الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَمْ يُقَسِّمُوا، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ الْمُشْرِكُونَ، وَأَخَذُوهُمْ فَلَمْ يُحْرِزُوهُمْ بِدَارِ الْحَرْبِ حَتَّى ظَهَرَ عَلَيْهِمْ قَوْمٌ آخَرُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَخَذُوهُمْ مِنْ أَيْدِيهِمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُمْ يُرَدُّونَ عَلَى الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ اقْتَسَمَ الْفَرِيقُ الثَّانِي فِيمَا بَيْنَهُمْ أَوْ لَمْ يَقْتَسِمُوا قَالَ فِي الْكِتَابِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي قَسَّمَ بَيْنَ الْفَرِيقِ الثَّانِي إمَامًا يَرَى مَا صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ تَمَلُّكًا وَإِحْرَازًا فَحِينَئِذٍ كَانَ الْفَرِيقُ الثَّانِي أَوْلَى بِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
اعْلَمْ أَنَّ دَارَ الْحَرْبِ تَصِيرُ دَارُ الْإِسْلَامِ بِشَرْطٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ إظْهَارُ حُكْمِ الْإِسْلَامِ فِيهَا.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ: إنَّمَا تَصِيرُ دَارَ الْإِسْلَامِ دَارَ الْحَرْبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا: إجْرَاءُ أَحْكَامِ الْكُفَّارِ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِهَارِ وَأَنْ لَا يُحْكَمَ فِيهَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مُتَّصِلَةً بِدَارِ الْحَرْبِ لَا يَتَخَلَّلُ بَيْنَهُمَا بَلَدٌ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا يَبْقَى فِيهَا مُؤْمِنٌ، وَلَا ذِمِّيٌّ آمِنًا بِأَمَانِهِ الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ ثَابِتًا قَبْلَ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ لِلْمُسْلِمِ بِإِسْلَامِهِ وَلِلذِّمِّيِّ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يَغْلِبَ أَهْلُ الْحَرْبِ عَلَى دَارٍ مِنْ دُورِنَا أَوْ ارْتَدَّ أَهْلُ مِصْرٍ وَغُلِبُوا وَأَجْرَوْا أَحْكَامَ الْكُفْرِ أَوْ نَقَضَ أَهْلُ الذِّمَّةِ الْعَهْدَ، وَتَغَلَّبُوا عَلَى دَارِهِمْ، فَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ لَا تَصِيرُ دَارَ حَرْبٍ إلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - بِشَرْطٍ وَاحِدٍ لَا غَيْرَ، وَهُوَ إظْهَارُ أَحْكَامِ الْكُفْرِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ، ثُمَّ هَذِهِ الدَّارُ إذَا صَارَتْ دَارَ الْحَرْبِ بِاجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ لَوْ افْتَتَحَهَا الْإِمَامُ، ثُمَّ جَاءَ أَهْلُهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَخَذُوهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ بِالْقِيمَةِ، وَلَوْ افْتَتَحَهَا الْإِمَامُ عَادَتْ إلَى الْحُكْمِ الْأَوَّلِ، الْخَرَاجِيُّ يَصِيرُ خَرَاجِيًّا وَالْعُشْرِيُّ يَصِيرُ عُشْرِيًّا إلَّا إذَا كَانَ الْإِمَامُ وَضَعَ عَلَيْهَا الْخَرَاجَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِنَّهَا لَا تَعُودُ عُشْرِيَّةٍ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
[الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْمُسْتَأْمَنِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي دُخُولِ الْمُسْلِمِ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ]
الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْمُسْتَأْمَنِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي دُخُولِ الْمُسْلِمِ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ إذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ مُسْلِمٌ تَاجِرٌ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِشَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَدِمَائِهِمْ إلَّا إذَا غَدَرَ بِهِ مَلِكُهُمْ بِأَخْذِ الْأَمْوَالِ أَوْ الْحَبْسِ أَوْ غَيْرُهُ بِعِلْمِهِ، وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ، فَيُبَاحُ لَهُ التَّعَرُّضُ حِينَئِذٍ كَالْأَسِيرِ وَالْمُتَلَصِّصِ، فَيَجُوزُ لَهُ أَخْذُ أَمْوَالِهِمْ وَقَتْلُ نُفُوسِهِمْ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَبِيحَ فُرُوجَهُمْ، فَإِنَّ الْفَرْجَ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالْمِلْكِ، وَلَا مِلْكَ قَبْلَ الْإِحْرَازِ بِالدَّارِ إلَّا إذَا وَجَدَ امْرَأَتَهُ الْمَأْسُورَةَ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ مُدَبَّرَتَهُ، وَلَمْ يَطَأْهُنَّ أَهْلُ الْحَرْبِ فَهُنَّ بَاقِيَاتٌ عَلَى مِلْكِهِ غَيْرَ أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ إنْ وَطِئَهُنَّ يَكُونُ شُبْهَةً فِي حَقِّهِنَّ، فَتَجِبُ عَلَيْهِنَّ الْعِدَّةُ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطَأَهُنَّ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهُنَّ بِخِلَافِ أَمَتِهِ الْمَأْسُورَةِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا، وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا الْحَرْبِيُّ؛ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهُمْ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهَا بِشَيْءٍ إنْ دَخَلَ دَارَهُمْ بِأَمَانٍ، وَلَمْ يُنْقَضْ الْأَمَانُ، وَيَجُوزُ لَهُ التَّعَرُّضُ لِزَوْجَتِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُدَبَّرَتِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، فَإِنْ غَدَرَ التَّاجِرُ فَأَخَذَ شَيْئًا وَأَخْرَجَهُ مَلَكَهُ مِلْكًا خَبِيثًا فَيُؤْمَرُ بِالتَّصَدُّقِ بِهِ، فَإِنْ أَدَانَ هَذَا التَّاجِرَ حَرْبِيٌّ أَيْ بَاعَهُ بِالدِّينِ أَوْ أَدَانَ هُوَ حَرْبِيًّا أَوْ غَصَبَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إلَيْنَا، وَاسْتَأْمَنَ الْحَرْبِيُّ فِي دَارِنَا أَوْ أَدَانَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيًّا أَوْ غَصَبَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، وَخَرَجَا مُسْتَأْمَنَيْنِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يُقْضَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ وَلَوْ خَرَجَا مُسْلِمَيْنِ قُضِيَ لِلدَّائِنِ عَلَى صَاحِبِهِ بِالدَّيْنِ، وَأَمَّا الْغَصْبُ فَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ بِشَيْءٍ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا إلَّا أَنَّهُ يُؤْمَرُ الْمُسْلِمُ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِمْ بِأَمَانٍ إذَا غَصَبَ شَيْئًا مِنْ مَالِ أَحَدِهِمْ، ثُمَّ خَرَجَا مُسْلِمَيْنِ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ دِيَانَةً، وَلَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ.
وَإِذَا دَخَلَ مُسْلِمَانِ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأٍ فَعَلَى الْقَاتِلِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ، وَعَلَيْهِ
الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ، أَمَّا الْقَوَدُ، فَلَا يَجِبُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
وَإِنْ كَانَا أَسِيرَيْنِ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ أَوْ قَتَلَ مُسْلِمٌ تَاجِرًا أَسِيرًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاتِلِ إلَّا الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْمِلَ الْمُسْلِمُ إلَى أَهْلِ الْحَرْبِ مَا شَاءَ إلَّا الْكُرَاعَ وَالسِّلَاحَ وَالسَّبْيَ، وَأَنْ لَا يَحْمِلَ إلَيْهِمْ شَيْئًا أَحَبُّ إلَيَّ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ: الْمُرَادُ مِنْ الْكُرَاعِ الْخَيْلُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ وَالْإِبِلُ وَالثِّيرَانُ الَّتِي يُحْمَلُ عَلَيْهَا الْمَتَاعُ، وَالْمُرَادُ مِنْ السِّلَاحِ مَا يَكُونُ مُعَدًّا لِلْقِتَالِ وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْحَرْبِ سَوَاءٌ يُسْتَعْمَلُ مَعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ أَوْ لَا يُسْتَعْمَلُ وَأَجْنَاسُ السِّلَاحِ مَا كَبُرَ مِنْهُ وَمَا صَغُرَ حَتَّى الْإِبْرَةِ وَالْمِسَلَّةِ فِي كَرَاهَةِ الْحَمْلِ إلَيْهِمْ عَلَى السَّوَاءِ، وَكَذَلِكَ الْحَدِيدُ الَّذِي يُصْنَعُ مِنْهُ السِّلَاحُ يَكْرَهُ حَمْلُهُ إلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ الْحَرِيرُ وَالدِّيبَاجُ وَالْقَزُّ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مَعْمُولٍ، فَإِنْ كَانَ خَمْرًا مِنْ إبْرَيْسَمَ أَوْ ثِيَابًا رِقَاقًا مِنْ الْقَزِّ، فَلَا بَأْسَ بِإِدْخَالِهَا إلَيْهِمْ، وَلَا بَأْسَ بِإِدْخَالِ الصُّفْرِ وَالشَّبَهِ إلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ الرَّصَاصُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُسْتَعْمَلُ لِلسِّلَاحِ فِي الْغَالِبِ، وَإِنْ كَانُوا يَجْعَلُونَ أَعْظَمَ سِلَاحَهُمْ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَحِلَّ أَدِخَالُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَيْهِمْ، وَلَا يَحِلُّ إدْخَالُ النُّسُورِ الْحَيَّةِ وَالْمَذْبُوحَةِ مَعَهَا أَجْنِحَتُهَا إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ يَدْخُلُ لِرِيشِ النُّشَّابِ وَالنَّبْلِ، وَكَذَلِكَ الْعُقَابُ إذَا كَانَ يُجْعَلُ مِنْ رِيشِهَا ذَلِكَ أَيْضًا، فَإِنْ كَانَتْ إنَّمَا تُدْخَلُ لِلصَّيْدِ فَلَا بَأْسَ بِإِدْخَالِهَا، وَالْحُكْمُ فِي الْبَازِي وَالصَّقْرِ كَذَلِكَ.
وَإِذَا أَرَادَ الْمُسْلِمُ أَنْ يَدْخُلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ لِلتِّجَارَةِ وَمَعَهُ فَرَسُهُ وَسِلَاحُهُ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ بَيْعَهُ مِنْهُمْ لَمْ يُمْنَعْ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَكِنَّ هَذَا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ لَا يَتَعَرَّضُونَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الدَّوَابِّ وَلَكِنْ لَوْ اُتُّهِمَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ مَا يُدْخِلُهُ لِلْبَيْعِ، وَلَا يَبِيعُهُ حَتَّى يُخْرِجَهُ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ، فَإِنْ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ انْتَفَتْ هَذِهِ التُّهْمَةُ بِيَمِينِهِ، فَيُتْرَكُ لِيُدْخِلَهُ دَارَ الْحَرْبِ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ لَمْ يُتْرَكْ لِيُدْخِلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ دَارَهُمْ، وَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ حَمْلَ الْأَمْتِعَةِ إلَيْهِمْ فِي الْبَحْرِ فِي السَّفِينَةِ.
وَإِنْ دَخَلَ بِغُلَامٍ أَوْ غُلَامَيْنِ يَخْدُمُهُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ مَا يُرِيدُ لِلتِّجَارَةِ، فَإِنْ اُتُّهِمَ اُسْتُحْلِفَ، فَأَمَّا الذِّمِّيُّ إذَا أَرَادَ الدُّخُولَ إلَيْهِمْ بِأَمَانٍ، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ أَنْ يُدْخِلَ فَرَسًا مَعَهُ أَوْ بِرْذَوْنًا أَوْ سِلَاحًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِعَدَاوَتِهِمْ مَأْمُونًا عَلَى ذَلِكَ، فَحِينَئِذٍ حَالُهُ كَحَالِ الْمُسْلِمِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ بِتِجَارَتِهِ عَلَى الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْعَجَلَةِ وَالْبَعِيرِ وَيُسْتَحْلَفُ أَيْضًا عَلَى مَا يُدْخِلُهُ إلَيْهِمْ مِنْ الْبِغَالِ وَالسُّفُنِ وَالرَّقِيقِ أَنَّهُ لَا يُرِيدُهُمْ الْبَيْعَ، وَلَا يَبِيعُهُمْ حَتَّى يُخْرِجَهُمْ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ. الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ إذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مُكَارِيًا سُفُنًا أَوْ دَوَابَّ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَحِينَئِذٍ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ، وَإِذَا كَانَ أَهْلُ الْحَرْبِ بِحَالٍ إذَا دَخَلَ عَلَيْهِمْ التَّاجِرُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ لَمْ يَدَعُوهُ يَخْرُجُ بِهِ، وَلَكِنَّهُمْ يُعْطُونَهُ ثَمَنَهُ، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ مِنْ إدْخَالِ الْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ وَالرَّقِيقِ إلَيْهِمْ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ إدْخَالِ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالثَّوْرِ وَالْبَعِيرِ.
كَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ إدْخَالِ سَفِينَةٍ وَاحِدَةٍ يَرْكَبُهَا، وَيَكُونُ فِيهَا مَتَاعُهُ، فَإِنْ أَرَادَ إدْخَالَ أُخْرَى مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا كُلُّهُ اسْتِحْسَانٌ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ أَنْ يُدْخِلَ إلَيْهِمْ خَادِمًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، وَلَوْ دَخَلَ الْحَرْبِيُّ إلَيْنَا بِأَمَانٍ، وَمَعَهُ كُرَاعٌ وَسِلَاحٌ وَرَقِيقٌ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا جَاءَ بِهِ إلَى دَارِهِ، فَإِنْ بَاعَ ذَلِكَ كُلَّهُ بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا كُرَاعًا أَوْ سِلَاحًا أَوْ رَقِيقًا مِثْلَ مَا كَانَ لَهُ أَوْ أَفْضَلُ مِمَّا كَانَ لَهُ أَوْ شَرًّا مِمَّا كَانَ لَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُتْرَكُ لِيُدْخِلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ دَارَ الْحَرْبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى مَا بَاعَهُ بِعَيْنِهِ أَوْ اسْتَقَالَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ فِيهِ فَأَقَالَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ رَدَّ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ وَبِخِيَارِ شَرْطٍ اشْتَرَطَهُ الْمُشْتَرِطُ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ الْحَرْبِيُّ شَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ نُقِضَ الْبَيْعُ بِحُكْمِ خِيَارِهِ، فَلَهُ أَنْ يَعُودَ بِهِ إلَى دَارِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَلَوْ جَاءَ