الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثامن:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْكَمْأَةُ مِنْ الْمَنِّ وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ، وَالْعَجْوَةُ مِنْ الْجَنَّةِ وَهِيَ شِفَاءٌ مِنْ السُّمِّ» (1).
النقد:
(1) رواه البخاري في (كتاب الطب): 10/ 163، والترمذي: 6/ 234 في (الطب) أيضًا، وابن ماجه: 2/ 1142، والإمام مسلم عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ [نُفَيْلٍ]:«لِلْعَيْنِ» : 3/ 1619 - 1621، والإمام أحمد في " المسند ":(1/ 178 - 188)، (2/ 301، 305، 325، 356، 357، 421، 488، 490، 511)، (3/ 48) و (5/ 346، 351).
ومعنى الحديث، قال الحافظ: «وَالْكَمْأَة نَبَاتٌ لَا وَرَقَ لَهَا وَلَا سَاقَ، تُوجَدُ فِي الأَرْضِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُزْرَعَ. قِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لاسْتِتَارِهَا، يُقَال كَمَأَ الشَّهَادَة إِذَا كَتَمَهَا. وَمَادَّة الْكَمْأَة مِنْ جَوْهَر أَرْضِيٍّ بُخَارِيٍّ يَحْتَقِنُ نَحْوَ سَطْحِ الأَرْض بِبَرْدِ الشِّتَاءِ وَيُنَمِّيهِ مَطَرُ الرَّبِيعِ فَيَتَوَلَّدُ وَيَنْدَفِعُ [مُتَجَسِّدًا
…
]».
قوله: «مِنْ الْمَنِّ» ذكر فيه ثلاثة أقوال: (أحسنها عند) «وَالْمَنّ مَصْدَر بِمَعْنَى الْمَفْعُول أَيْ مَمْنُون بِهِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ فِيهِ شَائِبَة كَسْبٍ كَانَ مَنًّا مَحْضًا، وَإِنْ كَانَتْ جَمِيع نِعَم اللَّهِ تَعَالَى عَلَى [عَبِِيدِهِ] مَنًّا مِنْهُ عَلَيْهِمْ، لَكِنْ خُصَّ هَذَا بِاسْمِ الْمَنِّ لِكَوْنِهِ لَا صُنْعَ فِيهِ لأَحَدٍ
…
» انظر " فتح الباري ": 10/ 163، 164.
(2)
" ضُحى الإسلام " لأحمد أمين: 2/ 131.
فهل اتَّجهوا في نقد الحديث إلى امتحان الكمأة؟ وهل فيها مادة تشفي العين أو العجوة وهل فيها ترياق؟ نعم إنهم رَوَوْا أنَّ أبا هريرة قال: «أَخَذْتُ ثَلَاثَةَ أَكْمُؤٍ أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا فَعَصَرْتُهُنَّ، [فَجَعَلْتُ مَاءَهُنَّ] فِي قَارُورَةٍ وَكَحَّلْتُ بِهِ جَارِيَةً لِي عَمْشَاءَ، فَبَرَأَتْ» .
ولكن هذا لا يكفي لصحة الحديث فتجربة جزئية نفع فيها شيء مرة لا تكفي منطقيًا لإثبات الشيء في ثبت الأدوية إنما الطريقة التي تجرب بها مرارًا وخير من ذلك أنْ تُحَلَّلَ لتعرف عناصرها، فإذا لم يكن التحليل في ذلك العصر ممكنًا فلتكن التجربة مع الاستقراء، فكان مثل هذا طريقًا لمعرفة صحة الحديث أو وضعه.
الرد:
إنَّ الحديث صحيح ثابت في " الصحيحين " وغيرهما وسنده من ناحية النقد متين ليس في رُواته متهم. ثم إنَّ أبا هريرة جَرَّبَ هذا الحديث فوجده صحيحًا وجَرَّبَهُ غيره كثيرون فوجدوه صحيحًا.
شهادة تاريخية في تأييد الحديث:
--------------------------------
وذكر ابن القيم في " الهدي النبوي "(2) اعترف مشاهير الأطباء
وقال ابن البيطار المالقي في [" مفرداته "]: «ماء الكمأة أصلح الأدوية للعين إذا عجن بماء الإثمد واكتحل به فإنه يقوي الجفن، ويزيد الروح الباصرة حِدَّةً وَقُوَّةً» (1).
«فها أنت ترى أن العلماء لم يقصروا في التجربة [وأَنَّ الأطباء لم يقصروا في البحث]، ومع ذلك فلم يرض مؤلف " [فجر] الإسلام " إلا أن ياتي كل مسلم إلى كمية من الكماة، ثم يعصرها ويقطر عينيه بمائها، [فإن أصابهم العمى جميعاً كان الحديث مكذوبا وإلا كان صحيحاً] .. ونحن نسأله؟ إن أبا هريرة والنووي والأطباء قديماً جَرَّبُوا الكمأة فوجدوها نافعة للعين، فهل قام هو بمثل هذه التجربة فأصابه مكروه؟ وهل استقرأ هو جميع جزئيات الكمأة على اختلاف أنواعها فوجدها تخالف الحديث؟ (2). إنه ليس شيء من ذلك إلَاّ المكابرة والزيغ والانحراف؟ ولا حول ولا قوة إلَاّ بالله.
(1)" السُنَّة ومكانتها في التشريع الإسلامي " للدكتور مصطفى السباعي: ص 286.
(2)
[بهذه الصيغة ورد النص نقلاً عن " السُنَّة ومكانتها في التشريع الإسلامي " للدكتور مصطفى السباعي: ص 286. الطبعة الثالثة - بيروت: 1402 هـ - 1982 م، المكتب الإسلامي: دمشق - سوريا، بيروت - لبنان].ُُ