الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْ يَخْرُجُوا إلَّا تَحْتَ لِوَاءِ فُلَانٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
يَجُوزُ الْقِتَالُ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْقِتَالِ فِيهَا مَنْسُوخٌ وَإِنْ كَانَ عَدَدُ الْمُسْلِمِينَ نِصْفَ عَدَدِ الْمُشْرِكِينَ لَا يَحِلُّ لَهُمْ الْفِرَارُ، وَهَذَا إذَا كَانَ مَعَهُمْ أَسْلِحَةٌ، وَأَمَّا مَنْ لَا سِلَاحَ لَهُ، فَلَا بَأْس بِأَنْ يَفِرَّ مِمَّنْ مَعَهُ السِّلَاحُ، وَكَذَا لَا بَأْسَ بِأَنْ يَفِرَّ مِمَّنْ يَرْمِي إذَا لَمْ تَكُنْ مَعَهُ آلَةُ الرَّمْيِ وَعَلَى هَذَا لَا بَأْسَ بِأَنْ يَفِرَّ الْوَاحِدُ مِنْ الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا كَانَ عَدَدُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا أَوْ أَكْثَرَ لَا يَحِلُّ لَهُمْ الْفِرَارُ إنْ كَانَ عَدَدُ الْكُفَّارِ أَضْعَافَ عَدَدِهِمْ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ كَلِمَتُهُمْ وَاحِدَةٌ، فَإِذَا تَفَرَّقَتْ كَلِمَتُهُمْ يُعْتَبَرُ الْوَاحِدُ بِالِاثْنَيْنِ، وَفِي زَمَانِنَا تُعْتَبَرُ الطَّاقَةُ، وَمَنْ فَرَّ مِنْ مَوْضِعٍ يَقْصِدْهُ أَهْلُ الْحِصْنِ بِالْمَنْجَنِيقِ وَأَشْبَاهِهِ وَمِنْ مَوْضِعٍ يُرْمَى بِالسِّهَامِ وَالْحِجَارَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا بَأْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبْعَثَ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ أَوْ الِاثْنَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةَ سَرِيَّةً إذَا كَانَ يُطِيقُ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَمِنْ تَوَابِعِ الْجِهَادِ: الرِّبَاطُ وَهُوَ الْإِقَامَةُ فِي مَكَان يُتَوَقَّعُ هُجُومُ الْعَدُوِّ فِيهِ لِقَصْدِ دَفْعِهِ وَاخْتُلِفَ فِي مَحَلِّهِ، فَإِنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِي كُلِّ مَكَان وَالْمُخْتَارُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَكُونُ وَرَاءَهُ إسْلَامٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّجْنِيسِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. .
[الْبَابُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْقِتَالِ]
ِ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إذَا أَرَادَ الدُّخُولَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَنْ يَعْرِضَ الْعَسْكَرَ لِيَعْرِفَ عَدَدَهُمْ فَارِسَهُمْ وَرَاجِلَهُمْ، فَيَكْتُبَ أَسَامِيَهُمْ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
، وَإِذَا دَخَلَ الْمُسْلِمُونَ دَارَ الْحَرْبِ فَحَاصَرُوا مَدِينَةً أَوْ حِصْنًا دَعُوهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ.
فَإِنْ أَجَابُوا كَفُّوا عَنْ قِتَالِهِمْ وَإِنْ امْتَنَعُوا دَعُوهُمْ إلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، فَإِنْ قَبِلُوا فَلَهُمْ مَا لَنَا، وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْنَا كَذَا فِي الْكَنْزِ، وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ تُقْبَلُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ، أَمَّا مَنْ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ، فَلَا نَدْعُوهُمْ إلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ الْكُفَّارُ أَصْنَافٌ: صِنْفٌ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ، وَلَا إعْطَاءُ الذِّمَّةِ لَهُمْ وَهُمْ الْمُشْرِكُونَ مِنْ الْعَرَبِ مِمَّنْ لَا كِتَابَ لَهُمْ، فَإِذَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ لَا نَقْبَلُ مِنْ رِجَالِهِمْ إلَّا السَّيْفَ أَوْ الْإِسْلَامَ وَنِسَاؤُهُمْ وَصِبْيَانُهُمْ فَيْءٌ وَصِنْفٌ يَجُوزُ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ بِالْإِجْمَاعِ، وَهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ، كَذَلِكَ يَجُوزُ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْ الْمَجُوسِيِّ بِالْإِجْمَاعِ عَرَبِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَرَبِيٍّ، وَصِنْفٌ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ، وَهُمْ قَوْمٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ غَيْرُ الْعَرَبِ، وَغَيْرُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسُ يَجُوزُ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ عِنْدَنَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَاتَلَ مَنْ لَا تَبْلُغُهُ الدَّعْوَةُ إلَى الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ يَدْعُوَهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ قَاتَلُوهُمْ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ كَانُوا آثِمِينَ فِي ذَلِكَ لَكِنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ شَيْئًا مِمَّا أَتْلَفُوا مِنْ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ كَمَا فِي النِّسَاءِ وَالْوَالِدَانِ مِنْهُمْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ مَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ مُبَالَغَةً فِي الْإِنْذَارِ، وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنَّمَا تُسْتَحَبُّ الدَّعْوَةُ مَرَّةً أُخْرَى لِلتَّأَكُّدِ بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَكُونَ فِي تَقْدِيمِ الدَّعْوَةِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَمَّا إذَا كَانَ فِي تَقْدِيمِ الدَّعْوَةِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ لَوْ قَدَّمُوا الدَّعْوَةَ يَسْتَعِدُّونَ لِلْقِتَالِ أَوْ يَحْتَالُونَ بِحِيلَةٍ أَوْ يَتَحَصَّنُونَ، فَلَا يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الدَّعْوَةِ، وَالشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَطْمَعَ فِيهِمْ مَا يُدْعَوْنَ إلَيْهِ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَطْمَع فِيهِمْ مَا يُدْعَوْنَ إلَيْهِ فَلَا يَشْتَغِلُونَ بِالدَّعْوَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا بَأْسَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَيْهِمْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا بِغَيْرِ دَعْوَةٍ، وَهَذَا فِي أَرْضٍ بَلَغَتْهُمْ الدَّعْوَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، فَإِنْ أَبَوْا عَنْ الْإِسْلَامِ وَالْجِزْيَةِ اسْتَعَانُوا بِاَللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، وَحَارَبُوهُمْ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَنَصَبُوا عَلَيْهِمْ الْمَجَانِيقَ وَحَرَقُوهُمْ، وَأَرْسَلُوا عَلَيْهِمْ الْمَاءَ، وَقَطَعُوا شَجَرَهُمْ وَأَفْسَدُوا زَرْعَهُمْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُخَرِّبُوا
حُصُونَهُمْ، وَيُغْرِقُونَهَا، وَيُخْرِبُونَ الْبُنْيَانَ، وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ يَقُولُ: هَذَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ الْحِصْنِ أَسِيرٌ مُسْلِمٌ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَلَا يَحِلُّ التَّحْرِيقُ وَالتَّغْرِيقُ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: لَوْ مَنَعْنَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِمْ قِتَالُ الْمُشْرِكِينَ وَالظُّهُورُ عَلَيْهِمْ وَالْحُصُونُ قَلَّمَا تَخْلُو عَنْ أَسِيرٍ، وَلَكِنَّهُمْ يَقْصِدُونَ الْمُشْرِكِينَ بِذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَا بَأْسَ بِرَمْيِهِمْ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ أَسِيرٌ أَوْ تَاجِرٌ وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِصِبْيَانِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بِالْأُسَارَى لَمْ يَكُفُّوا عَنْ رَمْيِهِمْ، وَيَقْصِدُونَ بِالرَّمْيِ الْكُفَّارَ، وَمَا أَصَابُوهُ مِنْهُمْ لَا دِيَةَ عَلَيْهِمْ، وَلَا كَفَّارَةَ، وَلَا بَأْسَ بِإِخْرَاجِ النِّسَاءِ وَالْمَصَاحِفِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ إذَا كَانَ الْعَسْكَرُ عَظِيمًا يُؤْمَنُ عَلَيْهِمْ، وَيُكْرَهُ إخْرَاجُ ذَلِكَ فِي سَرِيَّةٍ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا، وَلَوْ دَخَلَ مُسْلِمٌ عَلَيْهِمْ بِأَمَانٍ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْمِلَ مَعَهُ الْمُصْحَفَ إذَا كَانُوا قَوْمًا يُوفُونَ بِالْعَهْدِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ كَانَ الْعَسْكَرُ عَظِيمًا، فَلَا بَأْسَ بِإِخْرَاجِ الْعَجَائِزِ لِلْخِدْمَةِ، أَمَّا الشَّوَابُّ مِنْهُنَّ فَقَرَارُهُنَّ فِي الْبَيْتِ أَسْلَمُ، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا تَخْرُجَ النِّسَاءُ أَصْلًا خَوْفًا مِنْ الْفِتَنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُدٌّ مِنْ الْإِخْرَاجِ لِلْمُبَاضَعَةِ، فَالْإِمَاءُ دُونَ الْحَرَائِرِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. .
قَوْمٌ مِنْ الصُّلَحَاءِ يُرِيدُونَ الْغَزْوَ وَمَعَهُمْ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْفَسَادِ يَخْرُجُونَ إلَى الْغَزْوِ وَمَعَهُمْ مَزَامِيرُ، فَإِنْ أَمْكَنَ لِلصُّلَحَاءِ الْخُرُوجُ بِدُونِهِمْ لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْخُرُوجُ إلَّا مَعَهُمْ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يَغْدِرُوا، وَلَا يَغُلُّوا، وَلَا يُمَثِّلُوا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَلَا يَقْتُلُوا امْرَأَةً، وَلَا صَبِيًّا، وَلَا مَجْنُونًا، وَلَا شَيْخًا فَانِيًا، وَلَا أَعْمَى، وَلَا مُقْعَدًا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ لَهُ رَأْيٌ فِي الْحَرْبِ أَوْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مَلِكَةً، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَلِكُهُمْ صَبِيًّا صَغِيرًا وَأَحْضَرُوهُ مَعَهُمْ الْوَقْعَةَ وَكَانَ فِي قَتْلِهِ تَفْرِيقُ جَمْعِهِمْ، فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ ذَاتَ مَالٍ تَحُثُّ النَّاسَ عَلَى الْقِتَالِ بِمَالِهَا تُقْتَلُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَكَذَا يُقْتَلُ مَنْ قَاتَلَ مِنْ هَؤُلَاءِ غَيْرَ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ يُقْتَلَانِ مَا دَامَا يُقَاتِلَانِ وَغَيْرَهُمَا لَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ بَعْدَ الْأَسْرِ وَإِنْ كَانَ يُجَنُّ، وَيُفِيقُ فَهُوَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ كَالصَّحِيحِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَا يُقْتَلُ مَقْطُوعُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ خِلَافٍ، وَلَا مَقْطُوعُ الْيَدِ الْيُمْنَى خَاصَّةً إذَا كَانُوا لَا يُقَاتِلُونَ بِمَالٍ، وَلَا رَأْيٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَا يُقْتَلُ يَابِسُ الشِّقِّ، فَإِنْ قَاتَلَ لَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ، كَذَا الْأَعْمَى وَالْمُقْعَدُ وَالشَّيْخُ الْفَانِي إذَا حَضَرُوا، وَحَرَّضُوا عَلَى الْقِتَالِ، وَمَنْ قَتَلَ وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَمَّا أَقْطَعُ الْيَدِ الْيُسْرَى أَوْ أَقْطَعُ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ، فَهُوَ مِمَّنْ يُقَاتِلُ فَيُقْتَلُ، وَكَذَا الْأَخْرَسُ وَالْأَصَمُّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، أَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ مَا دَامَا يُحَرِّضَانِ، فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِمَا وَبَعْدَ مَا صَارَا فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْتُلُوهُمَا، وَإِنْ كَانَا قَتَلَا غَيْرَ وَاحِدٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
لَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْتُلَ الرَّجُلُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كُلَّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَبْتَدِئُ بِهِ إلَّا الْوَالِدَ وَالْوَالِدَةَ وَالْأَجْدَادَ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ وَالْجَدَّاتِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَضْطَرُّهُ الْوَالِدُ إلَى ذَلِكَ، فَأَمَّا إذَا اضْطَرَّهُ إلَى ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْهَرَبُ مِنْهُ، وَإِذَا ظَفِرَ الِابْنُ بِأَبِيهِ فِي الصَّفِّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْصِدَهُ بِالْقَتْلِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ الرُّجُوعِ حَتَّى لَا يَعُودَ حَرْبًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَكِنَّهُ يُلْجِئُهُ إلَى مَوْضِعٍ وَيَسْتَمْسِكُ بِهِ حَتَّى يَجِيءَ غَيْرُهُ فَيَقْتُلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. .
وَلَا يُقْتَلُ الرَّاهِبُ فِي صَوْمَعَتِهِ إلَّا أَنْ يُخَالِطَ النَّاسَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فَإِنْ كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ قُوَّةٌ عَلَى حَمْلِ مَنْ لَا يَقْتُلُ وَإِخْرَاجُهُمْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَتْرُكُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ امْرَأَةً، وَلَا صَبِيًّا، وَلَا مَعْتُوهًا، وَلَا أَعْمَى، وَلَا مُقْعَدًا، وَلَا مَقْطُوعَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ خِلَافٍ، وَلَا مَقْطُوعَ الْيَدِ الْيُمْنَى؛ لِأَنَّهُمْ يُولَدُ لَهُمْ فَفِي تَرْكِهِمْ عَوْنٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَمَّا الشَّيْخُ الْفَانِي الَّذِي لَا يُلَقِّحُ، فَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ، كَذَلِكَ الرُّهْبَانُ، وَأَصْحَابُ الصَّوَامِعِ إذَا كَانُوا مِمَّنْ لَا يُصِيبُونَ النِّسَاءَ، وَكَذَلِكَ الْعَجُوزُ الَّتِي لَا يُرْجَى وَلَدُهَا كَذَا فِي
الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْبَدَائِعِ.
قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي كِتَابِهِ: الْكُفَّارُ عَلَى نَوْعَيْنِ مِنْهُمْ مَنْ يَجْحَدُ الْبَارِي عز وجل وَمِنْهُمْ مَنْ يُقِرُّ بِهِ إلَّا أَنَّهُ يُنْكِرُ وَحْدَانِيَّتَهُ كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ، فَمَنْ أَنْكَرَهُ: إذَا أَقَرَّ بِهِ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ وَمَنْ أَقَرَّ وَجَحَدَ وَحْدَانِيَّتَهُ إذَا أَقَرَّ بِوَحْدَانِيِّتِهِ بِأَنْ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَمَنْ أَقَرَّ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَجَحَدَ رِسَالَةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا أَقَرَّ بِرِسَالَتِهِ صلى الله عليه وسلم يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. .
الْوَثَنِيُّ أَوْ الَّذِي لَا يُقِرُّ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى لَوْ قَالَ: اللَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا وَلَوْ قَالَ أَنَا مُسْلِمٌ يَصِيرُ مُسْلِمًا، فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ بِهِ أَنِّي عَلَى الْحَقِّ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا وَالْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ إذَا قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا مَا لَمْ يَقُلْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، قَالُوا: وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى الْيَوْمَ بَيْنَ ظَهَرَانِي الْمُسْلِمِينَ إذَا قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ حَتَّى يَتَبَرَّأَ عَنْ دِينِهِ إنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا يَقُولُ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ يَهُودِيًّا يَقُولُ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْيَهُودِيَّةِ، وَمَعَ ذَلِكَ يَقُولُ: دَخَلْتُ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ قَالَ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ: أَنَا مُسْلِمٌ أَوْ قَالَ: أَسْلَمْتُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: الْمُسْلِمُ مَنْ كَانَ مُنْقَادًا لِلْحَقِّ مُسْتَسْلِمًا، وَنَحْنُ عَلَى الْحَقِّ، فَإِذَا قَالَ: أَنَا مُسْلِمٌ يُسْأَلُ عَنْهُ إنْ قَالَ: أَرَدْتُ بِهِ تَرْكَ دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ الْيَهُودِيَّةِ وَالدُّخُولَ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ يَكُونُ مُسْلِمًا حَتَّى لَوْ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ يُقْتَلُ، فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ بِهِ أَنِّي مُسْتَسْلِمٌ، وَأَنَا عَلَى الْحَقِّ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا، فَإِنْ لَمْ يُسْأَلْ عَنْهُ حَتَّى صَلَّى بِجَمَاعَةٍ مَعَ الْمُسْلِمِينَ كَانَ مُسْلِمًا، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَ وَقَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ بِجَمَاعَةٍ، فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ وَلَوْ قَالَ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ تَبَرَّأْتُ عَنْ الْيَهُودِيَّةِ، وَلَمْ يَقُلْ مَعَ ذَلِكَ دَخَلْتُ فِي الْإِسْلَامِ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ حَتَّى لَوْ مَاتَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، فَإِنْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ: دَخَلْتُ فِي الْإِسْلَامِ فَحِينَئِذٍ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا كَانَتْ شَهَادَةُ الْكِتَابِيِّ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم جَوَابًا كَانَ دُخُولًا فِي الْإِسْلَامِ، وَعَنْ بَعْضِ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إذَا قِيلَ لِلنَّصْرَانِيِّ أَمُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ بِحَقٍّ قَالَ: نَعَمْ إنَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَكَذَلِكَ إذَا قِيلَ لَهُ أَمُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ بِحَقٍّ إلَى الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ فَقَالَ: نَعَمْ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا وَقَعَتْ فِي زَمَانِنَا أَنَّهُ قِيلَ لِنَصْرَانِيٍّ أَدِينُ الْإِسْلَامِ حَقٌّ، فَقَالَ: نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ: أَدِينُ النَّصْرَانِيَّةِ بَاطِلٌ فَقَالَ: نَعَمْ فَأَفْتَى بَعْضُ الْمُفْتِينَ بِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْلِمًا، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ النَّصْرَانِيُّ أَوْ الْيَهُودِيُّ: أَنَا عَلَى دِينِ الْحَنِيفِيَّةِ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إذَا قَالَ الْيَهُودِيُّ: دَخَلْتُ فِي الْإِسْلَامِ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ تَبَرَّأْتُ عَنْ الْيَهُودِيَّةِ، وَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ إذَا قَالَ: أَسْلَمْتُ أَوْ قَالَ: أَنَا مُسْلِمٌ فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَدَّعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَصْفَ الْإِسْلَامِ بَلْ يَعُدُّونَهُ شَتِيمَةً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا صَلَّى الْكِتَابِيُّ أَوْ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ فِي جَمَاعَةٍ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ عِنْدَنَا، وَإِنْ صَلَّى وَحْدَهُ، فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ فَمِنْ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ قَالَ لَا خِلَافَ فِي الْحَقِيقَةِ، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَأْوِيلُهُ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَتَأْوِيلُ مَا قَالَا إذَا صَلَّى وَحْدَهُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِلَا خِلَافٍ وَفِي الْأَجْنَاسِ إذَا شَهِدُوا أَنَّا رَأَيْنَاهُ يُصَلِّي سُنَّةً، وَلَمْ يَقُولُوا بِجَمَاعَةٍ فَقَالَ: صَلَّيْتُ صَلَاتِي لَا يَكُونُ إسْلَامًا حَتَّى يَقُولُوا صَلَّى صَلَاتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ كَانَ مُسْلِمًا كَانَ الْأَذَانُ فِي السَّفَرِ أَوْ فِي الْحَضَرِ، وَإِنْ قَالُوا: سَمِعْنَاهُ يُؤَذِّنُ فِي الْمَسْجِدِ بِشَيْءٍ حَتَّى يَقُولُوا هُوَ مُؤَذِّنٌ، فَإِذَا قَالُوا: ذَلِكَ، فَهُوَ مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا قَالُوا: إنَّهُ مُؤَذِّنٌ كَانَ ذَلِكَ عَادَةً فَيَكُونُ مُسْلِمًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنْ صَامَ أَوْ حَجَّ أَوْ أَدَّى الزَّكَاةَ