الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سوق صحار:
بلد من أعمر بلاد العرب وأغناها وأطفحها بالمتاجر، جاء في "مسالك الممالك" للإصطخري عند الكلام على عمان:"وقصبتها صحار، وهي على البحر وبها متاجر البحر وقصد المراكب. وهي أعمر مدينة بعمان وأكثرها مالا ولا تكاد تعرف على شاطئ بحر فارس بجميع بلاد الإسلام مدينة أكثر عمارة ومالا من صحار، وبها مدن كثيرة، وبلغني أن حدود أعمالها "300" فرسخ وكان الغالب عليها الشراة".
وياقوت وصفها لنا -كما شاهدها- وصفا أسهب، وأدل على مكانتها التجارية الكبرى فقال:
"صحار قصبة عمان مما يلي الجبل "وتؤام: قصبتها مما يلي الساحل"، مدينة طيبة الهواء والخيرات والفواكه، مبنية بالآجر والساج، كبيرة ليس في تلك النواحي مثلها. وليس على بحر الصين "يريد فرض الجزيرة التي على بحر الهند" بلد أجل منه، عامر آهل، حسن طيب نزه، ذو يسار وتجار وفواكه، أجل من زبيد وصنعاء، وأسواق
عجيبة وبلدة ظريفة ممتدة على البحر، دورهم من الآجر والساج، شاهقة نفيسة، ولهم آبار عذبة وقناة حلوة، وهم في سعة من كل شيء. وهو دهليز الصين وخزانة الشرق والعراق ومعونة اليمن. والمصلى وسط النخيل ومسجد صحار على نصف فرسخ. فتحها المسلمون أيام أبي بكر سنة "12" صلحا".
ونستطيع أن نفهم من هذا الوصف -وإن كان لعهد ياقوت- مدى الشأن التجاري الذي كانت تتمتع به صحار1 في الجاهلية أيضا. فقد كان بها تجارات واسعة تجلب إلى مختلف أقطار الجزيرة العربية، وجاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كُفن بثوبين صحاريين.
تقيم العرب السوق العامة في صحار من عاشر رجب إلى الخامس عشر منه بعد انفضاض سوق حباشة. والظاهر أنها تمتد إلى ما بعد الخامس عشر من رجب، فإن من لم يشهد الأسواق التي كانت قبلها لشغله عنها أو لأنه لا أرب له فيما يباع بما قبلها من الأسواق، يوافيها فيجد فيها من البئر المنشور وغيره من البياعات. وذكر المرزوقي2:
1 في فهرس الأماكن لكتاب "صفة جزيرة العرب": "صحار في اليمن" و"صحار في البحرين" فهما صحاران إذن، إلا أن المشهورة هي صحار اليمن وهي التي نتكلم عليها هنا.
2 الأزمنة والأمكنة 2/ 163.
"أنهم يقيمونها لعشرين يوما من رجب". ولا يناقض هذا ما قدمناه؛ لأن افتتاح السوق وانفضاضها لم يكن بساعة محتمة لا تقدم عنها ولا تؤخر، بل إن من العرب من لا يكون حضر ما قبلها فيأتيها من أول رجب1، ومنهم من يكون في حباشة أو غيرها فيوافيها متأخرا. وتبقى البيوع قائمة حتى ينتهي أصحابها منها.
وليست صحار من الأسواق العامة ولا من المواسم مثل عكاظ حتى يحرصوا عليها ذلك الحرص، وإنما هي سوق تجارية محضة لما حولها ولمن يقصدها، على أنها كثيرا ما يأتيها التاجر البعيد.
وقيام هذه السوق في رجب يغني قاصدها عن الحماية، فيقدمها الناس غالبا بلا خفارة ولا حذر إلا من المحلين "لأن رجبا شهر حرام، فهي من هذه الجهة تمتاز من الأسواق التي تقوم في غير الشهر الحرام مثل سوق المشقر وغيرها.
يعشر الناس في هذه السوق الجلندى بن المستكبر2، وذكر الأزرقي أن بيعهم فيها بإلقاء الحجارة على ما تقدم في فصل البيوع، كما هو الأمر في سوق دومة الجندل.
1 نص صاحب المحبر "ص265" على أن زمنها في الليالي الخمس من أول رجب.
2 المحبر ص265.