الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السابع:
7 -
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» (1).
النقد:
هذا الحديث من الأحاديث التي تعرضت لنقد الدكتور أبي شادي في كتابه " ثورة الإسلام ": ص 45، يقول:«وما هي إلَاّ أمثلة قليلة من كثير من صحف ينسب إلى صاحب أعظم شريعة عقلية شريعة عقلية قضت على الخرافات والأباطيل في عصرها ووضعت الأسس لتقدم البشرية المتواصل» .
الرد:
هذا الكلام الذي يسرده المؤلف جزافًا يدل على جهله المركب بأصول الإسلام وتشريعه وأحكامه، والغريب أنه يعترف بأنَّ محمدًا صلى الله عليه وسلم صاحب أعظم شريعة عقلية قضت على الخرافات والأباطيل، وما وجه
(1) رواه البخاري في (كتاب الجنائز): 3/ 151 وفي لفظ له «فِي قَبْرِهِ» وفي (المغازي). وأخرجه مسلم في (الجنائز): 2/ 638، 639 بلفظين (بِبُكَاءِ أَهْلِِهِ عَلَيْهِ) و (بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ). وأبو داود في (الجنائز): 3/ 494. وأخرجه الترمذي: 4/ 82 وابن ماجه: 1/ 508 والإمام أحمد في " المسند ": (1/ 26، 36، 41، 42، 50، 51، 54)، (2/ 61)، (4/ 245، 252، 255، 437)، (6/ 381) ورواه الحاكم: 1/ 381، 382.
الإنكار؟ إنَّ الخطب أعظم من هذا أنَّ المؤلف لا يؤمن بحياة أخرى للميت بعد موته في قبره، لهذا لم يستسغه عقله وأنه كيف يعذب الميت بفعل غيره وقد انقطع عمله؟
إنَّ المؤلف كثيرًا ما يتغنى بالعقل، وأنَّ الإسلام هو دين العقل وأنَّ محمدًا صلى الله عليه وسلم هو صاحب أعظم شريعة عقلية، يقول في ص 169: «إنَّ الإسلام الكريم يحترم العقل كما يحترم البحث
…
» فإذا كان الإسلام دين العقل فهل العقل يرفض وجود الحياة الأخرى؟
إنَّ وجه الإنكار عنده أنه كيف يعذب الميت بعمل غيره وقد قال الله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلَاّ مَا سَعَى} (1).
والعمومات الأخرى؟
وقال [المباركفوري](*): وذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى تَأْوِيلِ هَذِهِ الأَحَادِيثِ لِمُخَالَفَتِهَا لِلْعُمُومَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ وَإِثْبَاتِهَا لِتَعْذِيبِ مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ وَاخْتَلَفُوا فِي التَّأْوِيلِ فَذَهَبَ جُمْهُورُهُمْ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ إِلَى تَأْوِيلِهَا [بِمَنْ] أَوْصَى بِأَنْ يُبْكَى عَلَيْهِ لأَنَّهُ بِسَبَبِهِ وَمَنْسُوبٌ إِلَيْهِ قَالُوا: وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ كَمَا قَالَ طَرَفَةُ بْنُ الْعَبْدِ.
إِذَا مُتُّ فَابْكِينِي بِمَا أَنَا أَهْلُهُ *
…
*
…
* وَشُقِّي عَلَيَّ الْجَيْبَ يَا أُمَّ مَعْبَدِ
(1)[النجم: 39].
(2)
" فتح الباري ": 3/ 153 وذكر عدة تأويلات.
(*)[هي قولة المباركفوري لا النووي، انظر " تحفة الأحوذي ": 4/ 72 طبعة دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان].
قال ابن المبارك: «أَرْجُو إِنْ كَانَ يَنْهَاهُمْ فِي حَيَاتِهِمْ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ» (1).
هذا هو مذهب الجمهور وأنه لا بُدَّ من تأويل للجمع بين الحديث والعمومات الأخرى، وهذا مذهب صحيح أخذ به الجماهير وبه يمكن الأخذ بجميع الأدلة، ولكن إذا كابر أحد هذا المذهب قائلا إنه لا يقبل التأويل فإننا نقول له:«إن الميت يؤذيه من عمل أهله أشياء محظورة اقترفوها، كما يسوؤه ويحزنه أنْ ينوح عليه أحد من أهله، والإساءة والحزن عذاب» وهذا غير محتاج إلى تأويل. اهـ. والله أعلم.