الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأولى: أنَّ يستمر مِلْكُه عليه، ولا يتعلَّق به حقٌّ، فللبائع أنَّ يرجع فيه، وله أنَّ يضارب الغرماء بالثمن، ولا يَسقط رجوعه بأن يقدِّمَه الغرماء بالثمن؛ إِذ لا يلزمه تحمُّل مِنَّتهم، وقد يظهر غريمٌ غيرُهم يزاحمه في الثمن، وهل يثبت الرجوع على الفور أو التراخي؟ فيه وجهان؛ لتردُّده بين رجوع الواهب وخيار الخَلَف والعيب، ولا يمتنع باقيته بثلاثة أيَّام، كخيار العتيقة تحت العبد، فإِن اختار الرجوع، فقال: فسختُ العقد، انفسخ، وإِن قال: رددتُ الثمن أو فسخت العقد، ففيه فوجهان.
1578 - فرع:
إِذا انقطع جنس الثمن، ومنعنا الاستبدال عنه، فحكمُه حكم انقطاع المسلَم فيه، وإِن تعذَّر قبضُه لامتناع المشتري ففي الفسخ وجهان، وظاهر المذهب أنَّه لا يثبت وإِن تعذَّر؛ لغيبته، فإن خلَّف وفاءً، وكان للبائع بيِّنةٌ، فلا فسخ، وإِن لم يكن شيء من ذلك ففيه الوجهان، ويثبت الرجوع في المبيع إِذا مات المشتري، أو حُجِر عليه بالإِفلاس.
1579 - فرع:
إِذا قلنا: لا يحلُّ الدَّين المؤجَّل بالفَلَس، اختصَّ أرباب الديون الحالَّة بالتضارب، فإِذا حلَّت الديون، فلا رجوع لأربابها على أرباب الديون الحالَّة بما تضاربوا فيه واقتسموه.
الثانية: أنَّ يكون تالفًا، فيضارب بثمنه دون قيمته، وقيل: إِن كانت القيمة أكثرَ ضارب بها، ولو باع عبدًا بجارية، وتقابضا، ثم تلف العبد، فردَّ الجاريةَ بعيبٍ، فهل يُقدَّم بقيمة العبد، أو يضارب بها؟ فيه وجهان من
جهة أنَّه قد دفع إِلى الغرماء ما يقابل القيمة، وهو الجارية.
الثالثة: أنَّ يجد المِلْكَ قد زال وعاد، فإِن عاد بجهةٍ لا عوض فيها، كالهبة والإِرث، ففي الرجوع وجهان، وإِن عاد ببيع: فهل يرجع فيه الثاني، أو الأوَّل، أو يستويان؟ فيه ثلاثةُ أوجهٍ أقيسُها أوَّلها، فإِن قلنا بالتسوية رجع كلُّ واحد بنصف المبيع، وضارب بنصف الثمن، فإِن عفا الأوَّل رجع الثاني وجهًا واحدًا، وإِن عفا الثاني ففي رجوع الأوَّل الوجهان في الزائل العائد.
الرابعة: أنَّ يجده وقد تعلَّق بعينه حقٌّ؛ كالجناية والرهن والكتابة، فلا فسخ له في الحال، فإِن صبر ليرجع بعد انفكاك الرهن والبراءةِ من الأرش فله ذلك، وإِن صبر حتى رقَّ المكاتَبُ، فقد خرَّجه بعضهم على الوجهين في الزائل العائد؛ لأن استقلال الكتابة ألحقه بالأحرار، وإِن تعلَّق الحقُّ بمنفعة المبيع -كالإِجارة والتزويج- رجع فيه في الحال، واستمرَّت الإِجارة والنكاح.
الخامسة: أنَّ يجده زائدًا؛ فإِن كانت الزيادة منفصلة رجع في الأصل، وصُرفت الزيادة إِلى الغرماء، وإِن كانت متَّصلة رجع فيها مع الأصل؛ إِذ لا حكم للمتَّصلة إِلا في الصَّداق عند التشطير (1) بالطلاق، فإِنَّ الزوج يرجع بنصف القيمة موسرةً كانت الزوجةُ أو معسرة، فإِن حُجِر عليها بالفلس: فهل يضارب بنصف القيمة، أو يرجع إِليه نصف الصداق ليخلص عن زحمة التضارب؟ فيه وجهان، وإِن ارتدَّت قبل الدخول فالأصحُّ أنَّه يرجع في الصداق مع الزيادة؛ لأنَّ جهات الردِّ ثلاثة:
(1) في "ل": "التشطر".
أحدها: ما يقطع أصل السبب، كالفسخ، فلا يبقى معه عُلقة للمرجوع عليه.
الثاني: ما يهجم على قطع الملك، كرجوع الواهب، فهو في معنى الفسخ.
الثالث: رجوع الزوج في شطر الصداق، فإِنَّه ليس بفاسخ ولا هاجم؛ إِذ لا يُقصَد بالطلاق رجوع نصف الصداق، فقوي تعلَّق المرأة به، فلم يرجع في زيادته.
السادسة: أنَّ يجده ناقصًا، فإِن نقص شيء ممَّا يقابل بالثمن؛ كعبد من عبدين، وصاعٍ من صاعين، فيرجع فيما بقي، ويضارب بحصَّة ما تلف من الثمن، وإِن نقصت الصفات، كعَوَرِ العين، وشلل اليد؛ فإِن كان بآفة سماوية يُخيَّر (1) بين أنَّ يقنع به ناقصًا، وبين أنَّ يضارب بالثمن، وإِن كان بجناية أجنبيٍّ فالأرشُ المقدَّر للمشتري، فإِن رجع البائع دفع إِليه المشتري ما يقتضيه نقصُ القيمة من الثمن، فإذا كان المقدَّر نصف القيمة، والأرشُ ثلثَها رجع البائع بثلث الثمن، وإِن كان بجناية المشتري، فالأصحُّ أنَّه كالأجنبيِّ، وقيل: جنايتُه كجناية البائع قبل القبض، وفيها قولان:
أحدهما: أنَّها كالآفة.
والثاني: أنَّها كجناية الأجنبيِّ.
السابعة: أنَّ يجد الحنطة قد بُذِرَت، وصارت حبًّا، والبيضةَ فرْخًا،
(1) في "ل": "تخيّر".