الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما في شرح الكافية الشافية فقد قال: "لا تتقدم الصلة ولا شئ يتعلق
بها
…
فإن كان الموصولُ الألفَ واللام أو حرفاً مصدرياً لم يجز تقديم المعمول، لأن امتزاج الألف واللام والحرف المصدري بالعامل آكد من امتزاج غيرهما به"1 فلم يستثنِ ما إذا كانت "أل" مجرورة بـ"مِن" أو لا.
وعلى هذا فإن قوله:
ولا من الأفعال ما كرضيا
جائز عند بعض البصريين لكون المعمول جاراً ومجروراً، وجائز عند الكوفيين دون النظر إلى هيئة المعمول.
أما عند جمهور البصريين وابن الحاجب وابن مالك فلا يجوز إلا في الضرورة.
1 شرح الكافية الشافية 1/308 - 313.
تقديم معمول خبر "ليس" عليها:
اختلف في خبر "ليس": أيجوز تقدمه عليها أم لا؟ فذهب الكوفيون إلى أنه لا يجوز، لأن "ليس" فعل جامد فلا يجري مجرى المتصرف كما أجريت "كان" مجراه، لأنها متصرفة1.
ولأنها في معنى "ما" في نفي الحال، وكما أن "ما" لا تتصرف ولا يتقدم معمولها عليها فكذلك "ليس"2.
وممن منع تقديم الخبر أبو سعيد السيرافي3، والأنباري4 (577هـ) ، كما نُسب المنع إلى أبي العباس المبرد5.
1 انظر: الإنصاف 1/161.
2 انظر: المصدر السابق 1/161.
3 انظر: شرح السيرافي ج1 لوح 154.
6 انظر: الإنصاف 1/160، شرح المفصل 7/114، شرح الرضي 4/201. ولم أقف على ما يفيد ذلك عن المبرد في المقتضب أو الكامل4 انظر: الإنصاف 1/163، أسرار العربية 140.
وذهب جمهور البصريين إلى جواز تقدمه. وكذا من المتأخرين أبو علي الفارسي1 (377هـ) وابن جني2، وابن بَرْهان3 (456هـ) وعبد القاهر الجرجاني4 (471هـ) والزمحشري5، وأبو البقاء العكبري6 (616هـ) وابن عصفور7.
ومما احتج به أصحابُ هذا الرأي قوله تعالى: {أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْروفاً عَنْهُمْ} 8، فقالوا: إن "يوم" معمول "مصروفاً" وتقديم المعمول يؤذن بتقدم العامل9.
أما ابن مالك فرأيه رأي الفريق الأول القائل بمنع تقديم خبر "ليس" عليها 10، وقال: لنا في الآية ثلاثة أجوبة:
أحدها: أن "يوم" مرفوع بالابتداء، وإنما بني على الفتح لإضافته إلى الجملة وذلك سائغ مع المضارع كسوغه مع الماضي.
الثاني: أن المعمول قد يقع حيث لا يقع العامل نحو: أمَّا زيداً فاضرب، فإنه لا يلزم من تقديم معمول الفعل بعد "أمَّا" تقديم الفعل.
1 انظر: الإيضاح 1/101.
2 انظر: الخصائص 2/382.
3 انظر: شرح اللمع 1/58، 59
وابن بَرْهان هو: عبد الواحد بن علي الأسدي العكبري، أبو القاسم. عالم في النحو واللغة.
(نزهة الألباء 259، 260، إنباه الرواة 2/213 - 215، شذرات الذهب 3/297) .
4 انظر: المقتصد 1/408.
5 انظر: المفصل 269.
6 انظر: التبيان 2/690.
7 انظر: شرح الجمل 1/389.
8 من الآية 8 من سورة هود.
9 انظر: التبيان 2/690، شرح الجمل 1/389.
10 انظر: شرح التسهيل 1/351، شرح عمدة الحافظ 112.
الثالث: أن يكون "يوم" منصوباً بفعل مضمر، لأن قبله:{ما يَحْبِسُهُ} ، فـ {يَوْمَ يَأْتيهمْ} جواب، كأنه قيل: يعرفون يوم يأتيهم و {لَيْسَ مَصْرُوفاً} جملة حالية مؤكدة أوِّ مستأنفة1.
إذاً: فإن ابن مالك يرى أنه لا يجوز تقديم خبر "ليس" عليها ولا معمول الخبر كما هو ظاهر كلامه وتخريجه للآية.
ومع هذا فقد جاء في ألفيته ما يخالف هذا، حيث قال في باب "الوقف":
والنقلُ إنْ يُعدم نظيرٌ ممتنعْ-وذاك في المهموز ليس يمتنعْ2
فإن "ذاك" مبتدأ و"في المهموز" جار ومجرور متعلق بقوله: "يمتنع"،
و"ليس" فعل ماض واسمها ضمير مستتر فيها، وجملة "يمتنع" خبرها. والجملة من "ليس" واسمها وخبرها في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو اسم الإشارة "ذاك"، والتقدير: وذاك النقل ليس يمتنع في المهموز، فقدم معمول خبر "ليس" عليها وهو ممتنع عند الجمهور3. - ومنهم ابن مالك - كما تقدم - وهذا ضرورة.
قال الأزهري (905هـ) :
"إلا أن يقال بجوازه في الظروف على حَدِّ قوله تعالى: {أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ} 4"5.
1 انظر: شرح التسهيل 1/354.
2 الألفية ص 63.
3 انظر: تمرين الطلاب في صناعة الإعراب 137.
4 من الآية 8 من سورة هود.
5 تمرين الطلاب في صناعة الإعراب 137.