المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الثالث: سلمنا أن وفد عبد القيس مجاهيل ومجاريح فما للاجتهاد، والتعذر أو التعسر - العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم - جـ ١

[ابن الوزير]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌ترجمة المؤلف بقلم الأستاذ إبراهيم الوزير

- ‌المسلك الأوَّل: الدعاءُ إلى الحق بالحِكمة البُرْهانية، والأدلة القطعية

- ‌المسلك الثاني: الجدلية:

- ‌المَسْلك الثالث: الخطابية

- ‌المسلك الرابع: الوعظية، وهي نوعان:

- ‌الثاني: أنَّ كونَهم جماعة، يُقَوِّيهِ

- ‌الثالث: أنَّ كتب الأئمةِ والأصوليين وأهل العدل متضمنةٌ للاحتجاج به

- ‌الفائدة الثانية: في بيان ألفاظِ العلماء، ونصوصهم الدالة على ما قلنا

- ‌أحدها: أن الكتابَ معلومٌ بالضرورة

- ‌ثانيها: أن أهلَ الكذب والتحريف قد يئسُوا من الكذب في هذه الكتب المسموعة

- ‌ثالثها: أن النُّسَخ المختلفة كالرواة المختلفين، واتفاقُها يدل على صحة ما فيها

- ‌ والدليلُ على ما ذكرنا الأثَرُ والنَّظَرُ، أما الأثر

- ‌الأثرُ الثَّالِثُ: قصةُ الرجل الذي قَتَلَ تسعة وتسعين

- ‌النَّظر الأول: أن الظاهِرَ من حملة العلم أنهم مقيمون لأركان الإسلام الخمسة، مجتنُبون للكبائر

- ‌النظرُ الثاني: أن الأمة أجمعت على الصلاة على مَنْ هذه صفتُه

- ‌إحداهُما: أن كثيراً من الأخبار والشرائع مبناها على الظَّنِّ

- ‌ثالثها: إذا رأى في كتابه بخطه، وظن أنه سمعه، غير أنه لا يتيقن

- ‌الثاني: أن الصحابة أجمعت على ذلك

- ‌الاستدلالُ بالإجماع على تقليد الموتى لا يصح بوجهين:

- ‌أحدهما: معرفة أنها غيرُ منسوخةٍ ولا مخصَّصَةٍ ولا معارَضة

- ‌ الثاني عشر: أن بطلانَ الاجتهادِ لا يجوزُ أن يثبت بالضَّرورة العقلية ولا الشرعية ولا بالدِّلالة العقلية

- ‌المسألة الأولى: أن يكونَ حالُ أولئك الذين ذكرهم مجهولةً فقط دون سائرِ أهلِ العلم

- ‌إحداهما: ردُّ المرسل، والثانية: الجرحُ بالتأويل

- ‌الجواب على ما ذكره السَّيِّد من وجوه:

- ‌الأول: أن كتب الجرحِ والتعديل مثلُ سائرِ المصنَّفات

- ‌الثاني: أن معرفة كتبِ الجرح والتعديل غيُر مشترطة في الاجتهاد عند جماهير العِترة و

- ‌ثانيها، أنه إمَّا أن يترجَّحَ صدقه على كذبه، أو لا

- ‌ثالثها: أن رَدَّ قَولِه تُهمة له بالكذب والخيانة

- ‌رابعها: أن الله -تعالى- إنما شرط في الشاهد أن يكون ذا عدلٍ

- ‌الوجه الأوَّلُ: أن القارىء فيها أن كان ممن يرى رأيَهم

- ‌ثانيهما: روايته أن الفقهاء ذهبوا إلى ما ذهب إليه المحدثون

- ‌الأثرُ السادسُ: حديثُ الجارية السَّوداءِ

- ‌ الكلام في فصلين في هذه المسألة:

- ‌الفصل الأول: في بيان ظهور ما استغربه السَّيِّد

- ‌المسألة الثانية: قبولُ الأعراب

- ‌ ثلاثُ حُجج احتج بها السَّيِّد على بُطْلانِ كثير من أخبار الصحاح

- ‌الوجه الثاني: أنَّا قد ذكرنا أنَّ كل مسلم ممن عاصر النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ممن لا يُعْلَمُ جرحُهُ، فإنَّه عدلٌ

- ‌الوجه الثالث: لو قدرنا أنَّ هذا مما يجرح به، لكان مما يحتمل النظر والاختلاف

- ‌الوجه الثالث: أنَّ قوله: {لا يعقِلون} ليس على ظاهره لِوجهين:

- ‌أحدهُما: أنهم مكلفون، وشرط التكليف العقلُ

- ‌الثاني: أنَّه -سبحانه- أجلُّ من أن يَذُمَّ ما لا يَعْقِلُ

- ‌الوجه الخامسُ: سلَّمنا أنه جرح فيهم، فنحن نترُكُ حديثَهُم، فأين تعذُّرُ الاجتهادِ وتعسُّره إذا تركنا حديثَ بني تميم

- ‌الوجهُ السادِسُ: أنَّ هذا يُودِّي إلى جرح بني تميم كُلِّهم

- ‌الأول: أنّ إسلامهم يقتضي قبولَ حديثهم ما داموا مسلمين

- ‌الثاني: إمَّا أن يكون السَّيِّد أنكر قبولَهم، لأن من أسلم لا يُقْبَلُ حتى يُختبر، أو لأنهم ارتدُّوا بعد الإسلام

- ‌الثالث: سلمنا أنَّ وفد عبدِ القيس مجاهيل ومجاريح فما للاجتهادِ، والتعذُّر أو التَعَسُّرِ

- ‌الأول: أنه لا معنى للتقليد في التفسير على أصل السَّيِّد

- ‌الثاني: أنّه قد قال: إن اتِّصال الرواية لهم على وجه الصِّحةِ صعبٌ أو متعذِّر

- ‌السؤال الثاني: أنَّ هذا تشكيك على أهل الإسلامِ في الرجوع إلى كتاب ربِّهم

- ‌أحدها: ما السببُ في قطع السَّيِّد بتعذُّرِ الطريق إلى الرواية ها هنا وكان متردداً فيما تقدَّم

- ‌ثالثها: أنَّ الأمة أجمعت على أنَّه لا يجب الإسناد في علم اللغة

- ‌أحدهما: أنَّ الدَّوْرَ محالٌ عند جميع العقلاء

- ‌الوجه الثاني: أنَّ الدَّورَ غيرُ لازمٍ من ذلك

- ‌أحدهما: أنَّ كلامَنا فيمن عَرفَ اللغة، واحتاج إلى ما عداها، فلا يَصِحُّ أن يُجْعَلَ العارفُ للشيء محتاجاً إلى معرفته غيرَ متمكِّنٍ منها

- ‌أحدها: مناقضته الكلامَ القاضيَ بعدمِ المجتهدين

- ‌ثانيها: أنَّ هذه المسألة من مسائل الخلاف الظَّنِّية

- ‌ جواز الوهم على الراوي في تأديته للفظ الحديث النبوي، والدليل على ذلك وجهان:

- ‌الوجه الثاني: أنَّ الجماهير من العلماء قد أجازوا الرواية بالمعنى

- ‌إحداهما: في ذكر مَنْ نصَّ من العلماء على أنَّ ذلك لا يجب

- ‌الحجة الرابعة: ما قَدَّمنا ذكرَه مِن دعوى المنصور بالله

- ‌الحجة الخامسة: أن الصحابة أجمعت أنَّه لا يجب حفظُ النَّصِّ على المجتهد

- ‌أحدهما: أنَّ محفوظ الواحد منهم كان لا يكفيه في الاجتهاد

- ‌أحدهما: أنَّ مثل ذلك معلوم من أحوال البشر

- ‌ثانيهما: أنَّه قد ثبت عنهم ذلك

- ‌الحجة الثامنة: أنَّ الجماهير قد أجازوا روايةَ لفظ النبي صلى الله عليه وسلم بالمعنى

الفصل: ‌الثالث: سلمنا أن وفد عبد القيس مجاهيل ومجاريح فما للاجتهاد، والتعذر أو التعسر

وثانيهما: أنَّ العدل المخبور إذا فَسَقَ بعد العدالة، لم يقدح ذلك في شهادته وروايته قبلَ الفسق، ولا أعلم في ذلك خلافاً. وقد ثبت أنَّ المسلمين كانوا عدولاً في زمانه عليه السلام عقيب إسلامهم، فإذا كفروا بعدَ العدالة، لم يقدح كفرُهُم فيهم قبل أن يكفروا، ولا قال أحد: إنَّ الكفر يقدح في الراوي قبل أن يكفر.

‌الثالث: سلمنا أنَّ وفد عبدِ القيس مجاهيل ومجاريح فما للاجتهادِ، والتعذُّر أو التَعَسُّرِ

، ولا نعلم لوفد عبد القيس حديثاًً إلا حديثاًً واحداً في دعوة نبويَّة وذلك ما رواه الإمام أحمد (1) عن وفد عبد القيس أنَّهم سَمِعُوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:" اللهمَّ اجعلنا من عِبادك المنتجبين (2) الغُرِّ المُحَجَّلِينَ، الوفدِ المتقبّلين ". قالوا: يا رسولَ الله: وما الوفدُ المتقبلون؟ قال: " وفد يَقْدَمُونَ من هذه الأمة مع نبيهم إلى ربهم تبارك وتعالى " أخرجه الهيثمي " في مجمع الزوائد "(3) وقال: فيه من لم أعرفهم.

وأحاديثُ الصحابةِ الكبار هي المتداولة في كتب الحديث والفقه والتفسير، وأحاديثُ الأعراب الجُفاة غيرُ معروفة، ورجال السُّنَّة قد صنَّفوا كتباً كباراً في معرفة الصحابة، فبينوا فيها من هو معروفُ العدالة من الأصحاب، ومن لا يُعرف إلا بظاهر إسلامه من الأعراب، ومن له رواية عنه عليه السلام ومَنْ ليس له رواية، ومن أطال الصحبة، ومن لم يُطِلْها، والناظر

(1) في " مسنده " 3/ 431 و4/ 207، وفيه محمد بن عبد الله العمري، وهو مجهول، وباقي رجاله ثقات.

(2)

المنتجب: هو المختار من كل شيء، وفي " المسند ": المنتخبين: وقد جاء تفسيره في المسند أنهم عباد الله الصالحون.

(3)

10/ 174.

ص: 404

في كتب الحديث متمكن من تمييز أحاديث الصحابة المعدلين وأحاديثِ الأعراب المجهولين على ندورِها وقلتها، وإنَّما يلزم الجهل لو كان أهلُ الحديث يُرسِلُون الأحاديثَ، فأين تعذُّر الاجتهاد؟ وما معنى التشويش في جميع الحديث بأنَّ بعض وفدِ عبد القيس ارتدُّوا وإذا ارتدّ وفدُ عبدِ القيس فمَهْ (1) أتبطُلُ السُّنَّة، ويضيعُ العلمُ، ويلزم أن لا يَصِحَّ حديثُ الثقات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الكلامُ المعتلُّ؟! والاستدلال المختل؟!

وهذا ذكر جُلةِ الرواة من الصحابة رأيتُ أن أذكر أسماءهم لِيُعْرَفَ أنَّ حديثهم هو الذي يدور عليه الفقه، وينبني عليه العلم، وأنَّ حديث جُفاة الأعرابِ المجاهيل شيءٌ يسيرٌ نادرٌ على تقدير وقوعه، ويُعْلَمَ أنَّه لم يُبْنَ على حديث جفُاة الأعراب حكمٌ شرعيٌّ، فإن اتفق ذلك على سبيل الشذوذ، ففي نادر الأحوال ممن يستجيزُ ذلك من العلماء من غير ضرورة إلى ذلك، فإنه لو لم يستجز الرواية عنهم، كان له في القرآن وما صحَّ من السُّنَّة غُنيةٌ وكفاية.

وإذا أردتَ أن تعرِفَ صدق هذا الكلام، فَأرِنَا مسألة احتج عليها المُحَدِّثون والفقهاءُ بأحاديثِ الأعراب الجُفاة، وأخبرنا بمسألة واحدة تمسَّكوا فيها بأحاديث أولئك الأعراب. وكذلك حديثُ معاوية بن أبي سفيان، فإني ما أعلم أنه قد مرَّ لي في فقه الفُقهاء، ولا مذاهب المحدثين في التحليلِ والتحريم مسألةً ليس لهم فيها حُجَّةٌ إلا حديثَ معاوية وروايتَه، وفي عدمِ ذلك، أو نُدرته ما يدّلُّكَ على ما ذكرنا من أن جلَّة الرواة هُمْ عيونُ الصحابةِ المشاهير لا جُفاةُ الأعراب المجاهيل، فدع عنك هذه الشبَه

(1) أي: فماذا؟، وفي حديث طلاق ابن عمر: قلت: فَمَه أرأيت إن عجز واستحمق؟!.

ص: 405

الضعيفة والمسالِكَ الوعرة. وإما أن يكون من أهل العلم المجدِّدين لما دَرَسَ من آثاره، المجتهدين في الرَّد على من أراد خفضَ ما رفع الله مِن مناره، وإلا فباللهِ أرحنا من تعفيتك لِرسومه، وتغييرك لوجهه، فحديثُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ركنُ الشريعة المطهرة المحروسة إلى يوم القيامة وليس يَضُرُّ أهلَ الإسلام جهالةُ بعضِ الأعراب، فلنا عن حديثهم غُنيةٌ بما رواه عليٌّ بن أبي طالب، وأبو بكر، وعثمان، وعَمَرُ، وطلحة، والزبيرُ، وسعدُ بن أبي وقاص، وأبو عبيدة بنُ الجراح، وعبدُ الرحمن بنُ عوف، وسعيدُ بنُ زيد، هؤلاء العشرةُ المشهود لهم بالجنة رضي الله عنهم وبعدَهم من لا يُحصى كثرةً من نبلاء المهاجرين والأنصار، والذين اتَّبَعوهم بإحْسَانٍ مثل الإماميْن الكبيريْنِ سيِّدَيْ شبابِ أهلِ الجنة الحسنِ والحسينِ عليهما السلام وأمَّهما سيدةِ نساء العالمين رضي الله عنها، وعمّارُ بنُ ياسر، وسلمانُ الفارسي، وخزيمةُ بنُ ثابت ذو الشهادتين، وأنسُ بن مالك خادمُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعائشةُ أُمُّ المؤمنين رضي الله عنها، وحَبْرُ الأمَّةِ عبد اللهِ بن العباس، ووالدُه العباس عمُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخوه الفضلُ رضي الله عنهم، وجابرُ بنُ عبد الله، وأبو سعيد الخدريُّ، وصاحبُ السِّواد (1) عبدُ الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، والبراءُ بن عازب، وأمُّ سلمة أمُّ المؤمنين، وأبو ذر الغِفاريُّ الذي نصّ عليه السلام أنّه لم تُظِلَّ السَّماءُ أصْدَقَ لهجةً منه، وعبدُ الله بن عمرو الذي أَذِنَ له عليه السلام في كتابة حديثه الشريف، فكتب ما لم يكتبْه غيرُه (2)

(1) السواد، بكسر السين، وقال أبو عبيد: يجوز الضم: السِّرار.

(2)

أخرج أحمد 2/ 207 و215، والرامهرمزي في " المحدث الفاصل "(316) والخطيب في " تقييد العلم " 77، وابن عبد البر في جامع بيان العلم 89، وأبو زرعة في تاريخ دمشق (1516)، وابن عساكر 231 - 232 من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، =

ص: 406

فاستكثر من طَيِّب، وأبو أمامة الباهليُّ، وحُذَيَفْةُ بنُ اليمان، والحافظُ الكبير أبو هريرة الدَّوسيُّ الذي قرأ له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في نمِرتِه (1)، ثمَّ أمره، فلفَّها فلم ينسَ شيئاً مما سَمِعَه (2)، وأبو أيوب الأنصاريُّ، وجابرُ بن سَمُرةَ الأنصاري، وأبو بَكْرَةَ مولى النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأسامةُ بنُ زيد مولاه عليه السلام، وسمرةُ بن جُنْدُبٍ، وأبو مسعود (3) الأنصاريُّ البدري، وعبدُ الله ابن أبي أوفى، وزيدُ بن ثابت، وزيدُ بن خالد، وأسماءُ بنتُ يزيد بنِ السكن، وكعبُ بنُ مالك، ورافعُ بن خدِيج، وسلمةُ بنُ الأكوع، وميمونةُ أمُّ المؤمنين، وزيدُ بنُ أرقم، وأبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وعوفُ بن مالك، وعديُّ بنُ حاتِم، وأمُّ حبيبة أمُّ المؤمنين، وحفصةُ أمُّ المؤمنين، وأسماءُ بنتُ عميس، وجُبيرُ بن مطعم، وأسماءُ بنتُ أبي بكر الصِّديق ذاتُ النِّطاقين، وواثِلَةُ بنُ الأسقع، وعقبةُ بن عامر الجُهني، وشَدَّادُ بنُ أوس

= قال: قلت: يا رسوله الله أكتب ما أسمع منك؟ قال: " نعم " قلتُ: في الرضى والغضب؟، قال:" نعم، فإني لا أقول إلا حقاً ". وسنده حسن، وأخرجه أحمد 2/ 161 و192، وأبو داود (3646) والدارمي 1/ 125، والحاكم 1/ 105 - 106 كلهم من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن عُبيد الله بن الأخنس، عن الوليد بن عند الله بن أبي مغيث عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عمرو

وهذا إسناد صحيح، وهو في تقييد العلم 74، وجامع بيان العلم: 89 - 90، والإلماع 146.

وأخرج البخاري في " صحيحه "(113) والرامهرمزي، برقم (328)، والخطب في " تقييد العلم " 83 من طريق همام بن منبه، عن أبي هريرة قال: ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحدٌ أكثر حديثاً عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب.

(1)

النمرة: إزار مخطط من صوف، والجمع نمار، قال ابن الأثير: كأنها أخذت من لون النمر، لما فيها من السواد والبياض.

(2)

أخرجه البخاري (119) و (2350) و (7354) ومسلم (2294) من حديث أبي هريرة قال: قلت: يا رسول الله إني أسمع منك حديثاًً كثيراً أنساه، قال: ابسُط رداءك فبسطته، قال: فغرف ثم قال: ضمه، فضممته، فما نسيت شيئاً بعده.

(3)

في (ج): سعيد، وهو تحريف.

ص: 407

الأنصاريُّ، وعبدُ الله بنُ زيد، والمِقدامُ أبو كريمة، وكعبُ بن عُجْرَة، وأمُّ هانىءٍ بنتُ أبي طالب، وأبو بَرْزة، وأبو جُحيفة، وبلالٌ المؤذن، وجُنْدُبُ بنُ عبد الله بن سفيان، وعبدُ الله بن مُغَفَّل، والمِقدادُ، ومعاويةُ بن حَيْدَةَ، وسهلُ بن حُنيف، وحكيم بنُ حِزام، وأبو ثعلبة الخُشَني، وأمُّ عطيَّة، وَمَعْقِلُ بنُ يسار، وفاطمةُ بنتُ قَيْسٍ، وخَبَّابُ بنُ الأرت، ومعاذُ بنُ أنس، وصُهَيبٌ، وأمُّ الفضلِ بنتُ الحارث، وعثمانُ بنُ أبي العاصي الثقفي، ويعلى بن أُميَّة، وعُتبة بن عبدٍ، وأبو أُسَيْدٍ السَّاعِديُّ، ومالكُ بنُ عبد الله بن بُحينةَ، وأبو مالك الأشعريُّ، وأبو حُميدٍ السَّاعديُّ، ويعلى ابنُ مُرّة، وعبدُ الله بن جعفر، وأبو طلحة الأنصاريُّ، وعبدُ الله بن سلَام، وسهلُ بن أبي حَثْمَة، وأبو المَليح الهُذَلِيُّ، وأبو واقدٍ الليثيُّ، ورِفاعةُ بن رافع، وعبدُ لله بن أُنيس، وأوسُ بنُ أوسٍ، وأمُّ قيس بنت مِحْصَنٍ، وعامرُ بنُ ربيعة، وقُرَّةُ (1)، والسّائبُ (2)، وسعدُ بنُ عُبَادَةَ، والرُّبَيِّعُ بنت مُعَوِّذٍ، وأبو بُردة (3)، وأبو شريح (4)، والمِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَة، وصفوانُ

(1) هو قرة بن إياس بن هلال بن رياب المزني له في الكتب الستة ثمانية أحاديث كما في " تحفة الأشراف "، 8/ 281 - 283، وحديثه في مسند أحمد 4/ 19 و5/ 34 - 35. وثمت صحابي آخر يقال له: قرة بن دعموص النميري، وحديثه في " المسند " 5/ 72. وانظر " الإصابة " 3/ 232 - 234.

(2)

يغلب على الظن أنه السائب بن يزيد الكندي، له في الكتب الستة ستة عشر حديثاًً كما في " تحفة الأشراف " 3/ 257 - 264، وله خمسة عشر حديثاً في " مسند أحمد " 3/ 449. وهناك عدد من الصحابة يسمون السائب، منهم: السائب بن الأقرع، والسائب بن الحارث بن صبرة، والسائب بن الحارث بن قيس، والسائب بن أبي حبيش، والسائب بن حزن، والسائب بن خباب، والسائب بن خلاد، والسائب بن أبي السائب، والسائب بن عبيد، والسائب بن عثمان، والسائب بن العوام، وغيرهم انظر " الإصابة " 2/ 8 - 13.

(3)

هو أبو بردة بن نبار بن عمرو بن عبيد الأوسي، واسمه هانىء، وهو خال البراء بن عازب، له أربعة أحاديث في الكتب الستة، وحديثه في " المسند " 3/ 466 و4/ 44.

(4)

هو أبو شريح الخزاعي وقد اختلف في اسمه، فقيل: كعب بن عمرو، وقيل: =

ص: 408

ابن عسَّال، وسُراقة بن مالك، وتميمٌ الدَّاريُّ، وعمرو بنُ حُريث بن خولة الأزديُّ، وأسيدُ بنُ الحُضير، والنَّواسُ بنُ سمعان الكِلابيُّ، وعبدُ الله بن سَرْجِس، وعبدُ الله بن الحارث بن جَزْءٍ، والصَّعْبُ بن جثَّامة، وقيس بنُ سعد بن عبادة، ومحمد بن مَسْلَمة، ومالك بنُ الحويرث الليثيُّ، وأبو لُبابة بنُ عبد المنذر، وسليمانُ بنُ صُرَدٍ، وخَوْلَةُ بنتُ حكيم، وعبد الرَّحمن بن شِبْل، وثابتُ بن الضحاك، وطلقُ بن عليٍّ، وعبدُ الرحمن بن سَمُرة، والحكمُ بن عمير، وسفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكعبُ بن مرَّةَ، وأبو محذورة، وعروة بن مُضرِّس، ومجمّع بن جارية، ووابصة بنُ معبد الأسديّ، وأبو اليَسَرِ، وأبو ليلى الأنصاريُّ، ومعاوية بنُ الحكم، وحُذيفةُ ابن أسيد الغِفاري، وسلمانُ بن عامر، وعُروَةُ البَارِقي، وأبو بَصْرَة الغِفاريُّ، وعبدُ الرحمن بن أبزى، وعُمَرُ بنُ أبي سلمة، وسُبَيْعَةُ الأسلميَّة، وزينبُ بنتُ جحش أمُّ المؤمنين، وضُباعَةُ بنتُ الزبير بن عبد المطلب، وبُسْرَةُ بنتُ صفوان، وصفيَّةُ أمُّ المؤمنين، وأمُّ هاشم بنتُ حارثة الأنصارية، وأمُّ كلثوم، وأمُّ كُرْزٍ، وأم سُلَيْمٍ بنتُ ملحان، وأمُّ معقل الأسدِية.

وضِعفُ هؤلاء، بل أكثرُ من ضعفهم ممَّن لو ذكرناهم على الاستقصاء لطال ذِكْرُهُمْ، وطاب، فطالعهم إن شئت في كتاب " الاستيعاب "(1) وغيرِه من كتب معرفة الأصحاب، فمعرفتُهم أحدٌ أنواعِ

= هانىء بن عمرو، وقيل: عمرو بن خويلد، وقيل: خويلد بن عمرو، وقيل: عبد الرحمن بن عمرو بن صخر بن عبد العزى بن معاوية بن المحترش بن عمرو بن مازن بن عدي بن عمرو بن ربيعة، أسلم يوم الفتح. له في الكتب الستة ستة أحاديث، وحديثه في " المسند " 4/ 31، و6/ 384 انظر " الإصابة " 4/ 102، و" أسد الغابة " 2/ 152.

(1)

ألفه المحدث الفقيه الأديب المؤرخ أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عاصم =

ص: 409

علوم (1) الحديث كما ذكره المصنِّفون في علم الحديث كابن الصَّلاح، وزين الدِّين، وغير واحد.

وقد ألفوا في معرفة الصحابة كتباً كثيرةٌ منها " الصحابة " لابن حِبَّان (2) مختصر في مجلد، و" معرفة الصحابة " لابن منده (3) كتابُ جليل، ولأبي موسى المَدِيني (4) عليه ذيل كبير، ومنها " الصحابة " لأبي نُعيم الأصبَهاني (5) جليلُ القدر، ومنها " معرفة الصحابة " للعسكريِّ (6)،

= النمري القرطبي المتوفى سنة 463. قال الحافظ ابن حجر في مقدمة " الإصابة " 1/ 3: وسمى كتابه " الاستيعاب " لظنه أنه استوعب ما في كتب من قبله، ومع ذلك، ففاته شيء كثير، فذيل عليه أبو بكر بن فتحون ذيلاً حافلاً، وذيل عليه جماعة في تصانيف لطيفة. وقد استدرك عليه تلميذ أبي عمر الحافظ أبو علي الحسين بن محمد الجياني الأندلسي المتوفى سنة 498، وقد ذكر السهيلي في " الروض الأنف " 2/ 198 أن أبا علي قد ألحق استدراكه بالاستيعاب، وأن أبا عمر أوصى أبا علي بقوله: أمانة الله في عنقك متى عثرت على اسم من أسماء الصحابة إلا ألحقته في كتابي الذي في الصحابة.

وفي " الإعلان بالتوبيخ " ص 541: وذيل عليه جماعة كأبي إسحاق بن الأمين، وأبي بكر بن فتحون، وهما متعاصران، وثانيهما أحسنهما.

(1)

في (ب): كتب. وليس بشيء.

(2)

في " معجم ياقوت " بست 1/ 417 وهو بصدد تعداد مصنفات ابن حبان: فمن ذلك كتاب الصحابة خمسة أجزاء، وفي تاريخ التراث العربي لسزكين 1/ 309: أسماء الصحابة لمحمد بن حبان البستي. والجزء الثالث من كتابه الحافل " الثقات " قد تضمن تراجم للصحابة الذين رويت عنهم الأخبار وهو مطبوع لأول مرة في مطبعة دائرة المعارف العثمانية في حيدر آباد بالهند سنة 1397 هـ.

(3)

هو الحافظ الإمام الرحال الثقة أبو عبد الله محمد بن يحيى بن منده المتوفى سنة 301. مترجم في " تذكرة الحفاظ " 2/ 741.

(4)

هو الحافظ الكبير شيخ الإسلام أبو موسى المديني محمد بن أبي بكر بن عمر الأصبهاني صاحب التصانيف المتوفى سنة 581 هـ قال ابن الأثير: استدرك على ابن منده ما فاته في كتابه، فجاء تصنيفه كبيراً نحو ثلثي كتاب ابن منده، مترجم في " تذكرة الحفاظ " 4/ 1334 - 1337.

(5)

هو أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني المتوفى سنة 430، قال الإمام الذهبي في " العبر " 3/ 170: تفرد في الدنيا بعلو الإسناد مع الحفظ والاستبحار من الحديث وفنونه.

(6)

في " الإعلان بالتوبيخ " للسخاوي ص 542: ولأبي أحمد العسكري (الحسن بن =

ص: 410

ومنها كتابُ أبي الحسن عَلِيِّ بنِ محمد بنِ الأثيرِ الجَزَرِيِّ (1) المسمّى بـ " أُسْدِ الغابة في معرفة الصّحابة " وهو أجمعُ كتابٍ في هذا المعنى جمع فيه بَيْنَ كتاب ابن مَندَه، وذيْلَ أبي موسى عليه، وكتاب أبي نُعيم و" الاستيعاب " وزاد مِن غيرها أسماءٌ (2).

واختصره جماعة، منهم الحافظُ أبو عبد الله الذَّهبيُّ في مختصر لطيف (3)، وذيَّل عليه زينُ الدِّين بعدَّةِ أسماءٍ لم تقع له ومنهم الكاشغري (4). وقد ذكروهم أيضاً في تواريخ الإسلام، وكتب رجالِ

= عبد الله المتوفى سنة 382 هـ) فيه (أي: في الصحابة) كتاب رتبه على القبائل. وانظر " تاريخ بروكلمان " الملحق 1/ 193.

(1)

المتوفى سنة 630 هـ، وهو مطبوع متداول، وأجود طبعاته طبعة الشعب في مصر، فإنها محققة تحقيقاً جيداً.

(2)

قال الحافظ ابن حجر في تأليف ابن الجزري هذا: جمع فيه كثيراً من التصانيف المتقدمة إلا أنه تبع من قبله، فخلط من ليس صحابياً بهم، وأغفل كثيراً من التنبيه على كثير من الأوهام الواقعة في كتبهم.

(3)

فسماه " تجريد أسماء الصحابة " وهو مطبوع في جزأين في حيدر آباد الدكن بالهند، ثم صورته دار المعرفة في بيروت.

قال الحافظ: وعلم لمن ذكر غلطاً، ولمن لا تصح صحته، ولم يستوعب ذلك ولا قارب. وقد وقع لي بالتتبع كثير من الأسماء التي ليست في كتابه، ولا أصله على شرطهما.

وقد ألف الحافظ ابن حجر كتاباً سماه " الإصابة في تمييز الصحابة " وهو جامع لما تفرق في الكتب التي ألفت قبله مع تحقيق وإضافات كثيرة لم ترد عند غيره، وقد استغرق في تأليفه أربعين سنة، ولكنه لم يكمل، فقد بقي عليه قسم المبهمات، ومع كل هذا الاستيعاب والتتبع لم يحصل له -كما قال في مقدمته- من ذلك جميعاً الوقوف على العشر من أسامي الصحابة بالنسبة لما جاء عن أبي زرعة الرازي، قال: توفي النبي صلى الله عليه وسلم ومن رآه وسمع منه زيادة على مئة ألف إنسان من رجل وامرأة، كلهم قد روى عنه سماعاً أو رؤية.

وقد طبع هذا الكتاب ست طبعات آخرها سنة 1970 - 1972 م بتحقيق علي محمد البجاوي، وهي أجود من سابقاتها إلا أنه وقع له فيها تحريف وسقط غير قليل، ولو اطلع المؤلف ابن الوزير على كتاب ابن حجر هذا لنوه به، ورفع من شأنه، وقدمه على غيره من المؤلفات التي هي من بابته.

(4)

هو محمد بن محمد بن علي الكَاشْغَرِي النحوي اللغوي المتوفى سنة خمس وسبع =

ص: 411

الكُتب الستة، مثل كتاب عزِّ الدين بن الأثير (1)، وكتب الحافظ أبي عبد الله الذهبي (2)، وكتب الحافظ المِزِّيِّ وغيرها من المصنفات الحافلة في هذا المعنى (3).

فانظر فيها يتميَّز لك الصحابيُّ من الأعرابيِّ، والفاضل من المفضول، والمخبور من المجهول.

فقد بيَّنَ علماءُ الحديث في علوم الحديث في كتب معرفة الصحابة أن الصحابة ينقسِمون إلى اثنتي عشرة طبقة:

الأولى: قُدَمَاءُ السابقين الذين أسلموا بمكة، كالخلفاءِ الأربعة.

والثانية: أصحابُ دارِ النَّدوة.

والثالثة: مهاجِرَةُ الحبشة.

والرابعة: أصحاب العقبة الأولى.

والخامسة: أصحابُ العقبة الثانية، وأكثرُهم من الأنصار.

= مئة. أصله من كاشغر في وسط بلاد الترك، جاور بمكة، ودخل اليمن، فأقام بتعز، ومات في ساحل موزع. قال الجندي في " تاريخ اليمن ": كان ماهراً في النحو واللغة والتفسير والوعظ صوفياً أقام بمكة أربع عشرة سنة، وصنف، فجمع الغرائب، واختصر أسد الغابة، وقدم اليمن .. وكتابه مختصر " أسد الغابة " منه نسخة خطية في شستر بتي (3213)" العقود اللؤلؤية " 1/ 368 - 369، " بغية الوعاة " 1/ 230، وأعلام الزركلي 7/ 32.

(1)

في القسم الذي لم يطبع بعد من جامع الأصول وهو قسم التراجم، وكانت النية متجهة لنشره بتحقيق صاحبنا الشيخ عبد القارر الأرنؤوط، وعسى أن يكون صدوره قريباً.

(2)

منها كتاب " سير أعلام النبلاء " الذي نشرته مؤسسة الرسالة " ترجم فيه لـ 317 صحابياً، استوعبت تراجمهم الأول والثاني ومعظم الثالث.

(3)

وممن ألف في فضائل الصحابة الإمام أحمد بن حنبل، وقد طبع كتابه في مجلدين بتحقيق وصي الله بن محمد عباس سنة 1983. نشرته جامعة أم القرى.

ص: 412

والسادسة: أوَّلُ المهاجرين الذين وصلوا إليه إلى قباء قبل أن يدخلَ المدينة.

والسابعة: أهل بدر.

والثامنة: الَّذِينَ هاجروا بينَ بدرٍ والحُدَيْبِبَة.

والتاسعة: أهلُ بيعةِ الرضوان.

والعاشرة: من هاجر بَيْنَ الحديبية وفتح مكة.

والحادية عشرة: مُسْلِمَةُ الفتح.

والثانية عشرة: صبيانُ وأطفال رَأَوْا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يومَ الفتح، وفي حجة الوداع وغيرهما (1).

قال ابن الصّلاح (2): ومنهم من زاد على ذلك، وأمَّا ابنُ سعد، فجعلهم خَمْسَ طبقاتٍ فقط (3).

فخذ من حديث هؤلاء الأعلامِ ما صفى وطاب، وأجمعَ على الاعتماد عليه ذوو الألباب، ودَعْ عنك التَّشكيك في السنن والارتياب، وخلطَ نبلاءِ الصحابة بجُفَاةِ الأعراب، والتحيُّر في ثبوت الآثار والاضطراب، وليأمن خوفُك من ضَياع السنّة والكتاب، فلتَطِبْ نفسك بحفظ ما ضَمِنَ بحفظه ربُّ الأرباب.

(1) ذكر ذلك الحاكم أبو عبد الله النيسابوري صاحب المستدرك في كتابه " معرفة علوم الحديث " ص 22 - 24.

(2)

في " مقدمته " الشهيرة ص 307.

(3)

وقد استوعب تراجمهم المجلد الثالث والرابع من " الطبقات الكبرى ".

ص: 413

قال: وأما الأصلُ الثاني -وهو معرفةُ تفسيرِ ما يحتاج إليه- فصعبٌ جداً حصولُه على الوجه المعتبر.

أقول: قد صنَّف السَّيِّد أيَّده الله تفسيراً للقرآن وتوسَّع في النقل حتى روى عن المخالفين عموماً، وعن الرَّازي (1) خصوصاًً، واعتمد تفسيره " مفاتيح الغيب " مع نصه على أنه معانِد غيرُ متأول، وعلى أنه غيرُ مُوَفَّقٍ ولا

(1) هو أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي التميمي البكري الطبرستاني الرازي الملقب بفخر الدين، والمعروف بابن الخطيب الشافعي المتوفى سنة 606 هـ. كان إماماً في التفسير والعلوم العقلية، وعلوم اللغة، وكان العلماء يقصدونه من مختلف البلاد، ويشدون إليه الرحال من أقطار بعيدة، وله مجموعة كبيرة من التصانيف في فنون مختلفة تنبىء عن صحة ذهن، واطلاع واسع، وحافظة واعية، وقدرة فائقة على تقرير الأدلة والبراهين.

وتفسيره المسمى بـ " مفاتيح الغيب " يقع في ثماني مجلدات، وهو مطبوع متداول، حظي بشهرة واسعة بين أهل العلم لما تضمنه من أبحاث واسعة مستفيضة في نواح شتى من العلم إلا أنه يعاب بإيراد الشبهة الشديدة، ويقصر عن حلها.

وشيء هام لا بد من ذكره هنا هو أن الفخر رحمه الله يميل في تفسيره في مسألة الصفات إلى طريقة المتكلمين المؤولة النفاة، المناقضة لما كان عليه سلف الأمة المشهود لهم بالخيرية والمعرفة إلا أنه رحمه الله قد رجع عن ذلك في آخر عمره وتمنى أنه لم يشتغل بعلم الكلام، فقد جاء في طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 82 ما نصه: وروي عنه أنه قال: لقد اختبرت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فلم أجدها تروي غليلاً ولا تشفي عليلاً، ورأيت أصح الطرق طريقة القرآن، اقرأ في التنزيه {والله الغنيُّ وأنتم الفقراء} وقوله تعالى {ليس كمثله شيء} و {قل هو الله أحد} واقرأ في الإثبات {الرحمن على العرش استوى} {يخافون ربَّهم من فوقهم} و {إليه يصعد الكلم الطيب} واقرأ أن الكل من الله قوله {قل كل من عند الله} ثم قال: وأقول من صميم القلب من داخل الروح: إني مقر بأن كل ما هو الأكمل والأفضل الأعظم الأجل، فهو لك، وكل ما هو عيب ونقص فأنت منزه عنه.

ومع أن الرازي بلغ في تفسيره إلى سورة الأنبياء ولم يكمله، وإنما أكمله من بعده أحمد بن محمد القمولي المتوفى سنة 727 هـ، كما في طبقات السبكي 9/ 30، فلا يكاد القارىء يلحظ فيه تفاوتاً في المنهج والمسلك بل يجري الكتاب من أوله إلى آخره على نمط واحد بحيث يتعذر على القارىء التمييز بين الأصل والتكملة. انظر ترجمة الرازي في " طبقات الشافعية " للسبكي 8/ 81 - 96، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 81 - 84.

ص: 414