الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن وصَّى لآل زيد، فوجهان يجريان في كلِّ لفظٍ مجمَلٍ متردِّدٍ بين احتمالات يَعْسُرُ جمعُها والتحكُّمُ بتعيين بعضها:
أحدهما: تبطل؛ لتردُّدها بين أهله، وأهل دِينه، وأصحاب الموالاة.
والثاني: تصحُّ. وهل يُجعل الآل كالقرابة؟ فيه وجهان، فإن قلنا: لا يُجعلون كالقرابة، رُجع إلى الموصِي، فإن لم يكن فإلى الحاكم؛ ليتَّبع في ذلك رأيه في اجتهاده، ويرعَى الأصلحَ في جهات الاحتمالات، واستبعد الإمام الرجوعَ إلى الوصيِّ، وقال: هل يُرجع إلى الحاكم مع وجود الوصيِّ؟ فيه وجهان.
وإن وصَّى لأهل بيت زيدٍ، فأهلُه آله أو زوجته؟ فيه وجهان.
وإن وصَّى لأهله فالوصيَّة لزوجته، أو لمن يلزمه نفقته؟ فيه وجهان.
وإن وصَّى لأهل فلانةَ؛ فإن حملنا الأهل على الزوجة بطلت الوصيَّة هاهنا، وإن حملناها على مَن تجب نفقتُه، فهي هاهنا لمن تلزمُ المرأةَ نفقتُه.
وإن وصَّى لأَخْتان زيدٍ، فالوصيَّة لأزواج بناتِ زيدٍ، ولا تتعدَّى إلى أزواج العمَّات والخالات وسائرِ المحارم اتِّفاقًا، وفي أزواج إناث الأحفاد خلافٌ مأخذُه الخلافُ في دخولهم تحت لفظ الأولاد.
2130 - فرع:
إذا طلَّق الختَن بنت زيد بعد الوصيَّة، فلا أثر لطلاقه إن كان رجعيًّا، وإن كان بائنًا، فمات الموصي وهي خليَّة، فلا وصيَّة لمن كان ختنًا عند الإيصاء، ويُحتمل تخريجه على الخلاف فيمن أقرَّ لوارث، فخرج عن الإرث، وإن كانت خاليةً عند الإيصاء ناكحة عند الموت فالوصيَّةُ لزوجها،
وإن كانت ناكحةً عند الموت عزبةً عند القبول، أو بالعكس؛ فإن قلنا: تُملك الوصيَّةُ بالموت، أو قلنا بالوقف، فالوصيَّة للزوج، وإن قلنا: تُملك بالقبول، فقَبِلَها الزوجُ، ففي استحقاقه الوصيَّةَ خلافٌ.
وإن وصَّى لأصهار فلان، أو لأحمائه، فالوصيَّةُ لأبي زوجته وأمِّها، وفي أجدادها وجدَّاتها خلاف.
فإن كان لزيدِ زوجاتٌ، فالوصيَّة لآبائهنَّ وأمَّهاتهنّ لا غير، فلا يدخل فيها أبو امرأة أبيه، ولا أبو امرأة ابنه.
وإن وصَّى لأمَّهات فلانٍ، فالوصيّةُ للجدَّات من قِبَلِ الأمِّ، ولا حقَّ فيها للجدَّات من قِبَلِ الأب على الأظهر.
وإن وصَّى لآبائه دخل فيه الأجداد من قِبَلِ الأب، وفي الأجداد من قِبَلِ الأُمِّ خلافٌ.
وإن وصَّى لأجداده أو جدَّاته دخل فيه الأجداد والجدَّات من الجهتين اتِّفاقًا وإن كنَّ ساقطاتٍ غيرَ وارثات.
وإن وصَّى لبني فلان؛ فإن كانوا محصورين اختصَّ بالذكور، وأَبعدَ مَن أدرج فيه البنات، وإن كانوا قبيلةً - كبني شافع - دخل فيه الإناثُ اتِّفاقًا، فتصحُّ الوصيَّة إنْ أَمْكَنَ حصرُهم، وإن لم يُمْكِنْ فقولان.
وإن وصَّى لأولاد زيدٍ دخل فيه المذكور والإناث، وفي الأحفاد خلافٌ، وظاهر النصِّ: أنَّهم لا يدخلون، فإن قلنا بالنصِّ، فقال: أوصيتُ لأولاد فلان، ولا أولادَ له، وله أحفادٌ، ففي استحقاقهم الوصيَّةَ وجهان، فإن قلنا: يدخلون، دخل فيه أولادُ البنين، وفي أولاد البنات وجهان.
وإن وصَّى لإخوة فلان؛ فإن كانوا ذكورًا فالوصيَّةُ لهم، وإن كنَّ إناثًا فلا شيء لهنَّ، وإن كانوا ذكورًا وإناثًا فلا شيء للإناث على النصِّ.
وإن وصَّى لمولاه، وله عتيقٌ أو مُعْتِقٌ، فالوصيَّةُ له، ولا يدخل فيه مولى المحالفة، فإن كان له عتقاءُ فالوصيَّةُ لكلِّ مَن ثبت ولاؤه عليه؛ فرضًا كان عتقُه أو تطوُّعًا، وفي أمّ الولد والمدبَّر خلاف، وإن كان له عتيقٌ ومُعْتِقٌ فهل يُقسم بينهما، أو يُوقف حتَّى يصطلحا؟ فيه قولان، وقال أبو ثور (1): يُقرع بينهما، وقال أبو حنيفة: تبطل الوصيَّة.
وإن وصَّى لجيرانه فقد حدَّ العراقيُّون الجوار بأربعين دارًا من كلِّ جانب، والظاهر من مذهب الشافعيِّ: أنَّ الجار هو الملاصِقُ من جميع الجوانب، وفيمَن لا يلاصِقون ويجمعُهم دربٌ غيرُ نافذ وجهان، وفيمن يحاذي في السكَّة النافذة وجهان؛ فإن قلنا: يَستحقُّ، لم نَشْرط حقيقةَ المحاذاة، فإن انحرف قليلًا فلا بأس، وضبطه الإمام بأن تكون دارُه من دار الموصي بحيث يُتَوقَّع منها ضررُ الاطِّلاع، وهذا ينبِّه على التفرقة بين الطريق الضيِّق والمتَّسع، فلا يكون المحاذي جارًا عند اتِّساع الطريق، فحصل من الخلاف ثلاثةُ أوجه.
وإن وصَّى لصنفٍ من أصناف الزكاة، صُرف إليهم على ما سنصِفُهم
(1) أبو ثور: هو إبراهيم بن خالد، قال ابن حِبَّان: أحد أئمَّة الدنيا فقهًا وعلمًا وورعًا.
كان على مذهب أبي حنيفة، فلمَّا قدم الشافعيّ بغدادَ تبعه، قال عنه الرافعي: له مذهب مستقلٌّ، وقال النوويُّ: اتفقوا على توثيقه وجلالته، من مصَّنفاته الكثيرة كتاب "ذكر فيه اختلاف مالك والشافعي" وذكر فيه مذهبه، توفي سنة (240 هـ).
في قسْم الصدقات.
وإن وصَّى للفقراء والمساكين، وجب صرفُه إلى الصنفين، وإن وصَّى للفقراء جاز صرفه إلى المساكين، وكذلك عكسُه اتِّفاقًا في الصورتين.
وإن وصَّى للأرامل فالوصيَّةُ للبائنات عن أزواجهنَّ بموتِ أو غيرِه، فتصحُّ الوصيَّة لهنَّ وإن لم ينحصِرْنَ؛ حملًا على أقلِّ الجمع؛ لأن صفتهنَّ غيرُ لازمة، وفي اشتراط فقرهنَّ وجهان يجريان في كلِّ صفة تُشعر بضعفٍ في النفس، أو انقطاعِ كافلٍ، كاليتامى والأيامى والزَّمْنَى والأرامل والعميان، وظاهر النصِّ: الاشتراط، ولا يُشترط في الشيوخ والصبيان اتفاقًا.
وإن وصَّى للأيامى فالوصيَّة للأرامل وإن لم يتزوَّجن قط، بخلاف الأرامل، ولا فرق بين الثيِّب والأبكار.
وإن وصَّى لكلِّ ثيِّبٍ من بني بكر، اخْتَصَّتِ الوصيَّةُ بالنساء، وقيل: يدخل فيها مَن جامع من الرجال، وإن قال: لكل بكرٍ من بني فلان، اختصَّ بالنساء على الأصحِّ.
وإن وصَّى للأطفال أو الغلمان أو الصبيان، فالوصيَّةُ لمن لم يبلغ، والذراري كالصبيان على الأصحِّ، وقيل: لا يُشترط فيهم الصغَر، بل هم النسلُ كيف كانوا، ويندرج في لفظ الذرِّيَّة الأحفاد وإن لم ندرجهم في لفظ الأولاد.
وإن وصَّى للكهول أو الشيوخ أو الفتيان، رُجع (1) إلى ما يُفهَم من
(1) في "ظ": "روجع"، والمثبت هو الأنسب بالسياق. انظر:"نهاية المطلب"(11/ 322).
ذلك عُرفًا في الجبلات (1) المختلفة على ما ذكره الأصحاب.
وقال أبو يوسف: البالغ فتىً إلى ثلاثين، ثم كهلًا إلى خمسين، ثم شيخًا إلى آخر عمره.
وقال محمد: يكون فتىً وشابًّا إلى أربعين، ثم كهلًا إلى الخمسين، ثم شيخًا إلى آخر عمره.
وإن وصَّى لأيتام بني فلان، سُوِّيَ بين المذكور والإناث ممَّن لم يبلغ، فلا، يُتْمَ بعد البلوغ اتِّفاقًا.
وهذه الأصنافُ إنْ أَمْكَنَ حصرُها صحَّ الإيصاء لها، وإن بَعُدَ إمكانُ الحصر فقولان.
وإن وصَّى لعقب زيد، فالوصيَّةُ للذكور والإناث من الأولاد والأحفاد وإن سفلوا، وأَبعد مَن قال: يُقدَّم الأقرب فالأقرب من الأولاد والأحفاد، وهذا لا يصحُّ؛ فإنَّ العقب يتناول الجميع، فإن مات الموصي في حياة زيد بطلت الوصيَّةُ عند الجمهور؛ فإنَّ الحيَّ لا يعقبه أحد، وقال الإمام: لا تبطل؛ فإنَّ الأولاد يُسمَّون عقبًا في حياة أبيهم، ثم يُحتمل أن تُوقَف الوصيَّة إلى أن يموت زيد، فيتبيَّن مَن يعقبه.
وإن وصَّى لورثة زيد، فالوصيَّةُ لكلِّ مَن يرثه بنسبٍ أو سببٍ من المذكور والإناث، ويُسوَّى بينهم وإن تفاوتوا في الميراث، فإن مات الموصي في حياة زيد، بطلت الوصيَّة عند الأصحاب، ويُحتمل أن تُوقف إلى أن
(1) في "ظ": "الحيالات"، والمثبت من "نهاية المطلب"(11/ 322).
يموت، فيتبيَّن مَن يرثه، فإن لم يترك زيدٌ وارثًا خاصًّا بطلت الوصيَّةُ، ولا يُقال: إنَّه أوصى للمسلمين، وإن خلَّف بنتًا واحدةً فهل تستحقُّ الوصيَّةَ أو نصفَها؟ فيه وجهان، فإن قلنا: تستحقُّ الجميع، استحقَّته وإن لم نقل بالردِّ.
وإن وصَّى لعصبة زيد، ثم مات في حياة زيد، فالوصيَّة لعصباته في حياته، وأَوْلاهم بالوصيَّة أَوْلاهم بالعصوبة على ما قاله الأصحاب؛ لأنَّ العصوبة تثبت للأقربين.
وإن وصَّى لعشيرة فلان فهم قرابتُه، وإن وصَّى لعترته فوجهان:
أحدهما: أنَّهم ذريَّته. قاله ثعلب وابنُ الأعرابيّ.
والثاني: عشيرته. قاله القُتَيبيُّ.
* * *