الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس فى فِعلِ الأَفسَنتِينِ فى أعضَاءِ الغِذَاءِ
إنك قد علمتَ أن الأَفْسَنْتِينَ ((1) بعيدٌ جداً عن جوهر الغذاء؛ فلذلك (2) ليس يغذو (3) شيئاً من الأعضاء. وعلمتَ أنه يقوِّى المعدة، وأن عصارته تضرُّ المعدة وفمها، لما فيها من اللذع - بزيادة الحرارة والنارية - مع قلَّة القَبْضِ المقوِّى، لأجل قلة الأرضية. وكذلك الحشيش (4) من غير النبطى يضرُّ فم المعدة، بخلاف النبطى فإن النبطى لزيادة أرضيته الباردة القابضة تشتد تقويته لفم المعدة من غير لذع يحدثه؛ لأجل قلة مرارته، ومع ذلك فإنه عَطِرٌ؛ فلذلك هو موافقٌ لفم المعدة وينفع من أورامها؛ لأنه ليس بلاذعٍ كما فى الحشيش.
وجميع أجزاءُ الأَفْسَنْتِينِ وشرابه وعصارته، كل ذلك يردُّ الشهوة جداً ويقوِّيها (5) ، وذلك إذا استُعمل من مائهِ أو طبيخه، كل يوم، ثلاثُ أوثولاسات (6) ولزم ذلك عشرة أيام. وهو دواءٌ عجيبٌ لذلك، لما فيه من التقوية مع الجلاء والتجفيف والتنقية من الفضول. وكذلك شرابه يفعل ذلك، إذا أُديم
(1) ن: الافسبتين.
(2)
ن: فكذلك.
(3)
:. يغدوا.
(4)
يقصد: الأفسنتين حشيشاً، غير مطبوخ أو معجون.
(5)
سوف يعاود العلاء ذكر ذلك المقدار فيما بعد (انظر تعليقنا عليه هناك)
(6)
ن: أوثلثات.
عليه. وكذلك إذا شُرب من شرابه كل يوم ثلاث أواقٍ (1) ؛ نفع جداً من اليرقان لأجل قوة تفتيحه مع تقويته للكبد (2) ، وكذلك إذا شرب طبيخ الأَفْسَنْتِينِ أو شُربت عصارته.
والتضميد به ينفع (3) من الإستسقاء (4) ؛ وذلك لأجل تجفيفه وتحليله، مع تفشيته للرياح، خاصةً إذا ضُمِّد به مع التين والنطرون ودقيق الشَيْلَمِ. فإن (5) الأَفْسَنْتِينَ كما علمت فيه جلاءٌ، فلذلك من شأنه إحدار ما يجده فى المعدة ونواحيها، وذلك إذا كان ما هناك سَهْل (6) الانحدار، سهل القبول للانفعال عن الجالى. فلذلك، كان الأَفْسَنْتِينُ يحدِّرُ الصفراء عن المعدة ونواحيها، بما فيه من الجلاء؛ لأن الصفراء شديدة القبول لذلك. وأما البلغم، خاصةً الغليظ اللزج فإن الأَفْسَنْتِينَ ليس يقوى على إحداره عن المعدة، فضلاً عن المحتبس فى الصدر أو فى الرئة؛ وذلك لأجل عسر قبول هذا البلغم للانفعال عن فعل الجالى. وأكثر إخراجه للصفراء من المعدة، إنما هو بالإدرار، وذلك لما فيه من القوة المدرَّة على ما تعلمه بعد.
وهو شديدُ النفع لأورام الأحشاء، خاصةً المعدة والكبد والطحال؛ وذلك لأجل تحليله مع القَبْضِ، وهو شديدُ التسكين لأوجاع (7) هذه الأعضاء إذا ضُمِّدت به؛ فلذلك تضمَّد به المعدة الوَجِعَة، مخلوطاً بدهن الورد والشمع.
(1) هـ: أواقى.
(2)
ن: لكبد.
(3)
:. نفع.
(4)
ن: الإسنسقاء.
(5)
:. كان فان!
(6)
مكررة فى ن.
(7)
ن، هـ.
وكذلك، يضمَّد به الطحال مخلوطاً بالتين، والنطرون، ودقيق الشيلم. وكذلك تضن به الخاصرة معجوباً بالموم (1) المذاب فى دهن الحنَّاء، فيسكن (بذلك (2) أوجاع هذه الأعضاء. وشراب الأَفْسَنْتِينِ ينفع الأحشاء جداً ويقوِّيها، ويبرئ من الأمراض) (3) التى يبرئ منها جِرْمُهُ، وكذلك إذا لم تكن (4) حمى تمنع من شربه. وقد كان جماعةٌ من الأولين يشربونه لحفظ الصحة (5) .
ولأجل نفع الأَفْسَنْتِينِ وشرابه للأحشاء، هو نافعٌ جداً للاستسقاء، ولسوء القنية، وينفع الصلابات الباطنة شرباً وضماداً. وهو مع حرارته يقوِّى المعدة الحارة والصفراوية؛ وذلك لأجل إخراجه المادة الحارة الحادة منها؛ فلذلك هو شديدُ النفع لضعف العصب وبرده (6) ، إذا كانت معدته حارة صفراوية؛ لأنه بحرارته وقبضه يقوِّى العصب ويسخِّنه، وبتنقيته للمعدة من المرار يقوِّيها ويصلحها ويرد شهوتها الباطلة (7) . وإذا طُبخ بالخل وضمِّد به الطحالُ؛ نفع من وجعه. وقد يُطبخ مع الزبيب والزيت، ويضمَّد به الكبد الوارمة فى آخر ورمها فينفعها بتحليل بقايا ذلك الورم.
(1) الموم: الشمع.
(2)
هـ: لذلك
(3)
ما بين القوسين - ن.
(4)
:. يكن.
(5)
عند ابن البيطار: وقد يُعمل منه شرابٌ يُسمَّى الأفسنتين، خاصةً فى البلاد التى يقال لها زيدقطس والبلاد التى يقال لها براقى، ويستعمله أهل هذه البلاد فى الأمراض المذكورة، إذا لم تكن حمى، ويشربوه (1) أيضاً على وجهٍ آخر، بأن يتقدَّموا فى شربه فى الصيف، لأنهم يظنون أنه يورثهم صحة (الجامع لمفردات الأدوية والأغذية 42/1) .
(6)
:. وبارده.
(7)
الإشارة هنا إلى ما كان يُعرف بالشهوة الكلبية للطعام، التى تخرج فيها عملية اشتهاء الطعام عن الحدِّ الواجب. وقد ذكر العلاءُ هذا الأمر فيما سبق، وعاد إليه هنا ليؤكِّده.