الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهمُهُ وصدقُه متساويين في الرُّجحان، أو كان وهمُه راجحاً على صِدقه، وهذا مردودٌ بلا شكٍّ، سواءً كان رافعاً للنسخ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو كان واقفاً له دونَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وإنما الكلامُ في مَنْ قوِيَ في الظن، ورجح في العقل أنه صادق في قوله.
فإن قلت: فرقٌ بينَ ما رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وبين ما وقفه على نفسه، أو على غيره، وذلك لأن ما رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا يحتمل أنَّه بناه على الوهم، وإنَّما يحتمل أنَّه كَذَبَ على النبي صلى الله عليه وسلم أو صدق فيه، لكن احتمال الكذب بعيدٌ عن الثقات، أمَّا الوهم فكثير.
قلت: ليس الأمرُ كما توهمتَ، بل قد نصَّ العلماء على
جواز الوهم على الراوي في تأديته للفظ الحديث النبوي، والدليل على ذلك وجهان:
أحدُهما: قوله عليه السلام في الأحاديث الصحيحة: " مَنْ كذَبَ علَيَّ مُتَعَمِّداً فلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّار "(1) فقوله " متعمِّداً " يَدُلُّ على أنَّه يجوز على الراوي أن يُخطِىء في النقل، لكِنَّه تجويزٌ بعيدٌ مرجوح، فلم يُعتبر، فلذلك قالت عائشة لمّا سَمِعَت ابنَ عمر يروي حديث:" إنَّ الميِّتَ ليعذَّبُ بِبُكَاءِ أهْلِهِ علَيْهِ "(2): ما كذب ولكنَّه وَهم (3).
(1) تقدم كلام المؤلف عليه وانظر التعليق عليه هناك ص 190.
(2)
أخرجه من حديث ابن عمر البخاري (1288) و (1289) و (3978) ومسلم (928)(930) وانظر " الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة " ص 77، وشرح السنة 5/ 441 - 242، وتلخيص الحبير 2/ 141. و" فتح الباري " 3/ 150.
(3)
في (أ) و (ج) فوق كلمة " وهم " ما نصه: وَهِل خ، أي: نسخة، وهي كذلك عند مسلم (932) والنسائي 4/ 17، وأبي داود (3129). وهما بمعنى يقال: وهِمَ وَوَهِلَ، أي غَلِطَ.
وفي " الموطأ " 1/ 224 ومسلم (931)" يغفر الله لأبي عبد الرحمن أما إنه لم يكذب، ولكنه نسي أو أخطأ ".