الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد تزعم حركة أهل القرآن في بداية الأمر شخصيتان «محب الحق عظيم آبادي» (1) في بهار - شرقي الهند - و «عبد الله الجكرالوي» في لاهور في آن واحد. غير أنَّ الأول لم يخالف المسلمين في الأعمال الظاهرة بل كان متمثلاً لها كأي فرد من المسلمين باستنباط ذلك من القرآن الكريم دون اللجوء إلى السُنَّة الشريفة (2) مع ما سجله من المخالفات الظاهرة كإنكاره وجود منصب الإمامة في الإسلام لعدم ذكر القرآن له وغير ذلك.
وأما عبد الله فقد خالف المسلمين منذ اللحظة الأولى ابتداء من ثاني أركان الإسلام إلى أنْ أدى به المقام إلى تشكيل فرقة جديدة باسم (أهل الذكر والقرآن).
أسباب نشأة أهل القرآن:
كانت المصادر التي بحثت عن نشأة أهل القرآن وخروجهم إلى حَيِّز الوجود تتفق على أنهم الثمرة الطبيعية للحركة التي بذر بذورها أعضاء حركة السيد أحمد خان (3) وقد تحدث عن ذلك الشيخ ثناء الله ما نصه «ما أشأم ذلك اليوم
(1) هو الحافظ السيد محب الله ولد في آخر السبعينات من القرن التاسع عشر وكان حنفي المسلك في أول الأمر ثم تحول عنه وأصبح عضوًا غير بارز في زمرة أهل القرآن وله مؤلفات عديدة: [1] دعوة الحق، [2] شرعة الإسلام، [3] منهاج الحق، [4] بلاغ الحق. وقد صَنَّفَ كتابه الأول والثاني قبل الانضمام إلى أهل القرآن، والثالث أثناء تذبذبه والأخير فيه التصريح بعدم أخذ السُنَّة في الدين، توفي في أواخر الخمسينات من القرن العشرين.
(2)
" انكار حديث ايك فتنة ايك شازش ": ص 179 للبروفسور محمد فرمان.
(3)
انظر " نصرة الحديث ": ص 2 للشيخ حبيب الرحمن الأعظمي و " سنت کي اءيني حيثيت " لأبي الأعلى المودودي: ص 16 و " فرقة أهل القرآن بباكستان وموقف الإسلام منها ": ص 4. رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير من الشيخ خادم حسين إلهي بخش في جامعة الملك عبد العزيز سَنَةَ 1400 هـ.
الذي خرج فيه صوت عليكره (1) المخالف لجميع الأمة الإسلامية الداعي إلى الاعتماد على القرآن وحده في الدين أو السُنَّة لا تكون دليلاً شرعيًا، فأثر هذا الصوت على الحافظ محب الحق العظيم آبادي في " بتنة " بالهند كما أثر على عبد الله جكرالوي في لاهور بباكستان أعظم تأثير» (2).
2 -
أصابت المسلمين بجمود ثقافي واجتماعي وجهل الكثيرين منهم بأمور دينهم مما نتج عنه فقدان العلم الصحيح بين الأوساط الإسلامية.
3 -
استغلال الدولة المستعمرة تربية بعض الأفراد المنحرفين ممن تسموا بالمسلمين مباشرة أو بالوساطة وشحن أفكارهم لصالحها ولو على حساب الدين، مما تضمن بهم الولاء على المسلمين وكان على رأس هؤلاء غلام أحمد القادياني وعبد الله جكرالوي وأتباعهما.
4 -
اغترار بعض الفئات بالنظريات العلمية الأوروبية المنتشرة خلال النصف الأول من القرن العشرين وتفسير الحقائق الإسلامية على ضوء تلك النظريات والتوفيق بينها وبين الإسلام، وقد ترأس أتباع سيد أحمد خان إيجاد
(1) المراد به حركة السيد أحمد خان الممثلة في دعوة المسلمين إلى تقليد المستعمرين في كل أمور الدنيا والدين وأنَّ هذا هو طريق التقدم والرقي والحضارة وأنَّ المسلمين إذا ما أرادوا أنْ يلحقوا بركب الحضارة فعليهم أنْ يُقَلِّدُوا الإنجليز في كل شيء. على هذا الأساس قامت حركة السيد أحمد خان فقد أنكرت ما تنكره الثقافة الغربية ولو كان دينًا وأثبتت ما تثبته ولو كان مخالفًا للدين ولإجماع المسلمين.
يقول الشيخ أبو الحسن الندوي: «أما القيادة الثانية التي تزعَّمها السيد أحمد خان على أساس تقليد الحضارة الغربية وأُسُسِهَا المادية واقتباس العلوم العصرية بحذافيرها، على علاتها وتفسير الإسلام والقرآن تفسيرًا يطابق ما وصلت إليه المدنية والمعلومات الحديثة في آخر القرن بما لا يثبته الحس والتجربة ولا تقرره علوم الطبيعة في بادئ النظر من الحقائق الغيبية وأمور ما بعد الطبيعة» انظر " الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية ": ص 71. أما رأيه في السُنَّة فسيأتي في ص 85.
(2)
" فرقة أهل القرآن ": ص 77.
هذا الانسجام، ثم تبعهم أهل القرآن في هذا المسلك لوجود الصلة الروحية بين الفريقين (1).
5 -
ولعل السبب المباشر لنشأة أهل القرآن هو شعورهم بضرورة وحدة الصف الإسلامي والخلاص من الفرق المتعددة (على حد زعمهم) من الحنفية والشافعية والمالكية .. وجميع المسلمين تحت راية واحدة، لكنهم ضلوا الطريق لجهلهم بالإسلام وأسس الحكمة (2).
ومهما تعددت أسباب نشأتهم إلَاّ أنَّ في طبيعة هذه الأسباب إنما هو الزيغ والإلحاد والضلال وحب الشهرة والرئاسة والحصول على المكانة المرموقة عند المستعمر وكسب المكاسب المادية منه.
(1) كنظرية الارتقاء في خلق آدم ووجود الجنس البشري وتأويل الآيات القرآنية على ضوء هذه النظرية. انظر " إبليس وآدم " للبرويز: ص 6 - 35. نقلاً عن " فرقة أهل القرآن وموقف الإسلام منها ": ص 7.
(2)
" فرقة أهل القرآن وموقف الإسلام منها ": ص 7.