المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأول في المديح - العقد المفصل

[حيدر الحلي]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌فصل في نسبه وحسبه وأصله وشرف بيته

- ‌فصل في كرمه وأخلاقه

- ‌فصل في حلمه ونهاه ووقاره وحجاه

- ‌فصل في تجاربه وذكائه

- ‌فصل في فصاحة لسانه وبلاغة بيانه

- ‌فصل في نعت نثره ونظمه

- ‌فصل في إثبات فصول من نثره وعقود من نظمه

- ‌الباب الأوّل في قافية الألف

- ‌وتشتمل على فصول

- ‌فصل في المديح

- ‌الفصل الثاني في الرثاء

- ‌الفصل الثالث في الغزل

- ‌الباب الثاني في قافية الباء

- ‌وفيها فصول

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌فصل في التهنية

- ‌فصل في الرثاء

- ‌فصل في الغزل

- ‌الباب الثالث حرف التاء

- ‌وفيه فصول

- ‌فصل في المديح

- ‌الفصل الثاني في الغزل

- ‌الفصل الثالث في شكوى الزمان وعدم نباهة الحظ

- ‌الفصل الرابع في الهجاء

- ‌الباب الرابع في قافية الثاء

- ‌وفيها فصلان

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌الفصل الثاني في الإستغاثة

- ‌الباب الخامس في قافية الجيم

- ‌وفيها فصل واحد في المديح

- ‌الباب السادس في قافية الحاء

- ‌وفيها ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌فصل في الرثاء

- ‌فصل في الغزل

- ‌فصل في الإستغاثة

- ‌الباب السابع قافية الخاء

- ‌وفيها فصلان المديح والغزل

- ‌أمّا المديح

- ‌وأمّا الغزل

- ‌الباب الثامن حرف الدال

- ‌وفيه فصول

- ‌فصل في المديح

- ‌فصل في الرثاء

- ‌الباب التاسع في قافية الذال

- ‌وفيها فصل واحد وهو في الثناء

- ‌الباب العاشر في قافية الراء

- ‌وفيها خمسة فصول

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌فصل في التهاني

- ‌فصل في الرثاء

- ‌فصل في الغزل

- ‌الفصل الخامس في الهجاء

- ‌الباب الثاني عشر في قافية السين

- ‌وفيها فصل في المديح

- ‌الباب الثالث عشر في قافية الشين

- ‌وفيها فصلان

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌الفصل الثاني في الرثاء

- ‌الباب الرابع عشر في قافية الصاد

- ‌وفيها فصل في المديح

- ‌الباب الخامس عشر في قافية الضاد

- ‌وفيها فصلان

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌الفصل الثاني في التهنية

- ‌الباب السادس عشر في قافية الطاء

- ‌وفيها فصل في المديح

- ‌الباب السابع عشر في قافية الظاء

- ‌وفيها فصل في المديح

- ‌الباب الثامن عشر في قافية العين

- ‌وفيها فصلان

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌الفصل الثاني في التهاني

- ‌الفصل الثالث في الحماسة

- ‌الباب التاسع عشر في قافية الغين

- ‌وفيها فصل في المديح

- ‌نبذة من نوادر الحمقاء

- ‌الباب العشرون في قافية الفاء

- ‌وفيها ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌الفصل الثاني في التهنئة

- ‌الفصل الثالث في الرثاء

- ‌الباب الحادي والعشرون في قافية القاف

- ‌وفيها فصلان

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌الفصل الثاني في التهنئة

- ‌الباب الثاني والعشرون في قافية الكاف

- ‌وفيها فصل واحد في المديح

- ‌الباب الثالث والعشرون في قافية اللام

- ‌وفيها فصلان

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌الفصل الثاني في التهنية

- ‌الباب الرابع والعشرون في قافية الميم

- ‌وفيها أربع فصول

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌الفصل الثاني في التهنية

- ‌الفصل الثالث في الرثاء

- ‌الفصل الرابع في الإعتذار

- ‌الباب الخامس والعشرون في قافية النون

- ‌وفيها ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأوّل في المديح

- ‌الفصل الثاني في الرثاء

- ‌الباب السادس والعشرون في قافية الواو

- ‌وفيها فصل واحد في المديح

- ‌الباب السابع والعشرون في قافية الهاء

- ‌وفيها فصل واحد في المدح

- ‌الباب الثامن والعشرون في قافية الياء

- ‌وفيها فصل واحد في المديح

- ‌ خاتمة الكتاب

- ‌وفيها فصول

- ‌فصل في نبذة من رسائلي له

- ‌فصل في رسائله

- ‌فصل في نبذ من فرائد نظمه

- ‌تذييل في ذكر بعض تقريظات الكتاب

- ‌التقريظ الأوّل

- ‌التقريظ الثاني

- ‌التقريظ الثالث

- ‌التقريظ الرابع

- ‌التقريظ الخامس

- ‌التقريظ السادس

الفصل: ‌الفصل الأول في المديح

من بعد ما كانت على جيد العلى

عقداً وفي أُذنيه كانت شنفا

يامسعدي عيني من الحزن قد ابي

ضّت ومنها دمعها ما نزفا

قد غشيتني ظلمة الحزن التي

مادمت فوق الأرض لن تنكشفا

من ناقلٌ لي للرضا صحيفةً

أقصُّ فيها من شجوني طرفا

لعلّه على محبّه الذي

أنحله فقدانه أن يعطفا

إنّي أرى لهابريداً ومتى

قد بعث الحي لميت صحفا

روحي فداء للذي قد غاب عن

عيني وعن قلبي ما تخلّفا

فذكره لم يخل من قلبي وإن

ذكرته قلبي منّي اختطفا

منها:

لله يوم هتّف الناعي به

بموته وليته لا هتفا

وقفت من حرّ الأسى ذا قدم

خيل على جمر حشاه وقفا

أعضّ كفّي أسفاً ولم يفد

إذ فاتني عضّي كفّي أسفا

ومنها:

والوعة المجد على نيّره

الزاهر أمسى في الثرى ملتحفا

كان هلالاً يرتجى كماله

وحينما حاز الكمال انخسفا

وروضة المعروف في أزهارها

صوّحها الدهر وكانت أنفا

والمكرمات أصبحت معولةً

على أخيها تكثر التلهّفا

تدعوا أخي صحبت منك ماجداً

عنّي في حياته ما صدفا

وأنت للوفّاد بحرٌ زاخر

منك متى شاء النوال اغترفا

لله أيّ ماجد بموته

الناس وأملاك السماء اختلفا

هذه تلقّت روحه ضاحكة

وهذه تبكي عليه أسفا

وهذه لروحه قد زيّنت

جنّة عدن فرحاً والغرفا

وتلك شقّت جدثاً لجسمه

بصرخة ثهلان منها رجفا

يا نكبة لم يستطع مصابها

لسان كلّ ناطق أن يصفا

ومنها في تعزية أبيه الماجد محمّد الصالح:

يا من تراه الناس في الجلى إذا

ماليلها بالحادثات أسدفا

أقرّها قلباً إذا ما أقبلت

سوداء قلب الدهر منها وجفا

أنت الذي بوجهه عن الورى

ما إن دجا الحادث إلاّ انكشفا

في الأسى تهدي إلى قلب من

صبرك لو جلَّ المصاب تحفا

فيغتدي قلبك من رقّته

أشدُّ إصلاداً بها من الصفا

محمّد للصبر أنت صالح

عرفت من معناه ما لن يعرفا

وهي طويلة. واعلم أنّ كثيراً من شعر عمّنا المذكور لم نذكر منه إلاّ اليسير اتّكالاً على ذكره له في كتابه المسوم ب "مصباح الأدب الزاهر".

‌الباب الحادي والعشرون في قافية القاف

‌وفيها فصلان

‌الفصل الأوّل في المديح

قلت في مدحه:

حمّلتك الديار ما لا تطيق

مذ عرى شمل أهلها التفريق

عرصات حبست أيدي المراسيل

عليها والدمع منك طليق

كنت ترتادها وريقة روض

وهي اليوم دمنةٌ لا تروق

سحقتها اليوم المطايا كأن لم

تك بالأمس وهي مسك سحيق

صاح ماذا عليك من رسم دار

قد تعفّت وزال عنها الفريق

أوحشت غير أن يئنَّ ابن ورقاء

بها أو يحن صبٌّ مشوق

فأطرح ذكرها لمدح عظيم

هيبةً باسمه تضيق الحلوق

حسن الفعل ماجد الفرع والأصل

جدير بالمكرمات خليق

لحقته أماجد العصر لكن

عزَّ في شأوه عليها اللحوق

ذو لسان كما ينضنض صلٌّ

وفم فيه ريقة الصلّ ريق

وهو في أعين الخصوم لسان

وبأحشائهم سنان ذليق

وإذا غاية من المجد عنّت

لم يعقه عن نيلها العيوق

قولي: لحقته أماجد العصر الخ قد مضى طرف من ذكر المسابقة في قافية الجيم ونحن نذكر طرفاً منها الآن، قال مهيار الديلمي:

عرفت من نفسك ما لم يعرفوا

فطرت حتّى صرت حيث تستحق

كم عجبوا منك وأنت ترتقي

وانتظروا فيك الزليل والزلق

وخاوصوك حسداً بأعين

لم تحفل الشهلة منها والزرق

حتّى تركت النجم في خضرائه

يخطر زهواً إن سبقت ولحق

وإنّي لأستحسن لعمّنا المهدي في السبق واللحوق من جملة قصيدة ولقد أجاد في معنى أبياته هذه:

ورأوك تسعى للمعالي ساحبا

ذيل الفخار على ذرى الجوزاء

فجروا وراك فغبت عن أبصارهم

فتخيّلوا سبقوك للعلياء

وإذا هم بمكانهم لا يستطي

عون اللحوق بكم من الإعياء

ص: 173

فجسومهم في الأرض واهية القوى

وعقولهم طارت مع العنقاء

ياليتها تبعت عقولهم ولا

تبقى لهم في خزية شنعاء

وقال السري الرفاء:

كم حاولا أمدي فطال عليهما

أن يدركا إلاّ مثار ترابي

عجزا ولن تقف العببيد إذا جرت

يوم الرهان مواقف الأرباب

ومثل قوله: أن يدركا إلاّ مثار ترابي، قول السيّد الرضي في صفة الجواد، ولقد أحسن وأجاد:

وذي حجول نافض سبيبه

على طموح الناظرين بازل

ينقضُّ لا تلحق من غباره

إلاّ بقايا فلق الجراول

وفي هذا البيت من المبالغة ما لا يخفى، لأنّه جعل هذا الجواد في سرعة عدوه لا يلحق غباره وإنّما يحلق منه فلق الجراول - وفلق الجراول الحجار الصغار التي تنحتّ من الصخر وتكون مع ترابه لدقّتها - وحيث انتهى الكلام إلى ذكر الجواد وشدّة عدوه لا بأس بذكر نبذة ممّا نظمته الشعراء في الخيل، قال الطغرائي:

سبقت حوافرها النواظر فاستوى

سبق إلى غاياتها وصفون

لولا ترامي الغايتين لأقسم

الرائون أنّ حراكها تسكين

وتكاد تشبهها الصروف لو أنّها

لم تعتلقها أعين وظنون

وما أحسن ما وصف به ابن حجاج فرسه:

قال له البرق وقالت له

الريح جميعاً وهما ما هما

ءأنت تجري معنا قال لا

إن شئت أضحكتما منكما

هذا ارتداد الطرف قد فتّه

إلى المدى سبقا فمن أنتما

وقال ابن دريد:

يجري فتكبو الريح في غاياته

حسرى تلوذ بجراثيم السحا

وقال ابن نباته:

لا تعلق الألحاظ من أعطافه

إلاّ إذا كفكفت من غلوائه

قال ابن حمديس الصيقلي:

يجري فلمع البرق في أثاره

من كثرة الكبوات غير مفيق

ويكاد يخرج سرعة من ظلّه

لو كان يرغب في فراق رفيق

وما أبدع قول ابن المعتز:

فكأنّه موج يذوب إذا

أطلقته وإذا حبست جمد

وما أحلا قوله أيضاً:

يكاد أن يخرج من إهابه

إذا تدلّى السوط لولا اللبب

وقال شمس الدولة:

أبت الحوافر أن يمسَّ بها الثرى

فكأنّه في جريه متعلّق

وكأنّ أربعة تراهنُ طرفه

فتكاد تسبقه إلى ما يرمق

ولقد أجاد عمّنا المهدي حيث نسج على منوال هذا المعنى فقال:

يعدو عليهم على عداء سابحة

من شدّة الجري لم تبصر توائمها

تطير بين السما والأرض جائلة

كأن قوائمها كانت قوادمها

وقال بعضهم:

كم سابح أعددته فوجدته

عند الكريهة وهو نسر طائر

لم يرم قط بطرفه في غاية

إلاّ وسابقه إليها الحافر

وبليغ قول الصفدي:

يا حسنه من أشقر قصّرت

عنه بروق الجورّ في الركض

لا تستطيع الشمس من جريه

ترسمه ظلاًّ على الأرض

وعجيب قول الصفي:

وأدهم يقق التحجيل ذي مرح

بميس من عجبه كالشارب الثمل

مطهّم مشرف الأذنين تحسيه

موكلا باستراق السمع عن زحل

ركبت منه مطاليل تسير به

كواكبٌ تلحق المحمول بالحمل

إذا رميت سهامي فوق صهوته

مرّت بهاديه وانحطّت عن الفل

وغريب قوله أيضاً:

وأغرّ تبريّ الإهاب مورد

سبط الأديم محجّل ببياض

أخشى عليه بأن يصاب بأسهمي

ممّا ييسابقها إلى الأغراض

وقال المتنبّي:

يقبّلهم وجه كلّ سابحة

أربعها قبل طرفها تصل

إن أدبرت قلت لا تليل لها

أو أقبلت قلت مالها كفل

وبديع قول جمال الدين:

وأدهم اللون فات البرق وانتظره

فغارت الريح حتّى غيّبت أثره

فواضعٌ رجله حيث انتهت يده

وواضع يده أنّى رمى بصره

سهم تراه يحاكي السهم منطلقاً

وماله غرض مستوقف خبره

يعقّر الوحش في البيداء فارسه

وينثني وادعاً لم يستثر غبره

وقال ابن نباتة:

وردٌ مع العرب منسوب فلا قطعت

يد الحوادث من أنسابه شجره

إذا امتطى ظهره رامي السهام مضى

والسهم حذواً فلولا سبقه عقره

عجبت حين تسمّى سابحاً وله

وثب لو البحر راسى دونه طفره

فتخاء في هضبات الحسن صاعدة

أولا فصاعقة في السهل منحدره

ص: 174

لمّا ترفّع عن ندٍّ يسابقه

أضحى يسابق في ميدانه بصره

ومن الشعر الأجنبي تخميس قصيدة في مدح النبي وذلك أنّ مركز دائرة الفصاحة، من حلّ من الزوراء أشرف ساحه، الذي كانت تغترف أهل النظم من حبره، وننسج ديباج كلامها على منوال نثره، عبد الباقي أفندي الفاروقي العمري نظم هذه القصيدة القافية في مدح النبي سيّد البرية وأرسلها إلى الفيحاء، فخمستها وأرسلتها إليه إلى الزوراء، وسمّطْتُها بهذا العقد النفيس، الذي جاء حسبما اقترحه من التخميس:

تعاليت من فاتح خاتم

عليم بما كان من عالم

فيا صفوة الله من هاشم

تخيّرك الله من آدم

وآدم لولاك لم يخلق

بك الكون آنس منه مجيئاً

وفيك غدا لا به مستضيئاً

لأنّك مذ جاء طلقاً وضيئاً

بجبهته كنت نوراً مضيئاً

كما ضاء تاج على مفرق

فمن أجل نورك قد قرّبا

إله السماء آدماً واجتبى

نعم والسجود له أوجبا

لذلك إبليس لمّا أبى

سجوداً له بعد طرد شقي

وساعة أغراه في إفكه

بأكل الذي خصَّ في تركه

عصى فنجى بك من هلكه

ومع نوح إذ كنت في فلكه

نجا وبمن فيه لم يغرق

وسارة في سرّك المستطيل

غداة غدا حملها مستحيل

بإسحاق بشّرها جبرئيل

وخلّل نورك صلب الخليل

فبات وبالنّار لم يحرق

حملت يصلب أمين أمين

إلى أن بعثت رسولاً مبين

وهل كيف تحمل في المشركين

ومنك التقلّب في الساجدين

به الذكر أفصح بالمنطق

براك المهيمن إذ لا سماء

ولا أرض مدحوّة لا فضاء

ومذ خلق الخلق والأنبياء

سواك مع الرسل في إيلياء

مع الروح والجسم لم يلتق

وكلٌّ رأى الله لم يحذه

علاك وعلمك لم يغذه

فنزّه عهدك عن نبذه

فجئت من الله في أخذه

لك العهد منهم على موثق

صدعت به والورى في عماء

فحفّت بمجدك جند السماء

ورفَّ عليك لواء الثناء

وفي الحشر للحمد ذاك اللواء

على غير رأسك لم يخفق

وحين عرجت لأسما مقام

وأدناك منه إله الأنام

أصبت بمرقاك أعلا المرام

وعن غرض القرب منك السهام

لدى قاب قوسين لم تمرق

وقدماً بنورك لمّا أضاء

رأت ظلمة العدم الإنجلاء

فمن فضل ضوئك كان الضياء

لقد رمقت بك عين العماء

وفي غير نورك لم ترمق

أضاء سناك لها مبرقاً

وقابل مرآتها مشرقاً

إلى أن أشاع لها رونقاً

فكنت لمرآتها زيبقاً

وصفو المرايا من الزيبق

بك الأرض مدّت ليوم الورود

وأضحت عليها الرواسي ركود

وسقف السما شيد لا في عمود

فلولاك لاانطمَّ هذا الوجود

من العدم المحض في مطبق

ولولاك ما كان خلق بعود

لذات النعيم وذات الوقود

ولا بهما ذاق طعم الخلود

ولا شمّ رائحةً للوجود

وجود بعرنين مشتنشق

ولو لم تجدك لمولوده

أباً أُمُّ أركان موجوده

إذاً عقمت دون توليده

ولولاك طفل مواليده

بحجر العناصر لم يبغق

ولولاك ثوب الدجى ما انسدل

ونور سراج الدجا ما اشتعل

ولولاك غيث السما ما نزل

ولولاك رتق السماوات وال

أراضي لك الله لم يفتق

ففيك السماء علينا بنى

وذي الأرض مدّ فراشاً لنا

فلولاك ما انخفضت تحتنا

ولولاك ما رفعت فوقنا

يد الله فسطاط إستبرق

ولا كان بينهما من ولوج

لغيث تحمل ماءً يموج

ولا انتظم الأرض ذات الفروج

ولا نثرت كفّ ذات البروج

دنانير في لوحها الأزرق

ولاسير الشهب ذات الضياء

بنهر المجرّة ربّ العلاء

ولم ينش نوتي زنج المساء

ولا طاف من فوق موج السماء

بسيطة أيدي الحيا المغدق

ولولاك ما فلّت الغاديات

بأنمل قطر نواصي الفلاة

لا الرعد ناغى جنين العضات

ولا كست السحب طفل النبات

من اللؤلؤ الرطب في بخيق

ولا صدغ آس بدا في ربى

على خدّ ورد غدا مذهبا

ص: 175

ولا رنحت قدّ غصن صبا

ولا اختال نبت ربىً في قبا

ولا راح يرفل في قرطق

أفضت نطاف ندىً دافقات

بها اخضرَّ عرس رجا الكائنات

فلولاك ما سال وادي الهبات

ولولاك غصن نقي المكرمات

وحقّ أياديك لم يورق

لك الأرض أنشأ علاّمها

وقد نصبت بك أعلامها

فولالك لم تنخفض هامها

وسبع السماوات أجرامها

لغير عروجك لم تخرق

ولولاك يونس ما خلّصا

من الحوت حين دعا مخلصا

وعيسى لما أبرأ الأبرصا

ولولاك مثعنجرٌ بالعصا

لموسى بن عمران لم يفلق

ولا يوم حرب على الشرك قاظ

بسيف هدىً مستطير الشواظ

ولا أنفس الكفر أضحت تفاظ

ولولاك سوق عكاظ الحفاظ

على حوزة الدين لم تنفق

بحبل الهدى كم رقاب ربقت

وكم لبني الشرك هاماً فلقت

وكم في العروج حجاباً خرقت

وأسرى بك الله حتّى طرقت

طرائق بالوهم لم تطرق

لقد كنت حيث تحير العقول

بشأو عُلىً ما إليه وصول

فأنزلك الله هاد رسول

ورقاك مولاك بعد النزول

على رفرف حفَّ بالنمرق

لك الله أنشى من الأُمّهات

كرائم ما مثلها محصنات

ومذ زوّجت بالكرام الهدات

بمثلك أرحامها الطاهرات

من النطف الغرّ لم تعلق

لحقت وإن كنت لم تعنق

لشأو به الرسل لم تعلق

وأحرزت قدماً مدى الأسبق

فيا لاحقاً قطُّ لم يسبق

ويا سابقاً قطُّ لم يلحق

خلقت لدين الهدى باسطاً

لنا وبأحكامه قاسطاً

وحيث صعدت عُلىً شاحطاً

تصوّبت من صاعد هابطاً

إلى صلب كلّ تقي نقيّ

هبطت بأمر العليّ الودود

إلى عالم عالم بالسعود

ونورك سام لأعلا الوجود

فكان هبوطك عين الصعود

فلا زلت منحدراً ترتقي

فلمّا وصلت إليه هذه القصيدة متحلّية بهذا السمط كتب إليّ بهذه المقطوعة يشكرني على ذلك:

لقد أبد السيّد المرتقي

بتسميطه ذروة الأبلق

وفاه بما فيه لا فضَّ فوه

لبيد الفصاحة لم ينطق

وبرَّز في حلبة غيره

إليها وإن طار لم يسبق

وقلّد أبكار شعري حلىً

تباهي الكواكب في الرونق

كأنَّ انحلال نظامي لديه

من الربط كان على موثق

فقيد منه نحور الشطور

فها هي للحشر لم تطلق

وأدناه منه وأحنى عليه

حنو الشفيق على المشفق

وحيدر في فتكه ما سواه

إذا ماادّعى الفتك لم يصدق

غداً باقراً البطون الفنون

فأظهر منها الصريح النقي

ومن فكره الحسن العسكري

عليها لقد كرَّ في فيلق

تسامي فطال على واستحال

من الباقيات على مابقي

فمن ذا يجاريه وهوالخضم

وفي لجّة منه لم يغرق

إذا صال أو جال يوم النضال

فمن ذا يحامي ومن ذا يقي

بنار قريحته ذهنه

عجبت له كيف لم يحرق

ومن لطفه كيف لا يستطير

ومن صفوه كيف لم يبرق

ومن لينه كيف لا ينثني

ومن ريعه كيف لم يورق

ومن أُفقه كيف لا يستنير

ومن برجه كيف لم يشرق

وفي ريّه كيف لا يرتوي

وفي ريّه كيف لم يعبق

على رقعتي صال تخميسه

كما صال رخٌّ على بيدق

فهل بالغ من بليغ مداه

وقد جاء بالمفحم المفلق

على نسق مثل تنسيقه

بنان التصوّر لم تنسق

تخلّق في خلق لو يقال

بطيب الخلوق به أخلق

تملّك حرَّ الكلام الرقيق

فمن رقّه قطُّ لم يعتق

له مزبرٌ يرو عن ذي الفقار

إذا هو أجراه في مهرق

ومنه الصرير يحاكي الصليل

فيخبر عن غزوة الخندق

ويصعد للأوج منه الصريف

فيسمعنا نغمة الموسقي

ومن نعت خير الورى جدّه

تحدّى لما فيه لم يلحق

هو اليوم مثلي به يحتمي

وفيه غداً من لظى نتّقي

فلا زال والفضل يرنو إليه

بألحاظ ذي صبوة شيّق

به أهل حلّته تستطيل

على آل كيوان في جلّق

ص: 176

ومن ذلك ما نظمته في مدح علم المفاخر ومعدن المآثر، غصن الدوحة الطيّبة من آل عبد مناف السيّد سلمان أفندي نقيب الأشراف، وذلك بمدينة السلام بغداد سنة 1295.

بني العشق ما أحلى إلى كلّ عاشق

طلاً لمشوق زفّها كفُّ شائق

ولم أر في الأحشاء ألطف موقعاً

وأرشق من نبل العيون الرواشق

وأغرق أهل الحب في الحبّ مهجة

بكلّ غرير في المحاسن فائق

أضنّهم حتّى على لحظ عينه

بما احمرَّ من ورد بخدّيه رائق

وما العمر عندي كلّه غير ليلة

يبيت رهيف الخصر فيها معانقي

ترفُّ على صدري خوافق فرعه

رفيف حشاً منّي على الشوق خافق

كأنّ الثريا طوّقته هلالها

ومن حسدت مدّت له كفّ سارق

من الريم لم يألف سوى الرمل ملعباً

ولم يرتبع إلاّ بأحناء بارق

ونشوان من مشمولة الدلّ قدّه

أرقّ من الغصن انعطافا لوامق

مورد ما بين العذارين زارني

فنزّه أحداقي بورد الحدائق

وقلت وقد أرخى على الخدّ صدغه

لقد سلسل الريحان فوق الشقائق

أُقبّل طوراً ورد خدّيه ناشقاً

عبير شذاً ما شقَّ عرنين ناشق

وألثم طوراً ثغره العذب راشفاً

سلافة خمر لم تدنّس بذائق

خلوت وما بي ريبة غير نظرة

تزوّدتها منه بعيني مسارق

وراودته لكن من الثغر قبلة

ألذَّ وأشهى من غبوق لغابق

وأعرضت عمّا دون عقد إزاره

عفافاً وقد زالت جميع العوائق

وحسبك منّي شيمة قد ورثتها

عن الغالبين الكرام المعارق

خليلي ما للكأس كفّي ولا فمي

ولا كبدي للناهدات العواتق

نسبت ومابي يعلم الله صبوة

ولا اجتذبت أحشاي بعض العلائق

عشقت ولكن غير جازية المها

وما العشق إلاّ للمعالي بلائق

خذا من لساني ما يروق ذوي النهى

ويترك أهل النظم خرس الشقاشق

مديحاً له تجلو مفارقها العلى

و"سلمان" منها غرّة في المفارق

وقورٌ على الأحداث لا تستخفّه

إذا طرقت في الدهر إحدى البوائق

ومن كعليّ القدر كان أباً له

يزن بحجاه راسيات الشواهق

نقيب بني الأشراف أعلى كرامهم

عماداً وأسناهم فناءً لطارق

فما قلبت أُمُّ النقابة قبله

ولا بعده في مثله طرف رامق

فتىً إن سرى يوماً لإحراز مفخر

فليس له غير العلى من مرافق

لقد غدت الدنيا عليه جميعها

مغاربها تثني ثناء المشارق

تطرّق أُمّ المجد في بيت سؤدد

يظلّل عزّاً بالبنود الخوافق

فأنجب من سلمان وهو ذكا العلى

ببدر نهى يجلو ظلام الغواسق

همامٌ نمته دوحة نبويّة

إلى مثمر في المجد منها ووارق

يعدُّ رسول الله فخراً لمجده

وحسبك مجداً في الذرى والشواهق

تضوع بعطفيه السيادة مثلما

تضوّع عرف المسك طيباً لناشق

به اقتدحت زند النجابة هاشم

ففي وجهه من نورها لمع بارق

سما في المعالي طالباً قدر نفسه

إلى شرف فوق الكواكب باسق

وفات جميع السابقين إلى العلى

فقصّر عن إدراكه كلّ سابق

وقالوا رويداً حكَّ عاتقك السهى

فقال وهل قدر السهى حكُّ عاتقي

تمنطق طفلا بالرياسة واحتذى

بأخمصها تيجان أهل المناطق

إليكم ملوك الأرض عن ذي سرادق

تجمّعت الدنيا به في السرادق

تقبّل أهل الفخر أعتاب داره

فيأرج منهم طيبها في المفارق

فداء مفاتيح الندى من بنانه

أكفّ على أموالها كالمغالق

تعلّل راجيها إذا اسودَّ ليله

بكاذب وعد فجره غير صادق

نديّ بنان الكفّ في كلّ شتوة

يجفّ بها ضرع الغيوم الدوافق

فحيث يشيم المجدبون بوارقاً

تمنّوا نداه غيث تلك البوارق

وضيء المجالي والمعالي كليهما

وعذب السجايا والندى والخلائق

أخف عل يالأرواح طبعاً من الهوى

ولكنّه في الحلم هضبته شاهق

فما طلعة البدر المنير مضيئة

كطلعته الغرّاء في كلّ غاسق

مهيبٌ فلولا ما به من تكرّم

لما لمحته رغبة عين رامق

ص: 177

فما هيبة الضرغام دون عرينه

كهيبته القعساء دون السرادق

تضايقت الدنيا ببعض فخاره

على أنّه فرّاج كلّ المضائق

يضيق فضاء الأرض في رحب صدره

إذا هي غصّت بالخطوب الطوارق

من الفاطميين الذين تراضعت

قناهم طلا الأعداء في كلّ مازق

هم توّجوا هام الملوك ببيضهم

وداسوا على أنماطهم بالسوابق

إذا نزلوا كانوا ربيع بني المنى

وإن ركبوا كانوا حماة الحقائق

تعانق فوق الخيل عالية القنا

عناق سواها الغيد فوق النمارق

هم القوم ما في الشيخ منهم لكهلهم

وما منهم في كهلهم للمراهق

وهذا ابنهم سلمان والفرع طيبه

يجيء على مقدار طيب المعارق

إذا مسحت منه العلى وجه سابق

جلت من أبي محمود غرّة لاحق

فتىً علمه يحكي غزارة جوده

وما علم قوم غير محض التشادق

لقد قوّمت منه الإصالة رأيه

فكان لفتق الدهر أحزم راتق

ومنطيق فضل لو يشاء لسانه

لفلَّ حدود الفاصلات البوارق

يحاكي بقطع الخصم أسياف قومه

فيمضي مضاها في الطلا والمرافق

ويطعنه في قلبه بنوافذ

نفوذ قناهم في قلوب الفيالق

أباالمصطفى أرغمت أنت وذوالنهى

شقيقك في العليائ شمّ المناشق

لقد زنتما جيد العلى من بنيكما

بسمطي فريد في العلى متناسق

فياقمراً سارت بذكر علائه

نجوم القوافي في سماء المهارق

إليك تعدّت فكرتي كلّ فكرة

لما لم يكن فيه مجال لحاذق

فجاءت من القول الذي انفردت به

بآيات نظم أفحمت كلّ ناطق

سلمت على الدنيا وفخرك مشرق

يضيء ضياء الشمس في كلّ شارق

لك الدهر عبد لا يرى المجد عتقه

ولا هو يلوي عنكم جيد آبق

واتّفق لي مع ذلك الماجد زعيم الزوراء ونعيمها، والمحرز طريق المكارم وقديمها، نقيب الأشراف ببغداد السيّد سلمان أفندي خلّد الله مجده ما لو ظفرت بلئالئه الحور، لزيّنت به النحور، ووشحت به الحضور، فمنه أنّي وردت بغداد في سنة 1295 فلمّا حللت بنادي جوهرة الزمن، الفاضل الماجد الشيخ محمّد الحسن خلف الخلف الصالح نشر الله فضله، وطوى بالإعدام من حاسده ظلّه، بلغني أنّ السيّد المذكور يتشوّق إليّ كثيراً، فنظمت هذه الأبيات وأرسلتها إليه برسم الهديّة.

سبقت الورى مجداً يدوم بلا حدّ

فكان بلا قبل ويبقى بلا بعد

خلقت كما شائت نقيبتك التي

أتاها الندا كوني فكانت بلا ندّ

وجئت إلى الدّنيا كما اشتهت العلى

تعيد من المعروف أضعاف ما تبدي

وتبسط أندى من أديم غمامة

بناتاً يعلّمن الحيا كيف يستنجدي

وفي القوم من يغدو به مستميحه

كمستقطر ماءً من الحجر الصلد

يقولون في الدنيا بنت دارك العلى

فقلت بل الدنيا بها بنيت عندي

كذبنا فذا رضوان بشرك مخبر

يحدّث عنها أنّها جنّة الخلد

فمنك المزيّا قد تقسّمن فردها

وأعجب شيء قسمة الجوهر الفرد

ألست من القوم الذين وليدهم

يرشّح طفلاً للعلى وهو في المهدى

فما حضنوا إلاّ بحجر نقابة

ولا رضعوا يوماً سوى حلم الرشد

فيا قمم الأعداءللأرض طأطأي

ويا عينهم عودي من الجفن في غمد

نضا الله في كفّ النقابة سيفها

وقال احتكم ما شئت يا فاصل الحدّ

وهبتك أبصار العدى وقلوبها

فدونك ما تختاره من ذوي الحقد

وممّا يعير الأرض فخراً على السما

وببهي الحصا فيها على أنجم السعد

بيوتٌ بها قد أودع الله منكم

أطائب ما استصفاه من عترة المجد

لكم أذن الله العظيم برفعها

وأنتم مصابيح بها الناس تستهدي

لوجهك قد صلّى بها المدح والثنا

لأنّك فيها قبلة الشكر والحمد

ص: 178

فأمّا قولي فيها: يوقولن في الدنيا بنت دارك العلى الخ، ففيه العقد وهو نظم الكلام المنثور، ويقابله الحل، وهو نثر المنظوم وكلاهما من محسناة الكلام. وقد عقدنا كلمات منثورة لأبي العينا، وذلك أنّه دخل على المتوكل وهو في قصره المعروف بالجعفري، فقال له المتوكل: ما تقول في دارنا هذه؟ فقال أبوالعينا: الناس بنوا دورهم في الدنيا وأنت بنيت الدنيا في دارك، فاستحسن كلامه.

ومنه إنّي نظمت فيه هذين البيتين وأرسلتهما إليه:

لقد قلت للأرض ادّعت بنجومها

عليك السما فخراً فقالت أجيبها

لئن هي بالأشراف منها تزيّنت

فما الفخر إلاّ حيث حلّ نقيبها

ومنه ما جرى لي مع أخيه فريد الزمان، وجمال العصر والأوان السيّد عبد الرحمن أفندي دام مجده، وذلك أنّه بعث إليّ الحاج مصطفى آل كبّه أن يرسل له كتاب نهج البلاغة وقصيدة الرضي المقصورة التي قالها في رثاء الحسين عليه السلام، فأرسلهما، وكانت المقصورة غير تامّة، ثمّ بعد ذلك وجد المقصورة تامّة فأرسلها وسالني أن أكنت معها عن لسانه شيئاً، فقلت:

يا من تفرّع من ذوابة معشر

غدت النقابة منهم في آلها

هذي بديلة أختها المقصورة

الأُولى أتتك تفوقها بكمالها

فلمّا وصلت إليه أرسل أبياتاً يلتمس من الله بها نصر المسلمين وسلطانها، وخذلان المشركين وأعوانها، وسألني تشطيرها وتخميسها وهي هذه:

يا إله الخلق يا بارئنا

نحن في الضيق فكن عوناً لنا

وانصر الغازين وارحم حالهم

وتلطّف بهم في ذا العنا

فهم المفدون أرواحهم

وهم الموفون فرضاً بيّنا

فأجزهم خيراً وضاعف أجرهم

أنت فيّاض العطايا والغنى

واخذل الكفّار واخرب دارهم

واهلكنهم واشف فيهم قلبنا

فنشطت لما ندبني إليه وأنا معترف بأنّ له المنّ عَلَيّ لا لي المنّ عليه، لأنّه لمّا دعاني للأخط بخطي من الإنتظام، في سلك الداعين بالنصر لحامي حوزة الإسلام، وبالتأييد لجند المسلمين، المرابطين في سبيل الله في جهاد الكافرين، وقلت:

وما فاتني نصرهم باللسان

إذا فاتني نصرهم باليد

ثمّ شطرت فقلت:

"يا إله الخلق يا بارئنا"

لك نشكوا اليوم ما حلَّ بنا

كظّنا حشد الملمّات فها

"نحن في الضيق فكن عوناً لنا"

"وانصر الغازين وارحم حالهم"

فلقد أبلوا بلاءً حسنا

حيث عانوا فيك ما عانوا فجد

"وتلطّف بهم في ذا العنا"

"فهم المفدون أرواحهم"

ليقوا فيها الهدى والسننا

لك قد دانوا فمن يفضلهم

"وهم الموفون فرضاً بيّنا"

"فأجزهم خيراً وضاعف أجرهم"

واجعل النصر بهم مقترنا

ومن الفيء فوفّر حظّهم

"أنت فيّاض العطايا والغنى"

"واخذل الكفّار واخرب دارهم"

وأبحنا أرضهم والقنّنا

قد تشفّوا فادلنا منهم

"وأهلكتهم واشف فيهم قلبنا"

ثمّ قلت مخمّساً:

نشأت نكباء يا ذارئنا

إن تذرها أهرمت ناشئنا

خذ بأيدينا وكن كالئنا

يا إله الخلق يا بارئنا

نحن في الضيق فكن عوناً لناواخذل الكفّار واشغل بالهم

وأبحهم واخترم آجالهم

واصطلمهم ليروا أعمالهم

وانصر الغازين وارحم حالهم

ووتلطّف بهم في ذاالعناقوموا للحرب أشباحهم

ثمّ باعوا الكرب أفراحهم

فزد اللهمّ أرباحهم

فهم المفدون أرواحهم

وهم الموفون فرضاً بيّناعنهم ضع يا إلهي أسرهم

وبنصر منك فاشدد أزرهم

محّضوك اليوم حقّاً صبرهم

فأجزهم خيراًوضاعف أجرهم

أنت فيّاض العطايا والغنىفي حمى الأشراك أوقد نارهم

واقتساراً ولهم أدبارهم

ولئلاّ يخذلوا كن جارهم

واخذل الكفّار واخرب دارهم

واهلكنهم واشف فيهم قلبناثمّ كتبت إليه مع هذا الشعر بهذه الفواصل من النثر والأبيات التي في أثنائها لي قلتها فيه وهي هذه:

"ممّن وقع منه طائر القلب

حيث يلتقط الحُب لا الحَب"

إلى فتىً من قبيلة آبداً

قبيلة في الفخار واحدها

لم تنمه هاشم لذروتها

إلاّ وغيظاً يموت حاسدها

ص: 179