الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَمْ يَجِدْهُ، فَأَوْقَعَ أَهْلَ عَشِيرَتِهِ فِي أَيْدِي الظَّلَمَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَبِغَيْرِ كَفَالَةٍ فَقَيَّدُوهُمْ وَحَبَسُوهُمْ فِي السِّجْنِ وَضَرَبُوهُمْ ضَرْبًا شَدِيدًا، وَغَصَبُوا مِنْهُمْ أَعْيَانًا كَثِيرَةً بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَوْ أَنَّهُمْ صَحَّحُوا هَذِهِ الْأُمُورَ عِنْدَ الْقَاضِي هَلْ يَجِبُ التَّعْزِيرُ عَلَى هَذَا الْمُوَقِّعِ، فَقَالَ: نَعَمْ يُعَزَّرُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ.
رَجُلٌ خَدَعَ امْرَأَةَ رَجُلٍ، أَوْ ابْنَتَهُ، وَهِيَ صَغِيرَةٌ، وَأَخْرَجَهَا، وَزَوَّجَهَا مِنْ رَجُلٍ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَحْبِسُهُ بِهَذَا أَبَدًا حَتَّى يَرُدَّهَا، أَوْ يَمُوتَ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.
رَجُلٌ سَقَى ابْنًا صَغِيرًا لَهُ خَمْرًا يُعَزَّرُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
الِاسْتِمْنَاءُ حَرَامٌ، وَفِيهِ التَّعْزِيرُ، وَلَوْ مَكَّنَ امْرَأَتَهُ، أَوْ أَمَتَهُ مِنْ الْعَبَثِ بِذَكَرِهِ، فَأَنْزَلَ، فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
قَالَ أَبُو النَّصْرِ الدَّبُوسِيُّ فِيمَنْ قَطَعَ يَدَ عَبْدِهِ، أَوْ قَتَلَهُ: إنَّ عَلَيْهِ التَّعْزِيرَ، كَذَا فِي الْحَاوِي فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ فِي الْجِنَايَاتِ.
عَبْدٌ يَطْلُبُ الْبَيْعَ مِنْ مَوْلَاهُ، وَهُوَ مُقِرٌّ أَنَّهُ يُحْسِنُ صُحْبَتَهُ يُعَزَّرُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَنِّتٌ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. .
[كِتَابُ السَّرِقَةِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ]
[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ السَّرِقَةِ وَمَا تَظْهَرُ بِهِ]
كِتَابُ السَّرِقَةِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ السَّرِقَةِ وَمَا تَظْهَرُ بِهِ)
وَهِيَ فِي الشَّرْعِ أَخْذُ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ نِصَابًا مُحْرَزًا أَوْ مَا قِيمَتُهُ نِصَابٌ مِلْكًا لِلْغَيْرِ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْخُفْيَةِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ السَّرِقَةُ نَهَارًا اُعْتُبِرَتْ الْخُفْيَةُ ابْتِدَاءً، وَانْتِهَاءً، وَإِنْ كَانَتْ لَيْلًا اُعْتُبِرَتْ ابْتِدَاءً فَقَطْ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
حَتَّى لَوْ نَقَبَ الْبَيْتَ عَلَى سَبِيلِ الْخُفْيَةِ، وَالِاسْتِتَارِ لَيْلًا ثُمَّ أَخَذَ الْمَالَ عَلَى سَبِيلِ الْمُغَالَبَةِ، وَالْمُكَابَرَةِ جِهَارًا مِنْ الْمَالِكِ بِأَنْ اسْتَيْقَظَ الْمَالِكُ وَدَخَلَ عَلَيْهِ بِالسِّلَاحِ وَقَاتَلَ مَعَهُ لَمَا مَنَعَهُ مِنْ أَخْذِ الْمَالِ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ أَمَّا لَوْ كَابَرَهُ نَهَارًا نَقَبَ الْبَيْتَ عَلَى سَبِيلِ الْخُفْيَةِ، وَدَخَلَ الْبَيْتَ ثُمَّ أَخَذَ الْمَالَ مُكَابَرَةً، وَمُغَالَبَةً لَا يُقْطَعُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
أَقَلُّ النِّصَابِ فِي السَّرِقَةِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةٌ بِوَزْنِ سَبْعَةٍ جِيَادٍ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ.
فَإِذَا سَرَقَ تِبْرًا، وَزْنُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ مَتَاعًا قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ غَيْرُ مَضْرُوبَةٍ، فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ سَرَقَ نِصْفَ دِينَارٍ قِيمَتُهُ النِّصَابُ عِنْدَنَا، وَلَوْ سَرَقَ دِينَارًا قِيمَتُهُ أَقَلُّ مِنْ النِّصَابِ لَا يُقْطَعُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَوْ سَرَقَ عَشَرَةً مَغْشُوشَةً، وَالْفِضَّةُ غَالِبَةٌ لَا يُقْطَعُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ.
وَلَوْ سَرَقَ زُيُوفًا، أَوْ نَبَهْرَجَةً، أَوْ سَتُّوقَةً فَلَا قَطْعَ إلَّا أَنْ تَكُونَ كَثِيرَةً تَبْلُغُ قِيمَتُهَا نِصَابًا مِنْ الْجِيَادِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَإِذَا، وَجَبَ تَقْوِيمُ الْمَسْرُوقِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَيُقَوَّمُ بِأَعَزِّ النُّقُودِ، أَوْ بِنَقْدِ الْبَلَدِ الَّذِي يَرُوجُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْغَالِبِ؟ رَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُقَوَّمُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ الَّذِي يَرُوجُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْغَالِبِ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُقَوَّمُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَعَزِّ النُّقُودِ حَتَّى لَا يَجِبُ الْقَطْعُ بِالشَّكِّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْبَعْضِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَا يُقْطَعُ بِتَقْوِيمِ الْوَاحِدِ، وَلَا عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمُقَوِّمِينَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَتَثْبُتُ الْقِيمَةُ بِقَوْلِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ لَهُمَا مَعْرِفَةٌ بِالْقِيَمِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ كَمَالُ النِّصَابِ فِي حَقِّ
السَّارِقِ، وَلِذَلِكَ إذَا سَرَقَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ عَشْرَةِ أَنْفُسٍ مِنْ كُلِّ نَفْسٍ دِرْهَمٌ مِنْ بَيْتٍ، وَاحِدٍ يُقْطَعُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْحِرْزُ، وَاحِدًا، فَلَوْ سَرَقَ نِصَابًا مِنْ مَنْزِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَا قَطْعَ، وَالْبُيُوتُ مِنْ دَارٍ، وَاحِدَةٍ بِمَنْزِلَةِ بَيْتٍ، وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ سَرَقَ مِنْ عَشْرَةِ أَنْفُسٍ فِي دَارٍ، كُلُّ وَاحِدٍ فِي بَيْتٍ عَلَى حِدَةٍ مِنْ كُلِّ، وَاحِدٍ مِنْهُمْ دِرْهَمًا قُطِعَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ عَظِيمَةً، وَفِيهَا حُجَرٌ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَا بُدَّ أَنْ يُخْرِجَهُ مَرَّةً، وَاحِدَةً فَلَوْ أَخْرَجَ بَعْضَهُ ثُمَّ دَخَلَ، وَأَخْرَجَ بَاقِيَهُ لَا يُقْطَعُ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
وَلَا بُدَّ أَنْ يُخْرِجَهُ ظَاهِرًا حَتَّى لَوْ ابْتَلَعَ دِينَارًا فِي الْحِرْزِ، وَخَرَجَ لَا يُقْطَعُ، وَلَا يُنْتَظَرُ أَنْ يَتَغَوَّطَهُ بَلْ يَضْمَنُ مِثْلَهُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فِي السَّرِقَةِ يُقْطَعُ الرِّدْءُ، وَالْمُبَاشِرُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ كَانُوا جَمْعًا، وَالسَّارِقُ بَعْضَهُمْ قُطِعُوا إنْ أَصَابَ كُلًّا مِنْهُمْ نِصَابٌ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ سَوَاءٌ خَرَجُوا مَعَهُ مِنْ الْحِرْزِ، أَوْ بَعْدَهُ فِي فَوْرِهِ، أَوْ خَرَجَ هُوَ بَعْدَهُمْ فِي فَوْرِهِمْ، وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ، أَوْ مَجْنُونٌ، أَوْ مَعْتُوهٌ، أَوْ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ لَمْ يُقْطَعْ أَحَدٌ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
وَلَوْ سَرَقَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ مَاتَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ، فَوَرِثَهُ عَشَرَةُ نَفَرٍ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَقْطَعُوا السَّارِقَ فِي سَرِقَتِهِ، فَإِنْ غَابَ بَعْضُهُمْ لَمْ يُقْطَعْ السَّارِقُ حَتَّى يَحْضُرُوا جَمِيعًا، وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ فَأَخَذَ سَارِقًا قَدْ أَقَرَّ بِسَرِقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ مُوَكِّلِهِ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الْمَالِ، وَلَا أَقْطَعُهُ، وَلَوْ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ الْقَضَاءِ لِلْوَكِيلِ عَلَيْهِ بِالْعَشَرَةِ لَمْ أَقْطَعْهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ الْعَبْدُ، وَالْحُرُّ سَوَاءٌ فِي الْقَطْعِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
السَّرِقَةُ إنَّمَا تَظْهَرُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ بِالْإِقْرَارِ، فَإِنْ كَانَ ظُهُورُهَا بِالْإِقْرَارِ، فَالْقَاضِي يَسْأَلُهُ عَنْ مَاهِيَّةِ السَّرِقَةِ، فَإِنْ بَيَّنَ ذَلِكَ فَالْقَاضِي يَسْأَلُهُ عَنْ الْمَسْرُوقِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَالًا لَا يَجِبُ الْقَطْعُ بِسَرِقَتِهِ، فَإِنْ بَيَّنَ جِنْسَ الْمَالِ يَسْأَلُهُ عَنْ مِقْدَارِ الْمَالِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، وَيَدَّعِيهِ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ، فَأَقَرَّ السَّارِقُ فَالْقَاضِي لَا يَحْتَاجُ إلَى السُّؤَالِ عَنْ الْمَسْرُوقِ، وَعَنْ مِقْدَارِهِ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إلَى الْمَسْرُوقِ فَإِنْ أَمْكَنَ إيجَابُ الْقَطْعِ بِسَرِقَتِهِ، أَوْجَبَهُ، وَمَا لَا فَلَا ثُمَّ يَسْأَلهُ كَيْفَ سَرَقَ ثُمَّ يَسْأَلُهُ عَنْ الْمَكَانِ، وَلَا يَسْأَلُهُ عَنْ الْوَقْتِ، وَإِنْ احْتَمَلَ تَقَادُمَ الْعَهْدِ ثُمَّ يَسْأَلُهُ عَنْ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، فَإِذَا بَيَّنَ ذَلِكَ الْآنَ يَقْضِي الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ، وَيَكْتَفِي بِالْإِقْرَارِ مَرَّةً، وَاحِدَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُلَقِّنَ حَتَّى لَا يُقِرَّ بِالسَّرِقَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُلَقِّنَ الْمُقِرَّ الرُّجُوعَ احْتِيَالًا لِلدَّرْءِ، وَإِذَا رَجَعَ عَنْ الْإِقْرَارِ صَحَّ فِي الْقَطْعِ، وَلَا يَصِحُّ فِي الْمَالِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
وَلَوْ أَقَرَّ فَقَالَ سَرَقْت مِنْ هَذَا مِائَةَ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ: وَهِمْت إنَّمَا سَرَقْت مِنْ الْآخَرِ لَا يُقْطَعُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَرُدُّ الْمَالَ إلَى الْأَوَّلِ، وَيَضْمَنُ مِثْلَهُ لِلثَّانِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ ثُمَّ رَجَعَ ثُمَّ أَقَرَّ بِبَعْضِ الْمَالِ، فَلَا يُقْطَعُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
فِي الْقُدُورِيِّ إذَا أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ فَقَالَ سَرَقْت هَذِهِ الدَّرَاهِمَ، وَلَا أَدْرِي لِمَنْ هِيَ، أَوْ قَالَ لَا أَعْرِفُ صَاحِبَهَا لَمْ يُقْطَعْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلَانِ أَقَرَّا بِسَرِقَةِ مِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا هُوَ مَالِي لَا يُقْطَعُ، وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَيَسْتَوِي إنْ قَالَ أَحَدُهُمَا هَذِهِ الْمَقَالَةَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْقَطْعِ، أَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ لِلِاسْتِيفَاءِ فِي بَابِ الْحُدُودِ شَبَهًا بِالْقَضَاءِ.
وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا فَقَالَ سَرَقْت أَنَا، وَفُلَانٌ هَذَا الثَّوْبَ الَّذِي فِي أَيْدِيهِمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَصْلِ، وَجَعَلَهَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ صَدَّقَهُ الْآخَرُ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يُقْطَعَانِ بِالْإِجْمَاعِ أَوْ أَنْ كَذَّبَهُ الْآخَرُ، فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ لَمْ أَسْرِقْ أَنَا، وَالثَّوْبُ ثَوْبُنَا، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ
لَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْإِجْمَاعِ وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ لَمْ أَسْرِقْ، وَلَا أَعْرِفُ الثَّوْبَ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ اخْتَلَفُوا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: يُقْطَعُ الْمُقِرُّ، وَالْمُنْكِرُ لَا يُقْطَعُ إجْمَاعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ صَدَّقَهُ فُلَانٌ ثُمَّ رَجَعَ سَقَطَ بِالِاتِّفَاقِ الْقَطْعُ عَنْ الْمُقِرِّ هَكَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا سَرَقْنَا هَذَا الثَّوْبَ مِنْ فُلَانٍ فَقَالَ الْآخَرُ كَذَبْت لَمْ نَسْرِقْهُ، وَلَكِنَّهُ لِفُلَانٍ قُطِعَ الْمُقِرُّ، وَلَمْ يُقْطَعْ الْمُنْكِرُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ سَرِقَةً فَأَنْكَرَ يُسْتَحْلَفُ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ لَمْ يُقْطَعْ، وَيَضْمَنُ الْمَالَ، وَلَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ إقْرَارًا ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ، وَأَنْكَرَ لَمْ يُقْطَعْ، وَيَضْمَنُ الْمَالَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ، فَقَالَ الْآخَرُ بَلْ سَرَقْتُهَا أَنَا دُونَهُ يُقْطَعُ مَنْ صَدَّقَهُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ فَإِنْ صَدَّقَ الْأَوَّلَ ثُمَّ الثَّانِيَ فَلَا قَطْعَ، وَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ تَصْدِيقَ الثَّانِي هَذَا تَكْذِيبٌ لِذَلِكَ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ، فَإِنْ قَالَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ مَا صَدَقَ الْأَوَّلُ لَمْ يَسْرِقْهَا الْأَوَّلُ، وَسَرَقَهَا الثَّانِي لَا يُقْطَعُ، وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَا يُقْضَى بِالْمَالِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَيُقْضَى بِهِ عَلَى الثَّانِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَوْ صَدَّقَ الْأَوَّلَ ثُمَّ أَقَرَّ الثَّانِي فَصَدَّقَهُ ضَمِنَ الثَّانِي.
وَلَوْ أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ فَادَّعَى الْمَالِكُ الْغَصْبَ، وَعَلَى الْعَكْسِ فَلَا قَطْعَ، وَضَمِنَ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ قَالَ لَا، وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ بَلْ غَصَبْتَهُ مِنِّي لَا يُقْضَى بِالْمَالِ، وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ مَعَ هَذَا الصَّبِيِّ، أَوْ مَعَ الْأَخْرَسِ لَا يُقْطَعُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَقَرَّ أَرْبَعَةٌ بِسَرِقَةٍ، فَرَجَعَ اثْنَانِ فَلَا قَطْعَ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ اثْنَانِ، فَرَجَعَ أَحَدُهُمَا هَكَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ.
مَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ هَذَا الثَّوْبَ مِنْ فُلَانٍ فَأَقَرَّ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ بِنِصْفِ ذَلِكَ الثَّوْبِ لِلسَّارِقِ، فَقَالَ نِصْفُ الثَّوْبِ لَك، وَأَنْكَرَ السَّارِقُ ذَلِكَ لَمْ يُقْطَعْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَإِذَا قَالَ السَّارِقُ سَرَقْتُهُ مِنْ فُلَانٍ، وَأَوْدَعْتُهُ إلَى هَذَا الَّذِي فِي يَدِهِ، أَوْ، وَهَبْتُهُ مِنْهُ، أَوْ غُصِبَ مِنِّي، وَكَذَّبَهُ ذُو الْيَدِ قُطِعَ، وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ.
وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ هُوَ، وَفُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ قُطِعَ الْمُقِرُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْآخَرِ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا، وَلَا يَنْتَظِرُ حُضُورَ شَرِيكِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
فِي نَوَادِرِ بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ السَّارِقُ سَرَقْتُ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ لَا بَلْ عَشَرَةً لَا قَطْعَ عَلَيْهِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ.
الْمُنْتَقَى رَجُلٌ قَالَ سَرَقْتُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ لَا بَلْ الْعَشَرَةَ الدَّنَانِيرَ يُقْطَعُ فِي الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَيَضْمَنُ مِائَةَ دِرْهَمٍ يُرِيدُ بِهِ إذَا ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ الْمَالَيْنِ، فَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ قَالَ سَرَقْت مِائَةً لَا بَلْ مِائَتَيْنِ قُطِعَ، وَلَا يُضْمِرُ يُرِيدُ بِهِ إذَا ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ الْمِائَتَيْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ قَالَ سَرَقْتُ مِائَتَيْنِ بَلْ مِائَةً لَمْ يُقْطَعْ، وَيَضْمَنُ الْمِائَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِسَرِقَةِ مِائَتَيْنِ، وَرَجَعَ عَنْهَا، فَوَجَبَ الضَّمَانُ، وَلَمْ يَجِبْ الْقَطْعُ، وَلَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ بِالْمِائَةِ إذَا كَانَ لَا يَدَّعِيهَا الْمَسْرُوقُ مِنْهُ، وَلَوْ أَنَّهُ صَدَّقَهُ فِي الرُّجُوعِ إلَى الْمِائَةِ لَا ضَمَانَ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
إذَا قَالَ سَرَقْت مِنْ هَذَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ لَا بَلْ سَرَقْت مِنْ هَذَا عَشَرَةً قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أُضَمِّنُهُ لِلْأَوَّلِ عَشَرَةً، وَأَقْطَعُهُ لِلثَّانِي، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُقْطَعُ حَتَّى يُقِرَّ لِلثَّانِي مَرَّةً أُخْرَى ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي الْمُنْتَقَى لَوْ قَالَ سَرَقْت مِنْ هَذَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ لَا بَلْ سَرَقْتهَا مِنْ هَذَا قَالَ أُضَمِّنُهُ لِكُلِّ، وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَشَرَةً، وَلَا يُقْطَعْ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ قَالَ سَرَقْت هَذَا الثَّوْبَ مِنْهُ، وَهُوَ يُسَاوِي مِائَةً ثُمَّ قَالَ لَا، وَلَكِنْ سَرَقْت هَذَا الْآخَرَ لَمْ يُقْطَعْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَوَّلِ، وَيُقْطَعُ فِي الثَّانِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الصَّبِيِّ بِالسَّرِقَةِ فَإِنْ احْتَلَمَ، أَوْ أَحْبَلَ، أَوْ كَانَتْ امْرَأَةً فَحَبِلَتْ، أَوْ حَاضَتْ ثُمَّ أَقَرَّتْ صَحَّ الْإِقْرَارُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ طَائِعًا ثُمَّ قَالَ الْمَتَاعُ مَتَاعِي، أَوْ قَالَ اسْتَوْدَعَتْهُ، أَوْ قَالَ أَخَذْتُهُ
رَهْنًا بِدَيْنٍ لِي عَلَيْهِ دُرِئَ عَنْهُ الْقَطْعُ كَمَا لَوْ ثَبَتَتْ السَّرِقَةُ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ، وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي عَلَى السَّارِقِ بِالْقَطْعِ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ بِإِقْرَارٍ ثُمَّ قَالَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ هَذَا مَتَاعُهُ لَمْ يَسْرِقْ مِنِّي إنَّمَا كُنْتُ اسْتَوْدَعْته، أَوْ قَالَ شَهِدَ شُهُودِي بِزُورٍ، أَوْ أَقَرَّ هُوَ بِالْبَاطِلِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ سَقَطَ عَنْهُ الْقَطْعُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ مُكْرَهًا فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ، وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ أَفْتَى بِصِحَّتِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ إذَا أَنْكَرَ السَّرِقَةَ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْأَعْمَشِ أَنَّ الْإِمَامَ يَعْمَلُ فِيهِ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ سَارِقٌ، وَأَنَّ الْمَالَ عِنْدَهُ عَذَّبَهُ، وَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَزِّرَهُ كَمَا لَوْ رَآهُ الْإِمَامُ يَمْشِي مَعَ السُّرَّاقِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
ادَّعَى عَلَى آخَرَ سَرِقَةً كَانَ عَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ، وَعَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَالضَّرْبُ خِلَافُ الشَّرْعِ، وَلَا يُفْتَى بِهِ؛ لِأَنَّ فَتْوَى الْمُفْتِي يَجِبُ أَنْ تُطَابِقَ الشَّرْعَ.
ادَّعَى عَلَى آخَرَ سَرِقَةً فَقَدَّمَهُ إلَى السُّلْطَانِ، وَطَلَبَ مِنْ السُّلْطَانِ أَنْ يَضْرِبَهُ حَتَّى يُقِرَّ بِالسَّرِقَةِ فَضُرِبَ مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ أُعِيدَ إلَى السِّجْنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَذَّبَ فَخَافَ الْمَحْبُوسُ فَصَعِدَ خَوْفًا مِنْ التَّعْذِيبِ فَسَقَطَ فَمَاتَ، وَقَدْ لَحِقَهُ مِنْ هَذَا الْحَبْسِ غَرَامَةٌ، وَالسَّرِقَةُ ظَهَرَتْ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ كَانَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَأْخُذُوا صَاحِبَ السَّرِقَةِ بِدِيَةِ أَبِيهِمْ، وَبِالْغَرَامَةِ الَّتِي أَدَّى إلَى السُّلْطَانِ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ حَصَلَ بِتَسْبِيبِهِ، وَهُوَ مُتَعَدٍّ فِي هَذَا التَّسْبِيبِ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.
إذَا أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ هَرَبَ لَا يُتْبَعُ، وَإِنْ كَانَ فِي فَوْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ هَرَبَ فَإِنَّهُ يُتْبَعُ فِي فَوْرِهِ، وَيُقْطَعُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا قَالَ الرَّجُلُ أَنَا سَارِقٌ هَذَا الثَّوْبَ فَنَوَّنَ الْقَافَ، وَنَصَبَ الْبَاءَ لَا يُقْطَعُ، وَلَوْ قَالَ أَنَا سَارِقُ هَذَا الثَّوْبِ بِالْإِضَافَةِ يُقْطَعُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَبْدٌ لِرَجُلٍ فِي يَدَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَهَا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ، أَوْ مُكَاتَبًا، وَأَقَرَّ بِسَرِقَةٍ مُسْتَهْلَكَةٍ، أَوْ بِسَرِقَةٍ قَائِمَةٍ يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْقَطْعِ، وَالْمَالِ، فَيَقْطَعُ يَدَ الْعَبْدِ، وَيَرُدُّ الْمَسْرُوقَ عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ إنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ مُسْتَهْلَكَةٍ صَحَّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْقَطْعِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِسَرِقَةِ مَالٍ قَائِمٍ بِعَيْنِهِ فِي يَدِهِ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَوْلَى يُقْطَعُ، وَيَرُدُّ الْمَالَ عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمَوْلَى فِي الْمَالِ، وَقَالَ الْمَالُ مَالِي، فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِحُّ فِي حَقِّ الْقَطْعِ، وَالْمَالِ جَمِيعًا فَيُقْطَعُ الْعَبْدُ، وَيُرَدُّ الْمَالُ عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا كَانَ ظُهُورُ السَّرِقَةِ بِالشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ، وَلَا يُكْتَفَى بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ بِانْفِرَادِهِنَّ لَا فِي حَقِّ الْقَطْع، وَلَا فِي حَقِّ الْمَالِ، وَأَمَّا شَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ فَهِيَ مَقْبُولَةٌ فِي حَقِّ الْمَالِ عِنْدَنَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ فِي حَقِّ الْقَطْعِ، وَكَذَا الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ تُقْبَلُ عَلَى الْمَالِ، وَلَا تُقْبَلُ عَلَى الْقَطْعِ، وَإِذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَدْلَانِ بِذَلِكَ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ الشَّهَادَةَ عَلَى الْمَالِ، وَالْقَطْعِ جَمِيعًا، وَيَسْأَلُ الشَّاهِدَيْنِ عَنْ مَاهِيَّةِ السَّرِقَةِ ثُمَّ يَسْأَلُهُمَا عَنْ الْمَسْرُوقِ عَنْ جِنْسِهِ، وَعَنْ مِقْدَارِهِ، إذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ فَلَا يَسْأَلُهُمَا عَنْ الْمَسْرُوقِ جِنْسًا، وَقَدْرًا، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إلَى السَّرِقَةِ عَلَى نَحْوِ مَا قُلْنَا فِي فَصْلِ الْإِقْرَارِ ثُمَّ يَسْأَلُهُمَا كَيْفَ سُرِقَ، وَيَسْأَلُهُمَا عَنْ الْمَكَانِ، وَالْوَقْتِ، وَالْمَسْرُوقِ مِنْهُ أَيْضًا فَإِذَا نَهَيْنَا جُمْلَةَ ذَلِكَ، وَعَرَفَ الْقَاضِي الشُّهُودَ بِالْعَدَالَةِ قَضَى عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الشُّهُودَ بِالْعَدَالَةِ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي بِالْقَطْعِ مَا لَمْ يَتَعَرَّفْ عَنْ حَالِ الشُّهُودِ بِالسُّؤَالِ مِنْ الْمُزَكَّى، وَيَحْبِسُ السَّارِقَ إلَى أَنْ تَظْهَرَ عَدَالَةُ الشُّهُودِ، فَإِنْ عُدِّلَتْ الشُّهُودُ بَعْدَمَا حُبِسَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ حَاضِرًا يَقْضِي الْقَاضِي بِالْقَطْعِ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا يَقْضِي بِالْقَطْعِ، فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا، فَقَضَى عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ ثُمَّ غَابَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْقَطْعِ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْكِتَابِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -
فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ قَوْلَانِ عَلَى قَوْلِهِ الْأَوَّلِ لَا يَسْتَوْفِي الْقَطْعَ، وَعَلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ يَسْتَوْفِي، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ غَيْبَةُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ تَمْنَعُ الِاسْتِيفَاءَ عَلَى قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، وَالْآخَرِ جَمِيعًا.
وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى سَرِقَةٍ ثُمَّ غَابَا بَعْدَ مَا ظَهَرَتْ عَدَالَتُهُمَا، أَوْ مَاتَا قَبْلَ الْقَضَاءِ، أَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَبْلَ الْإِمْضَاءِ، فَفِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا الْقَاضِي لَا يَقْضِي، وَلَا يُمْضِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ، وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ يَقْضِي وَيُمْضِي، وَأَمَّا إذَا فَسَقَا، أَوْ عَمِيَا، أَوْ ارْتَدَّا، أَوْ ذَهَبَ عُقُولُهُمَا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَضَاءِ مُنِعَ الْقَضَاءُ، وَإِنْ حَدَثَتْ هَذِهِ الْعَوَارِضُ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَبْلَ الْإِمْضَاءِ فَإِنَّهُ مَنَعَ الْإِمْضَاءَ، وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلَيْنِ أَنَّهُمَا سَرَقَا مِنْ فُلَانٍ، وَبَيَّنَا السَّرِقَةَ، وَأَحَدُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِمَا غَائِبٌ لَمْ يُوجَدْ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُقْطَعُ الْحَاضِرُ فَإِنْ جَاءَ الْغَائِبُ فَقَدَّمَهُ رَبُّ الْمَالِ إلَى الْقَاضِي، فَالْقَاضِي يَأْمُرُهُ بِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَمَرَ الْإِمَامُ بِقَطْعِ سَارِقٍ، فَعَفَا الْمَسْرُوقُ مِنْهُ كَانَ عَفْوُهُ بَاطِلًا، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ.
وَإِذَا شَهِدَ كَافِرَانِ عَلَى كَافِرٍ، وَمُسْلِمٍ بِسَرِقَةٍ لَا يُقْطَعُ الْكَافِرُ كَمَا لَا يُقْطَعُ الْمُسْلِمُ.
وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ بَقَرَةً، وَاخْتَلَفَا فِي لَوْنِهَا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: بَيْضَاءُ، وَقَالَ الْآخَرُ: سَوْدَاءُ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا قَالَ الْكَرْخِيُّ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي لَوْنَيْنِ يَتَشَابَهَانِ كَالْحُمْرَةِ، وَالصُّفْرَةِ، وَأَمَّا مَا لَا يَتَشَابَهَانِ كَالسَّوَادِ، وَالْبَيَاضِ، فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إجْمَاعًا، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْكُلَّ عَلَى الْخِلَافِ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سَرَقَ ثَوْرًا، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ سَرَقَ بَقَرَةً لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إجْمَاعًا، وَلَوْ شَهِدَ أَنَّهُ سَرَقَ ثَوْبًا، وَقَالَ أَحَدُهُمَا: إنَّهُ هَرَوِيٌّ، وَقَالَ الْآخَرُ: إنَّهُ مَرْوِيٌّ ذُكِرَ فِي نُسَخِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ، وَذُكِرَ فِي نُسَخِ أَبِي حَفْصٍ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إجْمَاعًا، وَإِذَا قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ هَذَا مَتَاعِي كُنْت اسْتَوْدَعْته فَجَحَدَنِي، أَوْ اشْتَرَيْته مِنْهُ، أَوْ أَقَرَّ لِي بِهَذَا دُرِئَ الْحَدُّ عَنْهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ سَرَقَ هَذَا الْمَالَ هَذَا الرَّجُلُ، وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ سَرَقَ هَذَا هَذَا الْآخَرُ، وَالْمَسْرُوقُ مِنْهُ يَدَّعِي السَّرِقَةَ عَلَى الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ الْأَوَّلُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى عَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ بِسَرِقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، أَوْ أَكْثَرَ، وَالْعَبْدُ يَجْحَدُ فَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ حَاضِرًا قُطِعَ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَهَلْ يَضْمَنُ إنْ كَانَ اسْتَهْلَكَهَا؟ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً رَدَّهَا عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى غَائِبًا لَا يُقْطَعُ الْعَبْدُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيَضْمَنُ السَّرِقَةَ، وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ شَهِدُوا بِسَرِقَةِ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ قَضَى الْقَاضِي بِالْمَالِ، وَلَا يَقْضِي بِالْقَطْعِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْلَى حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا، وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمَأْذُونِ بِسَرِقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالْمَالِ، وَلَا يَقْضِي بِالْقَطْعِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى عَبْدٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَرِقَةِ عَشَرَةٍ، أَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لَا بِالْقَطْعِ، وَلَا بِالْمَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ بِالسَّرِقَةِ فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ أَصْلًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْلَى حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا حَتَّى لَا يُقْطَعَ الْعَبْدُ، وَلَا يُؤَاخَذَ الْمَوْلَى بِبَيْعِهِ لِأَجْلِ الْمَالِ، وَلَكِنْ يُؤَاخَذُ الْعَبْدُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ.
اللِّصُّ إذَا دَخَلَ دَارَ رَجُلٍ، وَأَخَذَ الْمَتَاعَ، وَأَخْرَجَهُ فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اللِّصُّ إذَا كَانَ يَنْقُبُ الْبَيْتَ فَرَآهُ صَاحِبُ الْبَيْتِ صَاحَ بِهِ فَإِنْ ذَهَبَ، وَإِلَّا فَلَهُ قَتْلُهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ إذَا رَآهُ يَنْقُبُ بَيْتَهُ فَقَتَلَهُ يَغْرَمُ دِيَتَهُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسَعُهُ قَتْلُهُ، وَلَا يَغْرَمُ دِيَتَهُ ذَكَرَ فِي الْمُجَرَّدِ