الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث في طَبِيعَةِ الأَفسَنتِينِ فى أَعضَاءِ الرَّأسِ
إنَّ هذا الدواء - لأجل قبضه - إذا شُرب قبل الشراب، منع الخمار وسرعة السُّكْر، وذلك لتقويته فم المعدة، ومنعه من (1) تصعُّد أبخرة الشراب. وكذلك إذا تنقَّل ((2) بشرابه على الشراب، وَلعِقَ جِرْمُهُ بشرابٍ قابضٍ، كشراب الآس ونحوه. والنبطى بهذا أولى، لأنه أكثر قبضاً من غيره.
وبهذا الوجه، فإن الأَفْسَنْتِينَ إذا استُعمل، نفع من الصداع الكائن من بخار المعدة. وأما عصارة الأَفْسَنْتِينِ فإنها إذ استُعملت على هذه الصورة (3) أعنى مشروبةً أو ملعوقةً ونحو ذلك؛ فإنها تُصدِّع؛ وذلك لأنها - لقلة الأرضية القابضة فيها - ليست تقبض قوياً؛ فلذلك ليست تُقوِّى فم المعدة بقوة، فلا تمنع البخار عن التصعُّد؛ ولذلك فإنها لاتنفع فى الخمار. ومع أنها لا تمنع الخمار فإنها تبخِّر بقوة حرارتها، وتلذع المعدة بحدَّتها، وذلك من أسباب الصداع فلذلك كانت (4) عصارة الأَفْسَنْتِينِ مصدِّعةً (5)
وإذا ضُمِّد الرأس بالأفسنتين قوَّاه، وجفّف رطوباته الفضلية، وذلك بما فيه
(1) :. ونفعه للمرة.
(2)
ن: تنقل.
(3)
هـ.
(4)
:. كان.
(5)
:. مصعدة.
من القَبْضِ والتجفيف والتحليل؛ فلذلك قد ينفع جداً من النزلات. وفعل العصارة فى ذلك أقل، لقلَّة تجفيفها، وخلوِّها من التقوية القوية.
وبخار الأَفْسَنْتِينِ المطبوخ إذا حوذى (1) به الأذن، قوَّاها لامحالة، وحلَّل فضولها. فلذلك، ينفع من أوجاع الأذن. والعصارة تنفع أيضاً فى ذلك، ولكنها لاتقوى كثيراً، بل تحلِّل مادة الوجع بقوة (2) . وكذلك الأَفْسَنْتِينُ نفسه، إذا ضمِّدت به الأذن الوَجِعَة، سكَّن وجعها، خاصةً معجوناً بالعسل، وإذا ضُمِّدت به أورام ما خلف الأذن، نفع منها، بتحليله مع قلَّة قبضه. ونَفْعُ العصارة فى هذه الأورام، أكثر. ولذلك (3) النبطى من الأَفْسَنْتِينِ أكثر من نفع غير النبطى لأن النبطى أقوى قبضاً، وأضعف تحليلاً.
وإذا أُدخل فى الأذن فتيلةُ من الأَفْسَنْتِينِ المعجون بالعسل ونحوه، نفع من رطوبات الأذن؛ وذلك لأجل تجفيفه. ونَفْعُ النبطى فى هذا أكثر؛ لأنه أكثر أرضية. وإذا طُبخ فى دهن اللوز، ثم أُضيف إليه مرارة الماعز، وقُطِّر فى الأذن حلَّل رياحها، ونقَّى قروحها، ونفع من الصمم (4) سريعاً جداً.
وإذا شُرب الأَفْسَنْتِين بالعسل (5) ، نفع من السكتة؛ وذلك لأجل منعه (6) الأبخرة من الدماغ مع تجفيفه له، وتقويته إياه. وكذلك أيضاً ينفع من الصرع
(1) ن: تنقل.
(2)
:. مصعدة.
(3)
:. وكذلك غير.
(4)
ن: الضمم.
(5)
مطموسة فى ن.
(6)
مطموسة فى ن.
والفالج. وإذا اكتُحل بالأفسنتين؛ نفع من الرمد العتيق؛ وذلك لأجل زيادة تجفيفه مع التقوية. والنبطىُّ فى هذا أَنفع، لأنه مع زيادة تجفيفه وتقويته - لأجل زيادة قبضه وأرضيته - فإنه عَطِرٌ، وأقلُّ لَذْعاً للعين؛ وذلك لأجل قِلَّةِ حرارته.
وعصارة الأَفْسَنْتِينِ أقل فعلاً فى ذلك؛ لأجل قوَّة حرارتها، وحِدَّتها، مع قلة تقويتها، وتجفيفها. وإذا ضُمدت العين بالأفسنتين يفعل ذلك. وإذا ضُمد به مع المِيبَخْتَجِ (1) سكَّن ضربات العين، أو فى موضع آخر (2) ؛ وذلك لأجل تحليله الدم الجامد، والعصارة فى هذا أولى.
وإذا اكتُحل بالأفسنتين؛ نفع من الغشاوة - خاصةً معجوناً بالعسل - وذلك لأجل تحليله مع تقوية جرْمِ العين. وهو يحدُّ البصر بما فيه من التلطيف الملطِّف للروح، مع تقويته للعين، وتحليل فضولها، لأجل جلائه (3) . وكذلك إذا اكتُحل به؛ نفع من الوَدَقة (4) بتحليله مادتها (5) . وكذلك إذا ضُمدت به العين؛ نفع من
(1) الكلمة غير واضحة فى المخطوطتين، وضبطناها بالرجوع إلى الرازى وابن البيطار (الحاوى 120/20 - الجامع 42/1) والمِيبَختَجُ: العنبُ المطبوخ. والكلمة فارسية معربة، مركبة من مى، بخته أى خمر، مطبوخ. وهو عسل العنب، لكن الأطباء يغلونه مرةً ثانية بالسكر والعسل (معجم الألفاظ الفارسية ص 148) .
(2)
يقصد: الضربان فى أى موضعٍ كان.
(3)
:. ولأجل جلاه.
(4)
جمع القوصونى ما جاء فى معنى هذه الكلمة، فقال: الودقة، بالفتح، وتحرَّك. قال فى القاموس: هى نقطة حمراء تخرج فى العين من دمٍ تشرق به أو لحمةٍ تعظم فيها. وقال فى لسان العرب: هى نقطة فى العين من دم يبقى فيها.. والجمع: ودق. وقال فى التجريد: هى بثرةٌ جاسية حادة.. وقال فى المهذَّب: هى ورمٌ صغير صلب عن دمٍ كثيف أو بلغم غليظ.. (قاموس الأطباء 319/1) .
(5)
ن.
أورامها، خاصةً القليلة الحرارة والباردة، وهو شديد النفع لغلظ الأجفان. وإذا ضُمدِّت به العين المطروفة، مسحوقاً، مصروراً فى خرقةٍ كتانٍ مغموسة فى ماءٍ حارٍّ؛ نفع الطرفة جداً، وحلَّل ما يكون قد احتبس فيها من الدم؛ حتى قيل إن ذلك الدم يخرج إلى الأَفْسَنْتِينِ حتى إذا اعتُصِرَت تلك الصُّرَّة، خرج منها ذلك الدم.