الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقع مثله بين الوزنين والكيلين، فللبائع أنَّ يرجع ويردَّ على المشتري حصَّته المغمورة، وإِن كان المبيع هو المغمور، فالظاهر نفي الرجوع، وإِن زاد المغمور على ما يقع بين الكيلين أو الوزنين، احتَمل أنَّ يُلحق بالصور السابقة، واحتَمل أنَّ يرتَّب عليها، ويكون أولى بالرجوع إِذا كان المبيع غامرًا، ويَمنع الرجوع إِذا كان مغمورًا.
* * *
1595 - فصل في الرجوع بعد تغيُّر الصفات والأخلاق
إِذا صُبغ الثوب بصبغ يعسر تمييزه، فإِن لم تزد قيمة الثوب بذلك رجع فيه البائع، وإِن زادت صار المشتري شريكًا بالصبغ؛ لأنَّه عين مال، وإِن أحدث في العين صفة؛ كالطحن والقصارة، ففي إِلحاقه بالصبغ قولان يجريان في كلِّ صفة تحصل بفعلٍ يجوز الاستئجار عليه، بحيث تُعدُّ الصفة من آثار ذلك الفعل، ولا يجريان في كلِّ صفة كالسِّمَن والكُبْر، ولا في كلِّ فعلِ يجوز الاستئجار عليه، كحفظ الدوابِّ وسياستها؛ إِذ لابدَّ من ظهور الصفة على المحلِّ، كالقصارة والطحن، ويجريان فيما يتعلَّق بالأخلاق، كرياضة الدوابِّ وتعليم القراءة والصناعات، وأبعدَ مَن قال: لا يجريان في الأخلاق؛ إِذ لا ظهور لها في الحسِّ، فإِن جعلنا هذه الصفات آثارًا رجع البائع، ولا حقَّ فيها للمشتري، وإِن جعلناها أعيانًا فهي كصبغ الثوب، ولتِّ السَّويق بالسَّمن.
ولو تلف محلُّ العمل في يد الأجير في غير ما نحن فيه، مثل أنَّ تَلِفَ الثوب بعد القصارة، والحنطةُ بعد الطحن، فإِن جعلنا الآثار كالأعيان
سقطت الأجرة، وإِلا فلا.
ولو أراد الأجير حبس محلِّ الصنعة حتى يقبض الأجرة؛ جعلنا (1) للبائع حبس المبيع؛ فإِن جعلنا الآثار كالأعيان حُبس المحلُّ، وإِلا فلا، ويتبيَّن القولان في المفلس بصور:
الأولى: إِذا قصَر المشتري الثوبَ رجع فيه البائع على قول الأثر؛ اعتبارًا بالزيادة المتَّصلة، وعلى قول العين القِصارةُ كالصبغ: إِن لم تزد قيمة الثوب فاز به البائع، وإِن زادت صار المشتري شريكًا بقدر الزيادة، فيُباع الثوب، ويأخذان الثمن على قدر قيمة الثوب والقِصَارة، ويتضارب الغرماء في حصَّة القِصارة، وإِن زادت قيمة الثوب والقصارة بالسوق، أو نقصت، اشتركا في النقص والزيادة على قدر القيمتين، وأيُّهما زادت قيمته بالسوق اختصَّ بالزيادة، ولو وُجد راغب يشتريه بأكثر من قيمته وُزِّعت الزيادة على قَدْرِ القيمتين.
الثانية: إِذا استأجر المشتري للقصارة فاز البائع بالثوب على قول الأثر، وعلى قول العين: إِن لم يزد الثوب بسبب القصارة فاز به البائع، وإِن زاد بأن كانت قيمته عشرة، فصارت خمسة عشر لأجل القصارة، وكانت أجرة القصَّار درهمًا، فالذي ذكره الشافعيُّ وأصحابه: أنَّ البائع يقدَّم بعشرة والقصَّار بدرهم، ويتضارب الغرماء في أربعة.
ولو كانت الأجرة خمسة، والزيادة درهمًا، قدِّم البائع بعشرة، والأجير
(1) وقع قبلها في هامش "م": "إذا"، ويقابل هذه العبارة في "نهاية المطلب" (6/ 361):"حَبْسَ البائع المبيع -إن رأينا له الحبس- حتى يقبض الثمن".