الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع فى فِعلِ الأَفتِيموُنِ فى أَعضَاءِ الغِذَاءِ وأَعضَاءِ النَّفضِ
إنَّ هذا الدواء لأجل كثرة هوائيته، مع النارية التى فيه، مع قلة الأرضية والمائية هو - لامحالة - منافٍ بجوهره لجوهر الغذاء، إذْ جوهرُ الغذاء يحتاج أن يكون كثير الأرضية والمائية، وأن يكون امتزاجهما مستحكماً ليكون بكثرة (1) الأرضية مناسباً لجوهر الأعضاء، وبكثرة مائيته (2) سهل (3) الانفعال، وبقوة امتزاج هذين الجوهرين فيه، يكون جوهره لَدِناً شبيهاً بجواهر الأعضاء.
والأَفْتِيموُنُ مع قِلَّة أرضيته ومائيته، فإن امتزاجهما (4) واهٍ؛ فلذلك يسهل انحلال قوته. فلذلك كان الأَفْتِيموُنُ بعيداً جداً عن التغذية، فلذلك هو من الأدوية الصِّرْفة.
ولأجل قوة حرارته، هو يحلِّلُ الرياح والنفخ. فلذلك، هو نافع من المغص الريحى، وربما نفع من القولنج (5) الذى هو كذلك. ولكنه لأجل (6) هذا التسخين
(1) :. بكرة.
(2)
مطموسة فى ن.
(3)
ن: يسهل.
(4)
:. امتزاجه.
(5)
القولنج: مرض معوى مؤلم يعسر معه خروج الثفل والريح، وهو بالحقيقة: اسمٌ لما كان السبب فيه، فى الأمعاء الغلاظ. فإن كان فى الأمعاء الدقاق، فالاسم المخصوص به: إيلاوس وأسبابه كثيرة، وأكثرها مِن بلغمٍ أو ريح (قاموس الأطباء 97/1) والقولنج الريحى هو المشار إليه هنا، ولذا قال: المغص الريحى.. والقولنج الذى هو كذلك.
(6)
مطموسة فى ن.
القوى هو يُكرب ويغثِّى ويقيِّئ، خاصة للمحرورين، والصفراويين، والشبان. ولذلك، فإن الأَفْتِيموُنَ أوفق للمبرودين، والكهول (1) ، والمشايخ؛ منه لغيرهم (2) .
وهو يُخرج السوداء بالإسهال، ويسكِّن عاديتها. وأكثر استعماله فى زماننا لذلك، هو فى المطبوخات. وله مطبوخٌ يخصُّه يُعرف بمطبوخ الأَفْتِيموُن يستعمل فى السوداويين. وقد يستعمل جِرْمه فى الحبوب، وقد يستعمل بانفراده مع ماء الجبن، أو باللبن الحليب. وقد يُنقع فى الشراب، ويُستعمل.
وإذا استُعمل فى المطبوخات، لم يُبالغ فى طبخه، بل يُوضع فى آخر الطبخ؛ وذلك لأجل ضعف قوة الأجزاء التى تفضل (3) منه فى طبيخه. ومن الناس مَنْ يضعه فى المطبوخات، مصروراً فى خرقةٍ من كِتَّان ونحوه؛ والغرض بذلك: مَنْعُ قوته من مبادرة التحلُّل إليها.
وأكثر ما يستعمل فى المطبوخات، أربعة دراهم، وأقل ذلك درهمان. وأما فى الحبوب فقد يُستعمل منه درهمان، وقد يقتصر على وزن درهمٍ واحد والوسط مثقال. وأما فى ماء الجبن ففى الأكثر يستعمل منه أربعة دراهم، وقد يقتصر على ثلاثة دراهم أو درهمين، وذلك إذا كان معه غيره، وقد يستعمل منه - حينئذٍ - خمسة دراهم، وذلك إذا كان بانفراده، ويكون شُربه حينئذٍ بالسكر أو بالسكنجبين (4) .
(1) هـ: وللكهول.
(2)
العبارة فى هامش هـ مسبوقة بكلمة: انظر.
(3)
:. من الأجزاء التى تنفصل.
(4)
ن: بالسكنجين. والسكنجبين كلمة فارسية معربة، مركبة من سك، انكبين أى خل عسل ويراد به كل حامض وحلو (معجم الألفاظ الفارسيةن ص92) .
وأما إذا استُعمل باللبن الحليب، ففى الأكثر يكون كذلك بقدر خمسة دراهم أو ستة دراهم، وقد يستعمل منه - حينئذٍ - وزن (1) عشرة دراهم، ويُشرب حينئذ بالسكر. وأما إذا استعمل بالخمر، ففى الأكثر يستعمل منه وزن خمسة دراهم؛ وذلك لأجل اجتماع حرارته مع حرارة الخمر، فلا يكثر، كما إذا استُعمل باللبن. وأجود استعماله - حينئذ - أن يُصَرَّ فى خرقة كِتَّان، ويوضع فى الخمر يوماً وليلة، ثم بعد ذلك قد يُستحلب فى ذلك الخمر، بأن (2) يكرَّر عصير تلك الخرقة فى الخمر، لتخرج منه الأجزاء اللطيفة، ثم يُستعمل ذلك الخمر، إما وحده أو بالسكر. والأجود حينئذ، أن يكون سحقه شديداً، ليكون ما يفعل منه فى الخمر أزيد.
وهذه المقادير كلها، إنما هى غاذيةٌ (3)، ويجوز أن (4) تعين على ذلك ويكون تغيُّرها بحسب مزاج المستعمل له. ولابد وأن يكون معه مثل دهن اللوز ليكسر حدَّته ويبوسته. وكثيرٌ من الأولين كانوا يسقونه مع العسل والملح ومرادهم بذلك: زيادة إذابته للسوداء؛ فإنه أيضاً يخرج بلغماً كثيراً، ومع ذلك فإنه يُعَطِّش، خاصةً المحرورين. وإذا أعوز فقد يبدَّل بالحاشا، ولكن يكون هذا الحاشا أزيد منه وزناً، وذلك لأجل ضعف قوة الحاشا عن قوة الأَفْتِيموُن.
(1) - هـ.
(2)
:. بل.
(3)
:. عادية. ومراد المؤلِّف: أن هذه التراكيب التى يدخل فيها الأفتيمون وهى اللبن والخمر وماء الجبن، كلها غذائية.
(4)
- ن.