْ اثْنَيْنِ كَانَ الْعَقْدُ أَرْبَعَةً أَوْ ثَلَاثَةً مِنْ ثَلَاثَةٍ كَانَ الْعَقْدُ تِسْعَةً فَلِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَنْ يَرُدَّ تُسْعَ الْمَبِيعِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِينَ الثَّلَاثَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ خِيَارِ النَّقْصِ (وَ) تَتَعَدَّدُ (بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ فَقَوْلُهُ بِعْتُك هَذَا بِمِائَةٍ وَهَذَا بِخَمْسِينَ صَفْقَتَانِ وَلَوْ قَالَ) الْمُشْتَرِي (قَبِلْتهمَا) أَوْ قَبِلْت (بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ) لِأَنَّ لَا لِقَبُولٍ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِيجَابِ فَإِذَا وَقَعَ مُفَصَّلًا وَقَعَ الْقَبُولُ كَذَلِكَ وَلَوْ قَالَ بِعْتُك عَبْدِي بِأَلْفٍ وَجَارِيَتِي بِخَمْسِمِائَةٍ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا بِعَيْنِهِ.
قَالَ الْقَاضِي فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ (وَفَائِدَةُ التَّعَدُّدِ) يَعْنِي وَمِنْ فَوَائِدِ تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ (أَنَّهُ لَوْ وَزَنَ) فِيمَا لَوْ بَاعَ وَاحِدٌ وَمِنْ اثْنَيْنِ مَثَلًا صَفْقَةً (حِصَّةَ أَحَدِهِمَا) مِنْ الثَّمَنِ (لَزِمَ الْبَائِعَ أَنْ يُسَلِّمَهُ) حِصَّتَهُ مِنْ الْمَبِيعِ تَسْلِيمُ الْمُشَاعِ (نَعَمْ لَوْ بَاعَهُمَا عَبْدَهُ بِأَلْفٍ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ أَوْ بَاعَاهُ عَبْدٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا بِخَمْسِمِائَةٍ لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ الْإِيجَابَ وَقَعَ جُمْلَةً وَهُوَ يَقْتَضِي الْجَوَابَ كَذَلِكَ صَحَّحَهُ فِي الْأَصْلِ وَفِي الْمَجْمُوعِ هُنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَالْحَامِلُ عَلَى تَصْحِيحِهِ يَعْنِي فِي الصُّورَةِ الْأُولَى تَصْحِيحُ الْبَغَوِيّ وَنَقْلُ الْإِمَامِ لَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ لَكِنَّ الْمَذْهَبَ فِي التَّتِمَّةِ الصِّحَّةُ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُرْجَانِيُّ وَقَالَ الْإِمَامُ أَنَّهُ أَظْهَرُ فِي الْقِيَاسِ وَرَجَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ قَالَ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ صِحَّةَ قَبُولِ أَحَدِهِمَا عَلَى قَبُولِ الْآخَرِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ وَبِالصِّحَّةِ جَزَمَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ قَالَ لِأَنَّ إيجَابَهُ لَهُمَا بِمَنْزِلَةِ عَقْدَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَقْدٌ فَصَحَّ قَبُولُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ ثُمَّ حَكَى الصُّورَةَ الثَّانِيَةَ وَجَزَمَ فِيهَا بِالصِّحَّةِ قَالَ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الْمَالِكُ لِحَظِّ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ وَلِيًّا أَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا لِأَنَّ التَّشْقِيصَ يَضُرُّ بِالْمَوْلَى عَلَيْهِ وَإِنَّمَا قُلْت لِحَظِّ نَفْسِهِ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مَرْهُونًا أَوْ جَانِيًا أَوْ كَانَ الْمَالِكُ مُفْلِسًا فَأَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى بَيْعِهِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ فَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَصِحَّ قَبُولُ أَحَدِهِمَا فِي نِصْفِهِ قَطْعًا إذَا كَانَ التَّشْقِيصُ يَضُرُّ بِالْغُرَمَاءِ وَهُوَ الْغَالِبُ كَمَا لَوْ وَكَّلَ بِبَيْعِ عَبْدٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَهُ فَلَوْ بَاعَ نِصْفَهُ لَمْ يَصِحَّ
(فَرْعٌ وَالِاعْتِبَارُ فِي تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِالْعَاقِدِ لَا الْمَعْقُودِ لَهُ) لِتَعَلُّقِ أَحْكَامِ الْعَقْدِ بِهِ كَرُؤْيَةِ الْمَبِيعِ وَثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ نَعَمْ الْعِبْرَةُ بِعَكْسِهِ فِي الشُّفْعَةِ وَالرَّهْنِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَحَلِّهِمَا لِأَنَّ مَدَارَ الشُّفْعَةِ عَلَى اتِّحَادِ الْمِلْكِ وَعَدَمِهِ وَالرَّهْنُ عَلَى اتِّحَادِ الدَّيْنِ وَعَدَمِهِ (فَلَوْ اشْتَرَى) وَكِيلٌ (لِرَجُلَيْنِ) شَيْئًا فَخَرَجَ مَعِيبًا (لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا الرَّدُّ) أَيْ إفْرَادُ نَصِيبِهِ بِالرَّدِّ (بِالْعَيْبِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى) شَيْئًا (وَمَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ) وَخَرَجَ مَعِيبًا (لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَلَوْ اشْتَرَيَا لَهُ) وَكَالَةً (رَدَّ) جَوَازًا (عَقْدَ أَحَدِهِمَا) بِالْعَيْبِ (وَلَوْ بَاعَ لَهُمَا) وَكَالَةً (لَمْ يَرُدَّ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا) بِالْعَيْبِ (أَوْ بَاعَا لَهُ) وَكَالَةً (رَدَّ) جَوَازًا نَصِيبَ أَحَدِهِمَا بِالْعَيْبِ اعْتِبَارًا بِالْعَاقِدِ فِي الْخَمْسِ (وَحَيْثُ لَا رَدَّ فَلِكُلٍّ) مِمَّنْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الرَّدُّ مِنْ أَحَدِ الْمُوَكِّلَيْنِ أَوْ الِابْنَيْنِ أَوْ الْمُشْتَرِي (الْأَرْشُ) عَلَى الْبَائِعِ (وَلَوْ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ رَدِّ صَاحِبِهِ) لِظُهُورِ تَعَذُّرِ الرَّدِّ
(بَابُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ)
الْخِيَارُ ضَرْبَانِ خِيَارُ نَقْصٍ وَسَيَأْتِي وَخِيَارُ تَرَوٍّ وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي وَلَهُ سَبَبَانِ الْمَجْلِسُ وَالشَّرْطُ كَمَا عَبَّرَ بِهِمَا الْأَصْلُ لَا خِيَارَ لَهُمَا وَإِنْ عَبَّرَ بِهِمَا الْمُصَنِّفُ حَيْثُ قَالَ (خِيَارُ التَّرَوِّي يَتَعَلَّقُ بِسَبَبَيْنِ الْأَوَّلِ) مِنْهُمَا (خِيَارِ الْمَجْلِسِ) بِدَأْبِهِ لِثُبُوتِهِ بِالشَّرْعِ بِلَا شَرْطٍ (فَيَثْبُتُ فِي كُلِّ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ مَحْضَةٍ) وَهِيَ الَّتِي تَفْسُدُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ أَوْ ثَلَاثٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ كَانَ الْعَقْدُ تِسْعَةً إلَخْ) الْعَدَدُ الْكَثِيرُ فِي تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِحَسْبِهِ كَالْقَلِيلِ وَفِي الْخَادِمِ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ فَإِنْ طَالَ صَحَّ فِيمَا لَمْ يَطُلْ. اهـ. مُلَخَّصًا وَالْمُتَّجَهُ اعْتِمَادُ إطْلَاقِهِمْ وَلَا يَضُرُّ الطُّولُ لِأَنَّهُ فَصَلَ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقْدِ وَهُوَ ذِكْرُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (أَنَّ)(قَوْلَهُ وَيَتَعَدَّدُ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ إلَخْ) شَرْطُ التَّفْصِيلِ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَهُ إجْمَالٌ يُخَالِفُهُ فَلَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ نِصْفُهُ بِسِتِّمِائَةٍ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْكَلَامِ يَقْتَضِي تَوْزِيعَ الثَّمَنِ عَلَى الْمُثَمَّنِ بِالسَّوِيَّةِ وَآخِرُهُ يُنَاقِضُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ قَبِلْتهمَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ) وَكَمَا قَالَ بِعْتُك هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ (تَنْبِيهٌ) عُلِمَ أَنَّ الصَّفْقَةَ لَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الثَّمَنِ فَقَطْ كَمَا إذَا قَالَ بِعْتُك هَذَا وَهَذَا الثَّوْبَ بِأَلْفٍ فَقَبِلَ وَلَا بِتَعَدُّدِ الْمُثَمَّنِ فَقَطْ كَمَا إذَا قَالَ بِعْتُك هَذَا بِدِرْهَمٍ وَبِدِينَارٍ وَبِثَوْبٍ وَإِنَّمَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِمَا (قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ) مَا قَالَهُ الْقَاضِي جَارٍ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ فَالْأَصَحُّ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِأَنَّ الْقَبُولَ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْإِيجَابِ (قَوْلُهُ كَذَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا مَرَّ مِنْ تَضْعِيفِ كَلَامِ الْقَاضِي لِوُقُوعِ الْقَبُولِ غَيْرِ مُطَابِقٍ لِلْإِيجَابِ فَلَا أَثَرَ لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ هُنَا لِأَنَّهُ خَلَفَ ذَلِكَ أَمْرٌ آخَرُ
[فَرْعٌ الِاعْتِبَارُ فِي تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِالْعَاقِدِ]
(قَوْلُهُ وَالِاعْتِبَارُ فِي تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِالْعَاقِدِ) أَيْ كَوَكِيلٍ وَحَاكِمٍ وَوَلِيٍّ وَرَقِيقٍ مَأْذُونٍ (قَوْلُهُ عَلَى اتِّحَادِ الدَّيْنِ وَعَدَمِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَقْدَ عُهْدَةٍ حَتَّى يَنْظُرَ فِيهِ الْمُبَاشِرُ
[بَابُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ]
(بَابُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَفَسَادِهِ شَرَعَ فِي لُزُومِهِ وَجَوَازِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْوَلِيّ أَوْ الْوَكِيلَ لَا يَفْعَلُ إلَّا مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ وَمَنْ خَالَفَ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ تَعَلَّقَ بِأُمُورٍ أَكْثَرُهَا تَشْغِيبٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِإِبْطَالِهِ نُقِضَ حُكْمُهُ
بِفَسَادِ عِوَضِهَا (وَاقِعَةٍ عَلَى الْعَيْنِ) لَا الْمَنْفَعَةِ (وَلَوْ اسْتَعْقَبَ) الْعَقْدَ الْمَذْكُورَ (عِتْقًا كَالْبَيْعِ) وَلَوْ لِمَنْ يُعْتَقُ عَلَى الْمُشْتَرِي كَأَبِيهِ وَابْنِهِ قَالَ صلى الله عليه وسلم «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» إلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ أَيْ التَّخَايُرَ فَإِنَّهُ مُلْزِمٌ كَتَفَرُّقِهِمَا وَقَالَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَقَوْلُهُ أَوْ يَقُولَ قَالَ فِي الْمَجْمُوع مَنْصُوبٌ بِأَوْ بِتَقْدِيرِ إلَّا أَنْ أَوْ إلَى أَنْ وَلَوْ كَانَ مَعْطُوفًا لَجَزَمَهُ فَقَالَ أَوْ يَقُلْ وَخَرَجَ بِالْمُعَاوَضَةِ غَيْرُهَا كَالْهِبَةِ وَالْإِبْرَاءِ وَصُلْحِ الْحَطِيطَةِ وَالْوَقْفِ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَبِالْمَحْضَةِ غَيْرُهَا كَالصُّلْحِ عَنْ دَمٍ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ فَلَا خِيَارَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا وَالْخَبَرُ إنَّمَا وَرَدَ فِي الْبَيْعِ وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِيَارَ فِي الْبَيْعِ رُخْصَةٌ شُرِعَ لِلتَّرَوِّي وَدَفْعِ الضَّرَرِ فَهُوَ عَارِضٌ وَالْأَصْلُ لُزُومُهُ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ عَرَضَ بَعْدَ اللُّزُومِ بَلْ بِمَعْنَى أَنَّ الْبَيْعَ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي يَقْتَضِي وَضْعُهَا اللُّزُومَ لِيَتَمَكَّنَ الْعَاقِدُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيمَا أَخَذَهُ آمِنًا مِنْ نَقْضِ صَاحِبِهِ عَلَيْهِ أَوْ بِمَعْنَى أَنَّ الْغَالِبَ مِنْ حَالَاتِهِ اللُّزُومُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ (وَالسَّلَمِ) أَيْ وَكَالسَّلَمِ (وَالتَّوْلِيَةِ وَالتَّشْرِيكِ وَصُلْحِ الْمُعَاوَضَةِ) عَلَى غَيْرِ مَنْفَعَةٍ (وَلَوْ فِي عَقْدٍ تَوَلَّى الْأَبُ) وَإِنْ عَلَا (طَرَفَيْهِ كَبَيْعِ مَالِ نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ) أَوْ عَكْسِهِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ السَّابِقِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَتَيْنِ وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَلِأَنَّ الْأَبَ أُقِيمَ مَقَامَ الشَّخْصَيْنِ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ فَكَذَا فِي الْخِيَارِ وَلَفْظُ الْخَبَرِ وَرَدَ عَلَى الْغَالِبِ (فَإِنْ فَارَقَ) الْأَبُ (مَجْلِسَهُ أَوْ اخْتَارَ لَهُمَا) اللُّزُومَ (لَزِمَ أَوْ) اخْتَارَ (لِنَفْسِهِ بَقِيَ) الْخِيَارُ (لِلْوَلَدِ) وَكَذَا بِالْعَكْسِ كَمَا فِي الْبَسِيطِ وَخَرَجَ بِصُلْحِ الْمُعَاوَضَةِ صُلْحُ الْحَطِيطَةِ لِأَنَّهُ هِبَةٌ أَوْ إبْرَاءٌ
(وَلَا يَثْبُتُ) الْخِيَارُ (فِي الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَالشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضِ) وَالْوَكَالَةِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْقَرْضِ وَالْجَعَالَةِ (أَوْ) مِنْ (أَحَدِهِمَا كَالْكِتَابَةِ وَالرَّهْنِ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا وَلِأَنَّ الْجَائِزَ فِي حَقِّهِ بِالْخِيَارِ أَبَدًا فَلَا مَعْنَى لِثُبُوتِهِ لَهُ وَالْآخَرُ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى الْغَبْنِ الْمَقْصُودِ دَفْعُهُ بِالْخِيَارِ لَكِنْ لَوْ كَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ وَأَقْبَضَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَمْكَنَ فَسْخُهُ بِأَنْ يَنْفَسِخَ الْبَيْعُ فَيَنْفَسِخَ وَهُوَ تَبَعًا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَلَا) يَثْبُتُ (فِي الْوَقْفِ وَالْهِبَةِ) كَمَا مَرَّ وَلَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ ذَاتَ ثَوَابٍ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا كَذَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا لَكِنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِمَا فِي بَابِهَا أَنَّهَا بَيْعٌ وَأَنَّهُ يَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارُ وَحُمِلَ مَا هُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا هِبَةٌ وَإِنْ قُيِّدَتْ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ وَهُنَاكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُقَيَّدَةَ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ بَيْعٌ وَيُؤَيِّدُهُ تَعْلِيلُهُمْ هُنَا بِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالصَّوَابُ مَا هُنَاكَ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ (وَلَا فِي الشُّفْعَةِ) فَلَا خِيَارَ فِيهِمَا لِلْمُشْتَرِي إذْ الشِّقْصُ مَأْخُوذٌ مِنْهُ قَهْرًا وَلَا لِلشَّفِيعِ وَإِنْ كَانَتْ مُعَاوَضَةً مَحْضَةً إذْ يَبْعُدُ تَخْصِيصُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ بِأَحَدِ الْجَانِبَيْنِ.
وَخَالَفَ الرَّافِعِيُّ فَصَحَّحَ فِي بَابِهَا ثُبُوتَهُ لِلشَّفِيعِ وَاسْتَدْرَكَهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ فَصَحَّحَ الْمَنْعَ وَحَكَاهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَإِذَا قُلْنَا بِهِ فَهَلْ مَعْنَاهُ أَنْ يَتَخَيَّرَ فِي الْمَجْلِسِ بَعْدَ الْأَخْذِ بَيْنَ رَدِّ الْمِلْكِ وَإِمْسَاكِهِ أَوْ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِيهِ قَبْلَ الْأَخْذِ بَيْنَ الْأَخْذِ وَتَرْكِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْأَوَّلُ فَالْمُرَادُ بِالْمَجْلِسِ مَجْلِسُ التَّمَلُّكِ (وَ) لَا فِي (الْحَوَالَةِ) لِأَنَّهَا جُعِلَتْ مُعَاوَضَةً لَيْسَتْ عَلَى قَوَاعِدِ الْمُعَاوَضَاتِ إذْ لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَبَطَلَتْ لِامْتِنَاعِ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (وَلَا فِي النِّكَاحِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا وَلِأَنَّهُ وَارِدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فَكَانَ كَالْإِجَارَةِ وَسَيَأْتِي (وَ) فِي (الصَّدَاقِ) وَعِوَضِ الْخُلْعِ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ قَدَّرَ اسْتِقْلَالَهُمَا لَا خِيَارَ فِيهِمَا تَبَعًا لِلنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ (وَ) لَا فِي (الْمُسَاقَاةِ وَالْإِجَارَةِ أَيْضًا) وَإِنْ كَانَتَا مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ الْمَحْضَةِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ غَرَرُ وُرُودِهِ عَلَى مَعْدُومٍ وَغَرَرُ الْخِيَارِ وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَفُوتُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ فَأَلْزَمْنَا الْعَقْدَ لِئَلَّا يَتْلَفَ جُزْءٌ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا فِي مُقَابَلَةِ الْعِوَضِ وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الْأُولَى عَدَمُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي السَّلَمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَعْقَبَ عِتْقًا) يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَثْنِيَ الْبَيْعَ الضِّمْنِيَّ فِي قَوْلِهِ اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى كَذَا فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْعِتْقِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ فِي زَمَنٍ لَطِيفٍ لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ تَقْدِيرٌ آخَرُ فَالْخِيَارُ فِيهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ رُقَّ (قَوْلُهُ «مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» ) فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ مَكَانِهِمَا (قَوْلُهُ كَالصُّلْحِ عَنْ دَمٍ) أَيْ لِأَنَّ الْمَالَ فِيهِ غَيْرُ مَقْصُودٍ ر (قَوْلُهُ لِلتَّرَوِّي وَدَفْعِ الضَّرَرِ) شَمِلَ بَيْعَ الْجِنْسِ الرِّبَوِيِّ بِمِثْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ اسْتِوَاءُ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ الْغَزَالِيِّ الْأَوَّلُ فَإِنَّ إمَامَهُ قَالَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ وَقَدْ عَدَدْنَا الْخِيَارَ مِنْ الرُّخَصَ الَّتِي لَا يُعَدَّى بِهَا مَوَاضِعَهَا حَتَّى لَا تَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْبَسِيطِ) وَقَالَ غَيْرُهُ وَإِذَا لَزِمَ الْعَقْدُ مِنْ طَرَفٍ بَقِيَ الْآخَرُ وَقَالَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ فَإِذَا بَطَلَ خِيَارُ أَحَدِهِمَا ثَبَتَ لِلْآخَرِ وَهُوَ مَا فِي الذَّخَائِرِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَلَا أَحْسِبُ فِيهِ خِلَافًا
(قَوْلُهُ لَكِنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِمَا فِي بَابِهَا أَنَّهَا بَيْعٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَحُمِلَ مَا هُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا هِبَةٌ إلَخْ) الْجَمْعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ أَنَّهُ إذَا وَهَبَ وَشَرَطَ ثَوَابًا مَعْلُومًا انْعَقَدَ بَيْعًا عَلَى الصَّحِيحِ وَتَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْبَيْعِ مِنْ الْخِيَارِ وَالشُّفْعَةِ وَغَيْرِهِمَا وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ فِي بَابِ الْهِبَةِ وَإِنْ وَهَبَ وَلَمْ يَشْرِطْ شَيْئًا وَقُلْنَا الْهِبَةُ تَقْتَضِي الثَّوَابَ أَوْ وَهَبَ بِشَرْطِ ثَوَابٍ مَجْهُولٍ وَفَرَّعْنَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ أَنَّهُ صَحِيحٌ فَهَذَا لَيْسَ بَيْعٌ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَلِهَذَا قَالَ فِي تَعْلِيلِهِ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى بَيْعًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَأَصْلُهُ لِلسُّبْكِيِّ وَإِذَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ لَمْ يُعْدَلْ إلَى التَّنَاقُضِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يَقْدَحُ فِي الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ انْتِفَاءُ الْخِيَارِ لِعَدَمِ صِحَّةِ مَا وَقَعَ لِصِدْقِ اسْمِ الْهِبَةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ فَسَادِهَا فَصَحَّ نَفْيُ الْخِيَارِ فِيهَا وَإِنْ وَجَدَ لَهُ مَا يَقْتَضِي نَفْيَهُ أَيْضًا مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ مُعَاوَضَةً مَحْضَةً إلَخْ) لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ الْخِيَارُ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ (قَوْلُهُ فَأَلْزَمْنَا الْعَقْدَ لِئَلَّا يَتْلَفَ جُزْءٌ إلَخْ) فَالْخِيَارُ فِيهَا يُؤَدِّي إلَى تَعْطِيلِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ ضَمِّ غَرَرٍ إلَى غَرَرٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدُ مَنَافِعَ مَعْدُومَةٍ وَالسَّلَمَ عَقْدٌ عَلَى