الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والراجح أن الإظهار في موضع الإضمار لا يجوز إذا كان ذلك في جملة واحدة نحو: زيدٌ أكرمت زيداً، إلا في الضرورة، لكون الإضمار أخفَّ وأبعد عن الشبهة واللبس.
فإذا أعيد في جملة أخرى، أو قصد به التفخيم، والتعظيم حَسُن.
حذف العائد المجرور مع اختلاف متعلق الجارين:
من المعلوم أنه يجوز حذف العائد المجرور بحرف جرٍّ إنْ جَرَّ الموصولَ حرف مثله مع اتفاق متعلقي الحرفين لفظاً ومعنى، أو المضاف إلى الموصول، أو الموصوف بالموصول نحو: مررت بالذي مررت به، أو بغلام الذي مررت به، أو بالرجل الذي مررت به، فيجوز حذف "به" هاهنا1.
قال ابن مالك:
كذا الذي جُرَّ بما الموصولَ جَرّْ
…
كمُرَّ بالذي مررتُ فهو بَرّْ2
ومن ذلك قوله تعالى: {مَا هَذا إلَاّ بَشَرٌ مِثْلُكُم يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ} 3.
فالموصول وهو "ما" مجرور بـ"مِنْ" التبعيضية، وهي متعلقة بقوله:"يشرب" قبلها، والعائد المحذوف مجرور بـ"مِنْ" التبعيضية وهي متعلقة بقوله "تشربون"، والتقدير: ويشرب من الذي تشربون منه. فاتفق الحرفان لفظاً ومعنى ومتعلقاً4.
1 انظر: الارتشاف 1/356.
2 الألفية ص15.
3 من الآية 33 من سورة المؤمنون.
4 انظر: التصريح 1/147.
فالعائد المجرور يجوز حذفه عند الجمهور بشروط ثلاثة:
الأول: أن ينجرّ الموصول بمثل الحرف الجار للعائد لفظاً، فإذا اختلفا لفظاً لم يجز الحذف نحو: حللت في الذي حللت به.
الثاني: أن يتفق الحرفان معنى، فإذا اختلفا لم يجز الحذف نحو: مررت بالذي مررت به، مريداً بإحدى البائين السببية، والأخرى الإلصاق.
الثالث: أن يتفقا متعلقاً، فلو اختلف المتعلق لم يجز الحذف نحو: سررت بالذي مررت به1.
قال ابن مالك في شرح الكافية الشافية: "وإن جُرَّ العائد بحرف وجُرَّ الموصول بمثله لفظاً ومعنىً جاز حذف العائد نحو: مررتُ بالذي مررت. ومنه قوله تعالى: {وَيَشْرَبُ مِمَّا تّشْرَبُونَ} 2 أي: مما تشربون منه
…
وكذلك يجوز حذف العائد المجرور بحرفٍ جُرَّ بمثله موصوف بالموصول أو عائد عليه بعد الصلة3.
فإذا خلا العائد المجرور مما شُرط لم يجز حذفه عند الجمهور إلا ضرورة أو شذوذاً.
كقول الشاعر4:
وإنَّ لساني شُهدةٌ يُشتفى بها
…
وهُوَّ على من صبَّه الله علقمُ5
1 انظر: توضيح المقاصد 1/254، 255. وانظر: الارتشاف 1/ 536.
2 من الآية 33 من سورة المؤمنون.
3 شرح الكافية الشافية 1/292، 293.
4 شاعر من همذان لم أجد من سمَّاه.
5 البيت من " الطويل "
الشَّهدة: - بضم الشين -: العسل بشمعه.
يقول: إن لساني مثل العسل يشتفي به الناس ولكنه مثل العلقم على من سلطه الله عليه.
والعلقم: في الأصل الحنظل وهو نبات مُرٌّ كريه الطعم وليس هو المراد هاهنا، بل المراد: شديد أو صعب ليتسنى تعلق الجار والمجرور به من قبل أنهما لا يتعلقان إلا بالمشتق أو ما في معناه.
وفي البيت شاهد آخر هو تشديد الواو في " هُوَّ "، وهذه لغة همذان إحدى قبائل اليمن، حيث تشدد الواو في "هو" والياء في "هي".
والبيت في شرح المفصل 3/96، شرح التسهيل 1/207، الجنى الداني 474، المغني 567، تخليص الشواهد 165، المقاصد النحوية 1/451، التصريح 1/148، شرح الأشموني 1/174.
أراد: من صبه الله عليه، فحذف العائد المجرور بـ"على" مع اختلاف المتعلق. والمتعلقان هما:"صَبَّ" و"علقم".
فـ"على" المحذوفة متعلقة بـ"صبَّه" والمذكورة متعلقة بـ"علقم" لتأوله بصعب أو شاق أو شديد، فاختلف متعلقا جارِّ الموصول وجارِّ العائد1.
وابن مالك لا يتفق مع الجمهور في عدِّ مثل هذا ضرورةً أو نادراً، بل يعدُّه قليلا2.
ولعله لما كان عنده كذلك - أي قليل وليس شاذاً أو ضرورةً كما يقول الجمهور - وقع له شئ من ذلك في الألفية، حيث قال في باب "الندبة":
ويُندبُ الموصولُ بالذي اشتَهَرْ
…
كـ"بئرَ زمزمٍ" يلي وامَنْ حَفَرْ3
فقوله: "اشتهر" صلة "الذي" والعائد ضمير محذوف مجرور بحرف جُرَّ الموصولُ بمثله غير أن متعلقي الجارين مختلفان، والتقدير: ويُندب الموصول بالوصف الذي اشتهر به4.
1 انظر: المغني 567، 568، تخليص الشواهد 165.
2 انظر: شرح التسهيل 1/206، 207.
3 الألفية ص 46.
4 انظر: تمرين الطلاب في صناعة الإعراب 99.