الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سوق مجنة:
مجنة موضع "وقيل: بلد" قرب مكة على أميال منها، تقع بمر الظهران، قرب جبل يقال له: الأسفل، وهو بأسفل مكة على قدر بريد منها، ميمها بالفتح وتكسر1. والظاهر أنها من المواطن التي لا ينساها أهل مكة لبعض جمال فيها، ولأنها ذات مياه، فقد جاء في في كتب السيرة: أن بلالا لما هاجر إلى المدينة وأصيب بالحمى، تشوق إلى مكة ومواطنها وتغنى بقوله:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة
…
بفخ وحولي إذخر وجليل
وهل أردن يوما مياه مجنة
…
وهل يبدون لي شامة وطفيل2
1 لهم في اشتقاقها أكثر من مذهب؛ فقد جاء في تاج العروس أن المجنة: الكثيرة الجن، وفي الصحاح: أرض مجنة: ذات جن. قال ابن جني: "يحتمل مجنة وزنين، أحدهما أن يكون مَفْعَلة من الجنون كأنها سميت بذلك لشيء يتصل بالجن أو بالجنة أعني البستان أو ما هو سبيله، والآخر أن يكون فَعَلَّة من مجن يمجُن كأنها سميت بذلك؛ لأن ضربا من المجون كان بها. هذا ما توجبه صنعة علم العربية، فأما لأي الأمرين وقعت التسمية فذلك أمر طريقه الخبر".
2 أخبار مكة للأزرقي ص131. الإذخر والجليل: نبتان. وشامة وطفيل: جبلان مشرفان على مجنة.
هذه السوق لكنانة وأرضها من أرض كنانة، تقوم في العشر الأخير من ذي القعدة1 ويقصدها العرب بقضّهم وقضيضهم بعد أن تنفضّ سوق عكاظ، يتممون فيها ما قصدوا له من تجارة وفداء وتفاخر و
…
على شبه التفصيل المتقدم في عكاظ، ويجلب إليها ما يجلب إلى تلك من متاع وعروض. ولم تكن الخمر لتقل فيها شأنا عن بقية الأسواق، فقد كانت تحمل إليها من معادنها من الشام، ومن بصرى وغزة حتى صار يشيد بذكرها الشعراء. قال أبو ذؤيب الهذلي:
سلافة راح ضمنتها إداوة
…
مقيَّرة ردف لمؤخرة الرحل
تزوّدها من أهل بصرى وغزة
…
على جسرة مرفوعة الذيل والكفل
فوافى بها عسفان ثم أتى بها
…
"مجنة" تصفو في القلال ولا تغلي2
ومجنة وعكاظ وذو المجاز تستوي في نظر المحرمين من العرب
1 هذا قول جمهرة العلماء، أما ياقوت فمع أنه وافقهم على هذا عند كلامه على "مجنة"، خالفهم وناقض قوله هو نفسه، فقال عند الكلام على عكاظ هذا القول الغريب:"كانت العرب تقيم سوق عكاظ في أول شهر شوال، ثم تنتقل إلى سوق مجنة فتقيم فيه عشرين يوما من ذي القعدة، ثم تنتقل إلى سوق ذي المجاز فتقيم فيه إلى أيام الحج".
2 السلافة: الخمر، وكذا الراح. والإداوة: المطهرة. والمقيرة: المطلية بالقار. الردف: الراكب خلف الراكب وكل ما تبع شيئا فهو ردفه.
والرحل: مركب للبعير. والجَسْرة: الناقة العظيمة الماضية. والكِفْل: مركب للرجال يؤخذ من كساء، فيعقد طرفاه فيلقى مقدمه على الكاهل ومؤخره مما يلي العجز. القلال: جمع قلة، وهي الجرة العظيمة.
وتتمتع منهم جميعا باحترام واحد، حتى إن بعضهم لا يردها إلا محرما.
قال الأزرقي:
"كانت قريش وغيرها من العرب تقول: "لا تحضروا سوق عكاظ ومجنة وذي المجاز إلا محرمين بالحج". وكانوا يعظمون أن يأتوا شيئا من المحارم، أو يعدو بعضهم على بعض في الأشهر الحرم وفي الحرم"1.
ومجنة -وإن قرنت في أغلب الأحيان مع عكاظ وذي المجاز- دون هاتين السوقين شأنا، حتى إن المرزوقي لم يذكرها مستقلة كما ذكر غيرها، بل اكتفى بقوله:"وزاد بعضهم في الأسواق المجنة، وهو قريب من ذي المجاز".
1 أخبار مكة ص132.