الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السادس:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ مُوسَى لَطَمَ عَيْنَ مَلَكَ الْمَوْتِ فَأَعْوَرَهُ» (1).
النقد:
قال بعض أهل الإلحاد: «فَإِنْ كَانَ يَجُوزُ عَلَى مَلَكِ الْمَوْتِ الْعَوَرُ، جَازَ عَلَيْهِ الْعَمَى.
وَلَعَلَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ عليه السلام قَدْ لَطَمَ الأُخْرَى فَأَعْمَاهُ؛ لأَنَّ عِيسَى عليه السلام، كَانَ أَشَدَّ لِلْمَوْتِ كَرَاهِيَةً مِنْ مُوسَى عليه السلام، وَكَانَ يَقُولُ:" اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ صَارِفًا هَذِهِ الْكَأْسَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، فَاصْرِفْهَا عَنِّي "» (2).
أما أبو رية فقد قال عن الحديث: «إنَّ رائحة الإسرائيلية لتفوح من هذا الحديث» .
(2)
انظر " تأويل مختلف الحديث ": ص 276 و " مشكل الحديث وبيانه " لابن فورك: ص 333.
الرد:
هذا الحديث صحيح سندًا ومَتْنًا كما رأيت، اتفق عليه الشيخان.
إنَّ الله تعالى قد جعل الملائكة من الاستطاعة، أَنْ تتمثل في صور مختلفة وقد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام في صورة دحية الكلبي وفي صورة أعرابي، وقال تعالى:{فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} (1).
فإن قال قائل: كيف ساغ لنبي أَنْ يلطم عين ملك الموت؟
فإن قال قائل: كيف ساغ لنبي أنْ يلطم عين ملك الموت وإنْ كان على صورة أخرى؟
قيل لقد قال بعض أصحابنا فيه: إنما ينتقل فيه هذه الأمثلة تخيلات وأنَّ اللطمة أذهبت العين التي هي تخيل وليست بحقيقة.
ومنهم من قال: إنَّ معنى قوله: لطم موسى عليه السلام عين ملك الموت (هو) توسع في الكلام وهو نحو ما يحكى عن عَلِيٍّ رضي الله عنه أنه قال:
[وقال: الإمام أبو بكر بن فورك (3)]: «وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إَِِّن مَعْنَى قَوْلِهِ لَطَمَ مُوسَى عليه السلام عَيْنَ مَلَكَ المَوْتِ تَوَسَّعَ فِي الكَلَام وَهُوَ نَحْوَ مَا يُحْكَى عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنه قَالَ: " أَنَا فَقَأْتُ عَيْنَ الْفِتْنَة " يُرِيدُ بِذَلِكَ إِلْزَامَ مُوسَى مَلَكَ المَوْتِ الحُجَّةَ حِينَ رَادَهُ فِي قَبْضِ رُوحِهِ حسب مَا رُوِيَ فِي الْخَبَر» .
وخلاصة ما أجيب على اعترضات هذا الحديث
(1)[مريم: 17]
(2)
" مشكل الحديث " لابن فورك: ص 334.
(3)
[انظر " مشكل الحديث " لابن فورك، المحقق: موسى محمد علي، ص 314، الطبعة: الثانية، 1985 م، نشر عالم الكتب - بيروت].
1 -
أنه لا يمتنع أنْ يكون موسى عليه السلام قد أذن الله له في تلك اللطمة ويكون ذلك امتحانًا للملطوم.
2 -
أنَّ ذلك على المجاز، وأنَّ المراد أنَّ موسى عليه السلام ناظره فغلبه بالحُجَّة، وهذا بعيد عن ظاهر الحديث.
3 -
أنَّ موسى عليه السلام لم يعلم أنه ملك الموت وظن أنه رجل قصده يريد نفسه مدافعة عنها، فأدت المدافعة إلى فَقْءِ عينه، لا أنه قصدها بِالفَقْءِ (1).
وقد رَجَّحَ ابن قتيبة القول بالمجاز، مهما كان الأمر فلا سبيل هناك إلى الطعن في الحديث (2).
(1) انظر " مشكل الحديث ": ص 333 - 335.
(2)
" تأويل مختلف الحديث ": ص 278.