الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النبي صلى الله عليه وسلم منع من كتابتها وأمر أنْ يُمْحَى ما كتب منها فكيف تكون حُجَّةً؟ (1).
الرد:
وأجيب على هذا: بأنَّ عدم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابتها ونهيه عن ذلك كما ورد لا يدل على حُجِيَّتِهَا لأنَّ المصلحة حينئذٍ كانت تقتضي تضافر كُتَّابَ الصحابة - نظرًا لِقِلَّتِهِمْ - على كتابة القرآن وتدوينه، ولئلَاّ يختلط شيء من السُنَّة بالقرآن.
والنهي الوارد إنما كان عن كتابة الحديث وتدوينه رسميًا كالقرآن، وأما أنْ يكتب الكاتب لنفسه فقد ثبت وقوعه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بل تواتر كما سنذكره إنْ شاء الله.
وليست الحُجِيَّةُ مقصورة على الكتابة حتى يقال: لو كانت حُجِيَّةُ السُنَّةِ مقصورة على النبي عليه الصلاة والسلام لأمر بكتابتها فإنَّ الحُجِيَّة تثبت بأشياء كثيرة منها التواتر ومنها ما نقل العدول الثقات ومنها الكتابة، والقرآن نفسه لم يكن جمعه في عهد أبي بكر بناء على الرقاع المكتوبة فحسب بل لم يكتفوا بالكتابة حتى تواتر حفظ الصحابة لكل آية منه. وليس النقل عن طريق الحفظ بأقل صحة وضبطًا من الكتابة خصوصًا من قوم كالعرب عرفوا بقوة الحافظة وأتوا من ذلك بالعجائب، فقد كان الرجل منهم يحفظ القصيدة كلها من مرة واحدة كما ثبت عن ابن عباس أنه حفظ قصيدة لعمر بن أبي ربيعة في جلسة واحدة (2).
الشُبْهَةُ الرَابِعَةُ:
قالوا: يجب أنْ يكون الدين قَطْعِيًّا وفي الأخذ بالسُنَّةِ لا يبقى كذلك.
(1) و (2)" السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ": ص 158.
والآيات تدل على قطعية القرآن وتنفي عنه الريب: {الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} (1).
{وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ} (2).
وقالوا: إنكم تزعمون أنَّ الحديث إما متواتر وإما آحاد، والمتواتر لا يتجاوز بضعة أحاديث أما البقية فكلها من الآحاد وهي ظنية حسب قولكم، فإذا كان الدين هو مجموع ما في الكتاب والسُنَّة كان بهذا الاعتبار ظنيًا إذ مجموع القطعي والظني ظني والقرآن الكريم يُنَدِّدُ بمن يتبع الظن، قال تعالى:{وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} (3).
وقال سبحانه: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (4).
وبما أنَّ الأحاديث ظنية لذلك لا يمكن الاعتماد عليها ويبقى الدين هو القرآن وحده (5).
الرد:
وللجواب على هذا نقول: إنها مِمَّا لا ريب فيه أنَّ القرآن الكريم قطعي الثبوت ولكنه ليس قطعي الدلالة في كل المواضع فمن يرجح أحد معانيه لا يستطيع أنْ يقطع بأنَّ هذه الدلالة قطعية وما سواها باطل، بل هو يعتقد بظنية دلالته فرجح الأمر إلى اتِّباع ما هو ظني الدلالة (6).
(1)[البقرة: 2].
(2)
[فاطر: 31].
(3)
[يونس: 36].
(4)
[الإسراء: 36].
(5)
استدل به كل من رَدَّ الأخبار وتوفيق صدقي. المنار: 9/ 912 و " جماعة القرآن "
(6)
" دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه ": ص 34.