المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نبذة من نوادر الحمقاء - العقد المفصل

[حيدر الحلي]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌فصل في نسبه وحسبه وأصله وشرف بيته

- ‌فصل في كرمه وأخلاقه

- ‌فصل في حلمه ونهاه ووقاره وحجاه

- ‌فصل في تجاربه وذكائه

- ‌فصل في فصاحة لسانه وبلاغة بيانه

- ‌فصل في نعت نثره ونظمه

- ‌فصل في إثبات فصول من نثره وعقود من نظمه

- ‌الباب الأوّل في قافية الألف

- ‌وتشتمل على فصول

- ‌فصل في المديح

- ‌الفصل الثاني في الرثاء

- ‌الفصل الثالث في الغزل

- ‌الباب الثاني في قافية الباء

- ‌وفيها فصول

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌فصل في التهنية

- ‌فصل في الرثاء

- ‌فصل في الغزل

- ‌الباب الثالث حرف التاء

- ‌وفيه فصول

- ‌فصل في المديح

- ‌الفصل الثاني في الغزل

- ‌الفصل الثالث في شكوى الزمان وعدم نباهة الحظ

- ‌الفصل الرابع في الهجاء

- ‌الباب الرابع في قافية الثاء

- ‌وفيها فصلان

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌الفصل الثاني في الإستغاثة

- ‌الباب الخامس في قافية الجيم

- ‌وفيها فصل واحد في المديح

- ‌الباب السادس في قافية الحاء

- ‌وفيها ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌فصل في الرثاء

- ‌فصل في الغزل

- ‌فصل في الإستغاثة

- ‌الباب السابع قافية الخاء

- ‌وفيها فصلان المديح والغزل

- ‌أمّا المديح

- ‌وأمّا الغزل

- ‌الباب الثامن حرف الدال

- ‌وفيه فصول

- ‌فصل في المديح

- ‌فصل في الرثاء

- ‌الباب التاسع في قافية الذال

- ‌وفيها فصل واحد وهو في الثناء

- ‌الباب العاشر في قافية الراء

- ‌وفيها خمسة فصول

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌فصل في التهاني

- ‌فصل في الرثاء

- ‌فصل في الغزل

- ‌الفصل الخامس في الهجاء

- ‌الباب الثاني عشر في قافية السين

- ‌وفيها فصل في المديح

- ‌الباب الثالث عشر في قافية الشين

- ‌وفيها فصلان

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌الفصل الثاني في الرثاء

- ‌الباب الرابع عشر في قافية الصاد

- ‌وفيها فصل في المديح

- ‌الباب الخامس عشر في قافية الضاد

- ‌وفيها فصلان

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌الفصل الثاني في التهنية

- ‌الباب السادس عشر في قافية الطاء

- ‌وفيها فصل في المديح

- ‌الباب السابع عشر في قافية الظاء

- ‌وفيها فصل في المديح

- ‌الباب الثامن عشر في قافية العين

- ‌وفيها فصلان

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌الفصل الثاني في التهاني

- ‌الفصل الثالث في الحماسة

- ‌الباب التاسع عشر في قافية الغين

- ‌وفيها فصل في المديح

- ‌نبذة من نوادر الحمقاء

- ‌الباب العشرون في قافية الفاء

- ‌وفيها ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌الفصل الثاني في التهنئة

- ‌الفصل الثالث في الرثاء

- ‌الباب الحادي والعشرون في قافية القاف

- ‌وفيها فصلان

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌الفصل الثاني في التهنئة

- ‌الباب الثاني والعشرون في قافية الكاف

- ‌وفيها فصل واحد في المديح

- ‌الباب الثالث والعشرون في قافية اللام

- ‌وفيها فصلان

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌الفصل الثاني في التهنية

- ‌الباب الرابع والعشرون في قافية الميم

- ‌وفيها أربع فصول

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌الفصل الثاني في التهنية

- ‌الفصل الثالث في الرثاء

- ‌الفصل الرابع في الإعتذار

- ‌الباب الخامس والعشرون في قافية النون

- ‌وفيها ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌الفصل الثاني في الرثاء

- ‌الباب السادس والعشرون في قافية الواو

- ‌وفيها فصل واحد في المديح

- ‌الباب السابع والعشرون في قافية الهاء

- ‌وفيها فصل واحد في المدح

- ‌الباب الثامن والعشرون في قافية الياء

- ‌وفيها فصل واحد في المديح

- ‌ خاتمة الكتاب

- ‌وفيها فصول

- ‌فصل في نبذة من رسائلي له

- ‌فصل في رسائله

- ‌فصل في نبذ من فرائد نظمه

- ‌تذييل في ذكر بعض تقريظات الكتاب

- ‌التقريظ الأوّل

- ‌التقريظ الثاني

- ‌التقريظ الثالث

- ‌التقريظ الرابع

- ‌التقريظ الخامس

- ‌التقريظ السادس

الفصل: ‌نبذة من نوادر الحمقاء

قال: فجائني بعد ذطلك فقال: يا أبا علي! ما كان ذنبي إليك؟ وما أردت بما صنعت بي؟ فقلت له: وما ذاك عافاك الله؟ فقال: ما هو إلاّ أن وصل إليها ذلك الكتاب حتّى بعثت إليّ: إنّي مشتاقة إليك، والكتاب لا ينوب عن أن أراك، فتعال إلى الروشن الذي بالقرب من بابنا لتقف بحياله حتّى أراك، فتزيّنت بأحسن ما قدرت عليه وصرت إلى الموضع فبينا أنا أنتظر مكلّماً لي أو مشيراً إليّ وإذا شيء قد صبّ عَلَيّ فملأني من فرقي إلى قدمي، وأفسد ثيابي وسرجي، وصيّرني وجميع ما عَلَيّ ودابّتي في نهاية السواد والنتن والقذارة، وإذا هو ماء قد خلط ببول وسواد وسرجين، وانصرفت بخزي وكان ما مرّ بي من الصبيان وسائر من مررت به من الطنز والضحك والصياح أعظم ممّا جرى عَلَيّ، ولحقني من أهلي ما هو شرٌّ من ذلك وأعظم من كلّ ما ذكرته إنمنعت رسلها وانقطعت عنّي. قال: فجعلت أعتذر إليه وأقول: إنّ الآفة أنّها لم تفهم الشعر بجودته، وأنا أحمد الله على ما ناله وأسرّ بالشماتة إليه.

وحيث انجرّ الكلام إلى ذكر هذين الغبيين فلا بأس بتوشيحه بذكر نوادر بعض الحمقاء ونوادرهم كثيرة.

‌نبذة من نوادر الحمقاء

منها ما أورده أبو العبّاس السنجري في كتابه قال: قال واحد من أهل حمص لآخر: عليك بالسنّة تدخل الجنّة، فقال: وما السنّة؟ فقال: حبّ أبي بكر بن عثمان، وعمر بن الصدّيق وعثمان بن الفاروق وعلي بن أبي سفان ومعاوية بن أبي طالب. فقال صاحبه: وما معاوية بن أبي طالب؟ قال: كان صلى الله عليه وسلم رجلاً عابداً من أهل حملة العرش، وكاتب المؤمنين، وخال الوحي، وختن النبي على ابنته عائشة جدّة فاطمة.

وجاء بعضهم إلى القضاة آخذاً بتلبيت رجل، فقال: أعزّ الله القاضي، اصلى الله عليه وآله وسلم نّ هذا رافضي ناصبي مجبري مشبهي جهمي مبتدعي حروري يشتم عليّ بن أبي طالب ويحبّ عمر بن أبي قحافة وأبابكر بن عفّان. فقال القاضي: لا أعرف أيّ شيء أحسد منك: علمك بالمذاهب أم معرفتك بأنساب العرب؟ ومات ابن قاض وكان القاضي يتفلسف، فلمّا أرادوا دفن الميّت قال للحفّار: أضجعه على شقّة الأيسر فإنّه أهضم للطعام.

وجاء حمصي إلى الطبيب فقال: إنّ امرأتي تشكت جوفها أو وسط بطنها أو فوق بطنها. فقال الطبيب: إحمل مائها إليّ لأنظر فيه. قال: لعلّك تعني بولها؟ قال: نعم، فذهب وجاء بطست، فقال الطبيب: ألا جئت به في قارورة؟ فقال: جعلت فداك إنّ إحليلها أوسع من ذلك.

ولنكتف من ذكر نوادرهم بهذا المقدار، ثمّ نعود إلى الكلام على ما في بعض أبيات المقطوعة. أقول: فأمّا قولي:

تدبُّ على الورد النديّ بخدّها

عقارب من أصداغهنّ لواذع

لوادغ أحشاء يبيت سليمها

ودرياقه عذب من الريق سائغ

ففيه تشابه الأطراف وهو أن يجع الشاعر أو الناثر قافية بيته الأوّل أوّل بيته الثاني ليبقى الطرفان متشابهين، والنّاثر كذلك يفعل في السجعات، وهذا النوع كان يسمّى التسبيغ بسين مهملة وغين معجمة. وإنّما ابن أبي الأصبع قال: هذه التسمية غير لائقة بهذا المسمى فسمّاه: تشابه الأطراف، ومن أبرع ما جاء نظماً في ذلك قول ليلى الأخيليّة في الحجّاج وذلك ما روى في الفتح القريب أنّ مولىً لعنبسة بن سعيد ابن العاص قال: كنت أدخل مع عنبسة إذا دخل على الحجاج، فدخل يوماً ودخلت عليهما وليس عند الحجاج غير عنبسة، فأقعدني فجيء الحجاج بطبق فيه رطب، فأخذ الخادم منه شيئاً وجائني به، ثمّ جاء الحاجب فقال: امرأة بالباب، فقال له الحجاج: أدخلها، فدخلت، فلمّا رآها الحجاج طأطأ رأسه حتّى ظننت أنّ ذقنه أصاب الأرض، فجائت حتّى قعدت بين يديه، فنظرت فإذا امرأة قد أسنّت وهي حسنة الخلق، ومعها جاريتان لها، وإذا هي ليلى الأخيلية، فسألها الحجاج عن نفسها، فانتسبت له، فقال لها: يا ليلى ما أتانا بك؟ فقالت: أخلاف النجوم، وقلّة الغيوم، وكلب البرد، وشدّة الجهد، وكنت لها بعد الله الرفد. فقال لها: صفي لنا الفجاج، فقالت: الفجاج مغبره، والأرض مقشعرة، والمبرك معتل، وذوالبال مختل، والهالك للقل، والناس مسنتون، رحمة الله يرجون، وأصابتنا سنون محجفة مبلطة، لم تدع لنا هيعاً ولا ريعاً، ولا عافطة ولا نافطة، أذهب الأموال، ومزقت الرجال، وأهلكت العيال، ثمّ قالت: قلت في الالمير قولاً، فأنشأت تقول:

ص: 168

أحجّاج لا يفلل سلاحك إنّما

المنايا بكفّ الله حيث تراها

أحجّاج لا يعطي العصاة مناهم

ولا الله يعطي للعصاة مناها

إذا هبط الحجّاج أرضاً مريضة

تتبّع أقصى دائها وشفاها

شفاها من الداء العضال الذي بها

غلامٌ إذا هزَّ القناة سقاها

سقاها فرواها بشرب سجاله

دماء رجال حيث حال حشاها

إذا سمع الحجّجاج ردّ كتيبة

أعدّ لها قبل النزول قراها

أعدَّ لها مسمومةً فارسيّة

بأيدي رجال يحلبون صراها

فما ولد الأبكار والعون مثله

ببحر ولا أرض يجفّ ثراها

قال: فلمّا قالت هذا البيت قال الحجّاج: قاتلها الله ما أصاب صفتي شاعر منذ دخلت العراق غيرها، ثمّ التفت إلى عنبسة بن سعيد فقال: والله إنّي لأعد للأمر عسى أن لا يكون أبداً، ثمّ التفت إليها فقال: حسبك، فقالت: إنّي قلت أكثر من هذا، فقال لها: ويحك حسبك، ثمّ قال: يا غلام إذهب إلى فلان فقل له: إقطع لسانها، فذهب بها، فقال له: يقول الأمير: إقطع لسانها، فأمر بإحضار الحجّاج فالتفتت إليه وقالت: ثكلتك أُمّك أما سمعت ما قال؟ إنّما أمر أن تقطع لساني بالصلة، فبعث إليه يستثبته، فاستشاط الحجاج غضباً وهمّ بقطع لسانه، فقال: أُرددها، فلمّا دخلت عليه قالت: كاد وأمانة الله يقطع مقولي، ثمّ أنشأت تقول:

حجاج أنت الذي ما فوقه أحد

إلاّ الخليفة والمستغفر الصمد

حجاج أنت شهاب الحرب إن لقحت

وأنت للناس نور في الدجى يقد

ثمّ أقبل الحجاج على جلسائه فقال: أتدرون من هذه؟ قالوا: لا والله أيّها الأمير إلاّ أنّا لم نر أحداً قط أفصح لساناً ولا أحسن محاورة ولا أملح وجهاً ولا أرصن شعراً منها، فقال: هذه ليلى الأخيلية التي مات توبة من حبّها.

وعلى اختصار هذه الرواية أنّ الحجّاج قال لها في أثناء محادثتها له: أنشدينا في رثاء توبة، فأنشدت قصيدة منها قولها:

كأنّ فتى الفتيان توبة لم ينخ

قلائص يفحصن الحصا بالكراكر

فلمّا فغت من القصيدة قال محصن الفقعسي وكان من جلساء الحجاج: ومن هذا الذي تقول هذيه فيه وإنّي لأظنّها كاذبة، فنظرت إليه ثمّ قالت: أيّها الأمير! إنّ هذا القائل لو رأى توبة لسرّه أن لا تكون في داره عذراء إلاّ وهي حامل منه. قال الحجاج: هذا وأبيك الجواب، وقد كنت غنيّاً عنه، ثمّ أجزل لها صلتها.

أقول: فأمّا قولها: لو رأى توبة لسرّه أن لا تكون في داره عذراء إلاّ وهي حامل منه، فيناسبه ذكر هذه القضيّة وإن كانت تلك من الجدّ في الجواب وهذه من الحماقات المضحكة وذلك أنّ لقمان بن عاد وكان منجباً وله أخت محمقة فقالت لإحدى نساء أخيها: هذه الليلة الطهر وهي ليلتك فدعيني أنام في مضجعك فإنّ لقمان رجل منجب فعسى أن يقع عَلَيّ فأنجب، فوقع عليها فحملت منه بلقيم، فلذلك قال النمر بن تولب:

لقيم ابن لقمان من أخته

فكان ابن أخت له وابنما

ليالي حمقاوها استحصنت

إليه فغرَّ بها مظلما

فأحبلها رجل محلم

فجائت به رجلا محلما

فأمّا قولي في المقطوعة:

يقصر كعب عن نداه وحاتم

ويقصر حتّى جرول والنوابغ

كعب بن مامة الأيادي هو الذي كان يضرب به المثل في الجود، فيقال: أجود من كعب، وهو الذي أراده أبو سعيد الرستمي في قوله من قصيدة يمدح بها الصاحب بن عباد، ولقد أحسن ما شاء وأجاد:

إذا عدّ كعب في السماح أبت له

يمين لها في كلّ أنملة كعب

ويقال: إنّ صاحبه النمري صحبه في سفر له فقلَّ ماؤهم فجعلوا يتقاسمونه بالمقلّة وهي حصاة كانوا يضعونها في قعب ثمّ يغمرونها بالماء ويشربونها على السويّة، فلمّا تصافو الماء أي تقاسموه حصصاً كان النمري كلّما وصل الماء إلى كعب قال له: أذكر أخاك النمري، فيؤثره على نفسه بنصيبه من الماء حتّى هلك عطشاً.

وقيل: إنّه كان قد أشرف على الماء فقيل له: رد يا كعب فلم يقدر على الورود لضعفه فظلّلوا عليه خوفاً من السباع، فلمّا رجعوا إليه بالماء وجدوه ميتاً، فقال له أبوه مامه:

ما كان من سوقة أسقى على ظماء

خمراً بماء إذا ناجودها بردا

من ابن مامة كعب ثمّ عيّ به

ردّ المنيّة إلاّ حرّة وقدا

ص: 169