الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان هذا آخر الأمرين من كتابة أقواله عليه السلام (1).
وأما ما زعمه من أنَّ تدوين أقوال الأنبياء كان سببًا لضلال الأمم السابقة وقياس هذه الأمة عليها فهو أمر مرفوض يحمل في طياته الغش والتمويه لأنَّ هناك فرقًا أساسيًا بين ما دُوِّنَ من أقوال الأنبياء السابقين وبين ما دُوِّنَ من سُنَّتِهِ صلى الله عليه وسلم فأقوال السابقين لم تُدَوَّنْ بالسند وتسلسل الرُواة في نقلها حتى عهد التدوين في الكتب فضلاً عن معرفة سيرة هؤلاء الناقلين بينما أقوال سيدنا ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام نقلت بالتسلسل جيلاً بعد جيل وامتازت الأُمَّةُ المحمدية بميزة الإسناد التي لم تمتاز بها أُمَّةٌ قبلها ثم عرضت سير الناقلين على أصول معتمدة لقبول السُنَّة واعترف بهذا الواقع أعداء الإسلام وخصومه.
يقول الدكتور شبرنجر مشيرًا إلى العناية الإسلامية بعلم الرجال: «اختص المسلمون بتسجيل خمسمائة ألف شخص من قدمائهم وضبط سيرتهم وأحوالهم في تاريخهم المعتمد القويم» (2).
الشُبْهَةُ الخَامِسَةُ:
ويشر ح صاحب " تبليغ القرآن " هذه الشُبْهَة بقوله: «لقد كانت إرشاداته صلى الله عليه وسلم تصدر وفق ظروف أصحابه ولو كنا موجودين في تلك
(1) انظر " السُنَّة الإسلامية " للدكتور رؤوف شلبي: ص 37.
(2)
" مقام حديث ": ص 130.
(3)
" فرقة أهل القرآن ": ص 107. قاله الخواجه [أحمد دين الأمرتسري].
الآونة لوجب علينا اتباع أقواله وإرشاداته عليه السلام
…
كما أنَّ خطاب القرآن عام عندنا غير أنَّ المخاطبين بالأحاديث أمَّة خاصة وهم العرب» (1).
الرد:
هذه دعوى جديدة لا أصل لها إلَاّ خيال كاتبها وإلَاّ فمن أين لهم أَنَّ طاعته عليه السلام كانت مُقَيَّدَةً بزمنه، أليس الله قد أرسل رسوله للناس كافة:{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (2).
مع أنَّ العديد من آيات القرآن فيها خطاب خاص لمشركي العرب الذين أقاموا الحواجز في طريق الدعوة فأصدر أحكامًا في أولئك الصادين حسب مسلكهم الخاص ولا تنحصر تلك الأحكام بإجماع في أولئك الأفراد بل تتجاوز إلى من يماثلهم في تصرفاتهم العوجاء. فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. كما هو معروف في الأصول.
فإذا كان حكم آيات القرآن لا يختص بزمن ولا بأشخاص معدودين فكذلك السُنَّة إذ لا فرق بين أحكام الكتاب وأحكام السُنَّة لصدورها من مصدر واحد، لذا كان الإيمان بمحمد رسول الله هو الحد الفاصل بين الإيمان والكفر، ثم ما هو الدليل على هذا التفريق بين القرآن والسُنَّة حتى صار خطاب القرآن عامًا وخطاب السُنَّة خاصًا بأُمَّة العرب؟.
ولو كانت سُنَّتُهُ عليه السلام خاصة بأولئك الأفراد ففيم يكون تصديقه بعد وفاته وفيم يكون اتِّبَاعَهُ لجلب المحبة الربانية المنصوص عليها في قوله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (3)[آل عمران: 31]
(1)" فرقة أهل القرآن ": ص 107.
(2)
[الأعراف: 158].
(3)
[آل عمران: 31].