الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لذا اتفق المسلمون على أنَّ خطاب القرآن والسُنَّة وأحكامهما عاملان شاملان لا يختصان بأمة ولا بزمن لأن عموم خطاب القرآن مستلزم لعموم خطاب السُنَّة: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (1).
وتخصيص أوامره عليه السلام وإرشاداته محدودة أو بزمن معين تخصيص بغير مخصص لا يستند إلى دليل، لذا يقول الأستاذ المودودي رحمه الله:«لا فرق بين هداية القرآن وهداية المصطفى عليه السلام فَإِنْ كانتا مؤقتتين ومحدودتين فهمًا معًا وإنْ كانتا دائمتين وعالميتين فَهُمَا مَعًا» (2).
الشُبْهَةُ السَادِسَةُ:
قالوا: إنَّ السُنَّة قد انتقدت متنًا وسَنَدًا وأنَّ المحدثين تكلموا في رجالها ومتونها وما كان كذلك ودخله النقد وآراء الرجال لا يصلح دينًا، كما أنَّ الإسلام لم يجرؤ أعداؤه على توجيه الاتهام إليه إلَاّ عن طريق الأحاديث الي أقر المسلمون بصحتها لكن الإسلام بريء منها، يقول الحافظ أسلم:«إِنَّ الأحاديث قد انتقدت علميًّا ما أفقدها صفة التدين لأنَّ الأمور الدينية ما يدخلها النقد وآراء الرجال» (3). ويضيف فيقول: «الاعتراضات الموجهة للإسلام من غير أهله لا تأتي إلَاّ من الأحاديث التي أَقَرَّ المسلمون بصحتها وهي موضوعة الأصل لا صلة لها بالدين» (4).
الرد:
إنَّ الرجل يفوه بما لا يعرف وهو في شدة حقده على السُنَّة والطعن فيها لا يبحث عن موضع يظن به الضعف بل يطعن فيها هكذا خبط عشواء وهيهات أَنْ يصدع إلَاّ رأسه إنه يجهل أو يتجاهل تاريخ الإسلام وجهود العلماء
(1)[سبأ: 28].
(2)
" سنت کي اءيني حيثيت ": ص 334.
(3)
" فرقة أهل القرآن ": ص 109 و " مقام حديث ": ص 154.
(4)
" فرقة أهل القرآن ": ص 109 و " مقام حديث ": ص 154.
المحدثين لمقاومة الوضع فهو بدل ما يعترف للمحدثين بفضلهم وجهدهم في سبيل خدمة السُنَّة يتهمهم بأنهم أقروا بصحة الأحاديث وهي موضوعة الأصل ولا صلة لها بالدين وأنَّ الإسلام بريء منها.
إنَّ الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة أَجَلُّ وأسمى من أَنْ يخوضوا في الكذب والوضع وَهُمْ رَوَوْا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» (1).
إننا نعترف أنَّ حركة الوضع في الحديث بدأت في وقت مُبَكِّرٍ وأنَّ الخلافات السياسية والكلامية - ولا سيما - بين عَلِيٍّ ومعاوية رضي الله عنهما كانت من العوامل الرئيسية في حركة الوضع تلك إذ أخذ بعض أصحاب معاوية يضعون الأحاديث في مثالب عَلِيٍّ رضي الله عنه وينشرونها بين الناس وقد قابلهم بمثلها جَهَلَةُ أصحاب عَلِيٍّ رضي الله عنه دون علم عَلِيٍّ ومعاوية رضي الله عنهما، كما أنَّ ظهور أرباب الكلام من القدرية والمرجئة والجهمية
…
والمناقشات الحادة بينها هَيَّأَتْ الأجواء المناسبة للوضع بذم بعضهم بعضًا.
لكن حركة الوضع هذه لا يمكن أنْ نجعلها دليلاً على أنَّ السُنَّة كلها موضوعة الأصل وأنها لا تصلح أنْ تكون دينًا عَامًا.
هذه بعض شُبُهَاتِ فرقة أهل القرآن ومزاعمهم قد ذكرنا أشهرها وَفَنَّدْنَاهَا ولا تكفي هذه العُجَالَةُ لنستوفي جميع شُبُهَاتهم وهي في الحقيقة أباطيل وأضاليل، نسأل الله الهداية والرشاد «وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ، فَلَا هَادِيَ لَهُ» (2).
(1) رواه البخاري، انظر " فتح الباري ": 1/ 200 و " مسلم بشرح النووي ": 1/ 67. وسيأتي تخريجه مُفَصَّلاً في ص 175.
(2)
هو جزء من حديث أخرجه النسائي في " سننه " تحقيق: الشيخ عبد الفتاح أبو غدة. كتاب النكاح - باب ما يستحب من الكلام عند النكاح. حديث رقم 3277. مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب. الطبعة الثانية، 1406 هـ - 1986 م.