الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثانية: أن يُشْرِعه إِلى طريق عائم، وهو المسلوك النافذ، فيجوز بشرط ألا يضرَّ الطارقينَ من المشاة والركبان، ولا مخاصمة فيه للآحاد، ولا يقف على إِذن الإِمام، وحدُّه أن يرفعه بحيث لا تصطكُّ به الكنائس (1) على الجِمال سواءٌ كان الطريق واسعًا أو ضيِّقًا، وأبعدَ مَن شرط ألا يُنال رأسُ رمح منصوب مع راكب.
1656 - فرع:
إِذا بنى دكَّةً، أو غرس شجرةً بفناء داره، أو بفناء دار غيره؛ فإِن أضرَّ بالطارقين مُنع، وإِن لم يضرَّ فقد منعه أبو محمَّد، وأجازه آخرون، واختاره القاضي، ولابدَّ لهؤلاء من التفرقة في إِشراع الأجنحة بين الطرق الواسعة والضيِّقة.
الثالثة: أن يُشْرِعه إِلى درب خاصٍّ، وهو المنسَدُّ الأسفلِ، فإِن لم يكن من أهل الدرب لم يجز؛ وإِن كان من أهله فطريقان:
إحداهما للعراقيّين: أنَّه كالإِشراع إِلى الشارع العامِّ، ولعلَّهم لم يجعلوا عرصة الدرب مِلْكًا لأربابه، وإِنَّما أثبتوا لهم حقَّ الطروق على الاختصاص.
الطريقة الثانية: وهي المشهورة: أنَّ لمن تسفَّل عن الجناح أن يمنع وينقضَ، وفيمن علا وجهان مأخذُهما أنَّهم: هل يشاركون في جميع
(1) جمع الكنيسة، وهو هنا: شبه الهودج: يُغرس في المحمل أو في الرحل قضبان، ويلقى عليه ثوب يستظلُّ به الراكب ويستتر به. انظر:"المصباح المنير" للفيومي (مادة: كنس).
الدرب أم لا؟ وفيه وجهان.
وأيُّ جادّة صُودفت نافذةً مسلوكةً حُكم بأنَّها شارعٌ عامٌّ يُستحقُّ طروقها، ويجوز إشراع الأجنحة إِليها، وفتحُ الأبواب.
وتصير البقعة شارعًا عامّا بأحد أمرين: إِمَّا تسبيلُ المالك، وإمَّا أن تُحيي البلدة أو القرية، وتُفتحَ أبوابها إِلى صوبٍ واحد نافذ؛ ليتَّخذ مسلكًا بين البساتين والدور؛ لأنَّ وضع الأبنية على هذه الهيئة يقوم مقام تأثير الإحياء في المُحْيىَ، ولا يفتقر ذلك إِلى نطق المُحْيِين.
ويجوز استطراقُ جميع المَوات، فإِن كان الناس يطرقونه جاز إِحياؤه وصرفُه عن الممرِّ بالتحويط وغيره، وقال أبو محمد: لا يجوز ذلك في الجادَّة المِيتاء التي يَطْرُقها الرفاق، وتردَّد في بُنيَّات الطرق (1) التي يعرفها خواصُّ كلِّ بقعة.
وأمَّا الدرب المنسدُّ فيختصُّ بالذين أبوابهم فيه، ولهم سدُّه والمنعُ من دخوله، وإنَّما يجوز دخوله عند فتحه؛ لأنَّه من المباح المستند إِلى قرائن الأحوال.
وقال الأئمَّة: يملكون عرصته، ولهم أن يوسعوا بها دورهم ورباعهم. ولو صار الجميع لواحد، فأدخله في ملكه، وفتح الأبواب إِلى الشارع العامِّ جاز. وجوَّز أبو محمَّد بيعه، ويثبت اختصاصهم بملكه بالطريق الذي يثبت به الشارع العامُّ، غيرَ أنَّها أثبتت على هيئة الاختصاص، فمُلكت كذلك،
(1) بُنيَّات الطرق: هي الطرق الصغار تنشعب من الجادة. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (مادة: بني).