الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شِرَاءٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا لَهُ وِلَايَةُ الْحِفْظِ لَا غَيْرُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتِنَهُ فَإِنْ فَعَلَ وَهَلَكَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا وَلِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَنْقُلَ اللَّقِيطَ حَيْثُ شَاءَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ ذَكَرَهُ فِي الْكَرَاهِيَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَإِنْ وُجِدَ مَعَ اللَّقِيطِ مَالٌ، أَمَرَ الْقَاضِي الْمُلْتَقِطَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ فَمَا اشْتَرَى لَهُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ.
وَإِذَا قُتِلَ اللَّقِيطُ خَطَأً تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ وَتَكُونُ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ قُتِلَ عَمْدًا فَصَالَحَ الْإِمَامُ الْقَاتِلَ عَلَى الدِّيَةِ جَازَ وَلَوْ عَفَا عَنْ الْقَاتِلِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ الْقَاتِلَ فَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -.
وَإِذَا أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى اللَّقِيطِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ إنْ أَنْفَقَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَهُوَ فِي ذَلِكَ مُتَطَوِّعٌ وَإِنْ أَنْفَقَ بِأَمْرِ الْقَاضِي أَمَرَهُ إنْ كَانَ الْقَاضِي أَمَرَهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى أَنْ يَكُونَ دَيْنًا عَلَيْهِ فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ أَبٌ كَانَ لِلْمُلْتَقِطِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى أَبِيهِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ أَبٌ فَلَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ إذَا كَبِرَ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي أَمَرَهُ بِالْإِنْفَاقِ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى أَنْ يَكُونَ دَيْنًا عَلَيْهِ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَالْأَصَحُّ مَا ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا أَدْرَكَ اللَّقِيطُ وَتَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ عَبْدٌ لِفُلَانٍ وَلِامْرَأَتِهِ عَلَيْهِ صَدَاقٌ فَصَدَاقُهَا عَلَيْهِ لَازِمٌ وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى إبْطَالِهِ، وَكَذَا لَوْ اسْتَدَانَ دَيْنًا أَوْ بَايَعَ إنْسَانًا أَوْ كَفَلَ كَفَالَةً أَوْ وَهَبَ هِبَةً أَوْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ وَسَلَّمَ أَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ عَبْدٌ لِفُلَانٍ لَا يُصَدَّقُ فِي إبْطَالِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]
هِيَ مَالٌ يُوجَدُ فِي الطَّرِيقِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مَالِكٌ بِعَيْنِهِ، كَذَا فِي الْكَافِي الْتِقَاطُ اللُّقَطَةِ عَلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ مِنْ ذَلِكَ يُفْتَرَضُ وَهُوَ مَا إذَا خَافَ ضَيَاعَهَا، وَنَوْعٌ مِنْ ذَلِكَ لَا يُفْتَرَضُ وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَخَفْ ضَيَاعَهَا وَلَكِنْ يُبَاحُ أَخْذُهَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ أَنَّ التَّرْكَ أَفْضَلُ أَوْ الرَّفْعَ؟ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الرَّفْعَ أَفْضَلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ سَوَاءٌ كَانَتْ اللُّقَطَةُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ عُرُوضًا أَوْ شَاةً أَوْ حِمَارًا أَوْ بَغْلًا أَوْ فَرَسًا أَوْ إبِلًا وَهَذَا إذَا كَانَ فِي الصَّحْرَاءِ فَإِنْ كَانَ فِي الْقَرْيَةِ فَتَرْكُ الدَّابَّةِ أَفْضَلُ
وَإِذَا رَفَعَ اللُّقْطَةَ يُعَرِّفُهَا فَيَقُولُ: الْتَقَطْتُ لُقَطَةً، أَوْ وَجَدْتُ ضَالَّةً، أَوْ عِنْدِي شَيْءٌ فَمَنْ سَمِعْتُمُوهُ يَطْلُبُ دُلُّوهُ عَلَيَّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُعَرِّفُ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ فِي الْأَسْوَاقِ وَالشَّوَارِعِ مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَطْلُبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَلُقَطَةُ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، ثُمَّ بَعْدَ تَعْرِيفِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ الْمُلْتَقِطُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَحْفَظَهَا حِسْبَةً وَبَيْنَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَأَمْضَى الصَّدَقَةَ يَكُونُ لَهُ ثَوَابُهَا وَإِنْ لَمْ يُمْضِهَا ضَمِنَ الْمُلْتَقِطُ أَوْ الْمِسْكِينُ إنْ شَاءَ لَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ فَإِنْ ضَمِنَ الْمُلْتَقِطُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْفَقِيرِ وَإِنْ ضَمِنَ الْفَقِيرُ لَا يَرْجِعُ عَلَى
الْمُلْتَقِطِ وَإِنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ أَوْ الْمِسْكِينِ قَائِمَةً أَخَذَهَا مِنْهُ، كَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ.
كُلُّ لُقَطَةٍ يُعْلَمُ أَنَّهَا كَانَتْ لِذِمِّيٍّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَصَدَّقَ بِهَا وَلَكِنْ تُصْرَفُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. .
ثُمَّ مَا يَجِدُهُ الرَّجُلُ نَوْعَانِ: نَوْعٌ يَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَطْلُبُهُ كَالنَّوَى فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ وَقُشُورِ الرُّمَّانِ فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَنْتَفِعَ بِهَا إلَّا أَنَّ صَاحِبَهَا إذَا وَجَدَهَا فِي يَدِهِ بَعْدَ مَا جَمَعَهَا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَلَا تَصِيرُ مِلْكًا لِلْآخِذِ، هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ كِتَابِ اللُّقْطَةِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ. وَنَوْعٌ آخَرُ يُعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهُ يَطْلُبُهُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَسَائِرِ الْعُرُوضِ وَأَشْبَاهِهَا وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَحْفَظَهَا وَيُعَرِّفَهَا حَتَّى يُوَصِّلَهَا إلَى صَاحِبِهَا وَقُشُورِ الرُّمَّانِ وَالنَّوَى إذَا كَانَتْ مُجْتَمَعَةً فَهِيَ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي وَفِي غَصْبِ النَّوَازِلِ إذَا وَجَدَ جَوْزَةً ثُمَّ أُخْرَى حَتَّى بَلَغَتْ عَشْرًا وَصَارَ لَهَا قِيمَةٌ فَإِنْ وَجَدَهَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَهِيَ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ وَجَدَهَا فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا مِنْ الثَّانِي.
وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ الْحَطَبُ الَّذِي يُوجَدُ فِي الْمَاءِ لَا بَأْسَ بِأَخْذِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ، وَكَذَلِكَ التُّفَّاحُ وَالْكُمَّثْرَى إذَا وُجِدَ فِي نَهْرٍ جَارٍ لَا بَأْسَ بِأَخْذِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ وَإِنْ كَثُرَ.
إذَا مَرَّ فِي أَيَّامِ الصَّيْفِ بِثِمَارٍ سَاقِطَةٍ تَحْتَ الْأَشْجَارِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْأَمْصَارِ لَا يَسَعُهُ التَّنَاوُلُ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ صَاحِبَهَا قَدْ أَبَاحَ ذَلِكَ إمَّا نَصًّا أَوْ دَلَالَةً بِالْعَادَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ وَالثِّمَارِ مِمَّا يَبْقَى كَالْجَوْزِ وَنَحْوِهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَهَا قَدْ أَبَاحَ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ يُعْلَمْ النَّهْيُ إمَّا صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً، وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الرَّسَاتِيقِ الَّتِي يُقَالُ بِالْفَارِسِيَّةِ بيرادسته، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ الثِّمَارِ الَّتِي تَبْقَى لَا يَسَعُهُ الْأَخْذُ إذَا عَلِمَ الْإِذْنَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الثِّمَارِ الَّتِي لَا تَبْقَى يَسَعُهُ الْأَخْذُ بِلَا خِلَافٍ مَا لَمْ يَعْلَمْ النَّهْيَ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الثِّمَارُ سَاقِطَةً تَحْتَ الْأَشْجَارِ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ عَلَى الْأَشْجَارِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَأْخُذَهُ فِي مَوْضِعٍ مَا إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ إلَّا إذَا كَانَ مَوْضِعًا كَثِيرَ الثِّمَارِ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَيَسَعُهُ الْأَكْلُ وَلَا يَسَعُهُ الْحَمْلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَإِنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ شَيْئًا إذَا مَضَى عَلَيْهِ يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ يَفْسُدُ فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا نَحْوَ حَبِّ الْعِنَبِ وَمِثْلِهَا يَأْكُلُهَا مِنْ سَاعَتِهِ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا يَبِيعُهَا بِأَمْرِ الْقَاضِي وَيَحْفَظُ ثَمَنَهَا.
وَإِنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى النَّفَقَةِ إنْ كَانَ شَيْئًا يُمْكِنُ إجَارَتُهُ يُؤَاجِرُهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهَا مَنْفَعَةٌ أَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهَا وَخَافَ أَنْ تَسْتَغْرِقَ النَّفَقَةُ قِيمَتَهَا بَاعَهَا وَأُمِرَ بِحِفْظِ ثَمَنِهَا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا وَطَلَبَهَا مَنَعَهَا إيَّاهُ حَتَّى يُوفِيَ النَّفَقَةَ الَّتِي أَنْفَقَ عَلَيْهَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَمَا أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى اللُّقَطَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ فَهُوَ تَبَرُّعٌ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَبِإِذْنِ الْقَاضِي يَكُونُ دَيْنًا، وَصُورَةُ إذْنِ الْقَاضِي أَنْ يَقُولَ لَهُ: أَنْفِقْ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ
فَلَوْ أَمَرَهُ بِهِ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ لَا يَكُونُ دَيْنًا وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَا يَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لُقَطَةٌ عِنْدَهُ فِي الصَّحِيحِ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مُقَيِّدًا بِأَنْ يَقُولَ بَيْنَ جَمَاعَةٍ مِنْ الثِّقَاتِ: إنَّ هَذَا ادَّعَى أَنَّ هَذِهِ لُقَطَةٌ وَلَا أَدْرِي أَهُوَ صَادِقٌ أَمْ كَاذِبٌ وَطَلَبَ أَنْ آمُرَهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا فَاشْهَدُوا أَنِّي أَمَرْتُهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا يَقُولُ، وَإِنَّمَا يَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بِقَدْرِ مَا يَقَعُ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا لَظَهَرَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، فَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ يُؤْمَرُ بِبَيْعِهَا وَإِذَا بَاعَهَا أُعْطِيَ الْمُلْتَقِطُ مَا أَنْفَقَ فِي الْيَوْمَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
إنْ بَاعَ الْقَاضِي اللُّقَطَةَ أَوْ بَاعَ الْمُلْتَقِطُ بِأَمْرِ الْقَاضِي ثُمَّ حَضَرَ صَاحِبُهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ، وَإِنْ بَاعَهَا بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي ثُمَّ حَضَرَ صَاحِبُهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَانَ لِصَاحِبِهَا الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءَ أَبْطَلَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ عَيْنَ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ هَلَكَتْ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْبَائِعَ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْفُذُ الْبَيْعُ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَتَصَدَّقُ بِمَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهَا وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ
رَجُلٌ أَخَذَ شَاةً أَوْ بَعِيرًا فَأَمَرَ الْقَاضِي أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا ثُمَّ هَلَكَتْ الدَّابَّةُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِهَا بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا، وَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
إنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ مُحْتَاجًا فَلَهُ أَنْ يَصْرِفَ اللُّقَطَةَ إلَى نَفْسِهِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ غَنِيًّا لَا يَصْرِفُهَا إلَى نَفْسِهِ بَلْ يَتَصَدَّقُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَوْ أَبَوَيْهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ، كَذَا فِي الْكَافِي.
الِانْتِفَاعُ بِاللُّقَطَةِ بَعْدَ الْمُدَّةِ جَائِزٌ لِلْغَنِيِّ بِإِذْنِ الْإِمَامِ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ قَرْضًا، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.
مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً عَرْضًا أَوْ نَحْوَهُ فَلَمْ يَجِدْ صَاحِبَهَا وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا فَبَاعَهَا وَأَنْفَقَ ثَمَنَهَا عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ أَصَابَ مَالًا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِمِثْلِ مَا أَنْفَقَ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
اللُّقَطَةُ أَمَانَةٌ إذَا أَشْهَدَ الْمُلْتَقِطُ أَنْ يَأْخُذَهَا لِيَحْفَظَهَا فَيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا فَلَوْ هَلَكَتْ بِغَيْرِ صُنْعٍ مِنْهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا صَدَّقَهُ الْمَالِكُ فِي قَوْلِهِ إنَّهُ أَخَذَهَا لِيَرُدَّهَا، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ ضَمِنَهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ وَقَالَ: أَخَذْتُهَا لِلرَّدِّ لِلْمَالِكِ وَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ
إنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدًا يُشْهِدُهُ عِنْدَ الرَّفْعِ أَوْ خَافَ أَنَّهُ لَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ الرَّفْعِ يَأْخُذُهُ مِنْهُ ظَالِمٌ فَتَرَكَ الْإِشْهَادَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا، وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُشْهِدُهُ فَلَمْ يَشْهَدْ حَتَّى جَاوَزَهُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْإِشْهَادَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ الْتَقَطَ لُقَطَةً أَوْ ضَالَّةً، أَوْ قَالَ: عِنْدِي لُقَطَةٌ فَمَنْ سَمِعْتُمُوهُ يَطْلُبُ لُقَطَةً فَدُلُّوهُ عَلَيَّ فَلَمَّا جَاءَ صَاحِبُهَا قَالَ: قَدْ هَلَكَتْ فَهُوَ مُصَدَّقٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
وَلَوْ وَجَدَ لُقَطَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، وَقَالَ: مَنْ سَمِعْتُمُوهُ يُرِيدُ لُقَطَةً فَدُلُّوهُ عَلَيَّ، فَهَذَا تَعْرِيفٌ لِلْكُلِّ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ هَلَكَ الْكُلُّ عِنْدَهُ.
فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ إذَا وَجَدَ لُقَطَةً فِي طَرِيقٍ أَوْ مَفَازَةٍ وَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا يُشْهِدُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْأَخْذِ، قَالَ: يُشْهِدُ إذَا ظَفِرَ بِمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ
لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا يَضْمَنُ الْمُلْتَقِطُ إلَّا بِالتَّعَدِّي عَلَيْهَا أَوْ بِالْمَنْعِ عِنْدَ الطَّلَبِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا قَالَ الرَّجُلُ: وَجَدْتُ لُقَطَةً وَضَاعَتْ فِي يَدِي وَقَدْ كُنْتُ أَخَذْتُهَا لِأَرُدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ وَأَشْهَدْتُ بِذَلِكَ، وَصَاحِبُهَا يَقُولُ: مَا كَانَتْ لُقَطَةً وَإِنَّمَا وَضَعْتُهَا بِنَفْسِي لِأَرْجِعَ وَآخُذَهَا فَإِنْ كَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ لَيْسَ بِقُرْبِهِ أَحَدٌ أَوْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُلْتَقِطِ إذَا حَلَفَ أَنَّهَا ضَاعَتْ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي مَا قِصَّتُهَا ضَمِنَ الْمُلْتَقِطُ، وَإِنْ كَانَ قَالَ الْمُلْتَقِطُ: أَخَذْتُهَا مِنْ الطَّرِيقِ، وَقَالَ صَاحِبُهَا: أَخَذْتَهَا مِنْ مَنْزِلِي، ضَمِنَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَإِنْ وَجَدَهَا فِي دَارِ قَوْمٍ أَوْ دِهْلِيزِهِمْ أَوْ فِي دَارٍ فَارِغَةٍ ضَمِنَ إذَا قَالَ صَاحِبُهَا: وَضَعْتُهَا لِأَرْجِعَ وَآخُذَهَا، وَفِي الْأَصْلِ إذَا قَالَ الْمَالِكُ: أَخَذْتَ مَالِي غَصْبًا، وَقَالَ الْمُلْتَقِطُ: كَانَتْ لُقَطَةً وَقَدْ أَخَذْتُهَا لَكَ فَالْمُلْتَقِطُ ضَامِنٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ
وَإِذَا كَانَتْ اللُّقَطَةُ فِي يَدِ مُسْلِمٍ فَادَّعَاهَا رَجُلٌ وَأَقَامَ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةَ وَأَقَرَّ الْمُلْتَقِطُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يُقِرَّ، وَلَكِنْ قَالَ: لَا أَرُدُّهَا عَلَيْكَ إلَّا عِنْدَ الْقَاضِي فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ مَاتَتْ فِي يَدِهِ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ.
وَإِذَا كَانَتْ اللُّقَطَةُ فِي يَدَيْ مُسْلِمٍ فَادَّعَاهَا رَجُلٌ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ كَافِرَيْنِ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ.
وَإِنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ فِي يَدَيْ كَافِرٍ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَكَذَلِكَ قِيَاسًا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدَيْ كَافِرٍ وَمُسْلِمٍ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمَا قِيَاسًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ جَازَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْكَافِرِ وَقُضِيَ بِمَا فِي يَدِ الْكَافِرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. .
إذَا أَقَرَّ بِلُقَطَةٍ لِرَجُلٍ وَأَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ يُقْضَى بِهَا لِصَاحِبِ الْبَيِّنَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
لَوْ ادَّعَى اللُّقْطَةَ رَجُلٌ وَأَتَى بِالْعَلَامَاتِ فَالْمُلْتَقِطُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَ إلَيْهِ وَأَخَذَ كَفِيلًا، وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
فَلَوْ دَفَعَهَا إلَيْهِ بِالْحِلْيَةِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ فَإِنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ قَائِمَةً فِي يَدَيْ الْأَوَّلِ يَأْخُذُهَا صَاحِبُهَا مِنْهُ إذَا قَدَرَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخِذِ، وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَخْذِهَا فَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْآخِذَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الدَّافِعَ وَذُكِرَ فِي الْكِتَابِ إنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ دَفَعَ بِقَضَاءِ قَاضٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الدَّفْعُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ضَمِنَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
لَوْ أَقَرَّ الْمُلْتَقِطُ بِاللُّقَطَةِ لِرَجُلٍ وَدَفَعَهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ ثُمَّ أَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ ضَمَّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ، وَإِنْ كَانَ الدَّفْعُ بِقَضَاءٍ فِي رِوَايَةٍ لَا يَضْمَنُ، قِيلَ: هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ
رَجُلٌ الْتَقَطَ لُقَطَةً لِيُعَرِّفَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَا إذَا تَحَوَّلَ عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ ثُمَّ أَعَادَهَا إلَيْهِ وَبَيْنَ مَا إذَا أَعَادَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّمَا يَبْرَأُ إذَا أَعَادَهَا قَبْلَ التَّحَوُّلِ أَمَّا إذَا أَعَادَهَا بَعْدَ مَا تَحَوَّلَ يَكُونُ ضَامِنًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمُخْتَصَرِ، هَذَا إذَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ لِيُعَرِّفَهَا فَإِنْ كَانَ أَخَذَهَا لِيَأْكُلَهَا لَمْ يَبْرَأْ عَنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَدْفَعْ إلَى صَاحِبِهَا وَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَتْ دَابَّةً فَرَكِبَهَا ثُمَّ نَزَلَ عَنْهَا وَتَرَكَهَا فِي مَكَانِهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكُونُ ضَامِنًا