المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السؤال الثاني: أن هذا تشكيك على أهل الإسلام في الرجوع إلى كتاب ربهم - العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم - جـ ١

[ابن الوزير]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌ترجمة المؤلف بقلم الأستاذ إبراهيم الوزير

- ‌المسلك الأوَّل: الدعاءُ إلى الحق بالحِكمة البُرْهانية، والأدلة القطعية

- ‌المسلك الثاني: الجدلية:

- ‌المَسْلك الثالث: الخطابية

- ‌المسلك الرابع: الوعظية، وهي نوعان:

- ‌الثاني: أنَّ كونَهم جماعة، يُقَوِّيهِ

- ‌الثالث: أنَّ كتب الأئمةِ والأصوليين وأهل العدل متضمنةٌ للاحتجاج به

- ‌الفائدة الثانية: في بيان ألفاظِ العلماء، ونصوصهم الدالة على ما قلنا

- ‌أحدها: أن الكتابَ معلومٌ بالضرورة

- ‌ثانيها: أن أهلَ الكذب والتحريف قد يئسُوا من الكذب في هذه الكتب المسموعة

- ‌ثالثها: أن النُّسَخ المختلفة كالرواة المختلفين، واتفاقُها يدل على صحة ما فيها

- ‌ والدليلُ على ما ذكرنا الأثَرُ والنَّظَرُ، أما الأثر

- ‌الأثرُ الثَّالِثُ: قصةُ الرجل الذي قَتَلَ تسعة وتسعين

- ‌النَّظر الأول: أن الظاهِرَ من حملة العلم أنهم مقيمون لأركان الإسلام الخمسة، مجتنُبون للكبائر

- ‌النظرُ الثاني: أن الأمة أجمعت على الصلاة على مَنْ هذه صفتُه

- ‌إحداهُما: أن كثيراً من الأخبار والشرائع مبناها على الظَّنِّ

- ‌ثالثها: إذا رأى في كتابه بخطه، وظن أنه سمعه، غير أنه لا يتيقن

- ‌الثاني: أن الصحابة أجمعت على ذلك

- ‌الاستدلالُ بالإجماع على تقليد الموتى لا يصح بوجهين:

- ‌أحدهما: معرفة أنها غيرُ منسوخةٍ ولا مخصَّصَةٍ ولا معارَضة

- ‌ الثاني عشر: أن بطلانَ الاجتهادِ لا يجوزُ أن يثبت بالضَّرورة العقلية ولا الشرعية ولا بالدِّلالة العقلية

- ‌المسألة الأولى: أن يكونَ حالُ أولئك الذين ذكرهم مجهولةً فقط دون سائرِ أهلِ العلم

- ‌إحداهما: ردُّ المرسل، والثانية: الجرحُ بالتأويل

- ‌الجواب على ما ذكره السَّيِّد من وجوه:

- ‌الأول: أن كتب الجرحِ والتعديل مثلُ سائرِ المصنَّفات

- ‌الثاني: أن معرفة كتبِ الجرح والتعديل غيُر مشترطة في الاجتهاد عند جماهير العِترة و

- ‌ثانيها، أنه إمَّا أن يترجَّحَ صدقه على كذبه، أو لا

- ‌ثالثها: أن رَدَّ قَولِه تُهمة له بالكذب والخيانة

- ‌رابعها: أن الله -تعالى- إنما شرط في الشاهد أن يكون ذا عدلٍ

- ‌الوجه الأوَّلُ: أن القارىء فيها أن كان ممن يرى رأيَهم

- ‌ثانيهما: روايته أن الفقهاء ذهبوا إلى ما ذهب إليه المحدثون

- ‌الأثرُ السادسُ: حديثُ الجارية السَّوداءِ

- ‌ الكلام في فصلين في هذه المسألة:

- ‌الفصل الأول: في بيان ظهور ما استغربه السَّيِّد

- ‌المسألة الثانية: قبولُ الأعراب

- ‌ ثلاثُ حُجج احتج بها السَّيِّد على بُطْلانِ كثير من أخبار الصحاح

- ‌الوجه الثاني: أنَّا قد ذكرنا أنَّ كل مسلم ممن عاصر النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ممن لا يُعْلَمُ جرحُهُ، فإنَّه عدلٌ

- ‌الوجه الثالث: لو قدرنا أنَّ هذا مما يجرح به، لكان مما يحتمل النظر والاختلاف

- ‌الوجه الثالث: أنَّ قوله: {لا يعقِلون} ليس على ظاهره لِوجهين:

- ‌أحدهُما: أنهم مكلفون، وشرط التكليف العقلُ

- ‌الثاني: أنَّه -سبحانه- أجلُّ من أن يَذُمَّ ما لا يَعْقِلُ

- ‌الوجه الخامسُ: سلَّمنا أنه جرح فيهم، فنحن نترُكُ حديثَهُم، فأين تعذُّرُ الاجتهادِ وتعسُّره إذا تركنا حديثَ بني تميم

- ‌الوجهُ السادِسُ: أنَّ هذا يُودِّي إلى جرح بني تميم كُلِّهم

- ‌الأول: أنّ إسلامهم يقتضي قبولَ حديثهم ما داموا مسلمين

- ‌الثاني: إمَّا أن يكون السَّيِّد أنكر قبولَهم، لأن من أسلم لا يُقْبَلُ حتى يُختبر، أو لأنهم ارتدُّوا بعد الإسلام

- ‌الثالث: سلمنا أنَّ وفد عبدِ القيس مجاهيل ومجاريح فما للاجتهادِ، والتعذُّر أو التَعَسُّرِ

- ‌الأول: أنه لا معنى للتقليد في التفسير على أصل السَّيِّد

- ‌الثاني: أنّه قد قال: إن اتِّصال الرواية لهم على وجه الصِّحةِ صعبٌ أو متعذِّر

- ‌السؤال الثاني: أنَّ هذا تشكيك على أهل الإسلامِ في الرجوع إلى كتاب ربِّهم

- ‌أحدها: ما السببُ في قطع السَّيِّد بتعذُّرِ الطريق إلى الرواية ها هنا وكان متردداً فيما تقدَّم

- ‌ثالثها: أنَّ الأمة أجمعت على أنَّه لا يجب الإسناد في علم اللغة

- ‌أحدهما: أنَّ الدَّوْرَ محالٌ عند جميع العقلاء

- ‌الوجه الثاني: أنَّ الدَّورَ غيرُ لازمٍ من ذلك

- ‌أحدهما: أنَّ كلامَنا فيمن عَرفَ اللغة، واحتاج إلى ما عداها، فلا يَصِحُّ أن يُجْعَلَ العارفُ للشيء محتاجاً إلى معرفته غيرَ متمكِّنٍ منها

- ‌أحدها: مناقضته الكلامَ القاضيَ بعدمِ المجتهدين

- ‌ثانيها: أنَّ هذه المسألة من مسائل الخلاف الظَّنِّية

- ‌ جواز الوهم على الراوي في تأديته للفظ الحديث النبوي، والدليل على ذلك وجهان:

- ‌الوجه الثاني: أنَّ الجماهير من العلماء قد أجازوا الرواية بالمعنى

- ‌إحداهما: في ذكر مَنْ نصَّ من العلماء على أنَّ ذلك لا يجب

- ‌الحجة الرابعة: ما قَدَّمنا ذكرَه مِن دعوى المنصور بالله

- ‌الحجة الخامسة: أن الصحابة أجمعت أنَّه لا يجب حفظُ النَّصِّ على المجتهد

- ‌أحدهما: أنَّ محفوظ الواحد منهم كان لا يكفيه في الاجتهاد

- ‌أحدهما: أنَّ مثل ذلك معلوم من أحوال البشر

- ‌ثانيهما: أنَّه قد ثبت عنهم ذلك

- ‌الحجة الثامنة: أنَّ الجماهير قد أجازوا روايةَ لفظ النبي صلى الله عليه وسلم بالمعنى

الفصل: ‌السؤال الثاني: أن هذا تشكيك على أهل الإسلام في الرجوع إلى كتاب ربهم

السؤال الأول: أنَّه ادَّعى أن حصول التفسير صعبٌ، والمفهوم مِن هذه العبارة أنَّه ممكن، لأنه لم يَجْرِ عرفُ البلغاء ولا غيرُهم أن يَصِفُوا المحالَ بالصُّعوبة. ثم إن السَّيِّد احتج على ذلك بما يُوجب أنَّه متعذِّر محال، وذلك ظاهر في احتجاجه لمن تأمَّلَه، فإنه لم يَتْرُكْ إلى معرفة التفسير المحتاج إليه سبيلاً ألبتة.

‌السؤال الثاني: أنَّ هذا تشكيك على أهل الإسلامِ في الرجوع إلى كتاب ربِّهم

الذي أنزله عليهم نوراً وهدىً، وعصمةً لِلمتمَسِّكِ به من الرَّدى. وقد مرَّ أنَّ مثلَ هذا التشكيكِ لا يصْلُحُ إلا مِن الملاحدة والزنادقة، وسائرِ أعداء الإسلام خَذلَهُمُ اللهُ تعالى. والسَّيِّد -أيده الله- من أعيان العِترة النبوية، وأغصانِ الشجرة العلَوِيَّة، وجدير به التَّنَزُّهُ عن ذلك، والتنكبُ عن هذه المسالك.

السؤال الثالث: قد امتنَّ اللهُ تعالى على هذه الأمة بحفظ كتابها، فقال تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] ولا هدايةَ لنا في حفظ الذكر إذا سدَّ الله علينا طُرُقَ معرفة معانيه.

السؤال الرابع: أنَّ السَّيِّدَ قد شنَّعَ على مَنْ توقَّف في معاني المتشابه، وقال: إنَّ هذا يؤدِّي إلى أن يكون خِطَابُ الله تعالى لنا عبثاً، وكلام السَّيِّد يؤدِّي إلى التوقُّفِ في المُحْكمُ والمُتشابِه معاً، فجاء بأطمِّ مما جاؤوا به، وفي أشعار الحكماء:

لا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأتِيَ مِثْلَهُ

عَارٌ عَلَيْكَ إذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ (1)

(1) نسبه سيبويه في الكتاب 3/ 42 إلى الأخطل، والمشهور أنه لأبي الأسود الدؤلي ظالم بن عمرو المتوفى 69 هـ، وهو في ملحقات ديوانه 130، ونسب أيضاً لسابق البربري =

ص: 417

السؤال الخامس: قول السَّيِّد: إنَّ نقل التفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يكاد يُوجَدُ إلا في مواضع قليلة تنبني على معرفته بالأخبار، وقد عسَّرها وهوَّلها، أو منعها وأحالها، فلا ينبغي منه أن يدَّعي بعدَ ذلك أنه يعرفها.

السؤال السادس: أنَّه لم يقل أحدٌ من خلق الله أجمعين لا العلماءِ ولا المتعلمين ولا القدماءِ ولا المتأخرين أنَّ شرط التفسير في جميع أقسامه التي أحدُها التأويلُ أن يكونَ منقولاً عن الرسول عليه السلام، فَقِلَّةُ نقلِ التأويل عنه عليه السلام غيرُ ضارٍّ قطعاً إجماعاً ضرورياً من الخَلَفِ والسَّلّفِ، يَعْرِفُ الإجماع على ذلك كُلُّ مَنْ له أدنى شمَّةٍ في العلم، دع عنك السَّيِّد -أيَّده اللهُ- وإن كان بعضُهم يُخالِفُ في التسمية، فيُسمِّي تفسيرَ غير النبي صلى الله عليه وسلم تأويلاً، فهو خلافٌ لفظيٌّ.

قال: " وأمَّا الرجوعُ إلى آحاد المفسرين، فهو لا ينبني عليه الاجتهادُ، لأنَّه تقليدٌ لهم ".

أقول: هذا الإطلاقُ غيرُ صحيح، فإنَّه يختلِفُ، فمنه ما قالوه اجتهاداً منهم، فلا ينبني عليه الاجتهادُ، ومنه ما قالوه رواية عن العرب من الصحابة وغيرهم مما يتعلَّق باللغة، فيجب قبولُه منهم كما مرَّ الدليل عليه، وكما يأتي إن شاء الله تعالى. وكذلك ما فَسَّروه مما لا طريقَ إلى العلم به بالرأي والاجتهاد، ولا يُعلم إلا بالسمع. فَمِنَ العلماء منْ ذهب إلى أنَّه في معنى المرفوع إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ولِلنَّاظر في هذا نظره، ولا نكارَة على منْ ذهب إلى هذا، فقد أجاز العلماء التخريجَ وهو أضعفُ من هذا، فإذا جاز

= والطرماح والمتوكل الليثي انظر " خزانة الأدب " 3/ 617 للبغدادي، وفيها: قال اللخمي في شرح أبيات الجمل: الصحيح أنه، لأبي الأسود وقد ساق البغدادي القصيدة برمتها لجودتها، فانظرها فيه.

ص: 418

العمل بما يظن أنَّ العالِمَ يقولُه وإن سكتَ عنه حملاً له على السَّلامة، وقد نصَّ كثيرٌ من العلماء على ذلك في غير موضع، فلا يَبْعُدُ أن يجوزَ العملُ على ما يظن أن العالِمَ يرفعُه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحملاً له على السلامة، وإن لم ينص على الرفع ويصرح به -والله سبحانه أعلم-.

قال: ولأنَّا نحتاجُ إلى معرفة عدالتهم وعلمهم ولأن اتِّصال الرواية بهم على وجه الصِّحة من العدالة صعبٌ أو متعذِّر.

أقول: قد مرَّ الجوابُ على هذا حيث بَيَّنا الطريقَ إلى معرفة الأخبار، فالكلامُ فيهما سواء. ونزيد هنا أن السَّيِّد شَحَنَ تفسيرَه بالرَّواية عنهم، فإما أن تكون صحيحةً أو باطِلةً، إن كانت صحيحةً، فما بالُ الصِّحةِ مقصورةً عليه؟! وإن كانت باطلةً، فهو أجلُّ مِن أنْ يرويَ البَواطِلَ، ويخصَّ بها شهرَ رمضان الكريم، وقد قال عليه السلام:" مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ "(1).

قال: " وأمَّا الثالثُ -وهو الرجوعُ إلى أهل اللغة- فهو أضعفُ من هذا، لأن عدالة كثيرٍ منهم غيرُ ثابتة، ولأن اتِّصال الروايةِ الصحيحةِ بهم متعذِّر، ولأن في ذلك تقليدَهم، والاجتهاد لا يَصِحُّ بناؤه على التقليد، ولأن المفسِّر بهذا الوجه يحتاج إلى علوم الاجتهاد، ومنها معرفة التفسير فيلزم الدَّورُ ".

أقول: هذا الوجهُ الثالث الذي تعرض السَّيِّد لإبطاله هي الطريقُ المسلوكة إلى تفسيرِ عامة القرآن. لا يخرج منه إلا النَّادِرُ القليل مما لا

(1) أخرجه من حديث أبي هريرة البخاري (1903) و (6057) وأبو داود (2362) والترمذي (77) وابن ماجه (689) والبغوي في " شرح السنة "(1746).

ص: 419

يتعلَّق به حكمٌ، مثل قولهِ تعالى:{كهيعص} أو المجملات التي لم يعرف المجتهد أنها من الألفاظ المشتركة فيسقطُ تكليفُه بالعمل بها، وما يرد في ذلك من التفسير النبويِّ فإنَّما هو زيادةٌ في البيان، ولو لم يَرِدْ، لم يبْطُلْ فَهْمُ معاني الظَّواهِر والنصوص، فإن البيان غيرُ محتاج إليه إلا في المجمل. ومتى طلبه المجتهد ولم يجده، سَقَطَ تكليفُه في ذلك الحكم بالرجوع إلى ذلك المجمل. والدليل على ذلك ما تقدَّم في حديثِ معاذٍ وغيرِه من الأدلة القاضية بأنه لا يجبُ على المجتهد العِلمُ بِكُلِّ حديث، وأنَّه إذا لم يجد الحُكْمَ في الكتاب والسُّنَّة، جاز له أن يجتهِدَ رأيه، وإن كان يجوز أن فيهما نصاً لم يقف عليه. والعجبُ من السَّيِّد -أيَّده الله- أنّه جعل هذا الوجه الثالث أضعفَ مما قبله مع أنه لا طريقَ إلى تفسير القرآن على العموم سواه. فأمَّا الأولان قبلَه، فلا قائلَ باشتراطهما في التفسير، فكيف يكونُ ما لا قائل بخلافه أضعفَ مما لا قائل باشتراطه، وهذا عجب وقد تعرض السَّيِّد لإبطال هذه الطريق بوجوه أربعة:

الوجه الأوَّل: أن عدالة كثير منهم غيرُ ثابتة. وأقول: إنَّ صدور هدا الكلامِ من مثل السَّيِّد من العجائب ومَن عاش أراه الدَّهْرُ عجباً، لأن فساد كثير منهم لا يَمْنَعُ من الرجوع إلى الثقات منهم، كما لا يلزمُ مِن فساد كثيرٍ من الناس فسادُ جميعِ الناس، ومن تحريمِ كثيرٍ من النساء، تحريمُ نكاحِ جميع النساء، ومن نجاسَة كثيرٍ من المياه تحريمُ جميع المياه، ونحو ذلك مما لا يُحصى كثرةُ.

ومن العجب أن السَّيِّد -أيَّده الله- يُقرىء في المنطق، ويَعْرفُ ما يُشترط في الإتتاج من كونِ المقدمتين كليتين، فأين ثمرةُ تلك المعارف، وأين أثَرُ ذلك التحقيق.

ص: 420