المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سوق أذرعات: أذرعات بلد بالشام قرب البلقاء "وهي اليوم تعرف بدرعا" - أسواق العرب في الجاهلية والإسلام

[سعيد الأفغاني]

الفصل: ‌ ‌سوق أذرعات: أذرعات بلد بالشام قرب البلقاء "وهي اليوم تعرف بدرعا"

‌سوق أذرعات:

أذرعات بلد بالشام قرب البلقاء "وهي اليوم تعرف بدرعا" أمرها قريب من أمر بصرى وتليها في الشأن، وعلائق العرب التجارية بها في الجاهلية كعلائقهم ببصرى، واستفاضتها على ألسن شعرائهم تشبه ما لبصرى، من مثل قول امرئ القيس:

تنوّرتها من أذرعات وأهلها

بيثرب أدنى دارها نظر عالي1

وقول الآخر:

وهيجتني من أذرعات وما أرى

بنجد على ذي حاجة طربا بعدا؟

واشتهرت بخمرها في الشعر، فقال أبو ذؤيب الهذلي:

فما إن رحيق سبتها التجا

ر من أذرعات فوادي جدر

وقال:

فما فضلة من أذرعات هوت بها

مذكرة عنس كهادية الضحل1

1 تنور الناس من بعيد: أبصرها.

2 المذكرة: الناقة العظيمة الرأس. والعنس: الناقة الصلبة. والضحل: الماء القليل. وهادية الضحل وأتانه: صخرة على فم الركية ملساء، أو بعضها وبعضها غائر. ديوان الهذليين 1/ 39 "طبعة دار الكتب المصرية".

ص: 372

سلافة راح

إلخ.

وتنسب إليها فيقال: خمر أذرعية.

كان يحكمها في الجاهلية عمال للروم، فلما جاء الإسلام صُولح أهلها ونالوا عهدا لأنفسهم وبلدهم، فلما كانت جيئة عمر إلى الشام استقبلوه. قال عبد الله بن قيس:

كنت ممن لقي عمر مع أبي عبيدة مقدمه الشام، فبينما عمر يسير إذ لقيه المقلسون1 من أهل أذرعات بالسيوف والريحان فقال عمر:"مه، امنعوهم" فقال أبو عبيدة: "يا أمير المؤمنين، هذه سنتهم، وإنك إن منعتهم منها يروا أن في نفسك نقضا لعهدهم" فقال عمر: "دعوهم".

تقوم هذه السوق بعد سوق بصرى بسبعين ليلة2. ويطول أمدها، والغالب أنهم يقيمونها مدى الصيف. وبقيت هذه السوق قائمة بعد الإسلام بكثير، فقد أدركها المرزوقي ووصف طول قيامها بقوله:"وسوق أذرعات اليوم أطولها قياما، وربما لقيت الناس صادرين منها وأنا وارد".

1 التقليس: الضرب بالدُّف والغناء واستقبال الولاة عند قدومهم بأصناف اللهو، وأن يضع الرجل يديه على صدره ويخضع، القاموس.

2 الأزمنة والأمكنة 2/ 170.

ص: 373