الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن وصَّى له برقبته، ففي اشتراط القبول تردُّدٌ، والأوجه: اشتراطه.
* * *
2108 - فصل يشتمل على فروع في العتق في المرض أو بعد الموت
الأوَّل: قال ابن الحدَّاد: إذا ملك نصفَ عبدين قيمةُ كلِّ واحد منهما ألفٌ، فأعتق نصيبه منهما، وكان ثلثُها ألفًا وخمسَ مئة، عتق نصيبه، وسرى بقدر خمسِ مئة؛ تكميلًا للثلث، وقال: إن أَوْصَى بتكميل عتقهما أُقرع بينهما، فمن خرجت قرعتُه أكمل عتقه سرايةً وتنجيزًا، وعتق نصفُ الآخر بالتنجيز.
فخرَّج بعض الأصحاب المسألتين على وجهين، وفرَّق بعضهم: بأنَّه إذا وصَّى بالتكميل فقد ظهر قصده للتكميل، ولا يتَّجه على المذهب إلا تكميل العتق في الصورتين؛ فإنَّ سراية العتق كإنشائه.
ولو قال: أعتقتُ العبدين، فقد نزَّله أبو عليٍّ منزلة الوصيَّة بإعتاقهما؛ لأنَّ إعتاقهما بلفظٍ واحد يظهر منه قصدُ التكميل، فإن لم يفِ الثلثُ بتكميل عتق أحدهما احتُمل أن يُوزَّع العتق عليهما؛ فإنَّ القرعة لا تقبل التكميل هاهنا.
ولو لم يخلِّف سوى ثلاثةِ أعبد قيمةُ كلِّ واحد ألف، وأوصى أن يُعتق من كلِّ واحد نصفُه؛ فإن أجاز الوارث فذاك، وإن ردَّ أُقرع بينهم، فإن خرجت الحرِّيَّة لاثنين أُعتق نصفهما، ورقَّ النصف الآخر مع جميع الثالث، ولا يُكَمَّلُ العتق في واحد منهم بالقرعة.
ولو قال: أَعْتِقوهم، أُقرع بينهم، وكُمِّل عتق أحدهم.
ولو نجَّز عتق نصف الثلاثة في المرض أُقرع بينهم، فمن خرجت قرعته عتق، ورقَّ صاحباه؛ لأنَّ إعتاق البعض كإعتاق الكلِّ.
وإن ملك عبدين قيمةُ كلِّ واحد منهما ألفٌ، ولا مال له سواهما، فقال: أعتقوا من هذا نصفَه، ومن الآخر ثلثَه، أُقرع بينهما؛ فإن خرجت قرعة صاحب النصف عتق نصفه وسدسُ الآخر، وإن خرجت لصاحب الثلث عتق ثلثهما.
وإن قال في مرض الموت: أعتقت نصف هذا، وثلثَ الآخر، أُقرع بينهما، فمن خرجت قرعته رقَّ ثلثه مع جميع الآخر.
الثاني: إذا وصَّى لإنسان بجزءٍ ممَّن يَعْتِقُ على وارثه ولا يَعْتِقُ عليه، مثل أن وصَّى لإنسانٍ بابن أخيه، فمات الموصِي، ثم الموصَى له، ثبت الخيارُ لأخيه بين الردِّ والقبول؛ فإنْ قَبِلَ عَتَقَ ذلك الجزء، وسرى إن قلنا: يملكه ابتداءً، وإن قلنا: يملكه الموصَى له، ثم يورَثُ عنه - وهو الأصحُّ - ففي سرايته وجهان.
الثالث: إذا أشار إلى حامل، وقال: أَعْتِقوها بعد موتي، أو: إذا متُّ فهي حرَّةٌ؛ فإن وفى الثلث بها وبحَمْلها، فأُعتقت، عَتَقَ حملُها على ما قطع به أبو عليٍّ؛ لشمول الاسم، كما في البيع، ولا سراية هاهنا، ويُحتمل ألا يَعْتِقَ بناءً على أنّه لا يدخل في الوصيَّة، ولا سرايةَ على ميِّتٍ.
وإن قال: أعتقوها دون حَمْلها، فأعتقناها، لم يَعْتِقِ الحملُ على الأصح، وقيل: يَعْتِقُ؛ لأنَّه كبعضِ أعضائها، فأَشْبهَ ما لو قال: أعتقوها إلا يدها.
ولو قال المريض: أنتِ أو حَمْلُكِ حرٌّ، والثلثُ وافٍ بهما، أُقرع بينهما بعد الموت؛ فإن خرجت قرعةُ الحمل عتق وحده؛ فإنَّ الأصحَّ: أنَّ عتق الحمل لا يسري إلى الحامل، وإن خرجت قرعة الأمِّ عتقت، ولم يَعْتِقِ الحمل على الأصحّ؛ فإنَّ ترديد العتق بينهما كاستثناء الحَمْل، وإن اتَّسع الثلث للحامل دون الحمل؛ فإن قلنا: لا يعتق إذا وسعهما الثلث، لم يعتق هاهنا، وإن قلنا: يعتق مع التصريح باستثنائه، فهاهنا وجهان:
أحدهما: تَعْتِقُ وحدها.
والثاني: يَعْتِقُ منهما ما يَحْتمِلُه الثلثُ، بأن تُقوَّم حاملًا، ثم يُرقَّ (1) منهما ما يزيد على الثلث.
الرابع: إذا كان لأمة الرجل ابنان حرَّان، أحدُهما منه بوطءِ شبهةٍ أو ملْكٍ أو نكاحِ غرورٍ، والآخرُ من أجنبيٍّ، فأوصى بها لابنها من الأجنبيِّ، ثمَّ مات، فورثه ابنُها منه؛ فإن خرجت من الثلث؛ فإنْ قَبِلَها الموصَى له عتقت عليه، وإن ردَّها عتقت على ابنها الآخر، وإن ضاق الثلثُ عنها؛ فإن ردَّ الابنُ الوارثُ الوصيةَ، وقَبِلَها الآخَرُ فيما يَحتمِلُه الثلث، عتق ما يَحتمِلُه الثلث، على القابل، وعتق سائرها على ابنها الوارث، وإن أجاز الوصيَّة، وقَبِلها الموصَى له؛ فإن جعلنا الإجازة تنفيذًا عتقت على الموصَى له، وإن جعلناها ابتداءَ عطيَّة لم تصحَّ الإجازة؛ لأنَّ حقيقة هذا القول: أنَّ الزائد على الثلث ملكٌ للوارث، فيَعتِقُ عليه، ولا يمكنُ ابتداء العطيَّة في عتيقٍ.
الخامس: إذا كان لأمته ولدٌ حرٌّ من غيره، ولسيّده وارثٌ لا تَعتقُ عليه
(1) في "ظ": "ويرق" بدل: "ثم يرق"، والمثبت من "نهاية المطلب"(11/ 266).
الأمة، كالأخ، فأوصَى بالأمة لابنها، فقَبِلَ مع ضِيْقِ الثلث، وأعتق الوارثُ بقيَّتها، فلا سرايةَ من الجانبين عند ابن الحدَّاد، وهذه زلَّةٌ منه، وقال الأصحاب: إن أسندنا المِلْكَ إلى موت الموصي سَرَى عتقُ الابن؛ لتقدُّمه على إعتاق الوارث، وإن قلنا: يملك بالقبول، نَفَذَ عتق الوارث، وسرى إلى نصيب الوصيَّة، وغَرِمَ للابن قيمةَ قَدْرِ الوصيَّة، وهذا بِدْعٌ! إذ غُرمت له قيمة أمِّه، ولم تعتق عليه؛ فإنَّ قبوله صادف غرمَ القيمة، والقيمةُ لا تقبل العتق.
السادس: إذا وصَّى بنصف عبدٍ لأجنبيٍّ، وبالنصف الآخَرَ لمن يَعْتِقُ عليه العبدُ كابنِ العبد؛ فإن قَبِلًا معًا، أو سبق قبولُ الابن، عتق نصيبُ الابن، وسرى إلى نصيب الأجنبيِّ، وكان الغرمُ للأجنبيِّ إن قَبِلَ الوصيَّة، وللوارث إن ردَّها الأجنبيُّ، وإن سبق قبول الأجنبيِّ، فأعتق نصيبه، ثم قَبِلَ الابن؛ فإن قلنا: يملك عقيب القبول، نفذ عتقُ الأجنبي، وسرى إلى نصيب الابن، واستحقَّ الغرم، وإن قلنا: يملك بموت الموصي، فقد بأن أنَّ نصيبه عتق
بعد الموت، وسرى إلى نصيب الأجنبى بوفاق ابن الحدَّاد، وهو خلاف زلَّته في المسألة السابقة.
السابع: إذا وصَّى بعبدٍ لأبيه أو ابنه الحرّ، فمات الموصي ثم الموصَى له قَبْلَ أن يَقْبَلَ، وترك ابنين، فقَبِلَا، فظاهر المذهب: أنَّ الملك يحصل للموصَى له، فيعتق عليه.
وأَبعدَ مَن قال: لا يصحُّ قبولُهما، ولا قبولُ أحدهما؛ تعليلًا بأنَّه لو صحَّ لثبت الولاء للميِّت قهرًا.
وعلى المذهب: لو قَبِلَ أحدُهما، وردَّ الآخرُ، فقد قال الأصحاب: