الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الخامس:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
النقد:
عَلَّقَ أَبُو رِيَّةَ على الحديث في الحاشية بما سماه (معركة الذباب) بين مجلة " لواء الإسلام " و " مجلة الدكتور " وانتصر يها لـ " مجلة الدكتور "، وأنحى باللائمة والتثريب على المُصَحِّحِينَ لهذا الحديث ونبزهم بالألقاب.
الرد:
الحديث قد صَحَّ سندًا وَمَتْنًا عن هؤلاء الصحابة الثلاثة: أبي هريرة وأبي سعيد وأنس ثبوتًا لا مجال فيه للشك كما ثبت صدق أبي هريرة في روايته عن رسول
(1) ورد هذا الحديث عن أبي هريرة من طرق:
1 -
عن عبيد بن حنين سمعت أبا هريرة
…
أخرجه البخاري: 2/ 329، 4/ 71، 72. والدارمي: 2/ 99. وابن ماجه: 3505. والإمام أحمد: 2/ 398 وما بين القوسين زيادة له وهي للبخاري في روايته عنه.
2 -
عن سعيد بن أبي سيعد رواه أبو داود من طريق أحمد وهو في " المسند ": 3/ 329 و 246.
3 -
عن ثمامة بن عبد الله بن أنس
…
أخرجه أحمد: 3/ 363، 355، 388 وسنده صحيح على شرط مسلم.
4 -
عن محمد بن سيرين عنه عند أحمد: 2/ 355، 388 وسنده صحيح وللحديث شواهد: رواه أبو سعيد بلفظ ««إِنَّ أَحَدَ جَنَاحَيِ الذُّبَابِ سُمٌّ، وَالآخَرَ شِفَاءٌ، فَإِذَا وَقَعَ فِي الطَّعَامِ [فَامْقُلُوهُ]، فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ السُّمَّ وَيُؤَخِّرُ الشِّفَاءَ» رواه أحمد: 3/ 67، وابن ماجه: 3509 والنسائي: 2/ 193 وابن حبان في " الثقات ": 2/ 102، عن أنس رواه الطبراني في " الأوسط " كما في " مجمع الزوائد ": 5/ 38.
الله صلى الله عليه وسلم رغم أنف الطاعنين، بل إنَّ الطاعنين فيه هو الطاعن في هذا الحديث فقد رموا صحابيًا بالبهت وَرَدُّوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لمجرد عدم انطباقه على عقولهم المريضة، والحال أنه رواه جماعة من الصحابة وليت شعري هل علم هؤلاء بعدم تفرد أبي هريرة بالحديث، وهو حُجَّةٌ لو انفرد. فكيف وقد تابعه صحابيان جليلان؟.
ثم قالوا - منكرين -: كيف يكون الذباب الذي هو مياءة الجراثيم فيه دواء؟
وكيف يجمع الداء والدواء في شيء واحد؟ وهل الذباب يعقل فيقدم أحد الجناحين على الآخر؟
سبحان الله! هل العقل يمنع أَنْ يجمع الله الداء والدواء في شيء واحد بل هو معروف مشاهد، فالنحلة تلقي السم من أسفلها وتخرج عسلاً فيه شفاء للناس من فيها، والحية القاتل سمها يدخل لحمها في الترياق الذي يعالج به السم، والله الذي هدى النملة إلى أًنْ تبني بيتها على أحسن نظام هندسي، وهَدَى النملة إلى أَنْ تَدَّخِرَ قُوتَهَا لأوان حاجتها لقادر على أنْ يلهم الذبابة أنْ تقدم جناحًا وتوخر آخر
…
ثم إنَّ كثيرًا من الناس يتوهم أنَّ هذا الحديث يخالف ما يقرره الطب وهو أنَّ الذباب يحمل بأطرافه الجراثيم، فإذا وقع في الطعام أو في الشراب علقت به تلك الجراثيم، والحقيقة أنَّ هذا الحديث لا يخالف الأطباء في ذلك بلى يؤيدهم إذ يخبران في أحد جناحيه داء ولكنه يزيد عليهم فيقول:«وَفِي الآخَرِ شِفَاءٌ» .
فهذا مما لم يحيطوا بعلمه فوجب عليهم الإيمان به إِنْ كانوا مسلمين وإلَاّ فالتوقف إنْ كانوا من غيرهم، إِنْ كانوا عقلاء علماء؟ وذلك لأن العلم الصحيح يشهد أَنَّ عدم العلم بالشيء لا يستلزم العلم بعدمه.
هذا على افتراض أَنَّ الطب الحديث لم يشهد لهذا الحديث بالصحة حيث اختلفت آراء العلماء فيه، ونحن بصفتنا مؤمنين بصحة الحديث وأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم (لَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَاّ وَحْيٌ يُوحَى) لا يهمنا كثيرًا ثبوت الحديث من وجهة نظر الطب، لأنَّ الحديث برهان قائم في نفسه لا يحتاج إلى دعم خارجي.
الطب الحديث يؤيد هذا الحديث:
-------------------------------
ومع ذلك فإنَّ النفس تزيد إيمانًا وفرحًا حين ترى الحديث الصحيح يوافقه العلم الصحيح، فلهذا ألا يخلو من فائدة لو نقلت خلاصة المحاضرة التي ألقاها أحد الأطباء في جمعية الهداية في مصر حول هذا الحديث، قال:«يقع الذباب على المواد القذرة المملوءة بالجراثيم التي تنشأ منها الأمراض المختلفة، فينقل بعضها بأطرافه، ويأكل بعضا آخر، فتتكون في جسمه مادة سامة يسميها علماء الطب " مبعد البكتيريا " وهي تقتل كثيرا من جراثيم الأمراض، ولا يمكن لتلك الجراثيم أن تبقى حية، أو يكون لها تأثير في جسم الإنسان في حال وجود مبعد البكتيريا هذا، وأن هناك خاصية في أحد الجناحين هي أنه يحول مبعد البكتيريا إلى ناحيته وعلى هذا إذا سقط الذباب في طعام أو شراب وألقى الجراثيم العالقة بأطرافه فإن أقرب مبعد لتلك الجراثيم وأول واق منها هو مبعد البكتيريا الذي يحمله الذباب في جوفه قريبا من أحد جناحيه، فإذا كان هناك داء فدواؤه قريب منه، وغمس الذباب كله، وطرفه كاف لقتل الجراثيم التي كانت عالقة وكاف في إبطال عملها» .
ونقل الشيخ سعيد حوى تحقيقًا لطبيبين مصريين - محمود كمال ومحمد عبد المنعم - في إثبات ما في الحديث وفحوى التحقيق:
«إنَّ بعض العلماء - وقد أورد أسماءهم وتواريخهم - قد استطاعوا عزل
مواد مضادة للحيوية من مزرعة للفطريات الموجودة على نفس جسم الذبابة فوجدوها ذات مفعول قوي على الجراثيم السالبة لصيغة غرام كالزحار والتيفونيم وذات مفعول قوي على الجارثيم المسببة للحميات». وهكذا يضع العلماء بأبحاثهم تفسيرًا للحديث النبوي المؤكد لضرورة غمس الذبابة كلها في السائل والغذاء ليخرج من بطنها الدواء الذي يكافح ما تحمله من داء.
ويستنتج من ذلك أَنَّ العلم الحديث قد حقق بعد قرون طويلة ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم.