الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2131 - باب ما يكون رجوعًا في الوصيَّة
التبرُّعات ضربان:
أحدهما: ما يتنجَّز في الحياة، كالصدقات والهبات المقبوضات، ومحاباة البيع والشراء والعتق والإبراء، فإن وقعت في الصحَّة فلا رجوع فيها؛ لأنَّها من رأس المال، وإن وقعت في مرض الموت حُسبت من الثلث، ولا رجوع للمتبرِّع في شيء منها، فإن علَّق العتق في الصحَّة، فوُجدت الصفة في مرض الموت، فالعبرةُ بوقت التعليق، أو بوقتِ وجود الصفة؟ فيه خلافٌ، وإذا وقع التبرُّع في مرض الموت، فلِلمتبرَّع عليه أن يتصرَّف فيه تصرُّفَ مِثْلِه كما يتصرَّف في تبرُّع الصحَّة، وإن كنَّا قد نتبيَّن انتقاض التصرُّفات فيما زاد على الثلث، أو في الجميع إن ظهر دَينٌ مستغرِقٌ.
الثاني: ما يُضاف إلى ما بعد الموت بإيصاء في الصحَّة، أو في مرض الموت، فيُحسب من الثلث، ويجوز للمتبرِّع الرجوعُ فيه، وفي الرجوع في التدبير بمجرَّد اللفظ من غير تصرُّفٍ قولان.
* * *
2132 - فصل في بيان ما يكون رجوعًا في الوصيَّة
يصحُّ الرجوع في الوصايا بالصريح، وبما يتضمَّن الرجوع؛ فالصريحُ
كقوله: فسختُ هذه الوصيَّة، أو: رفعتُها، أو: أبطلْتُها، أو: قطعتها، ونحوِ ذلك، فإن قال: حرَّمت هذه العين على فلانٍ، فظاهرُ المذهب: أنَّه رجوع.
ولو قيل له: أوصيتَ لفلان؟ فقال: لا أدري، لم يكن رجوعًا، وإن قال: ما أوصيتُ، كان رجوعًا على النصِّ وقولِ الأصحاب، وفيه احتمال؛ فإنَّه قد ينكر ناسيًا للإيصاء، وليس الإخبار إنشاءً.
وأمَّا ما يتضمَّن الرجوع فضربان:
أحدهما: التصرُّف القوليُّ المتضمِّن لقطع المِلْكِ؛ كالعتق والبيع اللازم، فإنَّه ينفذ متضمِّنًا للرجوع.
الثاني: ما لا يلزم، ويُشعر بقَصْدِ الرجوع، فيتضمَّن الرجوع، كما لو وكَّل في بيع العين الموصَى بها، أو عرضها على البيع، ولم يبعها، وفي الرهن وجهان، ولا فرق عند الإمام بين أن يُقبِضَ الرهن أو لا يُقبِضه، وإن وهب ولم يُقبِض كان رجوعًا، وفيه وجه لا يُعتدُّ به؛ [وإذا رأينا العرض على البيع رجوعًا](1) فإن البيع بشرط الخيار رجوعٌ وإن فُسخ.
ومهما وقع من الموصي أمارةٌ ظاهرة في الرجوع ارتفعت الوصيَّة؛ فإنَّ الوصيَّة ضعيفةٌ لم يوجد فيها سوى الإيجاب، ولو تخلَّل بين الإيجاب والقبول في سائر العقود قاطعٌ لانقطع الإيجاب عن القبول.
ولا يصحُّ الرجوع في الهبة بالمخايل والعلامات؛ لأنَّ فسخَها تملُّكٌ
(1) زيادة من "نهاية المطلب"(11/ 330).