الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثانى فى طَبِيعَة الأَفسَنتِينِ وأَفعَالِهِ على الإِطلَاقِ
إنَّ هذا الدواء، لما كان مركَّباً من أرضية بعضها باردٌ قابضٌ (1) ، وبعضها حارٌّ مُرّ (2) ، ومن ناريةٍ حريفة، ومن هوائيةٍ بها هو خفيف، ومن مائيةٍ ليست بيسيرة؛ فلابد وأن يكون هذا الدواء حاراًّ يابساً، ولابد وأن تكون حرارته يسيرة؛ لأجل كثرة المائية، ولابد وأن تكون يبوسته زائدة؛ لأن الأرضية كثيرة ويبوسة الأرضية شديدة. وأما المائية فمع ضعف رطوبتها، هى أقل من الأرضية ولذلك فإن هذا الدواء ليس فيه تفاهةٌ ظاهرة. وأما الهوائية التى فيه، فلا تأثير لها فى الرطوبة؛ فلذلك يجب أن تكون يبوسة هذا الدواء شديدةً، خاصةً والجزء النارى فيه جوهره يابسٌ.
وتحليل هذا الدواء يُعين على يبوسته؛ ولذلك هو مجفِّف، وعصارته أشدُّ حرارةً من جِرْمِهِ، وأقلُّ يبوسةً؛ وذلك لأن الأرضية فى العصارة، لابد وأن تكون أقل. وأما النارية فتكون فيها أزيد؛ لأنها لأجل لطافتها تصحب المائية المعتصرة، وتفارق.. (3) فلذلك تكون هذه العصارة لذاعة، قليلة.. (4) فلذلك تضر المعدة، مع أن الأَفْسَنْتِيَ نافعٌ لها جداً. ومنه ((5) أكثر برداً وتقويةً، وأقل
(1) :. باردة قابضة.
(2)
:. حارة مرة.
(3)
بياض بالأصل، بمقدار كلمة واحدة، أظنها: الأرضية.
(4)
بياض فى الأصل، بمقدار كلمة واحدة، أظنها: النفوذ.
(5)
:. منه.
تحليلاً، لأن المائية الباردة القابضة فيه أكثر.
وقد علمت أن جوهر هذا الدواء لطيفٌ (1) . فأقول أيضاً: إنه ملطِّفٌ وذلك بما فيه من النارية. وهذا الدواء بما فيه من القَبْضِ يقوِّى، ويشدُّ، ويجمع أجزاء العضو. وبما فيه من المرارة يجلو ويحلِّل قليلاً. وبما فيه من الحرافة، يحلِّل كثيراً ويفتِّح، وكذلك يفعل ذلك بما فيه من المرارة. وبما فيه من المائية، يغسل. وبما فيه من اليبوسة مع التحليل، يجفف.
ولأجل تجفيفه مع التحليل والجلاء، هو منقّ (2) . وبما فى النبطى من العطرية يُفَرِّح، ويقوِّى القلبَ والروح، فَتَقْوَى على دفع السموم، فيكون بذلك تِرياقاً بوجهٍ ما. وفى الأَفْسَنْتِينِ مع التجفيف تليينٌ؛ لأن حرارته ليست شديدة جداً. فلذلك هو نافعٌ من الصلابات الباطنة؛ ولأنه قوىَّ التفتيح، فهو لذلك مُدِرٌّ.
ولما كان هذا الدواء مُرًّ، حريفاً، لطيفاً؛ فهو - لامحالة - مباينٌ لطبيعة الغذاء؛ فلذلك يكون دواءً صرفاً. ولأجل مرارته ينافى طبيعة الحيوان؛ فلذلك هو يقتل الديدان، ويمنع تسوُّس النبات، ويحفظ الكاغد من القرض بالأَرَضَة (3) ونحوها. وإذا جُعل هو وماؤه (4) مع المداد، وكُتب به، لم تقرض الفأرُ الكتابَ ويحفظ الكتاب من التغيُّر، بتجفيف الرطوبات المائية الفضلية، التى تعدُّه للفساد.
(1) :. لطيفاً.
(2)
:. منقى.
(3)
ن: كالأرضة (والأرضة: نوعٌ من السوس يأكل الكتب والأوراق) .
(4)
:. وما.