الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث العاشر:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ثَوْرَانِ (*) مُكَوَّرَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (1).
فَقَالَ الْحَسَن: «وَمَا ذَنْبهمَا؟» قَالَ: «أُحَدِّثك عَنْ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم وَتَقُول وَمَا ذَنْبهمَا» ، فَسَكَتَ.
قَالُوا: قَدْ صَدَقَ الْحَسَنُ «مَا ذَنْبُهُمَا» (2).
النقد:
قال أبو رية: «[وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى] أَنَّ هَذَا الحَبْرَ الدَّاهِيَةَ قَدْ طَوَىَ أَبَا هُرَيْرَةَ تَحْتَ جَنَاحِهِ حَتَّىَ جَعَلَهُ يُرَدِّدُ كَلَامَ هَذَا الكَاهِنِ بِالنَّصِّ وَيَجْعَلَهُ حَدِيثًا مَرْفُوعًا مَا نُوْرِدُ لَكَ شَيْئا مِنْهُ
…
» ثم ذكر هذا الحديث.
الرد:
إِنَّ أبا رِيَّةَ كعادته يحاول إيقاع الطعن على أبي هريرة رضي الله عنه، لكن لو سألناه ما وجه الإنكار في هذا الحديث؟.
إِنْ كان هو المتن الذي رواه البخاري (*) فمعناه في كتاب الله، قال تعالى:{وَخَسَفَ الْقَمَرُ، وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} (3).
وقال تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} (4).
(1) قال المؤلف (وراه البخاري): 6/ 214 في بدء الخلق. وفي " فتح الباري " أَنَّ البزار والاسماعيلي والخطابي أخرجوه من طريق يونس بن محمد عن عبد العزيز بن المختار وزادوا بعد كلمة (مُكَوَّرَانِ)«فِي النَّارِ» .
(*)[غريب من المؤلف كيف أورد هذه الرواية على أن البخاري خَرَّج هذا الحديث بهذه الصيغة: إِذْ لم ترد لفظة (ثَوْرَانِ) في " صحيح البخاري " وإنما وردت الرواية كالتالي: «الشَّمْسُ وَالقَمَرُ مُكَوَّرَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ»، راجع " فتح الباري شرح صحيح البخاري " لابن حجر، ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي: 6/ 297 حديث رقم 3200].
(2)
[انظر " تأويل مختلف الحديث ": ص 165، الطبعة الثانية - مزيدة ومنقحة 1419هـ - 1999م، تحقيق مُحَمَّد محيي الدَّين الأَصْفَر، نشر المكتب الاسلامي - مؤسسة الإشراق].
(3)
[القيامة: 8، 9].
(4)
[التكوير: 1]
…
وزيادة غير " البخاري "«فِي النَّارِ» يشهد لها قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} (1).
وفي " صحيح البخاري "(2) ثُمَّ [قَالَ]: «يُنَادِي مُنَادٍ: لِيَذْهَبْ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، فَيَذْهَبُ أَصْحَابُ الصَّلِيبِ مَعَ صَلِيبِهِمْ، وَأَصْحَابُ الأَوْثَانِ مَعَ أَوْثَانِهِمْ، وَأَصْحَابُ كُلِّ آلِهَةٍ مَعَ آلِهَتِهِمْ» .
وهذا يوافق قوله تعالى في فرعون: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} (4).
فإنْ قيل وما ذنبهما حتى يُعَذَّبَانِ؟ فإنه مثل رجل سمع بقوله تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (5).
فقال: ما ذنب الحجارة؟ (6).
قلت: أجاب عن ذلك الْخَطَّابِيُّ فَقَالَ: «لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِمَا فِي النَّارِ تَعْذِيبُهُمَا بِذَلِكَ وَلَكِنَّهُ تَبْكِيتٌ لِمَنْ كَانَ يَعْبُدُهُمَا فِي الدُّنْيَا لِيَعْلَمُوا أَنَّ عِبَادَتَهُمْ لَهُمَا كَانَتْ [بَاطِلاً]» .
ولا شك في أَنَّ جمع العابد والمعبود في النار غاية التوبيخ والسخرية والإيلام (7).
قَالَ الإِسْمَاعِيلِي: «لَا يَلْزَم مِنْ جَعْلهمَا فِي النَّار تَعْذِيبهمَا، فَإِنَّ لِلَّهِ فِي النَّار مَلَائِكَة وَحِجَارَة وَغَيْرهَا لِتَكُونَ لأَهْلِ النَّار عَذَابًا وَآلَة مِنْ آلَات الْعَذَاب وَمَا شَاءَ اللَّه مِنْ ذَلِكَ، فَلَا تَكُون هِيَ مُعَذَّبَة» (8).
(1)[الأنبياء: 98].
(2)
13/ 419.
(3)
[هذه رواية " صحيح البخاري " أما التي أوردها المؤلف فهي بلفظ مسلم: «كَذَلِكَ يَجْمَعُ اللهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ، فَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ، وَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ الْقَمَرَ، وَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ الطَّوَاغِيتَ» " صحيح مسلم "، 1/ 163، حديث رقم 182، ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت].
(4)
[هود: 98].
(5)
[البقرة: 24].
(6)
" تأويل مختلف الحديث ": ص 102.
(7)
[عزا المؤلف هذه القولة لـ " فتح الباري " وإنما هي للشيخ محمد محمد أبو شهبة حين نقل عنه من كتابه. انظر " دفاع عن السُنَّة ": ص 145، ولا وجود لها في " فتح الباري "].
(8)
" فتح الباري ": 6/ 214.ىىىى
فَإِنْ قيل: «وكيف يؤتى بالشمس والقمر ويكوران ويلقيان في النار والنار تضيق بالقمر فضلا عن الشمس، وهذا أمر يعلمه أهل الفلك وغيرهم؟
قلنا: إِنَّ ذلك سيكون يوم القيامة، وأحوال يوم القيامة لا تقاس على أحوال الدنيا، فستبدل الأرض غير الأرض والسماوات، وسيتغير نظام العالم الذي هو عليه اليوم، وشواهد ذلك من القرآن [أكثر من أن تحصى](1)».
هذا لا يشكك فيه موحد، وأما المحلدون فللحديث معهم طريق آخر وأسلوب مغاير.
وبهذا ترى أنَّ الحديث صحيح ومزاعم أبي رية ذهبت هباءً منثورًا {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} (2).
(1)[انظر " دفاع عن السُنَّة " للشيخ محمد محمد أبو شهبة: ص 145].
(2)
[الأنبياء: 18] .....