الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأصل كلام الناظم: وابنِ المنادى المعرف المفرد
…
الخ، فالمعرّف نعت للمنادى، فقدم النعت وهو "المعرَّف" على المنعوت وهو "المنادى"، فأعرب المعرف مفعولاً والمنادى بدلاً منه، فصار التابع متبوعاً. ولو أراد الناظم السلامة من ذلك لقال:
وابنِ المنادى المفرد المعرَّفا-على الذي في رفعه قد أُلفا1.
1 انظر: حاشية ابن الحاج على شرح المكودي 2/34.
تقديم معمول المصدر على المصدر:
قال ابن مالك في باب "الضمير":
وفي لَدُنِّي لَدُني قَلَّ وفي-قَدْني وقَطْني الحذفُ أيضاً قد يفي1
فإن قوله: "وفي قدني" متعلق بـ "يفي" أو بالحذف؛ فعلى الأول يلزم تقديم معمول الخبر على المبتدأ. ويلزم على الثاني إعمال المصدر المحلى بـ "أل" وتقديم معموله عليه، وكلاهما خاص بالشعر2.
وقال في باب "كان وأخواتها":
وبعد أنْ تعويضُ ما عنها ارتُكِبْ
…
كمثل: أمَّا أنت برّاً فاقتربْ 3
قال الأزهري: "وبعد: متعلق بـ"ارتكب" أو بـ"تعويض". وأيًّا كان فاللازم أحد الأمرين: إما تقديم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ، أو تقديم معمول المصدر عليه، وكلاهما مخصوص بالشعر"4.
1 الألفية ص13.
2 انظر: تمرين الطلاب في صناعة الإعراب 16.
3 الألفية ص18.
4 تمرين الطلاب في صناعة الإعراب 31.
وقال الناظم في أول باب "التنازع":
إنْ عاملانِ اقتضيا في اسمٍ عَمَلْ
…
قبلُ فللواحد منهما العملْ1
فالمكودي يرى أن قوله: "في اسم" متعلق بـ"اقتضيا"2، لكن الذي يظهر للأزهري - كما قال - أنه متعلق بـ"عمل" وقدم عليه للضرورة3.
وفي باب "الممنوع من الصرف" قال:
ولسراويلَ بهذا الجمعِ
…
شبهٌ اقتضى عمومَ المنعِ4
نقل الأزهري عن الشاطبي قوله: "أتى بضرورة في هذا البيت؛ حيث قدم "بهذا" على "شبَه" وهو مصدر مقدر بـ "أنْ" والفعل، ولا يتقدم معموله عليه، ولا يمكن أن يقدر "شَبَه" هنا بمشبه كما قدر "عجب" بمعنى معجب في قوله تعالى: {أَكان للنَّاسِ عَجَباً} 5) اهـ. بمعناه6.
قال الأزهري: "وقد يمنع كونه مقدراً بـ "أنْ" والفعل هنا ويدعي بأنه مصدر صريح، وحينئذٍ لا يمنع تقديم معموله عليه على الأصحّ - سلّمنا ذلك، لكن ذاك في غير المجرور والظرف لكونهما يكتفيان برائحة الفعل عند المحققين"7.
ومن هذا قوله في باب "إعراب الفعل":
1 الألفية ص26.
2 انظر: شرح المكودي 70.
3 انظر: تمرين الطلاب في صناعة الإعراب 50.
4 الألفية ص50.
5 من الآية 2 من سورة يونس.
6 تمرين الطلاب في صناعة الإعراب 107.
7 المصدر السابق 107.
وبعدَ " حتى" هكذا إضمارُ "أنْ"
…
حتمٌ كـ" جد حتى تسرَّ ذا حَزَنْ1
أعرب الأزهري قوله: "حتم" خبر المبتدأ الذي هو "إضمار" والتقدير: إضمارُ أن حتم بعد حتى هكذا. قال: فقدم معمول المصدر عليه، وعلى المبتدأ العامل فيه للضرورة2.
قلت: المصدر العامل على ضربين:
أحدهما: مقدر بالفعل وحده وهو الآتي بدلاً من اللفظ بفعله نحو: ضرباً زيداً. وهذا يعمل عند أكثر النحويين مقدماً ومؤخراً؛ لأنه ليس بمنزلة موصول، ولا معموله بمنزلة صلة؛ فيقال: ضرباً زيداً، وزيداً ضرباً3.
والآخر: مقدر بالفعل، وحرف مصدري. ولأجل تقديره بهذا جُعل هو ومعموله كموصول وصلة، فلا يتقدم ما يتعلق به عليه، كما لا يتقدم شيءٌ من الصلة على الموصول4.
وقد نسب السيوطي إلى ابن السراج القول بجواز تقديم المفعول على المصدر نحو: يعجبني عمراً ضَرْبُ زيدٍ5.
والذي في "الأصول" خلاف ذلك؛ إذ صرّح أبو بكر بعدم الجواز فقال: "واعلم أنه لا يجوز أن يتقدم الفاعل ولا المفعول الذي مع المصدر على المصدر؛ لأنه في صلته"6.
ويرى ابن مالك إضمار عامل فيما أوهم خلاف ذلك، أو عدَّه نادراً7.
1 الألفية ص51.
2 تمرين الطلاب في صناعة الإعراب 111 (بتصرف يسير) .
3 انظر: شرح الكافية الشافية 2/1024، شرح ألفية ابن معطي 2/1012.
4 انظر: التبصرة والتذكرة 1/241، شرح الكافية الشافية 2/1019.
5 انظر: الهمع 5/69.
6 الأصول 1/137.
7 انظر: التسهيل 142، شرح الكافية الشافية 2/1019.
فقد يجيء ما قبل المصدر متعلقاً به من جهة المعنى تعلق المعمول بالعامل، كقول ابن مُقْبل1:
لقد طالَ عن دهماءَ لدِّي وعِذْرتي-وكتمانُها أُكني بأمِّ فُلانِ2
وكقول عمر بن أبي ربيعة:
ظنُّها بي ظنُّ سوءٍ كُله
…
وبها ظنِّي عَفافٌ وكرمْ3
قال ابن مالك:
فَلَنا في هذه أن نعلق ما تقدم بمصدر آخر محذوف لدلالة الموجود عليه، فيصير كأنه قال: لدِّي عن دهماء لدِّي. وظنِّي بها ظنِّي. فيُتلطف لذلك كله فيما يُؤمن معه الخطأ ويُثبت به الصواب4.
ويكون هذا التقدير نظير قولهم في قوله تعالى: {وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدينَ} 5، أنَّ تقديره: وكانوا زاهدين فيه من الزاهدين6.
1 هو تميم بن أُبيّ بن مقبل، أبو كعب. من بني العجلان. شاعر مجيد مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام فأسلم.
(طبقات فحول الشعراء 1/150، الشعر والشعراء 1/455 - 458، الإصابة 1/189، 190) .
2 البيت من " الطويل ".
اللدد: الجدال والخصومة.
الديوان 344، أمالي المرتضى 2/173، شرح التسهيل 3/113، التذييل والتكميل جـ3 لوحة 235، شرح شذور الذهب 374، شفاء العليل 2/647.
3 من " الرمل " ومعناه ظاهر.
انظر: الديوان 377 برواية " سوءٍ فاحشٍ "، شرح التسهيل 3/113، التذييل والتكميل جـ3 لوحة 235.
4 انظر: شرح التسهيل 3/113، شرح الكافية الشافية 2/1019.
5 من الآية 20 من سورة يوسف.
6 تلك مسألة تتعلق بتقديم معمول الصلة على الموصول؛ حيث اختلف النحويون فيها على عدّة مذاهب؛ منها: المنع مطلقاً وهو قول جمهور البصريين، وأوَّلوا ما جاء في ذلك من شواهد على أربعة تأويلات؛
أحدها: أنه على تقدير عامل مضمر تقديره: أعني، ففي قوله تعالى:{وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدينَ} يكون التقدير: أعني فيه من الزاهدين..
الثاني: أن يكون التقدير: وكانوا زاهدين فيه من الزاهدين، ويكون قوله:"من الزاهدين" تبييناً لا صلة. وإذا كان كذلك جاز تقديمه؛ لأنه ليس في الصلة.
والثالث: أن الألف واللام ليست بمعنى "الذي" وإنَّما هي للتعريف كهي في "الرجل".
والرابع: أن الجار والمجرور متعلق بما تعلق به قوله: {مِنَ الزَّاهِدينَ} ؛ لأن {مِنَ الزَّاهِدينَ} واقع خبراً وهو متعلق بمحذوف فيتعلق أيضاً بـ "فيه".
انظر: اللامات 58، 59، المسائل البغداديات 558، التبصرة والتذكرة 1/277، الأمالي لابن الحاجب 1/152.