الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول فى مَاهِيَّةِ الإِسفَنجِ
إن هذا يسمَّى: رغوةُ البحر، وغيمٌ، وغمامةٌ، وسحابةٌ والنشافُ وصوفُ البحر (1) . والحق إنه حيوانٌ يتكوَّن على حجارةٍ فى البحر، ملتصق بها يكون هناك أسود اللون، لأجل ما يعلوه من الأوساخ، وإذا أُخرج وأُصلح (2) صار منه ما هو أحمرُ اللون إلى سوادٍ كمدى، ومنه ما يميل إلى الصفرة.
واغتذاؤه (3) على سبيل استحالة ما يلاقيه من أوساخ الماء إلى جوهره، لا بأن (4) يرد جسمٌ إلى باطنه، ويستحيل إلى حاله، ثم يتوزَّع على سائر أجزائه بل إنما يغتذى بأن يحيل ما يلقاه إلى جوهره، فيكون اغتذاؤه (5) من خارجٍ وبالقدر الذى يلاقيه، وفى الجهة التى يلقاه منها الجسم الذى يستحيل إلى جوهره. وكذلك ثمره، يكون على حسب ما يلقاه.
ولا (6) تهديه (7) قوة فيه لأجزائه (8) طولاً وعرضاً وعمقاً على نسبة مخصوصة كما فى سائر الحيوان (9) . وليس له شئٌ من الحواس، سوى حِسِّ اللمس. ولا
(1) زاد داود الأنطاكى على هذه الأسماء: زَبَد البحر (تذكرة أولى الألباب 44/1) .
(2)
ن: اصلخ.
(3)
ن: اعتداوه.
(4)
ن: لا باد.
(5)
ن: اغتداه.
(6)
ن: لا.
(7)
:. تهديد.
(8)
ن: لأجزاه متعده له!
(9)
يقصد: أن الإسفنج ليس له شكل محدَّد ينمو وفقاً له.
حركة له انتقالية، بل انبساطية وانقباضية؛ وذلك لأنه ينقبض (1) عند ملاقاة ما يؤذيه ويؤلمه، وينبسط (2) فى غير تلك الحال.
ومنه نوعٌ ضيقُ الثقوب جداً، يقال له الذكر وأما الواسع الثقوب فإنه يقال له الأنثى. ومنه نوعٌ مُتَجَحِّرٌ، ويخرج من البحر متحجِّرٌ كما يتحجَّر السرطانُ البحرى والمرجان ونحوهما، وإذا انقلع من الحجارة التى هو ملتصقٌ بها، حُفر له حفرةً فى الرمل الذى فى ساحل البحر، ووُضع فيها، وغُطِّىَ بالرمل، وبعد يومٍ (3) أو يومين يخرج وقد صار على الهيئة المعروفة.وأما إذا لم يُفعل به ذلك، فإنه يحدث له رَهَل (4) شديدٌ من (5) الرطوبات التى تكون فيه، ويفسد، ويتمزَّق.
ويكثر تولُّد هذا فى (الحشرسينة)(6) ومن هناك يُجلب إلى أكثر البلاد
وبعض المتأخرين ينكر (7) أن يكون الإسفنج حيواناً، وليس لإنكاره وجه (8) .
(1) غير واضحة فى ن.
(2)
غير واضحة فى ن.
(3)
ن: يوماً.
(4)
ن: دهل.
(5)
ن: ومن.
(6)
هكذا وردت الكلمة فى ن ولم نقع لها على معنى. ولما كان الاسفنج يكثر فى البحر الأحمر عند شواطىء سيناء؛ فالراجح عندنا أن تكون الكلمة: بحر سينا.
(7)
ن: ينكر.
(8)
كان ابن سينا قد توقَّف فى هذه المسألة، فقال عن الإسفنج ما نصَّه: هو جسمٌ بحرىٌّ رخوٌ متخلخلٌ كاللبد، ويقال إنه حيوان (القانون 253/1) أما مَن يقصده العلاء - ابن النفيس - هنا بقوله بعض المتأخرين فهو معاصره ابن البيطار الذى أنكر أن يكون الإسفنج حيواناً وأورد فى الجامع عن أبى العباس النباتى، ما نصه: قد تحققنا فيه أنه ينبت على الحجارة، بخلاف زَعم مَن زَعَم أنه حيوان أو كالحيوان وفيه قوة حيوانية، وليس من ذلك كله فى شيء وإنما هو فى أصله شىء يشبه الليف الرقيق الذى يتكوَّن على الحجارة، أو كليف أكر البحر (ابن البيطار: الجامع لمفردات الأدوية والأغذية 32/1)
وجوهرُ الإسْفَنْجِ لابد أنه قليل (1) المائية جداً؛ ولذلك (2) ، إذا قُطِّرَ فى القرع والإنبيق (3) ، لم يَقْطُرْ منه شئٌ. وهو - لامحالة - كثيرُ الهوائية جداً، ولذلك هو شديد الخِفَّة. ومحالٌ أن يكون من أرضيةٍ صرفة، وإلا كان يتفتَّت. فلذلك لابد وأن يكون جوهره من أرضيةٍ بغاية الصِّغَرِ واللطافة، ومن مائيةٍ يسيرة جداً مع هوائيةٍ كثيرة جداً. وأجزاؤه (4) المائية والأرضية، شديدةُ التلازم والتماسك ولذلك فإن مائيته لا تتبَّخر (5) ولا تتصعَّد بدون أرضيته (6) .
وأما أجزاؤه (7) الهوائية، فكأنها كالمتفضِّلة من أجزائه (8) الأخرى وكأنها ساكنة فى فُرَجٍ (9) فيه، صغارٍ جداً، لاتظهر للحاسة. وكأن جوهرَ الإسْفَنْجِ جميعه، ذا فُرَجٍ؛ لكن فُرْجَه (10) بعضها كثيرةٌ محسوسة - وهى الثقوب التى فيه وبعضها لا تظهر للحس، لأجل إفراط صغرها. وكلا الفَرْجتين (11) مملوءةٌ هواءً لكن الكبار منها يكثر ما فيها من الهواء (الذى ليس من)(12) جوهر الإسْفَنْجِ ولا كذلك الهواء الذى فى الفُرَجِ الصِّغَار التى لا تُحس، فإن ذلك الهواء يعدُّ من جملة
(1) ن: فتيل.
(2)
ن: وكذلك.
(3)
هى أوانٍ كانت تستعمل للتقطير.
(4)
ن: وأجزاء.
(5)
ن: ماتية لا يتبخر.
(6)
ن: أرضية.
(7)
هنا تنتهى الورقة الساقطة من هـ.
(8)
:. أجزا
(9)
:. فرح.
(10)
:. فرحه.
(11)
:. الفرصين!
(12)
:. ليس بعد ذلك.
جملة جوهر الإسْفَنْجِ، لأنه لا يُحَسُّ له مكان فيه (1) فلذلك لايعد منفصلاً من الإسْفَنْج.
وكأن الإسْفَنْجِ ماءٌ يجرى - غليظٌ أرضىٌّ - أزبد، ثم حدثت (2) له حرارةٌ حلَّلت منه كثيراً من المائية، وأبقت (3) الجوهر الأرضى، و (4) إنما يخالطه فى المائية، ما يحفظ اتصاله فقط. ثم ذلك الزبد - بقوة الحرارة - بقيت (5) الهوائيةُ التى فيه محفوظةً. وهذه الأرضية هى لامحالة من أرضية ماء البحر، فلذلك (6) هى أرضيةٌ متدخِّنةٌ، لطيفةٌ جداً، حارَّةٌ؛ وذلك لأن سبب اختلاط ماء البحر بالأرضية، هو تصعيد حرارة الشمس والكواكب، لما تحته من الأرضية إلى مخالطته. وتصعُّد الأرضية إنما يكون بالحرارة، وذلك إذا تلطَّفت (7) بتلك الحرارة وصارت أجزاءً (8) دخانية.
ولذلك، أرضية (9) الإسْفَنْجِ لابد وأن تكون (10) شديدةُ اللطافة، دخانيةٌ حارة. والمائية - كما قلناه - هى فيه قليلة جداً؛ فلذلك، جوهرُ الإسْفَنجِ لابد وأن يكون حارّاً، شديدَ اليبوسة.
(1) غير واضحة فى هـ، ن: منه.
(2)
هـ: حديث.
(3)
:. وابقى.
(4)
-:.
(5)
:. وبقيت.
(6)
:. فكذلك.
(7)
ن: تلطف.
(8)
:. أجزا.
(9)
:. فكذلك أرضيته.
(10)
:. يكون.