الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حُكْمِهِ بِاللَّحَاقِ بِمَوْتِهِ، وَإِذَا تَابَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَتَعُودُ ذِمَّتُهُ وَلَا يَبْطُلُ أَمَانُ ذُرِّيَّتِهِ بِنَقْضِ عَهْدِهِ، وَتَبِينُ مِنْهُ زَوْجَتُهُ الذِّمِّيَّةُ الَّتِي خَلَّفَهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إجْمَاعًا، وَيُقْسَمُ مَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ، وَكَذَا فِي حُكْمِ مَا حَمَلَهُ مِنْ مَالِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ النَّقْضِ، وَلَوْ ظَهَرَ عَلَى الدَّارِ تَكُونُ فَيْئًا لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ عَادَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَأَخَذَ مِنْ مَالِهِ، وَأَدْخَلَهُ دَارَ الْحَرْبِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى الدَّارِ فَالْوَرَثَةُ أَحَقُّ بِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ مَجَّانًا، وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ بِالْقِيمَةِ وَلَوْ أُسِرَ يُسْتَرَقُّ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ إذَا لَحِقَ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى الدَّارِ فَأُسِرَ لَا يُسْتَرَقُّ بَلْ يُقْتَلُ إذَا لَمْ يُسْلِمْ وَكَذَا يَجُوزُ وَضْعُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ إذَا عَادَ بَعْدَ نَقْضِهِ وَقَبِلَهَا بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ
[الْبَابُ التَّاسِعُ فِي أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّينَ]
َ الْمُرْتَدُّ عُرْفًا هُوَ الرَّاجِعُ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَرُكْنُ الرِّدَّةِ إجْرَاءُ كَلِمَةِ الْكُفْرِ عَلَى اللِّسَانِ بَعْدَ وُجُودِ الْإِيمَانِ وَشَرَائِطُ صِحَّتِهَا الْعَقْلُ فَلَا تَصِحُّ رِدَّةُ الْمَجْنُونِ وَلَا الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ، أَمَّا مَنْ جُنُونُهُ يَنْقَطِعُ، فَإِنْ ارْتَدَّ حَالَ الْجُنُونِ لَمْ تَصِحَّ، وَإِنْ ارْتَدَّ حَالَ إفَاقَتِهِ صَحَّتْ وَكَذَا لَا تَصِحُّ رِدَّةُ السَّكْرَانِ الذَّاهِبِ الْعَقْلَ وَالْبُلُوغُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّتِهَا، وَكَذَا الذُّكُورَةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصِحَّتِهَا، وَمِنْهَا الطَّوْعُ فَلَا تَصِحُّ رِدَّةُ الْمُكْرَهِ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْبَدَائِعِ وَالصَّبِيُّ الَّذِي يَعْقِلُ هُوَ الَّذِي يَعْرِفُ أَنَّ الْإِسْلَامَ سَبَبُ النَّجَاةِ، وَيُمَيِّزُ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ وَالْحُلْوَ مِنْ الْمُرِّ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَقَدَّرَ فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ عَقْلَهُ بِأَنْ يَبْلُغَ سَبْعَ سِنِينَ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
مَنْ أَصَابَهُ بِرْسَامٌ، أَوْ أُطْعِمَ شَيْئًا فَذَهَبَ عَقْلُهُ فَهَذَى فَارْتَدَّ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ارْتِدَادًا، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَعْتُوهًا، أَوْ مُوَسْوِسًا، أَوْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، فَهُوَ عَلَى هَذَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
إذَا ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ عَنْ الْإِسْلَامِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ شُبْهَةٌ أَبْدَاهَا كُشِفَتْ إلَّا أَنَّ الْعَرْضَ عَلَى مَا قَالُوا غَيْرُ وَاجِبٍ بَلْ مُسْتَحَبٌّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُحْبَسُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا قُتِلَ هَذَا إذَا اُسْتُمْهِلَ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يُسْتَمْهَلْ قُتِلَ مِنْ سَاعَتِهِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِسْلَامُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِكَلِمَةِ الشَّهَادَةِ، وَيَتَبَرَّأَ عَنْ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا سِوَى الْإِسْلَامِ، وَإِنْ تَبَرَّأَ عَمَّا انْتَقَلَ إلَيْهِ كَفَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
نَقَلَ النَّاطِفِيُّ فِي الْأَجْنَاسِ عَنْ كِتَابِ الِارْتِدَادِ لِلْحَسَنِ فَإِنْ تَابَ الْمُرْتَدُّ، وَعَادَ إلَى الْإِسْلَامِ، ثُمَّ عَادَ إلَى الْكُفْرِ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ طَلَبَ مِنْ الْإِمَامِ التَّأْجِيلَ، فَإِنَّهُ يُؤَجِّلُهُ الْإِمَامُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ عَادَ إلَى الْكُفْرِ رَابِعًا، فَإِنَّهُ لَا يُؤَجِّلُهُ، فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: فِي مُخْتَصَرِهِ فَإِنْ رَجَعَ أَيْضًا عَنْ الْإِسْلَامِ، فَأَتَى بِهِ الْإِمَامُ بَعْدَ ثَالِثِهِ اسْتَتَابَهُ أَيْضًا فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قَتَلَهُ وَلَا يُؤَجِّلُهُ، وَإِنْ هُوَ تَابَ ضَرَبَهُ ضَرْبًا وَجِيعًا وَلَا يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ، ثُمَّ يَحْبِسُهُ وَلَا يُخْرِجُهُ مِنْ السِّجْنِ حَتَّى يُرَى عَلَيْهِ خُشُوعُ التَّوْبَةِ وَيُرَى مِنْ حَالِهِ حَالُ إنْسَانٍ قَدْ أَخْلَصَ
فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ خَلَّى سَبِيلَهُ فَإِنْ عَادَ بَعْدَ مَا خَلَّى سَبِيلَهُ فَعَلَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ أَبَدًا مَا دَامَ يَرْجِعُ إلَى الْإِسْلَامِ وَلَا يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يَأْبَى أَنْ يُسْلِمَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ، وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُسْتَتَابُ أَبَدًا كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.
فَإِنْ قَتَلَهُ قَاتِلٌ قَبْلَ عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ، أَوْ قَطَعَ عُضْوًا مِنْهُ كُرِهَ ذَلِكَ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ إذَا فَعَلَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أُدِّبَ عَلَى مَا صَنَعَ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.
وَإِذَا ارْتَدَّ الصَّبِيُّ، وَهُوَ يَعْقِلُ فَارْتِدَادُهُ ارْتِدَادٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَا يُقْتَلُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَكَذَا إذَا ارْتَدَّ الصَّبِيُّ الْمُرَاهِقُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَا تُقْتَلُ الْمُرْتَدَّةُ بَلْ تُحْبَسُ حَتَّى تُسْلِمَ وَتُضْرَبُ فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُبَالَغَةً فِي الْحَمْلِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَوْ قَتَلَهَا قَاتِلٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِلشُّبْهَةِ وَالْأَمَةُ يُجْبِرُهَا مَوْلَاهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ بِأَنْ يَجْعَلَ مَنْزِلَ الْمَوْلَى سِجْنًا لَهَا، وَيُفَوَّضُ التَّأْدِيبُ إلَيْهِ مَعَ تَوْفِيرِ حَقِّهِ فِي الِاسْتِخْدَامِ، وَقَالَ فِي الْأَصْلِ: دُفِعَتْ إلَيْهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تُدْفَعُ إلَيْهِ احْتَاجَ، أَوْ لَمْ يَحْتَجْ طَلَبَ، أَوْ لَمْ يَطْلُبْ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَمْ يَطَأْهَا الْمَوْلَى، وَالصَّغِيرَةُ الْعَاقِلَةُ كَالْبَالِغَةِ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ كَالْمَرْأَةِ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
وَلَا تُسْتَرَقُّ الْحُرَّةُ الْمُرْتَدَّةُ مَا دَامَتْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَحِينَئِذٍ تُسْتَرَقُّ إذَا سُبِيَتْ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّوَادِرِ تُسْتَرَقُّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَيْضًا قِيلَ، وَلَوْ أَفْتَى بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا بَأْسَ فِيمَنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَهَا الزَّوْجُ مِنْ الْإِمَامِ، أَوْ يَهَبَهَا الْإِمَامُ لَهُ إذَا كَانَ مُصَرَّفًا فَيَمْلِكَهَا، وَحِينَئِذٍ يَتَوَلَّى هُوَ حَبْسُهَا وَضَرْبُهَا عَلَى الْإِسْلَامِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا جَحَدَ الْمُرْتَدُّ الرِّدَّةَ، وَأَقَرَّ بِالتَّوْحِيدِ وَبِمَعْرِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِدِينِ الْإِسْلَامِ فَهَذَا مِنْهُ تَوْبَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيَزُولُ مِلْكُ الْمُرْتَدِّ عَنْ مَالِهِ بِرِدَّتِهِ زَوَالًا مَوْقُوفًا فَإِنْ أَسْلَمَ عَادَ مِلْكُهُ، وَإِنْ مَاتَ، أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ وَرِثَ كَسْبَ إسْلَامِهِ وَارِثُهُ الْمُسْلِمُ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِ إسْلَامِهِ، وَكَسْبُ رِدَّتِهِ فَيْءٌ بَعْدَ قَضَاءِ رِدَّتِهِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَزُولُ مِلْكُهُ، ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ يَرِثُ الْمُرْتَدَّ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ وَارِثًا عِنْدَ مَوْتِ الْمُرْتَدِّ، أَوْ قَتْلِهِ، أَوْ الْقَضَاءِ بِلِحَاقِهِ، وَهِيَ الْأَصَحُّ وَتَرِثُهُ امْرَأَتُهُ الْمُسْلِمَةُ إذَا مَاتَ، أَوْ قُتِلَ، أَوْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِاللِّحَاقِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فَارًّا بِالرِّدَّةِ إذْ الرِّدَّةُ بِمَنْزِلَةِ الْمَرَضِ وَالْمُرْتَدَّةُ لَا يَرِثُهَا زَوْجُهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ مَرِيضَةً فَيَرِثُهَا وَيَرِثُهَا أَقَارِبُهَا جَمِيعَ مَا لَهَا حَتَّى الْمَكْسُوبَ فِي رِدَّتِهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا، أَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِلِحَاقِهِ عَتَقَ مُدَبَّرُوهُ وَأُمَّهَاتُ، أَوْلَادِهِ وَحَلَّتْ دُيُونُهُ الْمُؤَجَّلَةُ وَنُقِلَ مَا اكْتَسَبَهُ فِي حَالَةِ الْإِسْلَامِ إلَى وَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ بِاتِّفَاقِ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ، وَأَمَّا مَا، أَوْصَى بِهِ فِي حَالِ إسْلَامِهِ، فَالْمَذْكُورُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ الْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا تَبْطُلُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ مَا هُوَ قُرْبَةٌ، أَوْ غَيْرُ قُرْبَةٍ وَمِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ
الْمُرْتَدُّ مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ
الْأَحْكَامِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَتَصَرُّفُ الْمُرْتَدِّ فِي رِدَّتِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ، أَوْجُهٍ (مِنْهَا) مَا يَنْفُذُ فِي قَوْلِهِمْ: نَحْوُ قَبُولِ الْهِبَةِ وَالِاسْتِيلَادِ فَإِذَا جَاءَتْ جَارِيَةٌ بِوَلَدٍ فَادَّعَى النَّسَبَ ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَيَرِثُ ذَلِكَ الْوَلَدُ مَعَ وَرَثَتِهِ، وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَنْفُذُ مِنْهُ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ وَالْحَجْرُ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ (وَمِنْهَا) مَا هُوَ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ نَحْوُ النِّكَاحِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مُسْلِمَةً، وَلَا مُرْتَدَّةً وَلَا ذِمِّيَّةً لَا حُرَّةً وَلَا مَمْلُوكَةً، وَتَحْرُمُ ذَبِيحَتُهُ وَصَيْدُهُ بِالْكَلْبِ وَالْبَازِي وَالرَّمْيِ (وَمِنْهَا) مَا هُوَ مَوْقُوفٌ عِنْدَ الْكُلِّ، وَهُوَ الْمُفَاوَضَةُ، فَإِنَّهُ إذَا فَاوَضَ مُسْلِمًا يَتَوَقَّفُ فِي قَوْلِهِمْ إنْ أَسْلَمَ نَفَذَتْ الْمُفَاوَضَةُ، وَإِنْ مَاتَ، أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ، أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَقَضَى الْقَاضِي بِلِحَاقِهِ بَطَلَتْ الْمُفَاوَضَةُ، وَتَصِيرُ عِنَانًا مِنْ الْأَصْلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبْطُلُ أَصْلًا (وَمِنْهَا) مَا اخْتَلَفُوا فِي تَوْقِيفِهِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِعْتَاقُ وَالتَّدْبِيرُ وَالْكِتَابَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَقَبْضُ الدُّيُونِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ مَوْقُوفَةٌ إنْ أَسْلَمَ نَفَذَتْ، وَإِنْ مَاتَ، أَوْ قُتِلَ، أَوْ قُضِيَ بِلِحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ تَبْطُلُ وَتَصَرُّفُ الْمُكَاتَبِ فِي رِدَّتِهِ نَافِذٌ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ الْمُرْتَدَّ، أَوْ أَمَتَهُ الْمُرْتَدَّةَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
الْمُرْتَدُّ إذَا عَادَ تَائِبًا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ إنْ كَانَ عَوْدُهُ قَبْلَ حُكْمِ الْقَاضِي بِاللِّحَاقِ بَطَلَ حُكْمُ الرِّدَّةِ فِي مَالِهِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا، وَلَا يُعْتَقْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أُمَّهَاتِ، أَوْلَادِهِ وَالْمُدَبَّرِينَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ، فَكُلُّ مَا وَجَدَهُ فِي يَدِ وَرَثَتِهِ أَخَذَهُ، أَمَّا مَا أَزَالَهُ الْوَارِثُ عَنْ مِلْكِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِسَبَبٍ يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، أَوْ بِسَبَبٍ لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ كَالْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ، فَذَلِكَ كُلُّهُ مَاضٍ لَا سَبِيلَ لِلْمُرْتَدِّ عَلَيْهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَارِثِ أَيْضًا كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.
إذَا وَطِئَ الْمُرْتَدُّ جَارِيَةً نَصْرَانِيَّةً كَانَتْ لَهُ فِي حَالَةِ الْإِسْلَامِ، فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ ارْتَدَّ، فَادَّعَاهُ، فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ وَالْوَلَدُ حُرٌّ، وَهُوَ ابْنُهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَإِنْ مَاتَ، أَوْ قُتِلَ الْمُرْتَدُّ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدُهُ فَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مُسْلِمَةً وَرِثَهُ الِابْنُ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ، أَوْ لَحِقَ.
مُرْتَدٌّ لَحِقَ بِمَالِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ ظُهِرَ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ، فَهُوَ فَيْءٌ وَلَا سَبِيلَ لِوَرَثَتِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ رَجَعَ وَذَهَبَ بِمَالِهِ وَأَدْخَلَهُ دَارَ الْحَرْبِ، ثُمَّ ظُهِرَ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ، فَإِنَّهُ يُرَدُّ عَلَى وَرَثَتِهِ إلَّا أَنَّهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَبِالْقِيمَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَإِنْ لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَهُ عَبْدٌ فَقَضَى بِهِ لِابْنِهِ، فَكَاتَبَهُ ابْنُهُ، ثُمَّ جَاءَ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمًا، فَالْكِتَابَةُ عَلَى حَالِهَا وَالْمُكَاتَبَةُ وَالْوَلَاءُ لِلَّذِي جَاءَ مُسْلِمًا كَذَا فِي الْكَافِي بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَ بَعْدَ مَا عَتَقَ الْمُكَاتَبُ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِلِابْنِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مُرْتَدٌّ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً، وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَمَاتَ، أَوْ قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ، أَوْ هُوَ حَيٌّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ عِنْدَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا كَسْبُ الْإِسْلَامِ، أَوْ كَسْبُ الرِّدَّةِ تُسْتَوْفَى الدِّيَةُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ كَسْبُ الْإِسْلَامِ وَكَسْبُ الرِّدَّةِ، فَعَلَى قَوْلِهِمَا تُسْتَوْفَى الدِّيَةُ مِنْ الْكَسْبَيْنِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُسْتَوْفَى مِنْ كَسْبِ الْإِسْلَامِ أَوَّلًا فَإِنْ فَضَلَ مِنْهَا شَيْءٌ
يُسْتَوْفَى الْفَضْلُ مِنْ كَسْبِ الرِّدَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ هَذَا إذَا قُتِلَ، أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، أَمَّا إذَا أَسْلَمَ، ثُمَّ مَاتَ، أَوْ لَمْ يَمُتْ فَيَكُونُ فِي الْكَسْبَيْنِ جَمِيعًا بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَمَا اغْتَصَبَ الْمُرْتَدُّ مِنْ شَيْءٍ، أَوْ أَفْسَدَهُ، فَضَمَانُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا هَذَا إذَا ثَبَتَ الْغَصْبُ، وَإِتْلَافُ الْمَالِ بِالْمُعَايَنَةِ أَمَّا إذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمُرْتَدِّ، فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُسْتَوْفَى ذَلِكَ مِنْ الْكَسْبَيْنِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُسْتَوْفَى ذَلِكَ مِنْ كَسْبِ الرِّدَّةِ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، هَذَا إذَا كَانَ الْجَانِي هُوَ الْمُرْتَدُّ أَمَّا إذَا جُنِيَ عَلَى الْمُرْتَدِّ بِأَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ، أَوْ رِجْلُهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ عَمْدًا، فَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْجَانِيَ لَا يَضْمَنُ سَوَاءٌ مَاتَ الْمُرْتَدُّ مِنْ ذَلِكَ الْقَطْعِ عَلَى الرِّدَّةِ، أَوْ مَاتَ مُسْلِمًا هَذَا إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ، وَهُوَ مُرْتَدٌّ، فَأَمَّا إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ، وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَالْقَاطِعُ مُسْلِمٌ أَيْضًا قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ وَمَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ مِنْ ذَلِكَ الْقَطْعِ فَإِنَّ عَلَى الْجَانِي دِيَةَ الْيَدِ خَطَأً كَانَ الْقَطْعُ، أَوْ عَمْدًا، وَلَا يَضْمَنُ ضَمَانَ النَّفْسِ، فَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ عَمْدًا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْقَاطِعِ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ هَذَا إذَا مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ مِنْ ذَلِكَ الْقَطْعِ، فَأَمَّا إذَا أَسْلَمَ، وَمَاتَ مُسْلِمًا مِنْ ذَلِكَ الْقَطْعِ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَلْحَقْ بِدَارِ الْحَرْبِ، أَوْ لَحِقَ إلَّا أَنَّهُ عَادَ مُسْلِمًا قَبْلَ الْقَضَاءِ بِلِحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجِبُ دِيَةُ النَّفْسِ عَلَى الْكَمَالِ عَمْدًا كَانَ، أَوْ خَطَأً إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ خَطَأً تَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا تَجِبُ فِي مَالِهِ، وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ، وَبِهِ أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ أَمَّا إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَقَضَى بِهِ الْقَاضِي، ثُمَّ عَادَ مُسْلِمًا، وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْقَطْعِ، فَعَلَى الْقَاطِعِ نِصْفُ الدِّيَةِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ إذَا ارْتَدَّ الْقَاطِعُ وَالْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ بَقِيَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَقُتِلَ الْقَاطِعُ بِسَبَبِ الرِّدَّةِ، ثُمَّ مَاتَ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ إنَّهُ إنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا، فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَإِنْ بَرِئَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ ضَمَانُ الْيَدِ، وَإِنْ مَاتَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ النَّفْسِ.
مُدَبَّرَةٌ وَأُمُّ وَلَدٍ ارْتَدَّتْ، وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ، فَمَاتَ مَوْلَاهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أُخِذَتْ أَسِيرًا، فَهِيَ فَيْءٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ اُسْتُرِقَّتْ عَلَى مِلْكِ الْمَوْلَى، فَإِنَّهَا تُرَدُّ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا ارْتَدَّ الْمُكَاتَبُ، وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَاكْتَسَبَ مَالًا، فَأُخِذَ بِمَالِهِ، وَأَبَى أَنْ يُسْلِمَ، فَقُتِلَ، فَإِنَّهُ يُوَفَّى مَوْلَاهُ مُكَاتَبَتَهُ، وَمَا بَقِيَ فَلِوَرَثَتِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ لَمْ يَفِ مَا تَرَكَهُ لِمُكَاتَبَتِهِ فَمَا تُرِكَ لِمَوْلَاهُ كَذَا فِي الْكَافِي. .
عَبْدٌ ارْتَدَّ مَعَ مَوْلَاهُ، وَلَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ، فَمَاتَ الْمَوْلَى هُنَاكَ وَأُسِرَ الْعَبْدُ، فَهُوَ فَيْءٌ وَيُقْتَلُ إنْ لَمْ يُسْلِمْ، وَلَوْ ارْتَدَّ الْعَبْدُ، وَأَخَذَ مَالَ مَوْلَاهُ فَذَهَبَ بِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ أُخِذَ مَعَ ذَلِكَ الْمَالِ لَمْ يَكُنْ فَيْئًا وَيُرَدُّ عَلَى مَوْلَاهُ.
قَوْمٌ ارْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَامِ، وَحَارَبُوا الْمُسْلِمِينَ، وَغَلَبُوا عَلَى مَدِينَةٍ مِنْ مَدَائِنِهِمْ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ وَمَعَهُمْ نِسَاؤُهُمْ وَذَرَارِيُّهُمْ، ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُ تُقْتَلُ رِجَالُهُمْ وَتُسْبَى نِسَاؤُهُمْ وَذَرَارِيُّهُمْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
زَوْجَانِ ارْتَدَّا وَلَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ، فَحَبِلَتْ الْمَرْأَةُ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَوَلَدَتْ وَلَدًا وَوُلِدَ لِوَلَدِهِمَا وَلَدٌ، فَظُهِرَ عَلَيْهِمْ فَالْوَلَدَانِ فَيْءٌ يُجْبَرُ الْوَلَدُ الْأَوَّلُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَا يُجْبَرُ وَلَدُ الْوَلَدِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَوْ حَبِلَتْ فِي