الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شُبَهِ المستشرقين حول السُنَّةِ:
أنتقل بعد هذا إلى بيان موقف المستشرقين من السُنَّة النبوية ومزاعمهم وشُبَهِهِمْ التي أثاروها حولها، ولعل أشد المستشرقين خطرًا وأكثرهم خُبْثًا وإفسادًا في هذا الميدان هو المستشرق اليهودي «جولدتسيهر» (1).
ويبدو أنه كان واسع الاطلاع على المراجع العربية حتى عُدَّ شيخ المستشرقين في الجيل الماضي.
وقد نقل لنا الأستاذ أحمد أمين بصورة غير رسمية كثيرًا من آرائه عن تاريخ الحديث في " فجر الإسلام " و " ضُحَاهُ "، كما نقل لنا بصورة رسمية الدكتور علي حسن عبد القادر في كتابه " نظرة عامة في تاريخ الفقه الإسلامي " وقد تعرض لهما الدكتور مصطفى السباعي بالنقد في كتابه " السُنَّةُ ومكانتها في التشريع الإسلامي "(2).
وفيما يلي عرض موجز وإشارة سريعة إلى بعض الاتجاهات العامة والخطوط الرئيسية في بحوثه:
1 -
يقول الدكتور علي حسن عبد القادر في كتابه (3): «وهناك
(1) ولد سَنَةَ 1850 م ودرس في مدارس اللغات الشرقية ببرلين وليبزج وفيِينَا ورحل إلى سوريا سَنَةَ 1873 م وتتلمذ على الشيخ طاهر الجزائري وتَضَلَّعَ في العربية على شيوخ الأزهر، عُرِفَ بعدائه للإسلام وبخطورة كتاباته عنه، ألف كتابًا عن " الظاهرية ومذهبه وتاريخهم " ثم " دراسات إسلامية " في جزئين و " العقيدة والشريعة الإسلامية " وهو مجري. (" دائرة المعارف الإسلامية ") توفي سَنَةَ 1921 م.
(2)
وكذا الشيخ محمد الغزالي في كتابه " دفاع عن العقيدة والشريعة " الذي استفدت واقتبست منه كثيرًا.
(3)
" نظرة عامة في تاريخ الفقه الإسلامي ": ص 126.
مسألة جد خطيرة نجد من الخير أنْ نعرض لها ببعض التفصيل، وهي وضع الحديث في هذا العصر، ولقد ساد إلى وقت قريب في أوساط المستشرقين الرأي القائل:«بأنَّ القسم الأكبر من الحديث ليس صحيحًا ما يقال من أنه وثيقة للإسلام في عهد الطفولة ولكنه أثر من آثار جهود المسلمين في عصر النضوج» .
وأشار الدكتور إلى أنَّ هذا الرأي هو لجولدتسيهر:
هذا لا يستغرب من يهودي يسعى أنْ يقضي على الإسلام بأسره. إنَّ المفسر لا يهمه إقامة الدليل على دعواه بقدر ما يهمه النفث بدسائسه كي تعمل عملها في الذين لم يتمكن الإسلام في قلوبهم.
إنَّ القرآن الكريم والسُنَّة الصحيحة تُكَذِّبُ هذه الدعوى، قال تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا} (1).
فما معنى كمال الدين وتمامه إذا قيل: إنَّ السُنَّة لم تحفظ وأنها نتيجة التطور وقال صلى الله عليه وسلم: «تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّتِي» .
فما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلَاّ وقد كان الإسلام ناضجًا متكاملاً لا طفلاً يافعًا كما يَدَّعِي هذا المستشرق.
ثم يقال له: إنك تعلم أنَّ المسلمين في مختلف بقاع الأرض التي وصلوا إليها وأهل تلك الديار الذين دخلوا في الإسلام كانوا يتعبَّدون عبادة واحدة ويقيمون أسس أسرهم وبيوتهم على أساس واحد، وهكذا كانوا مُتَّحِدِينَ
(1)[المائدة: 3].
في العبادات والمعاملات والشعائر والعادات غالبًا فلو كان الحديث أو القسم الأكبر منه نتيجة للتطور الديني - كما زعمت - للزم حتمًا أَلَاّ تتحد عبادة المسلم في شمال إفريقيا مع عبادة المسلم في جنوب آسيا، إنَّ البيئة في كل منهما مختلفة عن الأخرى تمام الاختلاف، فكيف اتَّحَدَا في العبادة والتشريع والمعاملات والآداب؟ وبينهما من البُعد ما بينهما.
من هذا نرى أنَّ زعمه هذا مبني على أساس من جرف هار فانهار من أول وهلة.
2 -
ثم حاول بعد ذلك أنْ يصور لنا أنَّ الأمويِّين كانوا يضطهدون الذين وأصحابه، وأنَّ العلماء الأتقياء كانوا على خلاف مستمر معهم وأنهم وضعوا أحاديث .. وهو كاذب في كلا الأمرين، فإنَّ الروايات التي يمكن أنْ يعتمد عليها والأخبار التي يمكن أنْ يتعلق بها في قوله عن الأمويِّين إذا تمعَّنت فيها ومحَّصتها تجدها كلها غير جديرة بالاهتمام حيث أنها كلها من آثار صنائع العباسيين والشيعة والروافض.
بل إننا نجد نصوصًا كثيرة تُكَذِّبُ ما رمى به هذا المستشرق خلفاء بني آمية، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم اختار معاوية رضي الله عنه لكتابة الوحي. ونسك عبد الملك وتقواه ودعاء الناس يلقِّبُونه بحمامة المسجد، ولما جاء الناس يبايعونه كان يتلو كتاب الله على مصباح ضئيل، ولقد أنشأت أكثر المساجد المعروفة اليوم في عصر الوليد بن عبد الملك، والتاريخ يذكر بكثير من الإعجاب فتوحات الأمويِّين، وأما ما ادَّعاه من الخلاف المستمر بين العلماء الأتقياء والأمويِّين ففيه تمويه، فالحق الذي لا مرية فيه أنَّ العلماء الذين نهضوا لجمع الحديث وتدوينه لم يكن بينهم وبين الأمويين أي عداء إلَاّ ما نقل من جفاء سعيد بن المسيب لعبد الملك لأنه أراد أخذ البيعة لابنه الوليد ثم سليمان من بعده، فأبى سعيد وقال: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى
عَنْ بَيْعَتَيْنِ» في وقت واحد، فهذا هو سبب الجفاء، ولا نعلم قبل هذه الحادثة جفاء بين سعيد وخلفاء بني أمية، ووقع شيء من الجفاء بين الحجاج وبعض علماء عصره سببه اشتداد الحَجَّاجِ في مقاومة خصوم الدولة الأموية. أما الذين قام العداء بينهم وبين الأمويين فهم الخوارج والعلويُّون وهؤلاء غير أولئك العلماء الذين ضَحُّوا بحياتهم في سبيل جمع الحديث وتدوينه، فإنْ كان المستشرق يريد بالعلماء الأتقياء - أولئك الغلاة من الشيعة والخوارج فنعم - ولكنه يثير العجب حيث إنه يطلق هذا اللقب على من كانوا أداة فساد وإفساد في أرض الله الطاهرة وتظاهرًا بِحُبِّ عَلِيًّ وآله رضي الله عنه ووضعوا أحاديث للوصول إلى غايتهم وهم يضمرون في نفوسهم المكر والكيد للإسلام وأهله (1).
3 -
وهذه دعوة جديدة لا وجود لها إلَاّ في خيال كاتبها، فما روى لنا التاريخ أنَّ الحكومة الأموية وضعت الأحاديث لتعمم بها رأيًا من آرائها فنحن نسأله أين تلك الأحاديث التي وضعتها الحكومة، ولا نجد في حديث واحد من آلافها الكثيرة في سنده عبد الملك أو يزيدًا أو الوليد أو أحد عُمَّالِهِمْ كالحَجَّاجِ، فاين ضاع ذلك في زوايا التاريخ لو كان له وجود؟ وإذا كانت الحكومة الأموية لم تضع بل دعت إلى الوضع فما الدليل على ذلك؟
(1) انظر " السُنَّة ومكانتها ": ص 197، 198. " رسالة حُجِيَّة السُنَّة " لمحمد لقمان السلفي ": ص 110.
(2)
" نظرة عامة في تاريخ الفقه الإسلامي ": ص 126، 127.
4 -
ثم يقول: «إنه لا توجد مسألة خلافية سياسية أو اعتقادية إِلَاّ ولها اعتماد على جملة من الأحاديث ذات الإسناد القوي» (1).
أهذا هو الدليل على أنَّ الحكومة الأموية هي التي دعت إلى الوضع؟
لماذا يكون لوضع هذه الأحاديث في المسائل الخلافية من وضع المذاهب المختلفة سبب إلَاّ الوضع؟
لقد بَيَّنَ علماؤنا أسباب اختلاف الحديث فما كان مرجعه إلى الوضع بَيَّنُوهُ، وما كان مرجعه إلى غير ذلك بَيَّنُوهُ أيضًا، فالزعم بِأَنَّ ذلك دليل على وضع الأحاديث المختلفة كلها زعم باطل وأشد منه بطلانًا أنْ يَتَّخِذَ ذلك دليلاً على تدخل الحكومة الأموية في الوضع ودعوتها إليه.
5 -
ثم يزعم «أنه استغلَّ هؤلاء الأمويون الإمام الزُّهْرِيَّ بدهائهم في سبيل وضع الأحاديث» .
وهذه مؤامرة مذمومة وجُرْأَةٌ شنيعة من هذا اليهودي المستشرق على أكبر إمام من أئمة السُنَّة في عصره، بل على أول من دَوَّنَ السُنَّة من التابعين لنرى ما فيها من خُبْثٍ ولؤم وَدَسٍّ وتحريف، إنها لخطَّة مُبَيِّتَةٌ من هذا المستشرق أنْ يهاجم أركان السُنَّة واحدًا بعد واحدٍ، فلقد هاجم أكبر صحابي روى الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أبو هريرة رضي الله عنه حتى إذا فرغ من تهديم أبي هريرة - على زعمه - جاء هنا ليهدم ركن السُنَّة في عصر التابعين، ولكن الله غالب على أمره ولا بُدَّ للحق من هزيمة الباطل مهما آوى الباطل إلى ظل ظليل وركن متين.
والإمام الزُّهْرِي لا يضره حقد الحاقدين فهو قطب السُنَّة ويكفيه فخرًا ما قال فيه الذهبي: «هُوَ أَعْلَمُ الحُفَّاظِ الإِمَامُ الحَافِظُ الحُجَّةُ» . وقال مكحول
(1)" نظرة عامة في تاريخ الفقه الإسلامي ": ص 126 وما بعدها.
«مَا بَقِيَ عَلَى ظَهْرِهَا أَعْلَمَ بِسُنَّةٍ مَاضِيَةٍ مِنَ الزُّهْرِيِّ» وقال عمر بن دينار: «مَا رَأَيْتُ أَنَصَّ وَأَبْصَرَ بِالحَدِيثِ مِنَ الزُّهْرِيِّ» .
وهكذا تواترت روايات الأئمة والحفاظ وعلماء الجرح والتعديل على توثيقه وأمانته وجلالة قدره ونُبْلِهِ في أعين المحدثين.
ولا نعلم أنَّ أحدًا اتَّهَمَهُ بأمانته وصدقه في الحديث قبل هذا المستشرق اليهودي المُتَعَصِّبُ (جولدتسيهر).
6 -
ثم ادَّعَى أنه اعترف اعترافًا خطيرًا عندما قال: «إِنَّ هَؤُلَاءِ الأُمَرَاءِ أَكْرَهُونَا عَلَى كِتَابَةِ أَحَادِيثِ» وأنَّ ذلك يُفْهَمُ منه استعداد الزُهري لأنْ يُلَبِّي رغبات الحكومة باسمه المعترف به عند الأمَّة الإسلامية.
وَرَدُّنَا على هذا الزعم المفترى هو:
أولاً: أنَّ هذا النص الذي نقله فيه تحريف مُتَعَمَّدٌ يقلب المعنى رأسًا على عقب.
ثانيًا: أنَّ الزُهري كان يمتنع عن كتابة الأحاديث للناس، والظاهر أنه كان يفعل هذا ليعتمد الناس على ذاكرتهم [ولا يَتَّكِلُوا] على الكُتُبِ، فلما طلب منه هشام وَأَصَرَّ عليه أنْ يُمْلِي على ولده لِيَمْتَحِنَ حفظه، وأملى عليه أربعمائة حديث خرج من عند هشام وقال بأعلى صوته:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا كُنَّا مَنَعْنَاكُمْ أَمْراً قَدْ بَذَلْنَاهُ الآنَ لِهَؤُلَاءِ، وَإِنَّ هَؤُلَاءِ الأُمَرَاءِ أَكْرَهُونَا عَلَى كِتَابَةِ (الأَحَادِيثِ) فَتَعَالَوْا حَتَّى أُحَدِّثَكُمْ بِهَا فَحَدَّثَهُمْ بِالأَرْبَعِمِائَةَ الحَدِيث» . هذا هو النص الصحيح لقول الزهري.
وانظر الفرق بين قول الزهري كما رواه المستشرق وكما رواه المؤرخون والمحدثون ثم انظر إلى هذه الأمانة حيث حذف «الـ» من «الأحاديث» فقلبت الفضيلة رذيلة
…
7 -
ثم زعم «وقد شعر المسلمون في القرن الثاني بأنَّ الاعتراف بصحة الأحاديث يجب أنْ يرجع إلى (الشكلي) فقط، وأنه يوجد من الأحاديث
الجَيِّدة الإسناد كثير من الأحاديث الموضوعة، وساعدهم على هذا ما ورد من (الحديث)، " سَيَكْثُرُ التَحْدِيثُ عَنِّي، فَمَنْ حَدَّثَكُمْ بِحَدِيثٍ فَطَبِّقُوهُ عَلَى كِتَابِ اللهِ فَمَا وَافَقَهُ فَهُوَ ِمنِّي، قُلْتُهُ أَوْ لَمْ أَقُلْهُ " هذا هو المبدأ الذي حديث بعد قليل عند انتشار الوضع».
في الحقيقة أنَّ المستشرق افترى على علماء الإسلام في موضعين:
الأول: دعواه بأنَّ الاعتراف بصحة الحديث شكلي فقط، وأنه يوجد بين الأحاديث الجَيِّدَةِ الإسناد كثير من الأحاديث الموضوعة، وهذا افتراء منه عليهم وَهُمْ لم يقوموا بهذا قطعًا وكيف يعترفون بهذا وإن كان صحيحًا فليخبرنا الكتاب الذي اعترفوا فيه، وإنما الذين قالوه حين بحثوا مسألة العمل بخبر الواحد: هل يفيد القطع أو الظن؟ فذهب الجمهور إلى أنه يفيد الظن لأنه وإنْ كان صحيحًا بحسب الشروط المقررة إلَاّ أنه يحتمل ألَاّ يكون صحيحًا (في الواقع) والذي دعاهم إلى هذا هو الاحتياط والتثبت في شرع الله، فأين هذا مما ينقله عنهم هذا المستشرق؟.
والثاني: زعم أنَّ المبدأ الذي حدث بعد قليل هو حديث: «سَيَكْثُرُ التَحْدِيثُ عَنِّي» . وهو كذب وافتراء محض لأنَّ هذا التحديث نقده صيارفة الحديث ونُقَّادُهُ وحكموا بوضعه وكذبه.
والحقيقة أنَّ هذا المستشرق من أقل الناس مروءة وحياء وأمانة في سبيل العلم، فهو يخترع الأكذوبة ويتخيَّلها وَيُرَكِّبُ لها في نفسه هيكلاً ثم يلتقط له من هنا ومن هناك ما يوهم أنه يؤيِّده فيما ادَّعى ولا يهمه أنْ يكذب في النصوص أو يُحَرِّفَهَا أو يزيد فيها أو ينقص منها - حسب هواه - أو يغالط في الفهم أو يستدل لما ليس بدليل ويعرض عما يكون دليلاً قاطعًا.
فهذا شأن قوم يزعمون التجرد وأنهم سلكوا المنهج العلمي الحديث.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
8 -
أي أنَّ الأحاديث المتواترة لم تصدر عن النبي صلى الله عليه وسلم والطعن ليس في حديث ما أو في جملة أحاديث عليها اعتراض قوي أو ضعيف، كَلَاّ، إنَّ الطعن في السُنَّة كلها المتواتر منها والمشهور والصحيح.
9 -
ومن أين أتى فقهاء الإسلام بهذه الأحاديث؟ ومن أين تَسَرَّبَتْ إليهم هذه العواطف التي أنطقتهم بهذه الأحاديث؟ إنهم أقل شأنًا من أنْ ينفردوا بتأليفها ولذلك يقول: «لكن الإسلام خلال توسُّعه التالي وبفعل التأثيرات الأجنبية ترك مجالاً لدقة العلماء المُفتين ولعلماء العقائد» (3).
إنَّ الرجل يهرف بما لا يعرف وهو في حقده على الإسلام يهاجمه بعنف وعمى ولا يَتَّخذُ مكانًا يظن به الضعف ثم يهجم بل ينطح برأسه كل شيء دون تفريق وهيهات أنْ يصدع إلَاّ رأسه:
كَنَاطِحٍ صَخْرَةً يَوْماً لِيُوهِنَهَا *
…
*
…
* فَلَمْ يُضِرْها وأوْهَى قَرْنَهُ الوَعلُ
(السُنَّّةُ كلها من صنع الناس حتى المتواتر منها):
عفاء على التاريخ والعلم كله إذا كانت قيم الحقائق تتناول بهذا الأسلوب الفوضوي، ولكن الرجل يريد إفهام قومه أنَّ الإسلام من صنع محمد وقومه.
(1)" دفاع عن العقيدة والشريعة " لمحمد الغزالي: ص 62.
(*) في المطبوع " دفاع عن العقيدة والشريعة ": ص 47 [لم تُرْوَ] لا كما ورد [لم تَرِدْ].
(2)
" دفاع عن العقيدة والشريعة " لمحمد الغزالي: ص 62.
(3)
" دفاع عن العقيدة والشريعة " لمحمد الغزالي: ص 73.
6410 -
ثم يزعم وهو يقدم مفهوم النسخ في الإسلام: «إنَّ الرسول كان يتطور مع الزمن وكان يصطنع وحيًا جديدًا، ينسخ به الوحي القديم كلما لاحت ضرورة» (1)، الرسول يصطنع وحيًا جديدًا كلما لاحت ضرورة، إتهام حتى على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
11 -
ثم يقول: «إنَّ المسلمين - لما فتحوا هذه البلاد وحكموها بما فيها من تقاليد وقوانين بعد أنْ طَوَّرُوا هذه التقاليد والقوانين، وأضفوا عليها من عندهم صبغة دينية ثم جعلوها أحاديث شريفة ونسبوها إلى نبيهم» هذا هو التطور الفقهي في نظره.
قد يجيز العقل أنْ يستدين فقير من غني وأنْ يستعين ضعيف بقوي غير أنَّ العقل يحكم باستحالة التلاقي والاستعداد يوم يكون التكافؤ معدومًا بين الطرفين، فمن الحماقة أنْ يقال أنَّ (أرسطو) أخذ أفكاره من أحد الخبازين في أفران أثينا أو من أحد الخبازين في حاناتها، ومن الحماقة أنْ يقال أنَّ (فُورْدْ) أخذ ثروته من مُتَسَوِّلٍ في إحدى كنائس أمريكا.
ومن الحماقة أنْ يقال إنَّ (محمدًا صلى الله عليه وسلم) أَلَّفَ قرآنه بمعونة أحد الخواجات النازحين إلى مكة يطلبون الرزق.
إنَّ هذا البيان الساحر فحواه، القاهر بمعناه يعجز الأئمة العرب عن إتيان بآية مثله، فكيف بنازح أعجمي {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} (2)(3).
هذه بعض مزاعمه ومفترياته وأكاذيبه وقد ذكرنا بعضها وَفَنَّدْنَاهَا ولا تكفي هذه العُجالة أنْ تستوفي لجميع مزاعمه، ويأبى الله إلَاّ أنْ يُتِمَّ نوره ولو كره الكافرون.
(1)" دفاع عن العقيدة والشريعة ": ص 73.
(2)
[النحل: 103].
(3)
اقتباس من " دفاع عن العقيدة والشريعة ".
هذا وإنَّ المستشرقين - بمجموعهم - بجتمعون مع جولدتسيهر في آرائه وأفكاره فهذا سبرنجر مثلاً يقول: «إنَّ أحاديث نبوية كثيرة زائفة ومُلَفَّقَة» .
ويقول موير وويل ودوزي: «إنَّ نصف الأحاديث المُدَوَّنة في " صحيح البخاري " ليست أصيلة وغير موثوق بها» .
ويقول شاخت: «إنَّ أسانيد الحديث النبوي عملية مُلَفَّقَة» ولهذا اكتفيت بتفنيد آراء جولدتسيهر وحده.