الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَأَلَ لِلْفُقَرَاءِ أَشْيَاءَ وَاخْتَلَطَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ يَصِيرُ ضَامِنًا لِجَمِيعِ ذَلِكَ وَإِذَا أَدَّى صَارَ مُؤَدِّيَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَيَصِيرُ ضَامِنًا لَهُمْ وَلَا يَجْزِيهِمْ عَنْ زَكَاتِهِمْ فَيَجِبُ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الْفَقِيرَ لِيَأْذَنَ لَهُ بِالْقَبْضِ فَيَصِيرُ خَالِطًا مَالَهُ بِمَالِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمِنْهَا نَادَى مُرْد إذَا أَقَامَ وَسَأَلَ لِلْفَقِيرِ شَيْئًا بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَهُوَ أَمِينٌ فَإِنْ اخْتَلَطَ مَالُ الْبَعْضِ بِمَالِ الْبَعْضِ يَصِيرُ مُؤَدِّيًا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَيَصِيرُ ضَامِنًا لَهُمْ وَلَا يَجْزِيهِمْ عَنْ زَكَاتِهِمْ فَيَجِبُ أَنْ يَأْمُرَهُ الْفَقِيرُ أَوَّلًا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمَرَ صَارَ وَكِيلًا بِقَبْضِهِ وَبِالتَّصَرُّفِ لَهُ فَيَصِيرُ خَالِطًا مَالَهُ بِمَالِهِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
[الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]
(الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ مَالَهُ فِي وَجْهِ الْقُرْبَةِ فَبِنَاءُ الرِّبَاطِ لِلْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ مِنْ عِتْقِ الرِّقَابِ؛ لِأَنَّهُ أَدْوَمُ وَقِيلَ: التَّصَدُّقُ
عَلَى الْمَسَاكِينِ قُلْت: وَقَدْ كُنَّا قُلْنَا لِمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ الْكُتُبَ وَيَضَعَ فِي دَارِ الْكُتُبِ لِيُكْتَبَ الْعِلْمُ؛ لِأَنَّهُ أَدْوَمُ فَإِنَّهُ يَبْقَى إلَى آخِرِ الدَّهْرِ فَكَانَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ دَارًا لَهُ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَالتَّصَدُّقُ بِثَمَنِهَا أَفْضَلُ وَلَوْ كَانَ مَكَانُ الدَّارِ ضَيْعَةً فَالْوَقْفُ أَفْضَلُ.
أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلْمَسْجِدِ دُهْنًا أَوْ حَصِيرًا فَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ مُسْتَغْنِيًا عَنْ الدُّهْنِ مُحْتَاجًا إلَى الْحَصِيرِ فَالْحَصِيرُ أَفْضَلُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ فَشِرَاءُ الدُّهْنِ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ سَوَاءً فَهُمَا فِي الْفَضْلِ سَوَاءٌ فَيُنْظَرُ فِي الْفَضِيلَةِ وَنُقْصَانِهَا وَزِيَادَةٍ عَلَى حَاجَتِهَا وَقُوَّتِهَا وَضَعْفِهَا، وَدَوَامِهَا فَعَلَى هَذَا الصَّرْفُ إلَى الْمُتَعَلِّمِ وَوُجُوهُ التَّعَلُّمِ مِنْ الْفِقْهِ وَكِتَابَتِهِ وَجَمْعِهِ أَوْلَى مِنْ الِاشْتِغَالِ بِأَدَاءِ الْعِبَادَاتِ مِنْ النَّوَافِلِ، وَكَذَا الْحَدِيثُ وَالتَّفْسِيرُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ نَفْعَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَدْوَمُ فَكَانَ أَوْلَى، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَقَفَ وَقْفًا صَحِيحًا عَلَى سَاكِنِي مَدْرَسَةِ كَذَا مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ فَسَكَنَ فِيهَا إنْسَانٌ لَا يَبِيتُ فِيهَا وَيَشْتَغِلُ بِالْحِرَاسَةِ لَيْلًا لَا يُحْرَمُ مِنْ ذَلِكَ إنْ
كَانَ يَأْوِي إلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهِ وَلَهُ آلَةُ السُّكْنَى؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ سَاكِنَ هَذَا الْمَوْضِعِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَوْ اشْتَغَلَ بِاللَّيْلِ بِالْحِرَاسَةِ وَبِالنَّهَارِ يُقَصِّرُ فِي التَّعْلِيمِ يُنْظَرُ إنْ اشْتَغَلَ فِي النَّهَارِ بِعَمَلٍ آخَرَ حَتَّى لَا يُعَدَّ مِنْ جُمْلَةِ طَلَبَةِ الْعِلْمِ فَلَا وَظِيفَةَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَغِلْ حَتَّى يُعَدَّ مِنْ جُمْلَةِ طَلَبَةِ الْعِلْمِ فَلَهُ الْوَظِيفَةُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ هَذَا إذَا قَالَ: عَلَى سَاكِنِي مَدْرَسَةِ كَذَا مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ، أَمَّا إذَا قَالَ: عَلَى سَاكِنِي مَدْرَسَةِ كَذَا، وَلَمْ يَقُلْ: مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ؛ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ حَتَّى لَا يَكُونَ لِسَاكِنِي الْمَدْرَسَةِ مِنْ غَيْرِ طَلَبَةِ الْعِلْمِ شَيْءٌ مِنْ الْوَظِيفَةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَفْهُومُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْمُتَعَلِّمُ إذَا كَانَ لَا يَخْتَلِفُ إلَى الْفُقَهَاءِ لِلتَّعَلُّمِ فَإِنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ وَقَدْ اشْتَغَلَ بِكِتَابَةِ شَيْءٍ مِنْ الْفِقْهِ لِنَفْسِهِ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لَا بَأْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْوَظِيفَةَ وَإِنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ وَقَدْ اشْتَغَلَ بِغَيْرِ ذَلِكَ لَا يَأْخُذُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
إنْ غَابَ الْمُتَعَلِّمُ عَنْ الْبَلَدِ أَيَّامًا ثُمَّ رَجَعَ وَطَلَبَ فَإِنْ خَرَجَ مَسِيرَةَ سَفَرٍ لَيْسَ لَهُ طَلَبُ مَا مَضَى، وَكَذَا إذَا خَرَجَ
وَأَقَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لِأَمْرٍ لَا بُدَّ كَطَلَبِ الْقُوتِ وَالرِّزْقِ فَهُوَ عَفْوٌ وَلَا يَحِلُّ لِغَيْرِهِ أَنْ يَأْخُذَ حُجْرَتَهُ وَوَظِيفَتُهُ عَلَى حَالِهَا إذَا كَانَتْ غَيْبَتُهُ مِقْدَارَ شَهْرٍ إلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَإِذَا زَادَتْ كَانَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَأْخُذَ حُجْرَتَهُ وَوَظِيفَتَهُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
قَالَ الْفَقِيهُ: مَنْ يَأْخُذُ الْأَجْرَ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ فِي يَوْمٍ لَا دَرْسَ فِيهِ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ جَائِزًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
غَابَ الْمُتَفَقِّهُ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُ الْمَرْسُومِ بِلَا خِلَافٍ إنْ كَانَ مُشَاهَرَةً، وَإِنْ كَانَ مُسَانَهَةً وَحَضَرَ وَقْتَ الْقِسْمَةِ وَقَدْ أَقَامَ أَكْثَرَ السَّنَةِ يَحِلُّ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ عَنْ الْوَقْفِ عَلَى الْعَلَوِيَّةِ السَّاكِنِينَ بِبَلْخٍ قَالَ: مَنْ غَابَ مِنْهُمْ وَلَمْ يَبِعْ مَسْكَنَهُ وَلَمْ يَتَّخِذْ مَسْكَنًا آخَرَ فَهُوَ مِنْ سُكَّانِ بَلْخٍ وَلَمْ تَبْطُلْ وَظِيفَتُهُ وَلَا وَقْفُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا شِرَاءً فَاسِدًا فَقَبَضَهَا وَاِتَّخَذَهَا مَسْجِدًا وَصَلَّى النَّاسُ فِيهِ، ذَكَرَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي وَقْفِهِ أَنَّهُ مَسْجِدٌ وَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَتُهَا وَلَا تُرَدُّ إلَى الْبَائِعِ
قَالَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا فِي الْمَسْجِدِ، وَالْوَقْفُ عَلَى قِيَاسِهِ وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ: إذَا اشْتَرَى أَرْضًا شِرَاءً فَاسِدًا وَاِتَّخَذَهَا مَسْجِدًا وَبَنَى فِيهَا بِنَاءً أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَصِيرُ مُسْتَهْلِكًا بِالْبِنَاءِ وَعِنْدَهُمَا يُنْتَقَضُ الْبِنَاءُ وَتُرَدُّ الْأَرْضُ عَلَى الْبَائِعِ فَاشْتِرَاطُ الْبِنَاءِ عَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الشُّفْعَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْنِ لَا يَصِيرُ بِمُجَرَّدِ اتِّخَاذِهِ مَسْجِدًا بِلَا خِلَافٍ، وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ الْبِنَاءِ فِي رِوَايَةِ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَصِيرُ مَسْجِدًا بِلَا خِلَافٍ بِدُونِ الْبِنَاءِ قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ: رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا شِرَاءً صَحِيحًا وَقَبَضَهَا وَوَقَفَهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَا يَرُدُّهَا وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى أَرْضًا وَاِتَّخَذَهَا مَسْجِدًا ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا تَبَايَعَا دَارًا بِعَبْدٍ وَتَقَابَضَا فَوَقَفَ الدَّارَ ثُمَّ
اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ فَالْوَقْفُ جَائِزٌ وَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْأَرْضِ يَوْمَ قَبْضِهَا لِبَائِعِهَا، كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ وَجَدَ الْعَبْدَ حُرًّا بَطَلَ الْوَقْفُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ
قَيِّمٌ وَقَفَ جَمِيعَ الْغَلَّةِ وَقَسَّمَهَا عَلَى أَرْبَابِهَا وَحَرَمَ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَصَرَفَ نَصِيبَهُ إلَى حَاجَةِ نَفْسِهِ فَلَمَّا خَرَجَتْ الْغَلَّةُ الثَّانِيَةُ أَرَادَ الْمَحْرُومُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ نَصِيبَهُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى أَوْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْقَيِّمِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ ذَلِكَ وَإِنْ اخْتَارَ اتِّبَاعَ الشُّرَكَاءِ وَالشَّرِكَةِ فِيمَا أَخَذُوا فَلَهُ ذَلِكَ مِنْ أَنْصِبَائِهِمْ مِنْ الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ فَمَتَى أَخَذَ رَجَعُوا جَمِيعًا عَلَى الْقَيِّمِ بِمَا اسْتَهْلَكَ مِنْ حِصَّةِ الْمَحْرُومِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
إمَامُ الْمَسْجِدِ رَفَعَ الْغَلَّةَ وَذَهَبَ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ لَا تُسْتَرَدُّ مِنْهُ غَلَّةُ بَعْضِ السَّنَةِ وَالْعِبْرَةُ لِوَقْتِ الْحَصَادِ فَإِنْ كَانَ يَؤُمُّ فِي الْمَسْجِدِ وَقْتَ الْحَصَادِ يَسْتَحِقُّ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَهَلْ يَحِلُّ لِلْإِمَامِ أَكْلُ حِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ إنْ كَانَ فَقِيرًا يَحِلُّ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي طَلَبَةِ الْعِلْمِ يُعْطَوْنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ شَيْئًا مُقَدَّرًا
مِنْ الْغَلَّةِ وَقْتَ الْإِدْرَاكِ فَأَخَذَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ قِسْطَهُ وَقْتَ الْإِدْرَاكِ فَتَحَوَّلَ عَنْ تِلْكَ الْمَدْرَسَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُوقَفَ مِنْ مَالِهِ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا لِدَيْنٍ يَظْهَرُ عَلَيَّ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ وَقَّتَ وَقْتًا أَوْ لَمْ يُوَقِّتْ فَإِنْ قَالَ: إنْ رَأَى الْوَصِيُّ ذَلِكَ الْآنَ يُوقَفُ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ رَأَى الْوَصِيُّ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: يُعْطِي الْوَصِيُّ ذَلِكَ الْقَدْرَ مَنْ شَاءَ وَلَوْ نَصَّ عَلَى هَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. .
رَجُلٌ فِي يَدِهِ أَرْضٌ وَمَاءٌ لِلْفُقَرَاءِ وَفَضَلَ الْمَاءُ فِي النَّهْرِ عَنْ الْأَرْضِ لَا يُعْطِي أَحَدًا بَلْ يُرْسِلُهُ فِي النَّهْرِ لِيَصِلَ إلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ إلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ.
مَرِيضٌ قَالَ: إنِّي كُنْت مُتَوَلِّي حَانُوتِ وَقْفٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَكُنْتُ اسْتَهْلَكْتُ مِنْ غَلَّتِهِ، أَوْ قَالَ: لَمْ أُؤَدِّ زَكَاتِي؛ فَأَدُّوا ذَلِكَ مِنْ مَالِي بَعْدَ مَوْتِي، فَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْوَرَثَةُ فِي ذَلِكَ يُعْطَى الْوَقْفُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَالزَّكَاةُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ الْوَرَثَةُ يُعْطَى الْوَقْفُ وَالزَّكَاةُ مِنْ الثُّلُثِ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُحَلِّفَ الْوَرَثَةَ عَلَى الْعِلْمِ يُرِيدُ بِالْوَصِيِّ قَيِّمَ
الْوَقْفِ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ حَقٌّ فَإِنْ حَلَفُوا جَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا قَبْلَ الْحَلِفِ، وَإِنْ نَكَلُوا جَعَلَ الزَّكَاةَ مِنْ الثُّلُثِ وَالْوَقْفُ مِنْ الْجَمِيعِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْوَرَثَةُ ابْتِدَاءً، كَذَا فِي الْمُحِيطِ (جَامِعُ الْجَوَامِعِ) .
وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ وَقَفَ فِي الصِّحَّةِ وَأُخْرِجَ مِنْ يَدِهِ فَقَالَ عِنْدَ الْمَوْتِ لِوَصِيِّهِ: أَعْطِ مِنْ غَلَّتِهِ لِفُلَانٍ خَمْسِينَ وَلِفُلَانٍ مِائَةً، وَمَاتَ وَلَهُ ابْنٌ مُحْتَاجٌ وَقَدْ قَالَ لِلْوَصِيِّ: افْعَلْ مَا رَأَيْت فَالدَّفْعُ إلَى الِابْنِ أَفْضَلُ دُونَ هَؤُلَاءِ وَإِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْوَقْفِ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ شَاءَ فَلِلْفُقَرَاءِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
مَرِيضٌ قَالَ: أَخْرِجُوا نَصِيبِي مِنْ مَالِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا يَخْرُجُ الثُّلُثُ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَصِيبُهُ قَالَ عليه الصلاة والسلام: «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ فِي آخِرِ أَعْمَارِكُمْ زِيَادَةً عَلَى أَعْمَالِكُمْ» ، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ.
فِي الْجَامِعِ الْكِسَائِيُّ إذَا جَعَلَتْ امْرَأَةٌ مُصْحَفًا حَبِيسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَتَحَرَّقَ الْمُصْحَفُ وَبَقِيَتْ الْفِضَّةُ الَّتِي عَلَيْهِ دُفِعَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَبِيعَهُ وَيَشْتَرِيَ بِهِ
مُصْحَفًا مُسْتَقِلًّا فَيَجْعَلَهُ حَبِيسًا وَلَوْ جَعَلَ فَرَسًا حَبِيسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَصَابَهُ عَيْبٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُغْزَى عَلَيْهِ لَا بَأْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ يُرِيدُ بِهِ الْقَيِّمَ ثُمَّ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ فَرَسًا آخَرَ يُغْزَى عَلَيْهِ وَبَيْعُ الْوَكِيلِ جَائِزٌ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَسْجِدِ إذَا خَرِبَتْ الْقَرْيَةُ كَانَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيَبِيعَهُ (فَرْعٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُصْحَفِ) لَوْ صَارَ الْمُصْحَفُ لَا يُعْطَى بِثَمَنِهِ مُصْحَفٌ يُرَدُّ ذَلِكَ عَلَى الْوَرَثَةِ فَيَقْتَسِمُونَهُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ الْكِسَائِيُّ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الْوَصَايَا رِوَايَةُ بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ إذَا جَعَلَ أَرْضَهُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً بِمَا فِيهِ مِنْ الرَّقِيقِ وَالْبَقَرِ وَالْآلَةِ فَتَغَيَّرَتْ عَنْ حَالِهَا حَتَّى لَا يُنْتَفَعَ بِهَا فِي الصَّدَقَةِ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
حَائِطٌ بَيْنَ دَارَيْنِ إحْدَاهُمَا وَقْفٌ انْهَدَمَ الْحَائِطُ فَبَنَى صَاحِبُ الدَّارِ فِي حَدٍّ دَارًا لِوَقْفٍ؛ كَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالنَّقْضِ فَإِنْ أَرَادَ الْقَيِّمُ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ لِيَكُونَ الْبِنَاءُ لِلْوَقْفِ لَا يَكُونُ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ وَكَذَا لَوْ أَعْطَاهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ بِرِضَاهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ لَهُ ضَيْعَةٌ تُسَاوِي عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ فَوَقَفَ الضَّيْعَةَ وَشَرَطَ صَرْفَ غَلَّاتِهَا إلَى نَفْسِهِ قَصْدًا مِنْهُ إلَى الْمُمَاطَلَةِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إفْلَاسِهِ جَازَ الْوَقْفُ وَالشَّهَادَةُ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْغَلَّاتِ فَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَأْخُذُوا ذَلِكَ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
إذَا أَطْلَقَ الْقَاضِي وَأَجَازَ بَيْعَ وَقْفٍ غَيْرِ مَسْجِدٍ هَلْ يُوجِبُ نَقْضَ الْوَقْفِ؟ أَجَابَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الْأُسْتَاذُ ظَهِيرُ الدِّينِ أَنَّهُ إنْ أَطْلَقَ لِوَارِثِ الْوَاقِفِ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَيَكُونُ حُكْمًا بِنَقْضِ الْوَقْفِ، وَإِنْ أَطْلَقَ لِغَيْرِ الْوَارِثِ لَا، أَمَّا إذَا بِيعَ الْوَقْفُ فَقَضَى الْقَاضِي بِصِحَّةِ الْبَيْعِ كَانَ حُكْمًا بِبُطْلَانِ الْوَقْفِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
سُئِلَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ مَحْمُودٌ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَمَّنْ بَاعَ مَحْدُودًا قَدْ وَقَفَهُ وَكَتَبَ الْقَاضِي الشَّهَادَةَ عَلَى
الصَّكِّ لَا يَكُونُ ذَلِكَ قَضَاءً بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَهَذَا صَحِيحٌ ظَاهِرٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ: إذَا كَتَبَ الْقَاضِي الشَّهَادَةَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ كَتَبَ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِالْبَيْعِ، أَمَّا إذَا كَتَبَ شَهِدَ بِذَلِكَ وَفِي الصَّكِّ بَاعَ بَيْعًا جَائِزًا صَحِيحًا كَانَ حُكْمًا بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
أَرَادَ الْمُتَوَلِّي أَنْ يُقْرِضَ مَا فَضَلَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ ذُكِرَ فِي وَصَايَا فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجَوْت أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وُسْعًا إذَا كَانَ ذَلِكَ أَصْلَحَ وَأَجْرَى لِلْغَلَّةِ مِنْ إمْسَاكِ الْغَلَّةِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَصْرِفَ فَضْلَ الْغَلَّةِ إلَى حَوَائِجِهِ عَلَى أَنْ يَرُدَّهُ إذَا اُحْتِيجَ إلَى الْعِمَارَةِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَنَزَّهَ غَايَةَ التَّنَزُّهِ فَإِنْ فَعَلَ مَعَ ذَلِكَ ثُمَّ أَنْفَقَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْعِمَارَةِ أَجَزْت أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَبْرِيئًا لَهُ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ مُطْلَقًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ جَاءَ بِمِثْلِ مَا أَنْفَقَ وَخَلَطَهُ بِدَرَاهِمِ الْوَقْفِ ضَمِنَ الْكُلَّ إلَّا إذَا صَرَفَ الْكُلَّ إلَى الْعِمَارَةِ فَيَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ أَوْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيَأْمُرُ رَجُلًا بِقَبْضِ الْكُلِّ مِنْهُ ثُمَّ يُدْفَعُ إلَيْهِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ تَغْيِيرُ الْوَقْفِ عَنْ هَيْئَتِهِ فَلَا يَجْعَلُ الدَّارَ بُسْتَانًا وَلَا الْخَانَ حَمَّامًا وَلَا الرِّبَاطَ دُكَّانًا، إلَّا إذَا جَعَلَ الْوَاقِفُ إلَى النَّاظِرِ مَا يَرَى فِيهِ مَصْلَحَةَ الْوَقْفِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
سُئِلَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ مَحْمُودٌ الْأُوزْجَنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ وَقَفَ ثُمَّ افْتَقَرَ وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ قَالَ: يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَفْسَخَ الْقَاضِي الْوَقْفَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى إذَا بَاعَ كَرْمًا فِيهِ مَسْجِدٌ قَدِيمٌ فَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ عَامِرًا فَسَدَ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي وَإِنْ كَانَ خَرَابًا لَا يَفْسُدُ، كَذَا فِي
التَّتَارْخَانِيَّة.
وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ إذَا وَقَفَ بَيْتًا مِنْ دَارِ فُلَانٍ وَقْفًا بِطَرِيقِهِ جَازَ الْوَقْفُ وَإِنْ لَمْ يَقِفْ بِطَرِيقِهِ لَمْ يَجُزْ الْوَقْفُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ بَنَى مَسْجِدًا وَاِتَّخَذَ أَرْضَهُ مُقْبَرَهُ أَوْ بَنَى خَانًا يَنْزِلُ فِيهِ النَّاسُ فَادَّعَى رَجُلٌ دَعْوَى فِيهِ وَالْبَانِي غَائِبٌ فَمَتَى قَضَى عَلَى بَعْضِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ فَقَدْ قَضَى عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ وَأَمَّا الْخَانُ فَلَا حَتَّى يَحْضُرَ بَانِيهِ أَوْ نَائِبُهُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
فِي الْمُلْتَقَطِ رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي مَسْجِدٍ وَفِيهِ نَفْعٌ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ لِأَحَدٍ لَهُ ذَلِكَ وَيَجُوزُ، كَذَا فِي الْحَمَّادِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ. تَمَّ