الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث التاسع:
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قََالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَاّ كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ انتََقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ» فَقِيلَ لابْنِ عُمَرَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَزِيدُ فِي الرِّوَايَةِ «أَوْ كَلْبَ زَرْعٍ» فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «إِنَّ لأَبِي هُرَيْرَةَ زَرْعًا» (1).
النقد:
قال صاحب " ضُحَى الإسلام " بعد ذلك: «وهذا نقد من ابن عمر لطيف في الباعث النفسي، يريد أن ابن عمر يتهم أبا هريرة بزيادة (أَوْ كَلْبَ زَرْعٍ) في لفظ الحديث لأنه كان صاحب زرع فزادها تبريراً لاتخاذه الكلب لزرعه» (2).
الرد: إنْ كان المؤلف يريد الطعن في أبي هريرة، فإنَّ أبا هريرة لم ينفرد بهذه الزيادة، بل إنَّ بعض الصحابة قد وافق أبا هريرة على روايته تلك الزيادة وأَنَّ غيره سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا في شواهد الحديث.
(1) رواه البخاري: 5/ 6 و 9/ 608 بألفاظ مختلفة. ومسلم: 3/ 1200 والنسائي: 7/ 189 وابن ماجه: 3/ 1069 حديث رقم 3204 من غير زيادة ابن عمر وله شاهد عن أبي هريرة عن البخاري: 5/ 5 وشاهد عند مسلم: 3/ 1202.
(2)
" ضُحَى الإسلام ": 1/ 131، 132.
أما الطعنة التي استنتجها المؤلف من قول ابن عمر والذي عَبَّرَ عنها بقوله: «وهذا نقد من ابن عمر لطيف
…
» فقد تعرض الشُرَّاحُ لها وَبََيَّنُوا مُرَادَ ابن عمر من مقالته.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: «فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ إبَاحَةُ اتِّخَاذِ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ وَكَذَلِكَ لِلزَّرْعِ لأَنَّهَا زِيَادَةُ حَافِظٍ» ، زيادة الثقة مقبولة كما هو مقرر في أصول الحديث إذا كان هذا في غير الصحابة فما ظنك بالصحابة وهم عُدُولٌ عُدُولٌ عُدُولٌ.
قال النووي عند قول ابن عمر: «[قَالَ الْعُلَمَاءُ]: لَيْسَ هَذَا تَوْهِينًا لِرِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا شَكًّا فِيهَا بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ صَاحِبَ زَرْعٍ وَحَرْثٍ اعْتَنَى بِذَلِكَ وَحَفِظَهُ وَأَتْقَنَه
…
وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ هَذِهِ الزِّيَادَةَ [وهى اتخاذه للزرع] من رواية بن الْمُغَفَّلِ وَمِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ
…
ومن رواية بن الْحَكَمِ [وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ البجلى] عن ابن عمر
…
وَلَوِ انْفَرَدَ بِهَا لَكَانَتْ مَقْبُولَةً مَرْضِيَّةً مُكَرَّمَةً» (2) كيف وقد وافقه غيره.
ومن هنا تعرف الحقيقة الصحيحة، وأَنَّ ابن عمر لم يُكَذِّبْ أبا هريرة، وكيف يُكَذِّبُهُ وقد سبق أنه اعترف أَنَّ أبا هريرة كان أحفظهم لحديث رسول اللهُُ صلى الله عليه وسلم.
(1)" فتح الباري " لابن حجر العسقلاني: 5/ 6.
(2)
انظر " شرح مسلم للنووي ": 6/ 555 و " تحفة الأحوذي ": 5/ 66.
ومن هنا تعرف عدم أمانة مؤلف " فجر الإسلام " التي أبت عليه أَنْ يُبَيِّنَ الباعث الحقيقي لهذه الزيادة والعجيب أنه يرشدنا إلى النووي، وهل في كلام النووي - المَارِّ آنِفًا - رائحة التكذيب من ابن عمر لأبي هريرة؟ إنه ليس في شيء من ذلك إلَاّ الخيانة العلمية واتباع أهواء المستشرقين الحاقدين على الإسلام وأهله، نسأل الله السلامة.