الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: شُبُهَات فرقة أهل القرآن:
وأما شُبُهَات أهل القرآن فنوجزها فيما يلي مقترنة بالرد عليها.
الشُبْهَةُ الأُُولََى:
قالوا حسبنا كتاب الله لأنه تكفَّل بذكر الأمور الدينية كلها بالشرح والتفصيل، فلم يبق للمسلمين حاجة إلى السُنَّة كمصدر للتشريع وأخذ الأحكام منها. يقول عبد الله جكرالوي:«إنَّ الكتاب المجيد ذكر كل شيء يحتاج إليه في الدين مفصلاً ومشروحاً من كل وجه، فما الداعي إلى الوحي الخفي وما الحاجة إلى السُنَّة؟» (1).
ويقول الحافظ أسلم في المعنى نفسه ما نصه: «قد انحصرت ضروريات الدين في اتباع القرآن المُفصَّل ولا تتعداه» (3).
الرد: لا شك أنَّ القرآن حوى أصول الدين وقواعد الأحكام العامة ونص على بعض جزئياتها اليسيرة وأما ما يدَّعيه هؤلاء من تنصيصه على كل صغيرة وكبيرة فهو ادِّعاء لا يقره واقع القرآن، فلو كان الأمر كما يقولون فأين عدد الصلوات الخمس المفروضة في اليوم والليلة فضلاً عن عدد الركعات لكل
(1)" فرقة أهل القرآن ": ص 88.
(2)
و (3)" مقام حديث ": ص 143.
فريضة وأين نصاب الإبل والبقر والغنم والذهب والفضة .. بل خول بيان هذه الجزئيات إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلو كان القرآن مشتملاً على كل التفاصيل والجزئيات التي يحتاج إليها في الدين - كما يزعم هؤلاء - لما أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بتبيينه للناس ولما أمر المسلمين بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم بامتثال ما يأمرهم واجتناب ما ينهاهم عنه. وفي هذا المقام يقول الدكتور السباعي (*): «بحق إن الله لم ينص في الكتاب على كل جزئية من جزئيات الشريعة وإنما بَيَّنَ أصول الشريعة ومصادرها وقواعدها ومبادئها العامة. ومن الأصول التي بَيَّنَهَا العمل بِسُنَّةِ الرسول صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (1).
ولعل الذي أوقعهم في فهمهمه الخاطئ لقوله تعالى: {وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ} (2).
ففهموا من التفصيل القرآني ما يفهمون منه من لغتهم الأوردية فالتفصيل والتفصيلات في الأوردية يأتي بمعنى (تعيين الجزئيات) غير أنَّ مادة (ف - ص - ل) لم ترد بهذا المعنى في لغة الضاد وإنما معناها الإبانة والتنحية والتوضيح لأنَّ التفصيل ضد الإجمال» (3).
قال الراغب: «الفصل: إبانة أحد الشيئين عن الآخر» (4) فإحلال التفصيل الأوردي مكان التفصيل العربي هو أساس الخطأ الذي وقعوا فيه.
(*) لم أجد هذا القول في كتاب " السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي " للدكتور مصطفى السباعي، ولا في كتاب " دفاع عن السُنَّة " للشيخ محمد محمد أبو شهبة [كتب العنوان خطأ " دفاع عن الحديث النبوي " وإنما هو " دفاع عن السُنَّة "].
(1)
[الحشر: 7]، " دفاع عن الحديث النبوي ": ص 102.
(2)
[يوسف: 111].
(3)
" فرقة أهل القرآن ": ص 91.
(4)
" المفردات في غريب القرآن ": ص 381.