الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السِّرَاجِيَّةِ.
لَوْ اسْتَعَانَ أَهْلُ الْبَغْيِ بِقَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى حَرْبِهِمْ، فَقَاتَلُوا مَعَهُمْ أَهْلَ الْعَدْلِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ نَقْضًا لِعَهْدِهِمْ، وَمَا أَصَابَ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ قَتْلٍ، أَوْ جِرَاحَةٍ، أَوْ مَالٍ مِنَّا، أَوْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ كَمَا فِي حَقِّ أَهْلِ الْبَغْيِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَهْلُ الْبَغْيِ إذَا كَانُوا فِي عَسْكَرِهِمْ، فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ رَجُلًا، فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْقَاتِلِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَيْضًا فِي أَهْلِ الْبَغْيِ إذَا غَلَبُوا عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ رَجُلًا مِنْ الْمِصْرِ عَمْدًا، ثُمَّ ظَهَرْنَا عَلَى ذَلِكَ الْمِصْرِ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُ، وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمْ غَلَبُوا، وَلَمْ يَجْرِ فِيهَا حُكْمُهُمْ حَتَّى أَزْعَجَهُمْ إمَامُ أَهْلِ الْمِصْرِ، فَأَمَّا إذَا جَرَى فِيهَا حُكْمُ أَهْلِ الْبَغْيِ، فَقَدْ انْقَطَعَتْ وِلَايَةُ أَهْلِ الْعَدْلِ وَمَنَعَتُهُمْ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ بِقَتْلِ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: أَيْضًا فِي رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ قَتَلَ بَاغِيًا وَالْقَاتِلُ وَارِثُهُ وَرِثَهُ، وَإِنْ قَتَلَهُ الْبَاغِي، فَقَالَ الْبَاغِي: كُنْتُ عَلَى الْحَقِّ حِينَ قَتَلْتُ، وَأَنَا الْآنَ عَلَى الْحَقِّ أُوَرِّثَهُ مِنْهُ، وَإِنْ قَالَ: قَتَلْتُهُ وَأَنَا أَعْلَمُ أَنِّي عَلَى بَاطِلٍ يَوْمَ قَتْلِهِ لَمْ أُوَرِّثْهُ مِنْهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
مَنْ قُتِلَ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ فَإِنَّهُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَمَنْ قُتِلَ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِهِ مَا يُفْعَلُ بِالشَّهِيدِ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الشَّهِيدِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
أَهْلُ الْبَغْيِ إذَا أَخَذُوا الْعُشْرَ وَالْخَرَاجَ لَا يُؤْخَذُ ثَانِيًا، ثُمَّ إنْ كَانَ صَرَفَ أَهْلُ الْبَغْيِ مَا أَخَذُوهُ فِي وَجْهِهِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ قَضَاءً، وَلَكِنْ يُفْتَى أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ أَنْ يُعِيدُوا ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَكِنْ قَالَ مَشَايِخُنَا: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ فِي الْخَرَاجِ دِيَانَةً أَيْضًا، وَكَذَلِكَ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ أَيْضًا فِي الْعُشْرِ إذَا كَانَ أَهْلُ الْبَغْيِ فُقَرَاءَ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.
وَيُكْرَهُ بَيْعُ السِّلَاحِ مِنْ أَهْلِ الْفِتْنَةِ فِي عَسَاكِرِهِمْ، وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ بِالْكُوفَةِ مِمَّنْ لَمْ يَدْرِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْفِتْنَةِ، وَهَذَا فِي نَفْسِ السِّلَاحِ، فَأَمَّا مَا لَا يُقَاتَلُ بِهِ إلَّا بِصَنْعَةٍ كَالْحَدِيدِ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْكَافِي.
[كِتَابُ اللَّقِيطِ]
ِ اللَّقِيطِ وَهُوَ فِي الشَّرِيعَةِ اسْمٌ لِحَيٍّ مَوْلُودٍ طَرَحَهُ أَهْلُهُ خَوْفًا مِنْ الْعَيْلَةِ أَوْ فِرَارًا مِنْ تُهْمَةِ الزِّنَا مُضَيِّعُهُ آثِمٌ وَمُحْرِزُهُ غَانِمٌ.
وَالِالْتِقَاطُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ضَيَاعُهُ كَأَنْ وَجَدَهُ فِي الْمَاءِ، أَوْ بَيْنَ يَدَيْ سَبُعٍ، فَوَاجِبٌ.
وَاللَّقِيطُ حُرٌّ وَوَلِيُّهُ السُّلْطَانُ حَتَّى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا زَوَّجَهُ امْرَأَةً، أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَزَوَّجَهَا مِنْ آخَرَ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ أَحَدٌ، وَلَوْ دَفَعَهُ هُوَ إلَى غَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
عَقْلُهُ وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَإِذَا وُجِدَ مَعَ اللَّقِيطِ مَالٌ مَشْدُودٌ عَلَيْهِ، فَهُوَ لَهُ، وَكَذَا إذَا كَانَ مَشْدُودًا عَلَى دَابَّةٍ، وَهُوَ عَلَيْهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَوْضُوعًا بِقُرْبِهِ لَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِهِ، وَيَكُونُ لُقَطَةً، وَإِنْ وُجِدَ اللَّقِيطُ عَلَى دَابَّةٍ، فَهِيَ لَهُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَنَفَقَتُهُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ بِأَمْرِ الْقَاضِي لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَقِيلَ يُنْفِقُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ
أَيْضًا، وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي نَفَقَةِ مِثْلِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَوَلَاؤُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا مَاتَ مِنْ غَيْرِ وَارِثٍ وَلَا مَوْلَى لَهُ، فَتَرِكَتُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
إذَا جَاءَ الْمُلْتَقِطُ بِاللَّقِيطِ إلَى الْقَاضِي، وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ فَلِلْقَاضِي أَنْ لَا يُصَدِّقَهُ فِي ذَلِكَ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي نَفَقَتَهُ وَمُؤْنَتَهُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَتَى أَقَامَ الْبَيِّنَةَ، فَالْقَاضِي يَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ حَاضِرٍ، وَإِذَا قَبِلَ الْقَاضِي بَيِّنَتَهُ إنْ شَاءَ قَبَضَ اللَّقِيطَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَلَكِنَّهُ يُوَلِّيهِ مَنْ تَوَلَّى، وَيَقُولُ: قَدْ الْتَزَمْتَ حِفْظَهُ، فَأَنْتَ وَمَا الْتَزَمْتَ، هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي عَجْزَهُ عَنْ حِفْظِهِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، فَأَمَّا إذَا عَلِمَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَأْخُذَهُ، وَيَضَعَهُ عَلَى يَدِ رَجُلٍ لِيَحْفَظَهُ، فَإِنْ جَاءَ الْأَوَّلُ، وَسَأَلَ الْقَاضِي أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ، فَالْقَاضِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّهُ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَرُدَّهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ الْتَقَطَ لَقِيطًا، فَجَاءَ آخَرُ، وَانْتَزَعَهُ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ اخْتَصَمَا، فَالْقَاضِي يَدْفَعُهُ إلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ وَجَدَ الْعَبْدُ لَقِيطًا وَلَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ، وَالْمَوْلَى يَقُولُ: لِعَبْدِهِ كَذَبْتَ بَلْ هُوَ عَبْدِي، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ أَقَرَّ اللَّقِيطُ أَنَّهُ عَبْدُ فُلَانٍ، فَإِنْ كَذَّبَهُ، فَهُوَ حُرٌّ، وَإِنْ صَدَّقَهُ فَإِنْ لَمْ تَجْرِ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْأَحْرَارِ مِثْلُ قَبُولِ الشَّهَادَةِ، وَضَرْبِ قَاذِفِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ يَصِحُّ إقْرَارُهُ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ
يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ وَاحِدٍ إذَا ادَّعَاهُ، وَلَمْ يَدَّعِهِ الْمُلْتَقِطُ، وَقِيلَ يَصِحُّ فِي حَقِّ النَّسَبِ دُونَ إبْطَالِ الْيَدِ لِلْمُلْتَقِطِ، وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ، وَإِنْ ادَّعَاهُ، فَدَعْوَةُ الْمُلْتَقِطِ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا وَالْآخَرُ مُسْلِمًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي ذِمِّيًّا، فَهُوَ ابْنُهُ، وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَلَوْ ادَّعَاهُ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ يَقْضِي لِلْمُسْلِمِ، وَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ يَقْضِي لِمَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ، فَلَوْ أَقَامَا يَقْضِي لَهُمَا، وَلَوْ لَمْ يُقِيمَا، وَلَكِنْ وَصَفَ أَحَدُهُمَا عَلَامَاتٍ عَلَى جَسَدِهِ فَأَصَابَ وَالْآخَرُ لَمْ يَصِفْ يُجْعَلُ ابْنًا لِلْوَاصِفِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَلَوْ لَمْ يَصِفْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ يُجْعَلُ ابْنَهُمَا كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَلَوْ وَصَفَ أَحَدُهُمَا وَأَصَابَ فِي بَعْضِ مَا وَصَفَ وَأَخْطَأَ فِي الْبَعْضِ فَهُوَ ابْنُهُمَا، وَلَوْ وَصَفَا وَأَصَابَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ قَضَى لِلَّذِي أَصَابَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَحَدُهُمَا هُوَ غُلَامٌ، وَقَالَ الْآخَرُ: هُوَ جَارِيَةٌ يَقْضِي لِلَّذِي أَصَابَ فَلَوْ تَفَرَّدَ رَجُلٌ بِالدَّعْوَةِ، وَقَالَ هُوَ: غُلَامٌ، فَإِذَا هُوَ جَارِيَةٌ، أَوْ قَالَ جَارِيَةٌ فَإِذَا هُوَ غُلَامٌ لَا يَقْضِي لَهُ أَصْلًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ
إذَا ادَّعَى اللَّقِيطَ رَجُلَانِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ ابْنُهُ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ ابْنَتُهُ فَإِذَا هُوَ خُنْثَى، فَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا قُضِيَ بِهِ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُشْكِلًا وَحُكِمَ بِكَوْنِهِ ابْنًا فَهُوَ لِلَّذِي ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ، فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ جَوَّزَ إلَى خَمْسَةٍ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
امْرَأَةٌ ادَّعَتْ أَنَّهُ ابْنُهَا فَإِنْ صَدَّقَهَا زَوْجُهَا، أَوْ شَهِدَتْ لَهَا الْقَابِلَةُ، أَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ صَحَّتْ دَعْوَتُهَا وَإِلَّا فَلَا، وَشَهَادَةُ الْقَابِلَةِ إنَّمَا يُكْتَفَى بِهَا فِيمَا إذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ مُنْكِرٌ لِلْوِلَادَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ فَلَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَإِنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ ابْنُهَا مِنْ الزِّنَا يُقْضَى بِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَإِنْ ادَّعَاهُ امْرَأَتَانِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ
تَعَالَى لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالنَّسَبُ يَثْبُتُ مِنْ الْمَرْأَتَيْنِ وَلَكِنْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ حُجَّةٍ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَالتَّنَازُعِ وَالْحُجَّةُ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ وَعَلَى رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْحُجَّةُ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَإِنْ أَقَامَا ذَلِكَ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُمَا وَمَا لَا فَلَا وَفِي الْخَانِيَّةِ، وَإِنْ أَقَامَتْ إحْدَاهُمَا رَجُلَيْنِ وَالْأُخْرَى امْرَأَتَيْنِ يُجْعَلُ ابْنًا لِلَّتِي شَهِدَ لَهَا رَجُلَانِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَإِنْ أَقَامَتْ إحْدَاهُمَا الْبَيِّنَةَ دُونَ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ يُجْعَلُ ابْنًا لِلَّتِي قَامَتْ لَهَا الْبَيِّنَةُ وَلَوْ ادَّعَتْ امْرَأَتَانِ اللَّقِيطَ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَجُلٍ عَلَى حِدَةٍ بِعَيْنِهِ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ مِنْهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِيرُ وَلَدُهُمَا مِنْ الرَّجُلَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَا لَا يَصِيرُ وَلَدُهُمَا وَلَا وَلَدُ الرَّجُلَيْنِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ ادَّعَاهُ رَجُلٌ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ وَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ قُضِيَ لِلَّذِي ادَّعَى بُنُوَّتَهُ، وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الْأَمَةِ قُضِيَ لِلَّذِي ادَّعَى النَّسَبَ مِنْ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ وَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ هَذِهِ الْحُرَّةِ عَيَّنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا امْرَأَهُ أُخْرَى قُضِيَ بِالْوَلَدِ بَيْنَهُمَا وَهَلْ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ الْمَرْأَتَيْنِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَثْبُتُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَثْبُتُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلَانِ ادَّعَيَا نَسَبَ اللَّقِيطِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَأُرِّخَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُقْضَى لِمَنْ يَشْهَدُ لَهُ سِنُّ الصَّبِيِّ فَإِنْ كَانَ سِنُّ الصَّبِيِّ مُشْتَبَهًا لَمْ يُوَافِقْ كُلًّا مِنْ التَّارِيخَيْنِ فَعَلَى قَوْلِهِمَا يَسْقُطُ اعْتِبَارُ التَّارِيخِ وَيُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَذَكَرَ خُوَاهَرْ زَادَهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ يَقْضِي لِأَقْدَمْهُمَا تَارِيخًا وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّهُ يَقْضِي بِهِ بَيْنَهُمَا فِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا كَانَ الصَّبِيُّ فِي يَدَيْ رَجُلٍ يَدَّعِي أَنَّهُ ابْنُهُ وَيُقِيمُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَيُقِيمُ رَجُلٌ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ قُضِيَ لِصَاحِبِ الْيَدِ.
صَبِيٌّ فِي يَدَيْ امْرَأَةٍ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ ابْنُهَا وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً امْرَأَةٌ وَادَّعَتْ الَّتِي فِي يَدَيْهَا الصَّبِيُّ أَنَّهُ ابْنُهَا وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً يَقْضِي لِلَّتِي فِي يَدَيْهَا وَلَوْ شَهِدَتْ لِصَاحِبَةِ الْيَدِ امْرَأَةٌ وَشَهِدَ لِلْخَارِجَةِ رَجُلَانِ قُضِيَ لِلْخَارِجَةِ.
صَبِيٌّ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَحُرٍّ تَحْتَهُ حُرَّةٌ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ امْرَأَتِهِ هَذِهِ وَأَقَامَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ ابْنُهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُنْسَبْ إلَى أُمِّهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالْوَلَدِ لِلْمُدَّعِي.
وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ ذِمِّيٍّ إنْ ادَّعَاهُ وَيَكُونُ اللَّقِيطُ مُسْلِمًا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَكَانِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَابْنُ الذِّمِّيِّ اللَّقِيطِ إنَّمَا يَكُونُ مُسْلِمًا إذَا لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ فَإِنْ بَرْهَنَ بِشُهُودٍ مُسْلِمِينَ قُضِيَ لَهُ بِهِ وَصَارَ تَبَعًا فِي دِينِهِ، وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَا يَكُونُ ذِمِّيًّا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَالْمُعْتَبَرُ هُوَ الْمَكَانُ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا - أَنْ يَجِدَهُ مُسْلِمٌ فِي مَكَانِ الْمُسْلِمِينَ كَالْمَسْجِدِ أَوْ الْقَرْيَةِ أَوْ الْمِصْرِ لِلْمُسْلِمِينَ فَيَكُونُ مُسْلِمًا، وَالثَّانِي - أَنْ يَجِدَهُ
كَافِرٌ فِي مَكَانِ أَهْلِ الْكُفْرِ كَالْبِيعَةِ وَالْكَنِيسَةِ وَقَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهُمْ فَيَكُونُ كَافِرًا، وَالثَّالِثُ - أَنْ يَجِدَهُ كَافِرٌ فِي مَكَانِ الْمُسْلِمِينَ، وَالرَّابِعُ - أَنْ يَجِدَهُ مُسْلِمٌ فِي مَكَانِ الْكَافِرِينَ فَفِي هَذَيْنِ الْفَصْلَيْنِ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فَفِي كِتَابِ اللَّقِيطِ: الْعِبْرَةُ لِلْمَكَانِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَعَلَيْهِ جَرَى الْقُدُورِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
لَوْ أَدْرَكَ اللَّقِيطُ كَافِرًا إنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ وَجَدَهُ فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ وَيُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ كُلُّ مَنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا إذَا بَلَغَ كَافِرًا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَكِنْ لَا يُقْتَلُ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ عَبْدٍ إذَا ادَّعَاهُ وَيَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا، وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ: هُوَ وَلَدِي مِنْ زَوْجَتِي وَهِيَ أَمَةٌ فَصَدَّقَهُ مَوْلَاهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَيَكُونُ حُرًّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمُسْلِمُ أَحَقُّ مِنْ الذِّمِّيِّ عِنْدَ التَّنَازُعِ إذَا كَانَ حُرًّا، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَالذِّمِّيُّ أَوْلَى.
وَلَا يَرِقُّ اللَّقِيطُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ مُسْلِمِينَ إلَّا إذَا اُعْتُبِرَ كَافِرًا بِوُجُودِهِ فِي مَوْضِعِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَكَذَا إذَا صَدَّقَهُ اللَّقِيطُ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا يُسْمَعُ تَصْدِيقُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ صَغِيرًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَادَّعَى أَنَّهُ عَبْدُهُ وَصَدَّقَهُ الْغُلَامُ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَبْدًا لَهُ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ وَإِنْ صَدَّقَهُ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ مَا أُجْرِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْأَحْرَارِ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَحَدِّ قَاذِفِهِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
لَوْ كَانَ اللَّقِيطُ امْرَأَةً فَأَقَرَّتْ بِالرِّقِّ لِرَجُلٍ فَصَدَّقَهَا ذَلِكَ الرَّجُلُ كَانَتْ أَمَةً لَهُ إلَّا أَنَّهَا إذَا كَانَتْ تَحْتَ زَوْجٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إبْطَالِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا بِنْتُ أَبِي الزَّوْجِ فَصَدَّقَهَا أَبُو الزَّوْجِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَبْطُلُ النِّكَاحُ فَإِنْ أَعْتَقَهَا الْمُقَرُّ لَهُ وَهِيَ تَحْتَ زَوْجٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا خِيَارُ الْعِتْقِ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَأَقَرَّتْ بِالرِّقِّ يَصِيرُ طَلَاقُهَا ثِنْتَيْنِ لَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا إلَّا طَلْقَةً وَاحِدَةً، وَلَوْ كَانَ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ كَانَ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا، وَكَذَلِكَ فِي حُكْمِ الْعِدَّةِ إذَا أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ بَعْدَ مَا مَضَتْ حَيْضَتَانِ كَانَ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ.
لَوْ ادَّعَى الْمُلْتَقِطُ أَنَّ اللَّقِيطَ عَبْدُهُ بَعْدَمَا عَرَفَ أَنَّهُ لَقِيطٌ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِحُجَّةٍ وَإِذَا مَاتَ اللَّقِيطُ وَتَرَكَ مَالًا أَوْ لَمْ يَتْرُكْ فَادَّعَى رَجُلٌ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِحُجَّةٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ صَبِيٌّ فِي يَدَيْ رَجُلٍ لَا يَدَّعِيهِ أَقَامَتْ امْرَأَةٌ بَيِّنَةً أَنَّهَا وَلَدَتْهُ وَلَمْ تُسَمِّ أَبَاهُ وَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ وَلَمْ يُسَمِّ أُمَّهُ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ ابْنَ هَذَا الرَّجُلِ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهَا وَلَدَتْهُ عَلَى فِرَاشِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي يَدِ هَذَا الرَّجُلِ أَوْ يَدِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَإِنَّهُ يُجْعَلُ ابْنَ هَذَا الرَّجُلِ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ التَّرْجِيحُ بِالْيَدِ.
صَبِيٌّ فِي يَدَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ يَدَّعِي أَنَّهُ ابْنُهُ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنَّهُ ابْنُهُ وَأَقَامَ الَّذِي فِي يَدِهِ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ ابْنُهُ قُضِيَ لِلذِّمِّيِّ وَيُرَجَّحُ الذِّمِّيُّ عَلَى الْمُسْلِمِ بِحُكْمِ يَدِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
لَوْ أَدْرَكَ اللَّقِيطُ وَوَالَى رَجُلًا جَازَ وَلَاؤُهُ فَإِنْ كَانَ جَنَى جِنَايَةً فَعَقْلُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ لَوْ وَالَى رَجُلًا لَا يَصِحُّ وَلَاؤُهُ وَلَا يَمْلِكُ الْمُلْتَقِطُ عَلَى اللَّقِيطِ ذَكَرًا كَانَ اللَّقِيطُ أَوْ أُنْثَى تَصَرُّفًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ