الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْقَرَابَةِ أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَأَنْفَقَهُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْغَلَّةِ أُعْطِيَ ثَانِيًا إذَا لَمْ يَكُنْ أَنْفَقَهَا فِي الْفَسَادِ كَذَا فِي الْحَاوِي.
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذَا الْفَصْلِ) إذَا قَالَ: أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ أَبَدًا عَلَى زَيْدٍ وَوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَمِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ عَلَى أَنَّهُ إنْ احْتَاجَ قَرَابَتِي رُدَّ عَلَيْهِمْ هَذَا الْوَقْفُ فَكَانَتْ غَلَّتُهُ لَهُمْ وَكَانَتْ قَرَابَتُهُ جَمَاعَةً فَاحْتَاجَ بَعْضُهُمْ وَبَعْضُهُمْ أَغْنِيَاءُ يُرَدُّ هَذَا الْوَقْفُ عَلَى مَنْ احْتَاجَ مِنْ قَرَابَتِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنْ احْتَاجَ مَوَالِيَّ فَاحْتَاجَ بَعْضُهُمْ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِ زَيْدٍ إنَّمَا تَوَارَدَتْ غَلَّةُ هَذَا الْوَقْفِ عَلَى عَمْرٍو. فَمَاتَ بَعْضُ وَلَدِ زَيْدٍ وَبَقِيَ الْبَعْضُ لَمْ تُرَدَّ الْغَلَّةُ حَتَّى يَمُوتَ كُلُّ وَلَدِ زَيْدٍ هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
قَالَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي وَقْفِهِ إذَا قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ بَعْدَ مَوْتِي عَلَى الْفُقَرَاءِ فَمَنْ احْتَاجَ مِنْ وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي أُعْطِيَ مَا يَكْفِيهِ. كَانَ كَمَا قَالَ فَإِنْ احْتَاجَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ صُلْبِهِ يُنْظَرُ إلَى مَا يَكْفِيهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِيرَاثًا بَيْنَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَإِنْ احْتَاجَ بَعْضُ وَلَدِ الْوَلَدِ أُعْطِيَ مَا يَكْفِيهِ وَإِنْ احْتَاجَ وَلَدُ الصُّلْبِ وَوَلَدُ الْوَلَدِ أُعْطِيَا، ثُمَّ مَا يُصِيبُ وَلَدَ الصُّلْبِ يَكُونُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَمَا يُصِيبُ وَلَدَ الْوَلَدِ يَكُونُ لَهُ فَإِنْ احْتَاجَا جَمِيعًا يُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ ثُمَّ الْحُكْمُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْإِرْثِ وَالْوَقْفِ إنْ اسْتَغْنَى الْمُحْتَاجُ لَا يُعْطَى لَهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنْ قَصُرَتْ الْغَلَّةُ عَمَّنْ سَمَّى لِكُلِّ فَقِيرٍ وَكَانَ يَكْفِي لِأَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِوَلَدِ الْوَلَدِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
[الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ فِي الْوَقْفِ]
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ فِي الْوَقْفِ) فِي الذَّخِيرَةِ إذَا وَقَفَ أَرْضًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ وَشَرَطَ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ أَوْ شَرَطَ الْبَعْضَ لِنَفْسِهِ مَا دَامَ حَيًّا وَبَعْدَهُ لِلْفُقَرَاءِ
قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْوَقْفُ صَحِيحٌ وَمَشَايِخُ بَلْخٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَخَذُوا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى تَرْغِيبًا لِلنَّاسِ فِي الْوَقْفِ وَهَكَذَا فِي الصُّغْرَى وَالنِّصَابِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَمِنْ صُوَرِ الِاشْتِرَاطِ لِنَفْسِهِ مَا لَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ مِنْ غَلَّتِهِ، وَكَذَا إذَا قَالَ: إذَا حَدَثَ عَلَيَّ الْمَوْتُ وَعَلَيَّ دَيْنٌ يُبْدَأُ مِنْ غَلَّةِ هَذَا الْوَقْفِ بِقَضَاءِ مَا عَلَيَّ فَمَا فَضَلَ فَعَلَى سَبِيلِهِ. كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَكَذَا إذَا قَالَ: إذَا حَدَثَ عَلَى فُلَانٍ الْمَوْتُ يَعْنِي الْوَاقِفَ نَفْسَهُ أُخْرِجَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ عَشَرَةِ أَسْهُمٍ مِثْلُ أَسْهُمٍ تُجْعَلُ فِي الْحَجِّ عَنْهُ أَوْ فِي كَفَّارَاتِ أَيْمَانِهِ وَفِي كَذَا وَكَذَا وَسَمَّى أَشْيَاءَ، أَوْ قَالَ: أُخْرِجُ مِنْ هَذِهِ الصَّدَقَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا لِيُصْرَفَ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ وَيُصْرَفَ الْبَاقِي كَذَا وَكَذَا عَلَى مَا سَبَّلَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ قَالَ: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى تَجْرِي غَلَّتُهَا عَلَى مَا عِشْت. وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ جَازَ وَإِذَا مَاتَ تَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ.
وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ تَجْرِي غَلَّتُهَا عَلَى مَا عِشْتُ ثُمَّ بَعْدِي عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي مِنْ نَسْلِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا فَإِنْ انْقَرَضُوا فَهِيَ عَلَى الْمَسَاكِينِ. جَازَ ذَلِكَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَوْ شَرَطَ أَنَّ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَيَقْضِيَ دَيْنَهُ مِنْ غَلَّتِهِ فَإِذَا حَدَثَ بِهِ الْمَوْتُ كَانَتْ غَلَّةُ هَذِهِ الضَّيْعَةِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ أَوْ بَدَأَ بِمَا جَعَلَ لِفُلَانٍ وَأَخَّرَ مَا جَعَلَهُ لِنَفْسِهِ قَالَ الْخَصَّافُ: تَقْدِيمُهُ وَتَأْخِيرُهُ سَوَاءٌ عَلَى أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَقَفَ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَشَرَطَ فِيهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ وَيُؤَكِّلَ مَادَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ كَانَ لِوَلَدِهِ وَكَذَلِكَ لِوَلَدِ وَلَدِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا جَازَ الْوَقْفُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَبِهِ أَخَذَ الشَّيْخُ الْأَمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَحُسَامُ الدِّينِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَلَوْ شَرَطَ بَعْضَ الْغَلَّةِ لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ حَالَ وَقْفِهِ وَمَنْ يَحْدُثُ مِنْهُنَّ بَعْدُ وَقَسَّطَ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ فِي كُلِّ عَامٍ قِسْطًا حَالَ حَيَاتِهِ وَمَمَاتِهِ جَازَ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَهَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالذَّخِيرَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانَ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَكَذَلِكَ إذَا سَمَّى ذَلِكَ لِمُدَبَّرِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ شَرَطَ الْغَلَّةَ لِإِمَائِهِ أَوْ لِعَبِيدِهِ فَهُوَ
كَاشْتِرَاطِهَا لِنَفْسِهِ فَيَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْكَافِي
إذَا وَقَفَ وَقْفًا مُؤَبَّدًا وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ غَلَّةِ هَذَا الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَحَشَمِهِ مَا دَامَ حَيًّا جَازَ الْوَقْفُ وَالشَّرْطُ جَمِيعًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِذَا انْقَرَضُوا صَارَتْ الْغَلَّةُ لِلْمَسَاكِينِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ وَقَفَ وَقْفًا وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ مَا دَامَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ وَعِنْدَهُ مِنْ هَذَا الْوَقْفِ مَعَالِيقُ أَوْ عِنَبٌ أَوْ زَبِيبٌ فَذَلِكَ كُلُّهُ مَرْدُودٌ إلَى الْوَقْفِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ خُبْزٌ مِنْ بُرِّ ذَلِكَ الْوَقْفِ كَانَ مِيرَاثًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الْوَقْفِ حَقِيقَةً كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَفِي وَقْفِ الْخَصَّافِ إذَا شَرَطَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَحَشَمِهِ وَعِيَالِهِ مِنْ غَلَّةِ هَذَا الْوَقْفِ فَجَاءَتْ غَلَّتُهُ فَبَاعَهَا وَقَبَضَ ثَمَنَهَا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُنْفِقَ ذَلِكَ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ أَوْ لِأَهْلِ الْوَقْفِ؟ قَالَ: يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ ذَلِكَ وَكَانَ لَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَقَفَ ضَيْعَتَهُ عَلَى امْرَأَتِهِ وَأَوْلَادِهِ فَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ لَمْ يَكُنْ نَصِيبُهَا لِابْنِهَا خَاصَّةً إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَاقِفُ شَرَطَ إنْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ رُدَّ نَصِيبُهُ إلَى أَوْلَادِهِ فَيَكُونُ نَصِيبُهَا مَرْدُودًا إلَى الْجَمِيعِ كَذَا فِي الْكُبْرَى.
وَقَفَ ضَيْعَةً لَهُ نِصْفُهَا عَلَى امْرَأَتِهِ وَنِصْفُهَا عَلَى وَلَدٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَتْ امْرَأَتُهُ صُرِفَ نَصِيبُهَا إلَى أَوْلَادِهِ وَآخِرُهُ لِلْفُقَرَاءِ ثُمَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ يَكُونُ لِلِابْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مِنْ نَصِيبِهَا نَصِيبٌ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَقَفَ ضَيْعَةً لَهُ عَلَى رَجُلٍ عَلَى أَنْ يُعْطِي لَهُ كِفَايَتَهُ كُلَّ شَهْرٍ وَلَيْسَ لَهُ عِيَالٌ فَصَارَ لَهُ عِيَالٌ يُعْطِي لَهُ وَلِعِيَالِهِ كِفَايَتَهُمْ كَذَا فِي الْكُبْرَى.
وَلَوْ وَقَفَ أَرْضًا عَلَى رَجُلٍ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ دَرَاهِمَ جَازَ الْوَقْفُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا شَرَطَ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِهِ أَرْضًا أُخْرَى إذَا شَاءَ ذَلِكَ فَتَكُونُ وَقْفًا مَكَانِهِمْ فَالْوَقْفُ وَالشَّرْطُ جَائِزَانِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَسْتَبْدِلَ مَكَانَهَا وَفِي وَاقِعَاتِ الْقَاضِي فَخْرِ الدِّينِ قَوْلُ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ اسْتِبْدَالِهِ مَرَّةً أَنْ يَسْتَبْدِلَ ثَانِيًا؛ لِانْتِهَاءِ الشَّرْطِ بِمَرَّةٍ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ عِبَارَةً تُفِيدُ لَهُ ذَلِكَ دَائِمًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ قَالَ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ عَلَى أَنْ يَبِيعَهَا بِمَا بَدَا لِي مِنْ الثَّمَنِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ أَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ أَبِيعَهَا وَأَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا عَبْدًا، أَوْ قَالَ:
أَبِيعُهَا. وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ قَالَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا الشَّرْطُ فَاسِدٌ يَفْسُدُ بِهِ الْوَقْفُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ أَبَدًا عَلَى أَنَّ لِي أَنْ أَسْتَبْدِلَ بِهَا أُخْرَى يَكُونُ الْوَقْفُ جَائِزًا اسْتِحْسَانًا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ بِثَمَنِ الْأُولَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَمَا اشْتَرَى الثَّانِيَةَ تَصِيرُ الثَّانِيَةُ وَقْفًا بِشَرَائِطِ الْأُولَى قَائِمَةً مَقَامَ الْأُولَى وَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُبَاشَرَةِ الْوَقْفِ بِشُرُوطِهِ فِي الثَّانِيَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ شَرَطَ الِاسْتِبْدَالَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَرْضًا وَلَا دَارًا وَبَاعَ الْأُولَى لَهُ أَنْ يَسْتَبْدِلَهَا بِجِنْسِ الْعَقَارِ مَا شَاءَ مِنْ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ وَكَذَا لَوْ لَمْ يُقَيَّدْ بِالْبَلَدِ لَهُ أَنْ يَسْتَبْدِلَهَا بِأَيِّ بَلَدٍ شَاءَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِذَا قَالَ: عَلَى أَنْ أَسْتَبْدِلَ أَرْضًا أُخْرَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْبَدَلَ دَارًا وَكَذَا عَلَى الْعَكْسِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا أَرْضَ الْخَرَاجِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ: بِأَرْضٍ مِنْ الْبَصْرَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَبْدِلَ مِنْ غَيْرِهَا وَيَنْبَغِي إنْ كَانَتْ أَحْسَنَ أَنْ يَجُوزَ؛ لِأَنَّهُ خِلَافٌ إلَى خَيْرٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَفِي الْقُنْيَةِ مُبَادَلَةُ دَارِ الْوَقْفِ بِدَارٍ أُخْرَى إنَّمَا تَجُوزُ إذَا كَانَتْ فِي مَحَلَّةٍ وَاحِدَةٍ وَتَكُونُ الْمَحَلَّةُ الْمَمْلُوكَةُ خَيْرًا مِنْ الْمَحَلَّةِ الْمَوْقُوفَةِ وَعَلَى عَكْسِهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ أَنْ يَسْتَبْدِلَ فَوَكَّلَ بِهِ جَازَ، وَلَوْ أَوْصَى بِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَصِيِّ ذَلِكَ وَلَوْ شَرَطَ الِاسْتِبْدَالَ لِنَفْسِهِ مَعَ آخَرَ أَنْ يَسْتَبْدِلَا مَعًا فَتَفَرَّدَ ذَلِكَ الرَّجُلُ لَا يَجُوزُ وَلَا تَفَرَّدَ الْوَاقِفُ جَازَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ فِي الْوَقْفِ الِاسْتِبْدَالَ لِكُلِّ مَنْ وَلِيَ هَذَا الْوَقْفَ صَحَّ ذَلِكَ وَيَكُونُ لِكُلِّ مَنْ وَلِيَ الْوَقْفَ وِلَايَةُ الِاسْتِبْدَالِ، أَمَّا إذَا قَالَ الْوَاقِفُ: عَلَى أَنَّ لِفُلَانٍ وِلَايَةَ الِاسْتِبْدَالِ. فَمَاتَ الْوَاقِفُ لَا يَكُونُ لِفُلَانٍ وِلَايَةُ الِاسْتِبْدَالِ بَعْدَ مَوْتِ الْوَاقِفِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْوِلَايَةَ بَعْدَ وَفَاتِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ وِلَايَةُ الِاسْتِبْدَالِ إلَّا أَنْ يَنُصَّ لَهُ بِذَلِكَ وَلَوْ شَرَطَهُ لِلْقَيِّمِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ لِنَفْسِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِنَفْسِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ثُمَّ إذَا جَازَ الْوَقْفُ وَشَرَطَ الْبَيْعَ وَالِاسْتِبْدَالَ بِالثَّمَنِ فَبَاعَهُ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَإِنْ بَاعَهُ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ بَاعَهَا بِعَرُوضٍ فَفِي قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ يَصِحُّ ثُمَّ يَبِيعُهَا بِعَقَارٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَهِلَالٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالنَّقْدِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ أَوْ بِأَرْضٍ تَكُونُ وَقْفًا مَكَانَهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ
وَلَوْ بَاعَ أَرْضَ الْوَقْفِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالَ الثَّمَنِ كَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَا لَوْ اسْتَهْلَكَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِنْ بَاعَ الْأُولَى وَضَاعَ الثَّمَنُ مِنْ يَدِهِ لَا يَضْمَنُ وَبَطَلَ الْوَقْفُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ اشْتَرَى بِالثَّمَنِ عَرَضًا مِمَّا لَا يَكُونُ وَقْفًا فَهُوَ لَهُ وَالدَّيْنُ عَلَيْهِ وَلَوْ وَهَبَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي صَحَّتْ الْهِبَةُ وَيَضْمَنُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمَنَعَهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. أَمَّا لَوْ قَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ وَهَبَهُ فَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ اتِّفَاقًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ
وَإِذَا بَاعَ الْوَقْفَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ بِمَا هُوَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا ثَانِيًا، وَإِنْ بَاعَهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ لَا يَمْلِكُ بَيْعَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ عَمَّمَ لِنَفْسِهِ الِاسْتِبْدَالَ وَلَوْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ بِقَضَاءٍ عَادَتْ وَقْفًا، وَكَذَا إذَا أَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الْأَرْضَ بَعْدَ الْإِقَالَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَطَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْوَقْفِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ بَاعَ أَرْضَ الْوَقْفِ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهَا أَرْضًا أُخْرَى ثُمَّ رُدَّتْ الْأُولَى عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ قَاضٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَصْنَعَ بِالْأَرْضِ الْأُخْرَى مَا شَاءَ وَالْأَرْضُ الْأُولَى تَعُودُ وَقْفًا، وَلَوْ رُدَّتْ الْأُولَى عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لَمْ يَنْفَسِخْ الْبَيْعُ فِي الْأُولَى فَبَقِيَتْ الثَّانِيَةُ بَدَلًا عَنْ الْأُولَى فَلَا تَبْطُلُ الْوَقْفِيَّةُ فِي الثَّانِيَةِ وَيَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِلْأُولَى لِنَفْسِهِ وَلَا يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِلْأَرْضِ الثَّانِيَةِ وَوَاقِفًا لِنَفْسِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ بَاعَ الْأُولَى وَاشْتَرَى الثَّانِيَةَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأُولَى فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ الْوَقْفُ فِي الْأَرْضِ الثَّانِيَةِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَكُونُ الثَّانِيَةُ وَقْفًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ مُرْسَلًا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ شَرْطَ الِاسْتِبْدَالِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَسْتَبْدِلَ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ أَرْضُ الْوَقْفِ سَبِخَةً لَا يَنْتَفِعُ بِهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَقَدْ اخْتَلَفَ كَلَامُ قَاضِي خَانْ فَفِي مَوْضِعٍ جَوَّزَهُ لِلْقَاضِي بِلَا شَرْطِ الْوَاقِفِ حَيْثُ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ، وَفِي مَوْضِعٍ مَنَعَهُ مِنْهُ وَلَوْ صَارَتْ الْأَرْضُ بِحَالٍ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي بِشَرْطِ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ رِيعٌ لِلْوَقْفِ يُعَمَّرُ بِهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ الْبَيْعُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَشَرَطَ فِي الْإِسْعَافِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَبْدِلُ قَاضِيَ الْجَنَّةِ الْمُفَسَّرَ بِذِي الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ
وَسَأَلَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ مَحْمُودٌ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ
وَقَالَ لَهُمْ: إنْ عَجَزْتُمْ عَنْ إمْسَاكِهِ فَبِيعُوهُ. قَالَ: لَوْ كَانَ هَذَا شَرْطًا فِي الْوَقْفِ كَانَ بَاطِلًا وَهَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَجُوزُ الْوَقْفُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ.
وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَنَّ أَصْلَهَا إلَيَّ أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَزُولُ مِلْكِي عَنْ أَصْلِهَا أَوْ عَلَى أَنْ أَبِيعَهَا أَصْلَهَا أَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا كَانَ الْوَقْفُ بَاطِلًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَهُ وَيَجْعَلَ ثَمَنَهُ فِي وَقْفٍ أَفْضَلَ إنْ رَأَى الْحَاكِمُ بَيْعَهُ أَذِنَ لَهُ فِيهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ لَوْ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَصْرِفَ ثَمَنَهَا إلَى مَا رَأَى مِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرِ فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ وَلَوْ شَرَطَ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ أَنْ يَبِيعَهُ لَمْ يَبِعْهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ وَلِيَهُ بَعْدَهُ أَنْ يَبِيعَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَنَّ لِي إبْطَالُهَا فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ عِنْدَ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَلَا رِوَايَةَ لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْوَقْفُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ مَسَائِلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ: إذَا كَتَبَ فِي صَكٍّ: الْوَقْفُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُمْلَكُ، ثُمَّ قَالَ: عَلَى أَنَّ لِفُلَانٍ بَيْعَ ذَلِكَ وَالِاسْتِبْدَالَ بِثَمَنِهِ مَا يَكُونُ وَقْفًا فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ وَيَسْتَبْدِلَ. وَإِنْ قَالَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ: عَلَى أَنَّ لِفُلَانٍ بَيْعَ ذَلِكَ وَالِاسْتِبْدَالَ بِهِ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الْكِتَابِ: وَعَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِفُلَانٍ بَيْعُ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ أَنْ يُنْقِصَ مِنْ الْمَعَالِيمِ إذَا شَاءَ وَيَزِيدَ وَيُخْرِجَ مَنْ شَاءَ وَيَسْتَبْدِلَ بِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِقَيِّمِهِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ لَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قَالَ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ: إذَا فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُغَيِّرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ أَبَدًا مَا عَاشَ يَزِيدُ وَيُنْقِصُ وَيُدْخِلُ وَيُخْرِجُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ قَالَ: يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَإِنْ اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لِإِنْسَانٍ مَادَامَ حَيًّا فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ مَا دَامَ حَيًّا لِلْمُتَوَلِّي بَعْدَهُ صَحَّ، وَلَوْ جَعَلَهُ لِلْمُتَوَلِّي مَا دَامَ الْوَاقِفُ حَيًّا مَلَكَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ، فَإِذَا مَاتَ الْوَاقِفُ بَطَلَ وَلَيْسَ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ لِغَيْرِهِ أَوْ يُوصِيَ بِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
إذَا قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى أَبَدًا عَلَى أَنْ أَضَعَ غَلَّتَهَا حَيْثُ شِئْت جَازَ وَلَهُ أَنْ يَضَعَ غَلَّتَهَا حَيْثُ شَاءَ فَإِنْ وَضَعَ فِي الْمَسَاكِينِ أَوْ الْحَجِّ
أَوْ فِي إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: جَعَلْتهَا لِفُلَانٍ أَوْ أَعْطَيْتهَا فُلَانًا فَلَا يَرْجِعُ عَنْهُ وَلَوْ وَضَعَ فِي فَرِيقٍ بَعْدَ فَرِيقٍ جَازَ وَلَوْ وَضَعَهَا فِي نَفْسِهِ بَطَلَ الْوَقْفُ وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ أَنْ أُعْطِيَ غَلَّتَهَا مَنْ شِئْت أَوْ أَدْفَعَ مَنْ شِئْت.
وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَنَّ لِي أَنْ أُعْطِيَ غَلَّتَهَا مَنْ شِئْت مِنْ وَلَدِي فَالْوَقْفُ صَحِيحٌ وَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ شَاءَ مِنْ وَلَدِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا وَقَفَ أَرْضِهِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ غَلَّتَهَا مَنْ شَاءَ جَازَ الْوَقْفُ وَلَهُ الْمَشِيئَةُ فِي صَرْفِ الْغَلَّةِ إلَى مَنْ شَاءَ، وَإِذَا مَاتَ انْقَطَعَتْ مَشِيئَتُهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَيْسَ لِلْوَاقِفِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ غَلَّتِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ مَاتَ الْوَاقِفُ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَ الْغَلَّةَ لِوَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ كَانَتْ الْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا شَرَطَ أَنْ يُعْطِيَ غَلَّتَهَا مَنْ شَاءَ أَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ يَضَعَهَا حَيْثُ شَاءَ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ الْأَغْنِيَاءَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَصْرِفَهَا إلَى رَجُلٍ غَنِيٍّ بِعَيْنِهِ جَازَتْ الْمَشِيئَةُ وَالْغَلَّةُ لَهُ مَا دَامَ حَيًّا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَوِّلَهَا عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ فَإِذَا مَاتَ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَهُ مِمَّنْ شَاءَ وَإِنْ صَرَفَهَا إلَى الْأَغْنِيَاءِ دُونَ الْفُقَرَاءِ فَالْمَشِيئَةُ بَاطِلَةٌ وَإِنْ شَاءَ صَرَفَهَا إلَى الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ جَمِيعًا يَبْطُلُ الْوَقْفُ قِيَاسًا وَلَا يَبْطُلُ اسْتِحْسَانًا، وَيُبْطِلُ مَشِيئَتَهُ فَصَارَتْ الْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ جَعَلَ غَلَّتَهَا لِفُلَانٍ سَنَةً جَازَ وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِمَنْ شَاءَ وَإِنْ جَعَلَ غَلَّتَهَا لِرَجُلَيْنِ فَالْغَلَّةُ بَيْنَهُمَا مَا عَاشَا فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلِلْحَيِّ نِصْفُ الْغَلَّةِ وَلَوْ قَالَ: جَعَلْت غَلَّتَهَا لِلْوَالِدَيْنِ صَحَّ كَمَا لَوْ وَقَفَ غَلَّتَهَا فِي الِابْتِدَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ جَعَلَ غَلَّتَهُ لِوَلَدِهِ جَازَ كَذَا فِي الْحَاوِي.
رَجُلٌ وَقَفَ ضَيْعَةً وَشَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يُعْطِيَ الْقَيِّمُ غَلَّتَهَا مَنْ شَاءَ جَازَ وَلِلْقَيِّمِ أَنْ يُعْطِيَ الْأَغْنِيَاءَ وَالْفُقَرَاءَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ وَقَفَ فِي مَرَضِهِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ فُلَانٌ غَلَّتَهَا مَنْ شَاءَ فَاخْتَارَ الْوَصِيُّ أَنْ يَضَعَ ذَلِكَ فِي وَلَدِ الْمَيِّتِ لَا يَجُوزُ وَيَبْطُلُ الْوَقْفُ قِيَاسًا. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ الْوَقْفُ عَلَى الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ وَقَعَ صَحِيحًا لِلْفُقَرَاءِ إلَّا أَنَّ الْوَاقِفَ جَعَلَ لِفُلَانٍ الْمَشِيئَةَ فَإِنْ شَاءَ مَا يَصِحُّ بِهِ الْوَقْفُ يَصِحُّ وَإِلَّا يُبْطِلْ مَشِيئَتَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ يُعْطَى فُلَانٌ غَلَّتَهَا مَنْ شَاءَ فَهُوَ جَائِزٌ لَهُ وَأَنْ يُعْطَى مَنْ شَاءَ فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: يُعْطِيهَا فِي حَيَاتِي وَبَعْدَ وَفَاتِي.
وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُعْطَى بَعْدَ وَفَاةِ الْوَاقِفِ فَإِنْ مَاتَ الَّذِي جَعَلَ إلَيْهِ الْمَشِيئَةَ فَالْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ وَلِمَنْ جَعَلَ إلَيْهِ الْمَشِيئَةَ أَنْ يُعْطَى وَلَدُهُ وَنَسْلُهُ وَيُعْطَى وَلَدُ الْوَاقِفِ وَنَسْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ نَفْسَهُ وَلَا يُخْرِجَ الْمَشِيئَةَ عَنْ يَدِهِ بِقَوْلِهِ: أَعْطَيْت نَفْسِي فَإِنْ جَعَلَ غَلَّتَهُ لِلْوَاقِفِ بَطَلَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يُجِيزُ وَقْفَ الرَّجُلِ عَلَى نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَعَلَ غَلَّتَهُ لِلْوَاقِفِ سَنَةً كَذَا فِي الْحَاوِي بِخِلَافِ مَا إذَا جَعَلَ الْوَاقِفُ الْمَشِيئَةَ إلَى نَفْسِهِ فِي إعْطَاءِ الْغَلَّةِ فَأَعْطَى نَفْسَهُ حَيْثُ لَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ وَلَوْ قَالَ فُلَانٌ: جَعَلْتهَا لِلْأَغْنِيَاءِ بَطَلَ الْوَقْفُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى بَنِي فُلَانٍ عَلَى أَنَّ لِي أَنْ أُعْطِيَ غَلَّتَهَا مَنْ شِئْت، فَشَاءَ إلَى وَاحِدٍ مِنْ بَنِي فُلَانٍ بِعَيْنِهِ جَازَتْ مَشِيئَتُهُ وَإِنْ شَاءَ صَرَفَهَا إلَى جَمِيعِهِمْ جَازَ وَيَصْرِفُ الْغَلَّةَ إلَيْهِمْ جَمِيعِهِمْ بِالسَّوِيَّةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ:" مَنْ شِئْت " كَلِمَةٌ عَامَّةٌ فَتَعُمُّ الْكُلَّ، وَلَوْ شَاءَ صَرْفَهَا إلَى غَيْرِ بَنِي فُلَانٍ بَطَلَتْ الْمَشِيئَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى بَنِي فُلَانٍ عَلَى أَنْ أُعْطِيَ غَلَّتَهَا مَنْ شِئْت مِنْهُمْ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ، فَإِنْ قَالَ: لَا أَشَاءُ أَنْ أُعْطِيَ أَحَدًا مِنْهُمْ فَالْغَلَّةُ لَهُمْ وَقَدْ أَبْطَلَ مَشِيئَتَهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ لِنَفْسِهِ مَشِيئَتَهُ، وَلَوْ قَالَ: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى بَنِي فُلَانٍ وَسَكَتَ وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْوَاقِفُ فَالصَّدَقَةُ لِبَنِي فُلَانٍ، فَإِنْ قَالَ: جَعَلْت الْغَلَّةَ لِابْنِ فُلَانٍ دُونَ إخْوَتِهِ جَازَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُحَوِّلَهُ وَلَهُ أَنْ يُفَضِّلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَأَنْ يَحْرِمَ بَعْضَهُمْ وَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ جَمِيعَ بَنِي فُلَانٍ فِي الِاسْتِحْسَانِ، فَإِنْ مَاتَ الَّذِي جَعَلَ الْغَلَّةَ لَهُ فَمَشِيئَتُهُ ثَابِتَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ شَاءَ كُلَّهُمْ بَطَلَتْ وَيَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِيَاسًا، وَعِنْدَهُمَا جَازَتْ وَيَكُونُ لِبَنِي فُلَانٍ اسْتِحْسَانًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ كَلِمَةَ " مِنْ " لِلتَّبْعِيضِ عِنْدَهُ وَلِلْبَيَانِ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فَلَوْ شَاءَ الْوَاقِفُ بَعْضَهُمْ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ وَمَاتَ ذَلِكَ الْبَعْضُ مِنْهُمْ فَنَصِيبُهُمْ يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ، وَلَوْ شَاءَ غَيْرَ بَنِي فُلَانٍ فَالْمَشِيئَةُ بَاطِلَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ قَالَ: وَضَعْتهَا فِي بَنِي فُلَانٍ وَنَسْلِهِمْ جَازَتْ مَشِيئَتُهُ فِي بَنِي فُلَانٍ وَلَيْسَ لِأَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ شَيْءٌ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَإِذَا قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى بَنِي فُلَانٍ عَلَى أَنْ أُفَضِّلَ مَنْ شِئْت مِنْهُمْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا وَيَكُونُ لَهُ أَنْ يُفَضِّلَ مَنْ شَاءَ. وَلَوْ رَدَّ الْمَشِيئَةَ فَقَالَ: لَا أَشَاءُ أَوْ مَاتَ كَانَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَ
بَنِي فُلَانٍ بِالسَّوِيَّةِ، وَلَوْ حَرَمَ بَعْضَهُمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَفَ عَلَى بَنِي فُلَانٍ عَلَى أَنَّ لِفُلَانٍ أَنْ يُفَضِّلَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ جَعَلَ نِصْفَ الْغَلَّةِ لِوَاحِدٍ بِعَيْنِهِ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَاقِينَ بِالسَّوِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ خَصَّهُ بِفَضْلِ النِّصْفِ، وَالتَّفْضِيلُ بِالنِّصْفِ يَقْتَضِي اشْتِرَاكَهُ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي، وَلَوْ قَالَ: إنْ أَخُصَّ بِغَلَّتِهَا مَنْ شِئْت. فَخَصَّ وَاحِدًا بِالنِّصْفِ جَازَ وَلَا شَرِكَةَ لَهُ فِي الْبَاقِي وَلَوْ شَاءَ جَمِيعَهُمْ جَازَتْ الْمَشِيئَةُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَنَّ لِي أَنْ أَخُصَّ مَنْ شِئْت مِنْهُمْ فَهُوَ كَمَا قَالَ وَلَهُ أَنْ يَخُصَّ مَا شَاءَ مِنْهُمْ وَلَوْ دَفَعَ الْكُلَّ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَازَ وَلَوْ دَفَعَ الْكُلَّ إلَى الْكُلِّ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ عَمَلًا بِكَلِمَةِ " مَنْ " وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ، وَلَوْ قَالَ: لَا أَخُصُّ وَاحِدًا مِنْهُمْ هَذِهِ السَّنَةَ جَازَ وَكَانَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ أَحْرِمَ مَنْ شِئْت مِنْهُمْ فَحَرَمَهُمْ إلَّا رَجُلًا جَازَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْرِمَهُمْ جَمِيعًا فِي الْقِيَاسِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِمْ وَصَارَ الْوَقْفُ لِلْفُقَرَاءِ، وَلَوْ قَالَ: حَرَمْتُهُمْ غَلَّةَ هَذِهِ السَّنَةِ فَلَيْسَ لَهُمْ حَقٌّ فِي غَلَّةِ تِلْكَ السَّنَةِ وَهِيَ لِلْفُقَرَاءِ، وَالْمَشِيئَةُ ثَابِتَةٌ لَهُ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ أَحَدًا مِنْهُمْ فَالْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ جَمِيعًا، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ لِي أَنْ أُخْرِجَ مَنْ شِئْت مِنْهُمْ فَأَخْرَجَ وَاحِدًا أَوْ الْجَمِيعَ جَازَتْ وَصَارَتْ الْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ وَأَخْرَجَ وَاحِدًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُدْخِلَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَصَارَ الْوَقْفُ عَلَى الْبَاقِينَ؛ لِأَنَّ لَهُ الْمَشِيئَةَ فِي الْإِخْرَاجِ دُونَ الْإِدْخَالِ كَذَا فِي الْحَاوِي ثُمَّ إنْ كَانَ فِي الْوَقْفِ غَلَّةٌ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ ذَكَرَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُخْرِجُ مِنْهَا خَاصَّةً، وَعَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَ فِي وَصَايَا الْأَصْلِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ يُخْرِجُ عَنْ الْغَلَّةِ أَبَدًا فَإِنَّهُ لَوْ أَوْصَى بَغْلَةِ بُسْتَانِهِ وَفِي الْبُسْتَانِ غَلَّةٌ يَوْمَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَهُ الْغَلَّةُ الْمَوْجُودَةُ وَمَا يَحْدُثُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَبَدًا وَعَلَى رِوَايَةِ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ الْغَلَّةُ الْمَوْجُودَةُ دُونَ مَا يَحْدُثُ، وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ أَخْرَجَ بِأَنْ قَالَ: أَخْرَجْت فُلَانًا أَوْ فُلَانًا جَازَ وَالْبَيَانُ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ حَتَّى مَاتَ فَالْغَلَّةُ تُقَسَّمُ عَلَى رُءُوسِ الْبَاقِينَ فَيُضْرَبُ لِهَذَيْنِ بِسَهْمٍ فَإِنْ اصْطَلَحَا أَخَذَاهُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ أَبَيَا أَوْ أَبَى أَحَدُهُمَا وَقَفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَصْطَلِحَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ قَالَ:
أَخْرَجْت فُلَانًا لَا بَلْ فُلَانًا خَرَجَا جَمِيعًا، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ أُدْخِلَ مَنْ شِئْت فَلَهُ أَنْ يُدْخِلَ مَنْ أَحَبَّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا فَالْغَلَّةُ لَهُمْ فَإِنْ قَالَ: أَدْخَلْت فُلَانًا فِي غَلَّتِهَا أَبَدًا فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى أَنَّ لِي أَنْ أُدْخِلَ فِيهِ وَلَدَ زَيْدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُدْخِلَ فِيهَا غَيْرَ وَلَدِ زَيْدٍ وَلَهُ أَنْ يُدْخِلَ وَلَدَ زَيْدٍ كُلَّهُمْ وَيَكُونُونَ أُسْوَةً لِوَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ.
فَإِنْ قَالَ: لَا أَشَاءُ أَنْ أُدْخِلَهُمْ فَقَدْ انْقَطَعَتْ مَشِيئَتُهُ فِيهِمْ فَالْوَقْفُ لِوَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ كَذَا فِي الْحَاوِي.
رَجُلٌ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ إلَّا مَنْ تَزَوَّجَ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا فَتَزَوَّجَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ فِي الْوَقْفِ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَتْ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَلَهَا أَيْضًا. أَوْ شَرَطَ، فَفِي الْأَوَّلِ لَا شَيْءَ لَهَا إلَّا أَنَّهُ اسْتَثْنَى مَنْ تَزَوَّجَ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْمُسْتَثْنَى مَنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ، وَكَذَلِكَ الْوَقْفُ عَلَى بَنِي فُلَانٍ إلَّا مَنْ خَرَجَ مِنْ الْبَلَدِ فَخَرَجَ بَعْضُهُمْ ثُمَّ عَادَ وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَفَ عَلَى بَنِي فُلَانٍ مِمَّنْ يَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ وَتَرَكَ بَعْضَهُمْ ثُمَّ اشْتَغَلَ فَهُوَ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَيْضًا كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ
وَفِي وَقْفِ الْخَصَّافِ لَوْ أَنَّ رَجُلًا جَعَلَ أَرْضَهُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَمِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَشَرَطَ فِي الْوَقْفِ أَنَّ كُلَّ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَرَجَ مِنْ الْوَقْفِ فَهُوَ عَلَى مَا شَرَطَ، فَلَوْ خَرَجَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَرَجَ مِنْ الْوَقْفِ وَلَوْ ادَّعَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ أَنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ وَعَلَى الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ انْتَقَلَ إلَى مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ صَارَ خَارِجًا فَإِنْ انْتَقَلَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ صَارَ خَارِجًا وَكَذَا لَوْ كَانَ الْوَاقِفُ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ انْتَقَلَ إلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ إلَى غَيْرِهِ فَصَارَ خَارِجِيًّا أَوْ رَافِضِيًّا خَرَجَ فَلَوْ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ عَنْ الْإِسْلَامِ خَرَجَ، وَالْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ سَوَاءٌ فَلَوْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ مَذْهَبِ الْإِثْبَاتِ إلَى غَيْرِهِ خَرَجَ، فَخَرَجَ وَاحِدٌ ثُمَّ عَادَ إلَى مَذْهَبِ الْإِثْبَاتِ لَا يَعُودُ لِلْوَاقِفِ إلَّا بِالشَّرْطِ وَكَذَلِكَ لَوْ عَيَّنَ الْوَاقِفُ
مَذْهَبًا مِنْ الْمَذَاهِبِ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ انْتَقَلَ عَنْهُ خَرَجَ اُعْتُبِرَ شَرْطُهُ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ قَرَابَتِهِ مِنْ بَغْدَادَ لَا حَقَّ لَهُ اُعْتُبِرَ لَكِنْ هُنَا إذَا عَادَ إلَى بَغْدَادَ رُدَّ إلَى الْوَقْفِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
إذَا قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى أَبَدًا عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَمَا عَاشَا وَمِنْ بَعْدِهِمَا عَلَى الْمَسَاكِينِ عَلَى أَنْ يُبْدَأَ بِزَيْدٍ فَيُعْطَى مِنْ غَلَّتِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَيُعْطَى عَمْرٌو قُوتَهُ لِسَنَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا قَالَ، فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْغَلَّةِ شَيْءٌ كَانَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَلَّةُ سَنَةٍ إلَّا أَلْفَ دِرْهَمٍ يُعْطَى ذَلِكَ زَيْدًا، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَذَلِكَ كُلُّهُ لِزَيْدٍ فَإِنْ مَاتَ زَيْدٌ ثُمَّ جَاءَتْ غَلَّةُ السَّنَةِ يُعْطَى عَمْرٌو قُوتًا لِسَنَةٍ فَإِنْ كَانَتْ الْغَلَّةُ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَقُوتُ عَمْرٍو سَنَةً أَلْفَ دِرْهَمٍ دُفِعَ إلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَيَكُونُ لَهُ تَمَامُ نِصْفِ الْغَلَّةِ وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ لِلْمَسَاكِينِ فَإِنْ لَمْ يَمُتْ زَيْدٌ وَمَاتَ عَمْرٌو أُعْطِيَ زَيْدٌ أَلْفَ دِرْهَمٍ سُمِّيَ لَهُ وَتَمَامَ نِصْفِ الْغَلَّةِ وَيَكُونُ الْبَاقِي لِلْمَسَاكِينِ.
وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَخَالِدٍ يُبْدَأُ بِزَيْدٍ فَيَكُونُ لَهُ غَلَّةُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ أَبَدًا مَا عَاشَ، ثُمَّ بِخَالِدٍ فَيَكُونُ لَهُ غَلَّةُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ أَبَدًا مَا عَاشَ، ثُمَّ يُنَفَّذُ ذَلِكَ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ تَقْدِيمِ بَعْضِهِمْ فَإِذَا انْقَرَضُوا كَانَتْ الْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي سِيَرِ الْعُيُونِ حَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ هِيَ مَرْدُودَةٌ عَلَى صَاحِبِهَا فَهُوَ بَاطِلٌ وَعَنْ يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ السَّمْتِيِّ أُسْتَاذِ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّ الْوَقْفَ جَائِزٌ وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ جَعَلَ فَرَسَهُ فِي الْجِهَادِ أَوْ فِي السَّبِيلِ عَلَى أَنْ يُمْسِكَهُ مَا دَامَ حَيًّا صَحَّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَالْجَعْلُ فِي السَّبِيلِ أَنْ يُجَاهَدَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ آجَرَهُ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا احْتَاجَ إلَى النَّفَقَةِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَمِنْ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ مَا صَرَّحَ بِهِ الْخَصَّافُ لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَاجِرَ الْمُتَوَلِّي الْأَرْضَ فَإِنْ آجَرَهَا فَإِجَارَتُهَا بَاطِلَةٌ وَكَذَا إذَا اشْتَرَطَ أَنْ لَا يُعَامَلَ عَلَى مَا فِيهَا مِنْ نَخْلٍ أَوْ أَشْجَارٍ وَكَذَا إذَا شَرَطَ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ إذَا آجَرَهَا فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ التَّوْلِيَةِ فَإِذَا خَالَفَ الْمُتَوَلِّي صَارَ خَارِجًا يُوَلِّيهَا الْقَاضِي مَنْ يَثِقُ بِأَمَانَتِهِ كَذَا إذَا شَرَطَ أَنَّهُ إنْ أَحْدَثَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْوَقْفِ حَدَثًا فِي الْوَقْفِ يُرِيدُ إبْطَالَهُ كَانَ خَارِجًا اُعْتُبِرَ، فَإِنْ نَازَعَ الْبَعْضُ وَقَالَ: أَرَدْت تَصْحِيحَ الْوَقْفِ، وَقَالَ سَائِرُ أَهْلِ الْوَقْفِ: