الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الاول فى مَاهِيَّةِ الآسِ
الآسُ يقال له: المرْسين. منه بستانىٌّ، ومنه برِّىٌّ. أما البستانى، فهو المعروف المشهور باسم الآس والمرسين وهو نباتٌ له أصولٌ، وساقٌ، وأغصانٌ وأوراقٌ وزهرٌ، وثمر، وله شئٌ يظهر على ساقه، على لون ساقه وعلى هيئة (1) كَفِّ الإنسان، يسمَّى البُنْكُ (2) .
وهذا الآس ينبت فى البساتين، وفى السهل والجبل، ويعظم جداً حتى يصير من الأشجار الكبار، ويشبه أشجار الرُّمَّان، وله زهرٌ أبيضٌ طيب الرائحة وثمرته (3) مستديرة، تكون أولاً خضراء، فإذا كمل نضجها اسودت. وتكون حينئذٍ حلوة الطعم إلى مرارةٍ وعفوصة. وأما طعم الآس نفسه، فهو مركَّبٌ من العفوصة والمرارة، ويسيرٍ جداً من حلاوة. وهذا الطعم، يوجد فى جميع أجزائه (4) ؛ فلذلك، جميع أجزائه متشابهة - أيضاً - فى القوة.
(1) هـ: ما هيئة، ن: ماهبته!
(2)
عند الكلام عن مَرسينُس إيمارُس يقول ابن البيطار: وتفسيره الآس البستانى.. وهو الريحان بلغة أهل الأندلس.. وهو بُنكُه المتكوِّن على ساقه، مُضَرَّس وقيل: كأنه كفٌّ، ولم أره بعد (تفسير كتاب دياسقوريدوس، ص 147) . وفى هامش التحقيق، كتب د. إبراهيم بن مراد: البُنكُ، وهو ترجمة المرطيدانون؛ زائدةٌ تبرز من لحاء الآس والمؤلف - ابن البيطار - ينقل فى تعريفه له، عن ديوسقريدس. (هكذا كُتب الاسم!) .
(3)
:. وثمره.
(4)
:. اجزاه.
وأما الآسُ البرىُّ فينقسم إلى نوعين، أحدهما يسمَّى بدمشق ونواحيها قِفْ وانْظرْ وورقه أعرض كثيراً من ورق الآسِ البستانى وليس له ساق، بل تتَّصل (1) أغصانه كلها بأصوله، وزهرُه فى وسط ورقه، وله ثمرٌ مستديرٌ، إذا نضج (2) صار لونه أحمر، وفى داخله حَبٌّ صَلْبٌ وقضبانٌ عسرة الأرضاض، مملؤةٌ بالورق وطعمه مركَّبٌ من عفوصةٍ ومرارةٍ.
أما النوع الآخر من الآس البرىِّ فهو أصغر ورقاً من الآس البستانى ولا ساق له - أيضاً - وأطراف ورقه حادَّةٌ، ناخسةٌ لما يلقاها، لونه أخضر إلى سوادٍ وغبرة. وكلا (3) هذين النوعين، فإنه لا يزيد طوله على ذراع (4) ، وزهره فى وسط ورقه.
وجميع أنواع الآس فإن خضرتها لا تفارق، وإن جَفَّتْ. ولا يسقط ورقها فى الشتاء، وهذا يدل على أن رطوبة الآس مُبينة، ليست مائية رقيقة، وإلا كانت تتحلَّل بدوام حَرِّ الهواء فى الصيف، وكانت الأوراق تتهيَّأ للسقوط فى الخريف والشتاء.
وجوهرُ الآس مركَّبٌ من أرضيةٍ حارَّةٍ (5) محترقة، بها يكون عَفِصاً. ولابد وأن تكون (6) فيه مائيةٌ، وإلا لم يكن سَبْطاً. ولابد وأن تكون فيه هوائيةٌ، وإلا
(1) ن: يتصل.
(2)
الورقة التالية ساقطة من هـ.
(3)
ن: وجلا.
(4)
ن: رراع.
(5)
ن: حادة.
(6)
ن: يكون.
لم يكن خفيفاً. وامتزاج الآسِ من هذه الأجزاء، ليس بمستحكم، وإلا لم تكن (1) له أفعالٌ شافية، فلم يكن مقبضٌ ومفتِّحٌ معاً، ويكثِّف ويلطِّف معاً.
وهذه الأجزاء فيه مختلفة المقادير، فمائيته ليست بكثيرةٍ (2) جداً، ولذلك إذا اعتُصر كان أكثره ثفلاً. فلذلك الآسُ فيه أجزاءٌ حارَّةٌ وأجزاءٌ باردةٌ، وبردُه أغلب. ولذلك، فإن رائحته ليست بحارَّةٍ، بل إلى نداوةٍ ويبوسة كثيرة، لأجل كثرة الأرضية فيه، خاصةً وبعضها محرَّق، وهو الأرضية المرة. فلذلك الآسُ قريبٌ من الاعتدال فى الحرارة والبرودة، وأميل إلى البرد. وأما فى الرطوبة واليبوسة، فهو مفرطٌ اليبوسة.
وأفضلُ الآسِ ما كان أذكى رائحةً، وكانت خضرته إلى سواد. خاصة الخسروانى المستدير الورق، أى الذى ورقه أقل طولاً، لا سيما الجبلىُّ من أنواعه. وإنما كان ذلك، لأن ذكاء الرائحة يدل على القوة (3) ، ومَيْلُ الورق إلى الاستدارة، فى كل نوع، يدلُّ على قلة المائية؛ ويلزم ذلك أن تكون قوة الآس الجبلىِّ (4) أقوى، والجبلىُّ من كل نوعٍ، أقل مائيةً.
وأفضل الآسِ (5) ما كان أنقى بياضاً، لأن هذا يكون أخلص من الفضول المدرَّة للَّوْن، وما كان من الآس أميل إلى السواد، فثمرته (6) أضعف من ثمرة الذى ليس كذلك.
(1) ن: تكن.
(2)
ن: بكثرة.
(3)
- ن.
(4)
ن: لعله الجيلى.
(5)
ن: بحاله أفضل وأفضل.
(6)
ن: بثمرته.