المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سوق الشحر: يطلق اسم الشحر على الساحل الجنوبي لجزيرة العرب بين - أسواق العرب في الجاهلية والإسلام

[سعيد الأفغاني]

الفصل: ‌ ‌سوق الشحر: يطلق اسم الشحر على الساحل الجنوبي لجزيرة العرب بين

‌سوق الشحر:

يطلق اسم الشحر على الساحل الجنوبي لجزيرة العرب بين عدن وعمان، والشحر مأخوذ من مشحر الأرض، وهو مسبخ الأرض ومنابت الحموض، وتشتمل على بلاد وأودية وقرى، والمراد بها هنا شحر مهرة وهي قصبتها، وليس فيها زرع ونخيل وإنما أموالهم الإبل "وبها نُجُب من الإبل تفضل في السير سائر النجب"1.

ونظرا لوقوعها في أقصى جنوب الجزيرة على بحر الهند ضربوا بها المثل في البعد، فيقولون:

"لست بمعجز لنا ولو بلغت الشحر"2 واختلاط أهلها بالنازلة من الحبشة والهند وفارس وغيرهم من التجار، مع ما في لسانهم من الفروق بينه وبين لغة الحجاز جعل أهلها غير فصحاء حتى قال الإصطخري:"ألسنتهم مستعجمة جدا، لا يكاد يوقف عليها". وأرضهم في الجملة مقفرة، وعيش أهلها من الأنعام والتجارة والصيد.

اشتهرت منذ القديم بعنبرها الذي لا نظير له، فكل عنبر جيد

1 مسالك الممالك للإصطخري.

2 صفة جزيرة العرب للهمداني ص213.

ص: 266

إليها ينسب. قال الثعالبي في "ثمار القلوب": "عنبر الشحر يضرب به المثل، قال الشاعر:

.....................................

ولو كنت عطرا كنت من عنبر الشحر"

واللبان الذي يحمل إلى الآفاق منها يجلب.

تقوم هذه السوق في النصف من شعبان بعد انفضاض سوق "دبى" ويقصدها من كان ثمة من تجار البر والبحر، والبضاعة الرائجة فيها البز والأدم والكندر والمر والصبر والدخن1.

ولا يسير إليها قاصدها إلا بخفارة لبعدها وانقطاعها، فلا غنى لتجار العرب عن خفارة يتخفرون بها، وكان يقوم أحيانا بهذه الحفارة أهل مهرة أنفسهم.

"ولم يكن بها عشور؛ لأنها ليست بأرض مملكة وكانت التجار تتخفر ببني محارب من مهرة"2 وفي هذه السوق بيوع كالتي تقدمت في سوق دومة الجندل من رمي الحصاة وإلقاء الحجارة2. وموضع هذه السوق -على ما ذكر محمد بن حبيب- تحت ظل الجبل الذي عليه قبر هود عليه السلام2.

1 الكندر: ضرب من العلك نافع لقطع البلغم، والمر: دواء معروف نافع للسعال ولسع العقارب وديدان الأمعاء، والدخن: حب أصفر من حب الجاورس، أملس جدا، بارد يابس، حابس للطبع.

2 المحبر ص266.

ص: 267