المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سوق نطاة خيبر: - أسواق العرب في الجاهلية والإسلام

[سعيد الأفغاني]

الفصل: ‌سوق نطاة خيبر:

‌سوق نطاة خيبر:

خيبر قرية شمالي المدينة، بينها وبين تبوك، وهي عدة حصون لليهود وفيها مياه ومزارع. ونطاة اسم حصن بها واسم عين أيضا، وقيل: هي خيبر نفسها. وحول القرية نخيل كثير يسقى بعين فيها، والبلدة وبئة معروفة في العرب بحمَّاها.

أهلها يهود استوطنوا الحجاز منذ القديم، واشتغلوا بالزراعة والتجارة1.

ونظرا لوقوع هذه القرية على الطريق التجارية الكبرى بين اليمن والشام، أسهم أهلها بتجارة الجزيرة، وكانت إحدى محطات القوافل التجارية في سفرها إلى الشام. ونجح أهلها في متاجرهم حتى أفادوا منها غنى واسعا واستفاضت لهم ثروات طائلة، ونشأت فيهم رءوس الأموال الضخمة، ولا نبعد إذا قلنا: إن خيبر مصرف الجزيرة المالي. ولما فتحها الرسول صلى الله عليه وسلم صالح أهلها على الشطر من الثمر والحب. ويذكر أصحاب السيرة غنائم خيبر وما وجدوا فيها من

1 انظر ص22 وما بعدها في هذا الكتاب.

ص: 356

كنوز، فيذكرون أموالا جمة ودنيا عريضة. بنى اليهود فيها حصونا عديدة جعلوا فيها أموالهم وميرتهم من طعام وحب وثمر. وهم في الجملة أهل بأس وشكيمة، قاوموا كثيرا قبل أن يفتح المسلمون حصونهم، ثم غلبوا على أمرهم فافتتح المسلمون حصن ناعم ثم القموص ثم حصن الصعب بن معاذ وهو أعظم حصونها غناء وأكثرها طعاما وودكا، ثم الوطيح، ثم السلالم، ثم الشق. وكان في الغنائم ذهب كثير وفضة كثيرة، فجعل الصحابة يتبادلونهما حتى نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبتاع الذهب بالذهب والفضة بالفضة. بين تلك الحصون حصن الشق وحصن نطاة وحصن الكتيبة، وكان لكل حصن خازن يخبئ أموال أهله، وكان كنانة بن الربيع عنده كنز بني النضير فلما أسر سئل عنه فأنكر، فاهتدى الفاتحون إليه فوجدوا أموالا طائلة.

اتسعت تجارات اليهود في خيبر وغيرها حتى استطاع الرجل الواحد منهم كأبي رافع الخيبري أن يسيّر قوافل تجارية لحسابه إلى الشام. وهم نشروا في الجزيرة التعامل بالربا كما تقدم في أول الكتاب، وأثروا إثراء ضخما. وكلما مرت عير لقريش أو لطيمة من لطائم النعمان قامت لها سوق في خيبر. وقد جعل المرزوقي زمنها بعد زمن سوق ذي المجاز، أي: بعد أشهر الحج وقبل أن تبتدئ سوق حجر.

ص: 357