المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثانيا: رأي ابن جني والجمهور: - الضرورة الشعرية ومفهومها لدى النحويين دراسة على ألفية بن مالك

[إبراهيم بن صالح الحندود]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌طبيعة الشعر وعلاقته بالضرورة

- ‌ التأليف في الضرائر:

- ‌ مفهوم الضرورة لدى النحويين

- ‌أولاً: رأي سيبويه وابن مالك:

- ‌ثانياً: رأي ابن جني والجمهور:

- ‌ثالثاً: رأي أبي الحسن الأخفش:

- ‌رابعاً: رأي ابن فارس:

- ‌الضرورات الشعرية في ألفية ابن مالك

- ‌مدخل

- ‌خبر "كان" إذا كان ضميراً بين الاتصال، والانفصال:

- ‌الإظهار في موضع الإضمار:

- ‌حذف العائد المجرور مع اختلاف متعلق الجارين:

- ‌تقديم معمول الصلة على الموصول:

- ‌تقديم معمول خبر "ليس" عليها:

- ‌الفصل بين العامل والمعمول بالأجنبي

- ‌تقديم معمول الفعل المؤكد بالنون:

- ‌تقديم النائب عن الفاعل على الفعل:

- ‌قلبُ المعنى:

- ‌تقديم المفعول له على عامله:

- ‌خروج "سوى" عن الظرفية:

- ‌مجيء الحال من المبتدأ:

- ‌مجيء الحال من النكرة بلا مسوغ:

- ‌تقديم الحال على عاملها غير المتصرف:

- ‌تقديم الحال على صاحبها المجرور بحرف:

- ‌تقديم الحال على عاملها المضمن معنى الفعل دون حروفه:

- ‌تفديم الصفة على الموصوف

- ‌تقديم معمول المصدر على المصدر:

- ‌الإخبار عن المصدر قبل تمام عمله:

- ‌تقديم "مِنْ" ومجرورها على أفعل التفضيل:

- ‌تقديم معمول الصفة على الموصوف:

- ‌الفصل بين الصفة والموصوف بما هو أجنبي:

- ‌العطف على الضمير المجرور من غعير إعادة الجار

- ‌صرف ما لا ينصرف:

- ‌حذف أداة الشرط:

- ‌حذف جواب الشرط:

- ‌حذف الفاء من جواب الشرط، وحذف جواب الشرط:

- ‌تقديم معمول الجزاء على الشرط:

- ‌قصر الممدود:

- ‌حذف حرف الصلة للاكتفاء بالحركة منه:

- ‌زيادة ألف الإطلاق في آخر الكلمة:

- ‌قطع همزة الوصل:

- ‌وصل همزة القطع:

- ‌حذف الياء والاستغناء بالكسر عنها

- ‌تخفيفُ الحرفِ المُشَدَّد:

- ‌الخاتمة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌ثانيا: رأي ابن جني والجمهور:

‌ثانياً: رأي ابن جني والجمهور:

يرى أبو الفتح عثمان بن جني (392هـ) وكثير من النحويين أن الضرورة ما وقع في الشعر سواء كان للشاعر عنه مندوحة أم لا؟ ولم يشترطوا في الضرورة أن يضطر الشاعر إلى ذلك في شعره، بل جوّزوا له في الشعر ما لم يجز في الكلام؛ لأنه موضع قد أُلفت فيه الضرائر. دليل ذلك قول الشاعر1:

كم بجودٍ مقرفٍ نال العلا

وكريمٍ بخله قد وضَعَهْ 2

-في رواية من خفض "مقرف"، حيث فصل بين "كم" وما أضيفت إليه بالجار والمجرور، وذلك لا يجوز إلا في الشعر، ولم يضطر إلى ذلك إذ يزول الفصل بينهما برفع "مقرف" أو نصبه3.

ومما استدل به صاحب هذا المذهب - أيضاً - قول الآخر4:

فلا مزنةٌ ودقت ودقَها-ولا أرضَ أبقلَ إبقالَها 5

1 هو أنس بن زُنَيْم. شاعر صحابي. عاش إلى أيام عبيد الله بن زياد.

(المؤتلف والمختلف 55، الإصابة 1/81، 82، الخزانة 6/473) .

2 البيت من "الرمل" من قصيدة قالها الشاعر لعبيد الله بن زياد بن سميّة.

المقرف: النذل اللئيم الأب. ومعنى البيت: إن الجود قد يرفع اللئيم بينما كريم الأب قد يتضع بسبب بخله.

والبيت في: الكتاب 1/296، المقتضب 3/61، الأصول 1/320، الإنصاف 1/303، شرح المفصل 4/132، شرح شواهد الشافية 53، الدرر 4/49، 6/204.

3 انظر: ضرائر الشعر لابن عصفور 13.

4 هو عامر بن جُوَيْن الطائي. شاعر، فارس، من أشراف طيّىء في الجاهلية.

(رغبة الآمل 6/235، الأزمنة والأمكنة 2/170، الخزانة 1/53) .

5 البيت من " المتقارب " في وصف أرض مخصبة بما نزل بها من الغيث.

المزنة: هي السحابة المثقلة بالماء، والودق: المطر. وقوله: أبقلت إبقالها: أي نبت بقلها.

=انظر البيت في: الكتاب1/240، الخصائص 2/411، المغني 860، 879، أوضح المسالك 2/108، المقاصد النحوية 2/464، التصريح 1/278، الخزانة 1/45، 49،50.

ص: 404

ألا ترى أنه حذف التاء من أبقلت، وقد كان يمكنه أن يثبت التاء وينقل حركة الهمزة فيقول: أبقلت ابقالها1.

قال ابن جني في قول الشاعر2:

فزججتها بمزجة

زجَّ القلوصَ أبي مزاده 3

- (فصل بينهما بالمفعول به)، هذا مع قدرته على أن يقول:

زجّ القلوص أبو مزاده

كقولك: سرَّني أكلُ الخبز زيدٌ

فارتكب هاهنا الضرورة مع تمكنه من ترك ارتكابها4.

1 انظر: شرح الجمل 2/550.

2 لم أقف على اسمه.

3 قال البغدادي: "يقال: زججته زجًّا: إذا طعنته بالزُّجّ - بضم الزاي - وهي الحديدة في أسفل الرمح.

وزج القلوص: مفعول مطلق، أي زجاً مثل زج. والقَلوص - بفتح القاف - الناقة الشابة. وأبو مزادة: كنية رجل".

وقول العيني: الأظهر أن الضمير في زججتها يرجع إلى المرأة؛ لأنه يخبر أنه زج امرأته بالمزجة كما زج أبو مزادة القلوص كلامٌ يُحتاج في تصديقه إلى وحي، وقد انعكس عليه الضبط في "مزجَّة" فقال: هي بكسر الميم، والناس يلحنون فيها فيفتحون ميمها " الخزانة 4/415.

والبيت في: معاني القرآن 1/358، 2/81، وفيه "متمكناً" بدل:"بمزجة"، مجالس ثعلب 1/125، الخصائص 2/406، الإنصاف 2/427، المقاصد النحوية 3/468.

4 الخصائص 2/406.

ص: 405

وإلى هذا المذهب ذهب كل من الأعلم الشنتمري (476هـ) ، والرضي1 (686هـ) ، وأبو حيان، وابن هشام2، والبغدادي، والشيخ محمد الأزهري المعروف بـ "الأمير"(1232هـ) .

قال الأعلم: "والشعر موضع ضرورة يحتمل فيه وضع الشيء في غير موضعه دون إحراز فائدة ولا تحصيل معنى وتحصينه، فكيف مع وجود ذلك"

وقال أبو حيان - في التذييل والتكميل -: "لا يعني النحويون بالضرورة أنه لا مندوحة عن النطق بهذا اللفظ، وإلا كان لا توجد ضرورة؛ لأنه ما من لفظ أو ضرورة إلا ويمكن إزالتها ونظم تركيب آخر غير ذلك التركيب، وإنما يعنون بالضرورة أن ذلك من تراكيبهم الواقعة في الشعر المختصة به، ولا يقع ذلك في كلامهم النثريّ، وإنما يستعملون ذلك في الشعر خاصة دون الكلام"4.

أما البغدادي فيقول عن الضرورة: "والصحيح تفسيرها بما وقع في الشعر دون النثر سواء كان عنه مندوحة أوْ لا"5.

وخالف الأمير قول ابن مالك بحجة أنه - كما يقول -: "يسد باب الضرورة، فإن الشعراء أمراء الكلام قل أن يعجزهم شيء. على أنه لا يلزم الشاعر وقت الشعر استحضار تراكيب مختلفة"6.

وما احتج به أصحاب هذا الرأي لم يسلم من المعارضة من قبل أنصار الرأي الأول كاعتراضهم على الاحتجاج بقول الشاعر:

1 انظر: الخزانة 1/33.

2 انظر: تخليص الشواهد 82.

3 تحصيل عين الذهب 86.

4 التذييل والتكميل ج2 لوحة 37. وانظر: الهمع 5/332.

5 الخزانة 1/31.

6 حاشية الأمير على المغني 1/48.

ص: 406