الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثانى فى طَبِيعَتِهِ وأَفعَالِهِ على الإِطلَاقِ
لما كان الإِسْفِيدَاجُ رصاصاً متصغِّر الأجزاءِ، بما وصل إليه من الخلِّ أو من بخاره، فلا محالة أن ينبغى أن يكون فى برده - فى (1) نفسه - كالرصاص. وأما تبريده، فكان ينبغى أن يكون أقوى من تبريد الرصاص؛ وذلك لأجل تلطُّفه وسهولة نفوذه إلى حيث يبرد بقوة؛ وذلك لأجل تصغر أجزائه (2) مع استعادة قوة نفوذه (3) من الخلِّ. فكذلك كان يجب أن يكون الإِسْفِيدَاجُ أبردَ من الرصاص يعنى أنه أشد تبريداً منه، وكان ينبغى أيضاً أن يكون مثل الرصاص فى الترطيب (4)(بل أزيد ترطيباً)(5) لأجل نفوذه بسبب (6) تصغُّر أجزائه كما قلناه. لكن حدث للإسفيداجِ ما أوجب خلاف ذلك، وذلك أن جوهر الرصاص - كما علمت - أن أكثر مائيته جامدة، وهذه المائية - لا محالة - قويَّة البرد والرطوبة (7) ؛ فلذلك كان للرصاص (8) تبرُّدٌ (9) وترطُّبٌ وقوةٌ، وإن كان ذلك
(1) مكررة ن.
(2)
:. أجزاه.
(3)
:. نفوذ.
(4)
ن.
(5)
ما بين القوسين ساقط من ن.
(6)
:.سبب.
(7)
هـ: البرد الرطوبة.
(8)
:. الرصاصز
(9)
هـ: ترد.
دون برده ورطوبته فى نفسه بكثير.
وإذا أُخذ هذا الإِسْفِيدَاجُ من الرصاص فإن تلك المائية يتحلَّل (1) أكثرها وذلك بسبب التسخن (2) والتشميس. وإذا (3) تحلَّل أكثر هذه المائية، بقيت (4) الأرضيةُ التى فى الإِسْفِيدَاجِ غالبةً جداً، ومع ذلك إنما تكون (5) متصغِّرة الأجزاء فلذلك يكون بردها (6) وتبريدها ضعيفين (7) ؛ ولذلك يجب أن تكون (8) فى نفسها جافة وأن تكون مجفِّفة.
ومع ذلك، فإن (9) تبريد الإِسْفِيدَاجِ يجب أن يتبعَّض (10) عن تبريد الرصاص بأكثر بل يكون كالمساوى له فى التبريد؛ وذلك لأن المائية وإن نقصت منه، إلا أن الأرضية لتصغُّر أجزائها، يتمكَّن (11) فيها (12) الفعل وهى مبرَّدَة (13) ، خاصة وما يبقى فيها من المائية يزيدها (14) برداً، فلذلك يكون تصغُّر أجزاء الإِسْفِيدَاجُ
(1) :. تحلل.
(2)
هـ: السخن.
(3)
هـ: وإذ.
(4)
:. بقية.
(5)
ن: يكون.
(6)
هـ: برها.
(7)
:. ضعفين.
(8)
:. يكون.
(9)
:. إنَّ.
(10)
ن: ينبعض.
(11)
ن: يتمكن.
(12)
:. فيه.
(13)
:. مبرد.
(14)
هـ: يريدها، ن: يبردها.
متداركاً لما يُحدثه (1) نقصان المائية مِن قلة البرد.
وإنما اليبوسة والجفاف، يجب أن يكونا فى الإِسْفِيدَاجِ قويَّين (2) أيضاً ولكن لا إلى حَدِّ الإفراط؛ وذلك لأن هذه الأرضية - وإن تصغَّرت وتمكنت (3) من قوة الفعل - فإنها لابد وأن تبقى (4) فيها مائية ولو يسيرة. وتلك المائية لأجل رطوبتها تتدارك (5) ما توجبه (6) الأرضية المتصغرة من أجل إفراط اليبوسة والجفاف فكذلك يكون تجفيف الإِسْفِيدَاج إلى حدوثه أن يكون بقدرٍ يساوى تبريده.
ولما كان تجفيف الإسفيداج إنما هو لأجل تحلُّل المائية من جوهره، فكلما كان هذا التحلُّل أقل، كان تجفيف ذلك الإِسْفِيدَاجُ أضعف. وأكثر تحلُّل هذه المائية، إنما هو بفعل حرارة الشمس، وذلك عند تشميس الإِسْفِيدَاجِ حتى يجف فيجب أن يكون الإِسْفِيدَاجُ المعمول على الوجه الذى قلناه - من السَّحق بالفهر والصلاية - قليل التجفيف جداً، وقبل أن يُشمَّس، فينبغى أن يكون كالنافذ لهذا التجفيف، بل يجب أن يكون حينئذ (7) غير مخالف لطبيعة الرصاص مخالفةً كثيرة فى الرطوبة واليبوسة، ولكنه يكون أكثر تبريداً من الرصاص بكثير؛ وذلك لأجل تصغُّرِ أجزائهِ وتلطُّفها وتمكُّنها (8) من سرعة النفوذ وقوته، وأن يكون الإِسْفِيدَاجُ المعمول على الوجه الذى ذكرناه أولاً، قبل أن يشمَّس، أقل تجفيفاً مما يكون بعد
(1) هـ: يريدها، ن: يبردها.
(2)
ن: قوتين.
(3)
هـ: ونمكت.
(4)
:. يبقى.
(5)
ن: بتدارك.
(6)
:. يوجبه.
(7)
:. ح.
(8)
:. ويمكنها.
تشميسه.
ولما كان الإِسْفِيدَاجُ بارداً، يابساً مجفِّفاً؛ كان (1) - لامحالة - رادعٌ مكثفٌ (2) نافعٌ للأورام فى ابتدائها، مسدِّدٌ (3) مسام الأعضاء. ونفوذ الإِسْفِيدَاجُ وإن كان أكثر كثيراً من نفوذ الرصاص، ولكنه قليل جداً بالنسبة إلى غيره من الأدوية؛ وسبب ذلك أمور:
أحدها: أن جوهره أرضىٌّ خالٍ (4) من الحرارة القوية المنعقدة (5) ، وما كان كذلك؛ فهو قليل النفوذ لامحالة.
وثانيها: أن جوهره مفردٌ، وما كان (6) كذلك، فإنه يعسر نفوذه؛ لأجل اتصال أجزائه كما فى الأشياء اللزجة.
وثالثها: أن الإِسْفِيدَاجَ لأجل برده ويبوسته، يبلِّد (7) أولاً، فيقبض المسام ويسدَّها، وذلك مانعٌ من نفوذه بعد ذلك منها.
ورابعها: أن جوهر الإِسْفِيدَاجُ هو من جوهر الرصاص،
وهو جوهرٌ منافٍ للروح (8) ولطبيعة (9) البدن، فلذلك (10)(يجب)(11) أن يكون سُمِّياًّ. وإذا كان
(1) :. فهو (ولا تستقيم معها بقية العبارة) .
(2)
هـ: مكنفاً.
(3)
:. مسددا لها.
(4)
هـ: حال.
(5)
غير واضحة في المخطوطتين.
(6)
هـ: مفرد ما كان.
(7)
غير واضحة فى المخطوطتين.
(8)
هـ: للأرواح.
(9)
ن.
(10)
ن: فلذلك.
(11)
-:.
كذلك، فالطبيعة من شأنها مدافعته (1) ومُمانعته من النفوذ.
فلذلك (2) ، يكون نفوذه (3) قليلاً جداً، وإن كان أزيد من نفوذ الرصاص بكثير. ولأجل قلة نفوذه، صار ما ينفذ منه من خارج، لا يقوى على شَلّ (4) البدن. ولا كذلك إذا ورد الإِسْفِيدَاج إلى داخل البدن، كما إذا شرب فإنه حينئذِ يقتل، لأنه ينفذ (5) إلى الأعضاء الكريه وقد حقَّقنا هذا فيما سلف.
وقد يُقلى (6) الإسفيداج فيصير تجفيفه (7) زائداً، ويقل برده (8) جداً؛ وذلك لأجل استعادته الحرارة والحدة، بالحرارة التى يقلى (9) بها (وكيفية قليه (10) ، أن يوضع وهو مسحوق ناعم (11) فى قِدْر من فخَّار جديد، ويوضع ذلك القِدر) (12) على الجمر، ولا يزال الإسفيداج يحوَّل، حتى يصير لونه لون الرماد، ويرفع ويبرَّد، ثم يستعمل.
والله أعلم!
(1) هـ: مدافعه.
(2)
:. فكذلك.
(3)
:. نفود.
(4)
ن: مثل.
(5)
هـ: يتقد.
(6)
:. يغلى.
(7)
غير واضحة فى المخطوطتين.
(8)
:. بره.
(9)
:. تغلى.
(10)
:. قلته.
(11)
:. ناعماً.
(12)
ما بين القوسين فى هامش هـ.