الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ لَمْ تَخْرُجْ وَلَكِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَإِنَّهَا تُوقَفُ كُلُّهَا، وَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَمِقْدَارُ الثُّلُثِ يُوقَفُ، وَإِنْ خَرَجَتْ كُلُّهَا مِنْ ثُلُثِهِ وَفِيهَا نَخِيلٌ فَأَثْمَرَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ قَبْلَ وَقْفِ الْأَرْضِ دَخَلَتْ الثَّمَرَةُ فِي الْوَقْفِ، وَإِنْ أَثْمَرَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ فَتِلْكَ الثَّمَرَةُ تَكُونُ مِيرَاثًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ وَقَفَ الْأَرْضَ فِي مَرَضِهِ وَقْفًا صَحِيحًا وَحَدَثَتْ فِيهَا ثَمَرَةٌ قَبْلَ وَفَاتِهِ، فَإِنَّ الثَّمَرَةَ تَكُونُ وَقْفًا مَعَ الْأَرْضِ، وَلَوْ كَانَتْ فِيهَا ثَمَرَةٌ يَوْمَ وَقَفَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ فَالثَّمَرَةُ مِيرَاثٌ لِوَرَثَتِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا قَالَ الْمَرِيضُ: جَعَلْت أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلَّهِ تَعَالَى أَبَدًا عَلَى زَيْدٍ وَعَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَمِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَإِنْ احْتَاجَ وَلَدِي أَوْ وَلَدُ وَلَدِي كَانَتْ غَلَّةُ هَذِهِ الْأَرْضِ لَهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا مَا كَانُوا مَحَاوِيجَ إلَيْهَا فَاحْتَاجَ إلَيْهَا وَلَدُهُ لِصُلْبِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَإِنَّهُ يُرَدُّ جَمِيعُ الْغَلَّةِ إلَيْهِمْ وَإِنْ مَاتَ بَعْضُ وَرَثَةِ الْوَاقِفِ ثُمَّ احْتَاجَ إلَيْهَا وَلَدُهُ لِصُلْبِهِ رُدَّتْ الْغَلَّةُ إلَيْهِمْ وَقُسِّمَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَ الْمُحْتَاجِينَ مِنْ وَلَدِهِ وَبَيْنَ مَنْ كَانَ بَاقِيًا مِنْ الْوَرَثَةِ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ كَانَ قَالَ: فَإِنْ احْتَاجَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِي لِصُلْبِي أُجْرِيَ عَلَى مَنْ احْتَاجَ مِنْهُمْ مِنْ غَلَّةِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ بِقَدْرِ مَا يَسَعُهُ لِنَفَقَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَكَانَ الْبَاقِي مِنْ غَلَّةِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ مَقْسُومًا بَيْنَ أَهْلِ الْوَقْفِ فَهُوَ جَائِزٌ، فَإِنْ احْتَاجَ خَمْسَةُ أَنْفُسٍ مِنْ وَلَدِهِ نُظِرَ إلَى مَا يَسَعُهُمْ لِنَفَقَاتِهِمْ لِسَنَةٍ إلَى إدْرَاكِ الْغَلَّةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، فَإِنْ بَلَغَ ذَلِكَ مَثَلًا مِائَةَ دِينَارٍ تُقَسَّمُ هَذِهِ الْمِائَةُ الدِّينَارِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ سَائِرِ وَرَثَةِ الْوَاقِفِ فَإِذَا قَسَّمْنَا ذَلِكَ أَصَابَ الْمُحْتَاجِينَ مِنْهُمْ أَقَلُّ مِمَّا يَسَعُهُمْ بِنَفَقَةِ سَنَةٍ فَيُرَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ غَلَّةِ هَذَا الْوَقْفِ مَا يُصِيبُهُمْ مِنْ ذَلِكَ مِقْدَارُ مِائَةِ دِينَارٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
[الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْمَسْجِدِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَفِيهِ فَصْلَانِ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَصِيرُ بِهِ مَسْجِدًا وَفِي أَحْكَامِهِ وَأَحْكَامِ مَا فِيهِ]
(الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْمَسْجِدِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَفِيهِ فَصْلَانِ)(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَصِيرُ بِهِ مَسْجِدًا وَفِي أَحْكَامِهِ وَأَحْكَامِ مَا فِيهِ) : مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ حَتَّى يُفْرِزَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِطَرِيقَةٍ وَيَأْذَنَ بِالصَّلَاةِ أَمَّا الْإِفْرَازُ فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُصُ لِلَّهِ تَعَالَى إلَّا بِهِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
فَلَوْ جَعَلَ وَسَطَ دَارِهِ مَسْجِدًا وَأَذِنَ لِلنَّاسِ فِي الدُّخُولِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ إنْ شَرَطَ مَعَهُ الطَّرِيقَ صَارَ مَسْجِدًا
فِي قَوْلِهِمْ وَإِلَّا فَلَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَا: يَصِيرُ مَسْجِدًا وَتَصِيرُ الطَّرِيقُ مِنْ حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَفِي السِّغْنَاقِيِّ وَلَوْ عَزَلَ بَابَهُ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ يَصِيرُ مَسْجِدًا، كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ قَاضِي خَانْ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَمَنْ جَعَلَ مَسْجِدًا تَحْتَهُ سِرْدَابٌ أَوْ فَوْقَهُ بَيْتٌ وَجَعَلَ بَابَ الْمَسْجِدِ إلَى الطَّرِيقِ وَعَزَلَهُ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَإِنْ مَاتَ يُورَثُ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ السِّرْدَابُ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ جَازَ كَمَا فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
إذَا أَرَادَ إنْسَانٌ أَنْ يَتَّخِذَ تَحْتَ الْمَسْجِدِ حَوَانِيتَ غَلَّةً لِمَرَمَّةِ الْمَسْجِدِ أَوْ فَوْقَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّسْلِيمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ التَّسْلِيمُ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ تُصَلِّيَ فِيهِ جَمَاعَةٌ بِإِذْنِهِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْهُ يُشْتَرَطُ أَدَاءُ الصَّلَاةِ فِيهِ بِالْجَمَاعَةِ بِإِذْنِهِ اثْنَانِ فَصَاعِدًا، كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَةُ الْحَسَنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ جَهْرًا لَا سِرًّا، حَتَّى لَوْ صَلَّى جَمَاعَةٌ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ سِرًّا لَا جَهْرًا لَا يَصِيرُ مَسْجِدًا عِنْدَهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْكِفَايَةِ.
وَلَوْ جَعَلَ رَجُلًا وَاحِدًا مُؤَذِّنًا وَإِمَامًا وَأَقَامَ وَصَلَّى وَحْدَهُ صَارَ مَسْجِدًا بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَإِذَا سَلَّمَ الْمَسْجِدَ إلَى مُتَوَلٍّ يَقُومُ بِمَصَالِحِهِ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ فِيهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَذَا إذَا سَلَّمَهُ إلَى الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَالْإِضَافَةُ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْوَصِيَّةِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصَيْرُورَةِ الْمَكَانِ مَسْجِدًا صِحَّةً وَلُزُومًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَوْقَافِ عَلَى مَذْهَبِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْوَاقِعَاتِ فِي بَابِ الْعَيْنِ مِنْ كِتَابِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ. رَجُلٌ لَهُ سَاحَةٌ لَا بِنَاءَ فِيهَا أَمَرَ قَوْمًا أَنْ يُصَلُّونَ فِيهَا بِجَمَاعَةٍ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا إمَّا أَنْ أَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ فِيهَا أَبَدًا نَصًّا، بِأَنْ قَالَ: صَلُّوا فِيهَا أَبَدًا. أَوْ أَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَنَوَى الْأَبَدَ. فَفِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ صَارَتْ السَّاحَةُ مَسْجِدًا لَوْ مَاتَ لَا يُورَثُ عَنْهُ، وَإِمَّا أَنْ وَقَّتَ الْأَمْرَ بِالْيَوْمِ أَوْ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ. فَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا تَصِيرُ السَّاحَةُ مَسْجِدًا لَوْ مَاتَ يُورَثُ عَنْهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
مُتَوَلِّي
مَسْجِدٍ جَعَلَ مَنْزِلًا مَوْقُوفًا عَلَى الْمَسْجِدِ مَسْجِدًا وَصَلَّى النَّاسُ فِيهِ سِنِينَ ثُمَّ تَرَكَ النَّاسُ الصَّلَاةَ فِيهِ فَأُعِيدَ مَنْزِلًا مُسْتَغَلًّا جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ جَعْلُ الْمُتَوَلِّي إيَّاهُ مَسْجِدًا، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ.
مَرِيضٌ جَعَلَ دَارِهِ مَسْجِدًا وَمَاتَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ صَارَ كُلُّهُ مِيرَاثًا وَبَطَلَ جَعْلُهُ مَسْجِدًا؛ لِأَنَّ لِلْوَرَثَةِ فِيهِ حَقًّا فَلَمْ يَكُنْ مُفْرَزًا عَنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ فَقَدْ جُعِلَ الْمَسْجِدُ جُزْءًا شَائِعًا فَيَبْطُلُ كَمَا لَوْ جَعَلَ أَرْضَهُ مَسْجِدًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ شِقْصٌ مِنْهَا شَائِعًا يَعُودُ الْبَاقِي إلَى مِلْكِهِ بِخِلَافِ مَا أَوْصَى بِأَنْ يَجْعَلَ ثُلُثَ دَارِهِ مَسْجِدًا حَيْثُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ وُجِدَ الْإِفْرَازُ؛ لِأَنَّ الدَّارَ تُقَسَّمُ وَيُفْرَزُ الثُّلُثُ ثُمَّ يُجْعَلُ مَسْجِدًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ
الْمُتَّخَذُ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ حَتَّى يُجَنَّبَ مَا يُجَنَّبُ الْمَسْجِدُ كَذَا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ وَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَمَّا الْمُتَّخَذُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ مَسْجِدٌ فِي حَقِّ جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ وَإِنْ انْفَصَلَتْ الصُّفُوفُ وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ فَلَا رِفْقًا بِالنَّاسِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ ضَاقَ الْمَسْجِدُ عَلَى النَّاسِ وَبِجَنْبِهِ أَرْضٌ لِرَجُلٍ تُؤْخَذُ أَرْضُهُ بِالْقِيمَةِ كَرْهًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
أَرْضُ وَقْفٍ عَلَى مَسْجِدٍ وَالْأَرْضُ بِجَنْبِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَأَرَادُوا أَنْ يَزِيدُوا فِي الْمَسْجِدِ شَيْئًا مِنْ الْأَرْضِ جَازَ لَكِنْ يَرْفَعُوا الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَأْذَنَ لَهُمْ، وَمُسْتَغَلُّ الْوَقْفِ كَالدَّارِ، وَالْحَانُوتُ عَلَى هَذَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
فِي الْكُبْرَى مَسْجِدًا أَرَادَ أَهْلُهُ أَنْ يَجْعَلُوا الرَّحْبَةَ مَسْجِدًا وَالْمَسْجِدَ رَحْبَةً وَأَرَادُوا أَنْ يُحْدِثُوا لَهُ بَابًا وَأَرَادُوا أَنْ يُحَوِّلُوا الْبَابَ عَنْ مَوْضِعِهِ فَلَهُمْ ذَلِكَ فَإِنْ اخْتَلَفُوا نُظِرَ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ وَأَفْضَلُ فَلَهُمْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الطَّرِيقِ الْوَاسِعِ فِيهِ بَنَى أَهْلُ الْمَحَلَّةِ مَسْجِدًا وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِالطَّرِيقِ فَمَنَعَهُمْ رَجُلٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْنُوا، كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَفِي الْأَجْنَاسِ وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ قَالَ: سَأَلْت مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ عَنْ نَهْرِ قَرْيَةٍ كَثِيرَةِ الْأَهْلِ لَا يُحْصَى عَدَدُهُمْ وَهُوَ نَهْرُ قَنَاةٍ أَوْ نَهْرُ وَادٍ لَهُمْ خَاصَّةً، وَأَرَادَ قَوْمٌ أَنْ يُعَمِّرُوا بَعْضَ هَذَا النَّهْرِ وَيَبْنُوا عَلَيْهِ مَسْجِدًا وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ بِالنَّهْرِ وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ النَّهْرِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَسَعُهُمْ أَنْ يَبْنُوا ذَلِكَ الْمَسْجِدَ لِلْعَامَّةِ أَوْ الْمَحَلَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَوْمٌ بَنَوْا مَسْجِدًا وَاحْتَاجُوا إلَى مَكَانٍ لِيَتَّسِعَ الْمَسْجِدُ وَأَخَذُوا مِنْ الطَّرِيقِ وَأَدْخَلُوهُ فِي الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ يَضُرُّ بِأَصْحَابِ الطَّرِيقِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ
لَا يَضُرُّ بِهِمْ رَجَوْتُ أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
إنْ أَرَادُوا أَنْ يَجْعَلُوا شَيْئًا مِنْ الْمَسْجِدِ طَرِيقًا لِلْمُسْلِمِينَ فَقَدْ قِيلَ: لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ صَحِيحٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا جُعِلَ فِي الْمَسْجِدِ مَمَرًّا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِتَعَارُفِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ فِي الْجَوَامِعِ وَجَازَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَمُرَّ فِيهِ حَتَّى الْكَافِرُ، إلَّا الْجُنُبَ وَالْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُدْخِلُوا فِيهِ الدَّوَابَّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
سُلْطَانٌ أَذِنَ لِقَوْمٍ أَنْ يَجْعَلُوا أَرْضًا مِنْ أَرْضِ الْبَلْدَةِ حَوَانِيتَ مَوْقُوفَةً عَلَى مَسْجِدٍ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا فِي مَسَاجِدِهِمْ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْبَلْدَةُ فُتِحَتْ عَنْوَةً يَجُوزُ أَمْرُهُ إذَا كَانَ لَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ؛ لِأَنَّ الْبَلْدَةَ إذَا فُتِحَتْ عَنْوَةً صَارَتْ مِلْكًا لِلْغُزَاةِ فَجَازَ أَمْرُ السُّلْطَانِ فِيهَا، وَإِنْ فُتِحَتْ صُلْحًا بَقِيَتْ الْبَلْدَةُ فِي مِلْكِهِمْ فَلَمْ يَجُزْ أَمْرُ السُّلْطَانِ فِيهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ كَانَ مَسْجِدٌ فِي مَحَلَّةٍ ضَاقَ عَلَى أَهْلِهِ وَلَا يَسَعُهُمْ أَنْ يَزِيدُوا فِيهِ فَسَأَلَهُمْ بَعْضُ الْجِيرَانِ أَنْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ الْمَسْجِدَ لَهُ لِيُدْخِلَهُ فِي دَارِهِ وَيُعْطِيَهُمْ مَكَانَهُ عِوَضًا مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ فَيَسَعُ فِيهِ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَسَعُهُمْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
فِي الْكُبْرَى مَسْجِدٌ مَبْنِيٌّ أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَنْقُضَهُ وَيَبْنِيَهُ ثَانِيًا أَحْكَمَ مِنْ الْبِنَاءِ الْأَوَّلِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةٌ لَهُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَفِي النَّوَازِلِ إلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يَنْهَدِمَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَتَأْوِيلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَانِي مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ وَأَمَّا أَهْلُ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ فَلَهُمْ أَنْ يَهْدِمُوا وَيُجَدِّدُوا بِنَاءَهُ وَيَفْرِشُوا الْحَصِيرَ وَيُعَلِّقُوا الْقَنَادِيلَ لَكِنْ مِنْ مَالِ أَنْفُسِهِمْ أَمَّا مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَا لَهُمْ أَنْ يَضَعُوا فِيهِ حَبَابَ الْمَاءِ لِلشُّرْبِ وَالْوُضُوءِ إذَا لَمْ يُعْرَفْ لِلْمَسْجِدِ بَانٍ، فَإِنْ عُرِفَ فَالْبَانِي أَوْلَى، كَذَا فِي الْوَجِيزِ.
ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ بَنَى مَسْجِدًا، ثُمَّ مَاتَ فَأَرَادَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ أَنْ يَنْقُضُوهُ وَيَزِيدُوا فِيهِ فَلَهُمْ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ مَنْعُهُمْ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَزِيدُوا مِنْ الطَّرِيقِ لَمْ آذَنْ لَهُمْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا جَعَلَ أَرْضًا لَهُ مَسْجِدًا وَشَرَطَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا لِنَفْسِهِ لَا يَصِحُّ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ اتَّخَذَ مَسْجِدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ جَازَ الْوَقْفُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى.
فِي وَقْفِ الْخَصَّافِ إذَا جَعَلَ أَرْضَهُ مَسْجِدًا وَبَنَاهُ وَأَشْهَدَ أَنَّ لَهُ إبْطَالَهُ وَبَيْعَهُ فَهُوَ شَرْطٌ بَاطِلٌ وَيَكُونُ مَسْجِدًا، كَمَا لَوْ بَنَى
مَسْجِدًا لِأَهْلِ مَحَلَّةٍ وَقَالَ: جَعَلْت هَذَا الْمَسْجِدَ، وَقَالَ: هَذَا الْمَسْجِدُ لِأَهْلِ هَذِهِ الْمَحَلَّةِ خَاصَّةً، كَانَ لِغَيْرِ أَهْلِ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا خَرِبَ الْمَسْجِدُ وَاسْتَغْنَى أَهْلُهُ وَصَارَ بِحَيْثُ لَا يُصَلَّى فِيهِ عَادَ مِلْكًا لِوَاقِفِهِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ حَتَّى جَازَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهُ أَوْ يَبْنُوهُ دَارًا وَقِيلَ: هُوَ مَسْجِدٌ أَبَدًا وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ
فِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ لَوْ صَارَ أَحَدُ الْمَسْجِدَيْنِ قَدِيمًا وَتَدَاعَى إلَى الْخَرَابِ فَأَرَادَ أَهْلُ السِّكَّةِ بَيْعَ الْقَدِيمِ وَصَرْفَهُ فِي الْمَسْجِدِ الْجَدِيدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلِأَنَّ الْمَسْجِدَ وَإِنْ خَرِبَ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ أَهْلُهُ لَا يَعُودُ إلَى مِلْكِ الْبَانِي، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَإِنْ عَادَ بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ وَلَكِنْ إلَى مِلْكِ الْبَانِي وَوَرَثَتِهِ، فَلَا يَكُونُ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ وِلَايَةُ الْبَيْعِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَى مِلْكِ مَالِكٍ أَبَدًا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
فِي الْحَاوِي سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ عَمَّنْ بَنَى لِنَفْسِهِ مَسْجِدًا عَلَى بَابِ دَارِهِ وَوَقَفَ أَرْضًا عَلَى عِمَارَتِهِ فَمَاتَ هُوَ وَخَرِبَ الْمَسْجِدُ وَاسْتَفْتَى الْوَرَثَةُ فِي بَيْعِهَا فَأُفْتُوا بِالْبَيْعِ ثُمَّ إنَّ أَقْوَامًا بَنَوْا ذَلِكَ الْمَسْجِدَ فَطَالَبُوا بِتِلْكَ الْأَرَاضِي، قَالَ: لَيْسَ لَهُمْ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ بَسَطَ مِنْ مَالِهِ حَصِيرًا فِي الْمَسْجِدِ فَخَرِبَ الْمَسْجِدُ وَوَقَعَ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَهُ إنْ كَانَ حَيًّا وَلِوَارِثِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُبَاعُ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ إلَى حَوَائِجِ الْمَسْجِدِ فَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ هَذَا الْمَسْجِدُ يُحَوَّلُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَفَّنَ مَيِّتًا فَافْتَرَسَهُ سَبُعٌ فَإِنَّ الْكَفَنَ يَكُونُ لِلْمُكَفِّنِ إنْ كَانَ حَيًّا وَلِوَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ فِي نَوَازِلِهِ حَصِيرُ الْمَسْجِدِ إذَا صَارَ خَلَقًا وَاسْتَغْنَى أَهْلُ الْمَسْجِدِ عَنْهُ وَقَدْ طَرَحَهُ إنْسَانٌ إنْ كَانَ الطَّارِحُ حَيًّا فَهُوَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا وَلَمْ يَدَّعِ لَهُ وَارِثًا أَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَدْفَعَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ إلَى فَقِيرٍ أَوْ يَنْتَفِعُوا بِهِ فِي شِرَاءِ حَصِيرٍ آخَرَ لِلْمَسْجِدِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَفِي الْمُنْتَقَى بَوَارِي الْمَسْجِدِ إذَا خَلَقَتْ فَصَارَتْ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا فَأَرَادَ الَّذِي بَسَطَهَا أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَتَصَدَّقَ بِهَا أَوْ يَشْتَرِيَ مَكَانَهَا أُخْرَى فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَأَرَادَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَأْخُذُوا الْبَوَارِيَ وَيَتَصَدَّقُوا بِهَا بَعْدَمَا خَلَقَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ لَهَا قِيمَةٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهَا قِيمَةٌ لَا بَأْسَ